728x90 AdSpace

23 أكتوبر 2015

"الجبير"..ديكٌ عقيم يتوعد صيصانه ببيض العيد

ما بين "مفاجئة" و "زلزال" و "دهشة" و "استغراب" صدرت عناوين وسائل الإعلام بكافة أنواعها حول العالم لنقل و رصد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى موسكو ولقاء القمة الذي جمعه مع نظيره الروسي الرئيس فلاديمير بوتين .. و سارعت الدول و الحكومات لإجراء عاصفة من الإتصالات البينية , و مع القيادة الروسية خصوصا ً , الأمر الذي يعكس أهمية الزيارة و اللقاء بين الزعيمين و القائدين الأهم على الساحة الدولية و الإقليمية , و الشريكان في محاربة الإرهاب .. فيما سارعت الوكالات و الشاشات و الأقلام و بعض الصحافة الصفراء , إلى تسليط الضوء عليها و مناقشة مدلولاتها من حيث الشكل و المضمون في محاولة ٍ لتنفنيدها و نشر الأكاذيب و التوقعات وحتى الأمنيات.

مما لا شك به أن الزيارة هامة , و أحسن الرئيس الأسد في اختيار توقيتها , على الرغم من أنها تأتي في سياق القمم و الإتصالات السورية – الروسية التي لم تنقطع يوما ً.
فمن الطبيعي أن تكتسب هذه الزيارة طابعا ً خاصا ً في الوقت الذي يُشعل فيه الجيش العربي السوري مستفيدا ً من الدعم و الإسناد الجوي الروسي,الأرض تحت أقدام الإرهاب و الإرهابيين على كامل الجغرافيا السورية , في نية ٍ واضحة للقضاء التام على الإرهاب في سوريا , و فسح المجال و تعبيد الطرق أمام الحل السياسي ليتسنى له فرصة الوجود و إمكانية الحياة و أخذ البلاد إلى شاطئ الأمان.
هذا " الحل " الذي لا ينفك سياسيي العالم الحديث عنه , و التذرع به و استخدامه شماعة ً لتغطية نواياهم و مواقفهم في دعم الإرهاب و استمرار الحرب على سوريا , و استمرار استنزافها كدولة و جيش و إمكانات و مقدرات ..
فالإجماع الذي حظي به"الحل السياسي" فتح أبوابا ً و آفاقا ًجديدة في استمرار الحرب ,وانعكست رؤى الدول المتاّمرة على سوريا في السعي لإيجاده و الإتفاق عليه والأصح في فرضه على الدولة و الشعب السوري , في ظل الحرب الدامية , و منهم من ذهب بعيدا ً في التصويب على شخص الرئيس الأسد ووضع في رحيله حلا ً نموذجيا ً و نهاية ً دراماتيكية للحرب , و نصرا ً سياسيا ً عجزت عن تحقيقه جحافل الغزاة و الطغاة و متطرفي و إرهابيي العالم.. الأمر الذي يعكس فشلهم و فضح الحقد الذي يعلو ضجيجه في رؤوسهم يوما ً بعد يوم نتيجة الصمود السوري .  
لقد قسمت الحرب على سوريا الدول و الرؤساء و الحكام إلى عدة مستويات و طبقات سياسية تبعا ً للأحجام و الأوزان التي تعبر عن حقيقة أدوارها و مدى تأثيرها على حركة الفعل السياسي الدولي , إنطلاقا ً من ساحة الحدث الدولي و مركز صناعة الوجه الجديد للعالم الجديد , إذ يحتل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية و دولة روسيا الإتحادية المركز الأول لناحية صناعة الحدث و إدارة اللعبة الأممية المسؤولة عن إحداث التغيير الجذري في بنية النظام العالمي اللاعب الأول في إعادة إنتاج و رسم خرائط الصراع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط و تداعياتها على العالم .. إذ تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية طرفا ً و قطبا ً و عاملا ً أساسيا ً في فرض المشاريع الكبرى عبر سياسة ٍ فيها من الغطرسة و القسوة و إعتماد الشر والأساليب المنحرفة بعيدا ًعن مراعاة مصالح الشعوب و حقها في الحياة و الكرامة , في الوقت الذي تقف روسيا على طرفي نقيض متمسكة ً بمبادئها الإنسانية و أخلاقها السياسية الرفيعة و التي حولتها إلى نهج ٍ يحكم طريقتها في إدارة دفة الصراع الدولي و يرسم طريقتها في تحقيق مصالحها و مصالح شعوب العالم من خلال المنظومة الأخلاقية تحت سقف القانون الدولي و شرعة الأمم المتحدة , فيما تشكل الدولة السورية عبر إرثها الحضاري و التاريخي , و من خلال بصمتها الإنسانية الخلاقة التي أبدعت و توجت ألقها بصمودها و ثباتها لأربع سنوات ٍ في أخطر نقاط التماس المباشر مع السرطان الدولي و أذرعه الإخوانية و الوهابية الإرهابية , لتخوض معارك السلام و حفظ التوازن العالمي و تحافظ على القيم الإنسانية و تحفظها من الزوال , و إذ تتبلور هذه الصيغة كنتيجة أولى استخلصها البعض , فيما يحتاج البعض الاّخر للمزيد من الوقت ليدركها , ووحدهم الأغبياء الذين لم و لن يتوصلوا إليها إلاّ بعد زمن ٍ طويل يصعب عليهم فيه اللحاق بعجلة القدر,وممن سيبقون يجترون أحقادهم و بدعهم الدينية في زمن يسير إلى الوراء و بعكس عقارب الزمن .. وعليه يبدو المشهد كمن يدوّن الألحان على السلم الموسيقي, فتتحول علاماته الموسيقية و نوطه عزفا ًبيد دول المستوى الثاني, و ترقص على إيقاعه دول المستوى الثالث و الأخير.
