728x90 AdSpace

29 يوليو 2020

قصة كفاح المناضل يحيى أبو اصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي(من الذاكرة الحلقات من 1الى 11)

السبئي -متابعات: 
من الذاكرة لقصة كفاح المناضل الرفيق يحيى منصور أبو اصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني تحت عنوان(شهادتي أنا يحيى منصور أبو اصبع عن عبدالوارث عبدالكريم مغلس) على النحو التالى:
شهادتي أنا يحيى منصور أبو اصبع 
عن عبدالوارث عبدالكريم مغلس
أول معرفة كانت في تعز قبل التحاقه بكلية الشرطة
توطدت علاقتي به حين أصبحت مسؤول منظمة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني في محافظة إب عام 1968-1969م بعد اعتقال معظم قيادة المحافظة أمثال عبدالله الوصابي، أحمد قاسم دماج، أحمد منصور أبو اصبع، محمد المحرسي، علي عبده عمر في عام 1970م عين محمد خميس مديراً لأمن إب، وصلت لجنة من الأمن الوطني برئاسة عبدالوارث عبدالكريم حين كان المسيبي رئيساً للجهاز كانت مهمة اللجنة الكشف عن مشاكل محمد خميس في إب بعد تشكيات كثيرة، محمد خميس أصيب بالفزع عندما عرف رئيس اللجنة بالتحقيق، اتصل بي محمد خميس كان يعرفني كمعلم في مدرسة الوحدة في إب (بعد تكليف خريجي الثانوية العامة بالتدريس بعد انسحاب المصريين من اليمن إثر عدوان حزيران يونيو 1967) ويعرف أني ناشط حزبي قال لي أنا في إب لم أؤذي أحد ولم أتابع حزب واحد وأريدك تتدخل عند الأخ عبدالوارث عبدالكريم رئيس لجنة التحقيق للأمن الوطني فأنتم زملاء حتى يخفف عليا من نتائج زيارته، لم يكتفي خميس بهذا بل استغل وجود اللواء عبدالله دارس الذي كان آنذاك مسؤول المنطقة الشرقية كلها عسكرياً وفجأة لم أعرف إلا بوصول اللواء عبدالله دارس ومعه محمد خميس إلى بيتي في جبله وأخبرني اللواء دارس بأنه جاء من أجل محمد خميس والذي يمر بظروف صعبة وطلب مني التدخل عند رئيس اللجنة عبدالوارث عبدالكريم بحكم أنكم في حزب واحد الذي يجمعنا أنا وعبدالوارث وظل عبدالوارث في إب أربعة أيام قضيت معظمها معه.

بعد اختفائي عام 1972م كحزبي محترف ومتفرع للعمل التنظيمي، ظلت التواصلات مع عبدالوارث لا تنقطع زرته في صنعاء وهو مختفي مثلي بواسطة عبدالحفيظ بهران الذي كان يشغل الأمين العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير واختلفنا بخصوص العلاقة مع الحمدي، كانت علاقتي به ممتازة كان حريص عليا بل ويحبني قال لي يا باسم (الاسم الحزبي لي) لقد رزقت بولد هذه الأيام سوف أسميه باسم على إسمك الحركي (وفعلاً ما زال باسم عبدالوارث عبدالكريم موجود).

أثناء فترة الرئيس الغشمي طلبني عبدالوارث إلى صنعاء، قابلته في بيت ترابي متهالك في حي الصافية بواسطة ضابط الشرطة حسن الخولاني (اختطف) وهو من وادي بني خولان في يفرس – تعز – كانت صحة وارث سيئة جداً طلب مني البقاء في صنعاء وأن أعزز علاقاتي بالغشمي ومحمود قطينة وكلفني بمهام سرية تتعلق بالإعداد للانقلاب العسكري.

بعد هذا اللقاء بيومين فقط أخبرني الأخ محمد قاسم الثور وعمه عبدالحفيظ بهران بأن الأمن الوطني يطوق غرفة رقود عبدالوارث في مستشفى الكويت والمستشفى شبه محاصر وعليا أن أتحمل شيء مع الرئيس الغشمي، التقيت بالغشمي قلت له في ظل رئاستك يفترض أن تتصرف الأجهزة الأمنية كدولة وليس كوصاية وشرحت له الواقعة في مستشفى الكويت.

قال لي الغشمي ماذا تريد أن نعمل، قلت له ترفع الحراسة وتصرف لهم مبلغ مساعدة مالية وعند شفائه سآتي به إليك، أعطاني ثلاثين ألف ريال بواسطة الأخ محمد الآنسي رعاه الله سكرتير الرئيس العسكري والمحرك العملي لأجندة الرئيس ثم أمر سائقه بأن يوصلني إلى مستشفى الكويت، ومجرد أن وصلت حوش المستشفى عرف علي العتمي (المكلف بحراسة عبدالوارث) سيارة الرئيس الغشمي فقط نحو السيارة فوجدني أنا فأصيب بالذهول والارتباك وبدأ يقبلني بتهافت وأنه عبد مأمور وأن عبدالوارث صديقه. مسكت بيد علي العتمي حتى دخلت غرفة المريض عبدالوارث عبدالكريم والشرطة والأمن مليان الغرفة بمفارشهم ومتاكئهم وبقايا القات والسجائر تملئ الغرفة، وبمجرد أن وقفت أمام عبدالوارث وهو علي السرير في وضع صحي سيء (كانت العملية التي أجريت له تم استئصال أكثر من نصف المعدة) عرفني وقال أهلاً ياشيخ يحيى قلت له أنا قادم إليك من عند الرئيس الغشمي برفع الحراسة والتحفظات الأمنية عليك وأرسل لك بثلاثين ألف ريال وعند شفائك سوف نذهب إليه وسلمته الفلوس أمام العتمي والأمن والشرطة المذهولين، وفي الحال أمر العتمي الأمن وكل العساكر بالمغادرة فوراً وبعد عشرة أيام كانت صحة عبدالوارث قد تحسنت كنت أزوره كل يوم.

وفجأة اتصل لي الأخ محمد حنيبر الذي شغل موقع عبدالوارث في مرضه وأخبرني أنه تم خطف عبدالوارث من المستشفى.. وحاولت التواصل مع الرئيس الغشمي ولم أحصل على رد. قال لي علي العتمي فيما بعد الوحدة اليمنية أن قادة أجهزة الأمن المختلفة طلبوا لقاء بالرئيس الغشمي وأقنعوه بخطورة عبدالوارث وضرورة سجنه لأنه صعب القبض عليه خارج هذه الفرصة.

في مؤتمر الحزب الديمقراطي الثوري اليمني في عدن وهو المؤتمر الختامي في 28 أبريل 1979م وفي ختام المؤتمر وفرز أصوات الناخبين أعضاء المؤتمر حصل عبدالوارث عبدالكريم وعبدالرحمن غالب على الإجماع وكان القائدان في السجن إلا صوت نقص على عبدالوارث .. بقيت أسأل وألح لمعرفة من حجب صوته عن عبدالوارث، فقال لي الرفيق الأستاذ محمد سالم الشيباني أنا حجبت صوتي وسألته لماذا وأنتم حبايب. أجاب محمد سالم الشيباني أطال الله في عمره قائلاً سبب موقف عبدالوارث المتريث من الانقلاب العسكري الذي كان الحزب يعد له.
يتبع بقية المعلومات إن شاء الله ... يحيى منصور أبو اصبع

تابع شهادتي انا يحي منصور ابواصبع
 حول عبدالوارث عبد الكريم (2)
شهدت سنوات 1972 اختفائي انا وعبد الوارث وان كان اختفائه متقطع.
صدر قرار الرئيس ابراهيم الحمدي بالعفو عني وعن عبدالوارث عبدالكريم في وقت واحد وبقرار واحد في مارس 1977 ، طلب الرئيس الحمدي وصولي الى صنعاء بواسطة اخي احمد منصور وعبد الحفيظ بهران واحمد قاسم دماج حين التقوا به وشكروه على انهاء حالة المتابعة لي ولعبد الوارث وطلب منهم ترتيب لقاء معه بحضور عبدالوارث عبدالكريم . وصلت صنعاء والتقيت بالاخ محمد قاسم الثور وكان احد قيادات منظمة صنعاء في منزل عمه عبدالحفيظ بهران وشجعني على لقاء الحمدي ونصح بان التقي بالاخ عبدالحميد حنيبر ومحمد الشيباني وعبدالوارث. كان عبدالوارث في وضع الحذر. 
قال لي عبدالوارث اذهب للقاء الحمدي ثم نلتقي مباشرة لنرى انطباعاتك عنه وفي ضوئها اقرر اللقاء به ام لا.. جرى اللقاء بالرئيس الحمدي بترتيب احمد منصور ابواصبع الذي كان يرتبط بعلاقات جيدة بابراهيم الحمدي و بواسطة عبدالله الحمدي وكان قائد سلاح العمالقة بذمار وهو من المكلفين بمتابعتي ومطاردتي وهو من ادخلني الى مكتب الحمدي في القيادة العامة ثم انصرف بعد ان تحدث في اذن مدير المكتب عبدالله الشمسي. كان قبلي في الانتظار الشيخ محمد احمد منصور اطال الله في عمره وكان في حينه مطاردا من