فليس من الصعب إثبات هذا التصنيف و التوصيف ,, فالجميع تابع تصريحات المستوى الأول و رؤساء و حكام المستوى الثاني و الثالث قبيل إنعقاد إجتماعات الدورة السبعين للأمم المتحدة و على مدى أسبوع , إذ أتت التصريحات الأمريكية و عبر كافة مراكز صنع القرار فيها دون استثناء لتجمع على قبولها ببقاء الرئيس الاسد , و أتبعتها الدولة الفرنسية و الرئيس هولاند , فيما أتى العزف المنفرد ل " لوران فابيوس" الذي اعتبر أن في بقاء الاسد واقعية كبيرة و أن بقاؤه ضروريا ً, ثم عادت عن كل تصريحاتها في لقاءات الجمعية العمومية بعد أسبوع, أما الدول المريضة و الحاقدة من المستوى الثالث فغردت خارج السرب كالعادة , و أطلقت نغمات النشاذ خاصتها , عبر ساستها الهواة فأتت تصريحات تركية ٍ و خليجية ٍ خاصة ً سعودية أطلقها الوزير عادل الجبير من على كل المنابر التي اعتلاها خلال الأسبوع كلازمة نشيد ٍ إرهابي أعمى حاقد , بدا فيها مغيبا ً تماما ً عن مجريات الأحداث , وقف خلالها كالديك العقيم يتوعد صيصانه الإرهابية ببيض العيد !!.  
و ما هي إلا ّ لحظات ٌ و أعلن الرئيس الروسي عن دخوله العلني و المباشر على خط محاربة الإرهاب في سورية و فاجئ الجميع بسرعة التنفيذ و قوة الإعصار الروسي الجوي في السماء السورية , و بما حضّر له لضمان الفوز المطلق , بعد إسقاطه أدنى احتمالات الفشل , فيما كان ينطلق الجيش العربي السوري كالقطار السريع يحصد ببنادق بواسله أرواح المعتدين , مستعيدا ً مساحات واسعة من الأرض السورية من سيطرة الإرهابيين , عشرون يوما ً كانت كافية لتغيير المعادلات و موازين القوى على الأرض , و كفيلة برسم خط الانتصار النهائي و الذي بدا واضحا ً و أنه غير بعيد .
يبدو أن ما تمت مناقشته في القمة " الزلزال " يتعدى حدود استيعاب العازفين و الراقصين في المستوى الثاني و الثالث , فما حدث هو تغير جذري في بنية النظام العالمي الجديد المنبثق من رحم صمود الدولة السورية و القيادة الذكية الواثقة للرئيس الأسد , و أتت الزيارة لتناقش الخطوات العملية التي تساهم و تسعى لإستكمال بناء الأرضية السياسية الناظمة و المحددة لشكل النظام الجديد , و إنعكاسها على الوجه الإقتصادي العالمي الذي تسعى فيه الدول لتشارك في كتابة وصياغة قواعد الإقتصاد العالمي الجديد بعيدا ًعن الدور الهدام للغطرسة و الهيمنة الأمريكية والتي لم تعد تستطيع إخفاء تاّكل خططها وأدواتها في تطبيق الهيمنة على الإقتصاديات الدولية.
الأمر الذي دعا الرئيس بوتين للبحث عن تشكيل تحالف واسع لمحاربة الإرهاب., و عليه كان قراره بتعديل إستراتيجيتها لضمان الأمن القومي الروسي لتشمل توسعا ً جغرافيا ً يمتد نحو الجنوب الغربي لروسيا و يشمل الأراضي السورية و العراقية , و يضمن إتصاله بإيران .. لمحاصرة الإرهاب في أماكن نشوئه و بيئته الحاضنة الأساسية في السعودية و دول الخليج العربي بصورة أساسية وفي تركيا, لضمان إضعاف غطاءه السياسي و متابعة تصفية أدواته و مجموعاته الإرهابية على الأرض.. بمعنى منح داعمي الإرهاب فرصة الدخول في مسار الحل السياسي طوعا ً أم كرها ً.
إن استبعاد قطر من اللقاء الرباعي في فيينا .. دفع الوزير خالد العطية لإطلاق وعيدا ً و تهديدا ً عبر تحرك ٍ عسكري مباشر في سوريا , الأمر الذي يعبر عن امتعاض و استياء قطر من الحجم المعطى لها من قبل حلفائها بعد انهيار مشروعها الإخواني و إعطاء الدور الأساسي لتركيا كونها الأكثر تأثيرا ُ وحضورا ً على مسرح الأحداث , كما سعى العطية لكشف و فضح فصل جديد من فصول التمرد على المايسترو الأمريكي و الذي بدأ يقلص دعمه و غطاؤه السياسي المباشر للمواقف المتشنجة لدول الخليج و التي باتت تحرجه و تعيق تحركاته, في الوقت الذي تغطي سحابات الغيوم السوداء و الأحقاد عيون قادة دول الخليج و ترى في رفع الصوت لرحيل الرئيس الأسد مخرجا ً و حلا ً و نصرا ً يكفل لهم حفظ ماء الوجه .
في الوقت الذي يتسائل السوريون عن الإنتخابات السورية التي تكللت بتنصيب عادل الجبير متحدثا ً و ناطقا ً بإسمه !!؟؟, و يأسف السوريون لطريقة تعاطي المجتمع الدولي مع وقاحته و تدخله السافر في الشؤون السورية , و هم يعرفون تمام المعرفة أن حضوره السياسي مرهون ٌ بتنفيذ تعليمات أسياده الأمريكان و الصهاينة , و أنه لا يحظى بأي قيمة شخصية داخل المملكة و خارجها , فإن كان يدافع عن أنصاف الرجال , فهذا حسبه و شأنه في أن يتحول إلى جابر عثرات اللئام !!.
إن استباق لقاء فيينا بتصريحات ٍ فرنسية للرئيس هولا ند و لوران فابيوس بحضور ديمستورا , و تكرار معزوفة الجبير و التأكيد على ضرورة رحيل الأسد , واستمرار فرنسا بتقديم المشروع تلو المشروع لمجلس الأمن ضد الدولة السورية و آلية عمل الجيش العربي السوري , محافظة بذلك على حضورها السخيف الداعم للموقف السعودي الذي يملئ جيوب هولاند و فابيوس بالمال القذر .
إن لقاءات فيينا الثنائية بين كيري – لافروف , و ما تلاها في اللقاء الرباعي مع الأتراك و السعوديون .. لم تفض إلى نتائج ملموسة على وجه السرعة.. فالهوة بعيدة و ما زال الحل السياسي متعثرا ً, و الأجواء الضبابية هي السائدة , فيما صعق الجبير الذي لم يحصل على أي توافق يدعم أحلامه في سيمفونية رحيل الأسد , و اكتفى بالموافقة على توسيع المشاركة في لقاءات فيينا , ما يعني موافقة السعودية و تركيا على إشراك إيران و ربما مصر .. فيما خرج لقاء لافروف مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى اتفاق على إيجاد اّلية يتم إنشاؤها في عمان للتنسيق في محاربة الإرهاب و دعوة الدول الإقليمية للإنضمام إليها.
نعتقد أن الجولة السياسية التي بدأت بزيارة الرئيس الأسد إلى موسكو, و جملة الإتصالات التي تلتها بين مختلف الأطراف و جملة اللقاءات في فيينا , وبعد عشرون يوما ً من الضربات الجوية الروسية المترافقة بالهجوم البري السوري الكاسح , ستدفع الجميع للتفكير جديا ً في ضرورة إيجاد الحل السياسي .. قبل أن ينتقل العمل العسكري إلى مستوى جديد في محاربة الإرهاب على الأرض السورية.
المهندس : ميشيل كلاغاصي
23\10\2015
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: "الجبير"..ديكٌ عقيم يتوعد صيصانه ببيض العيد Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً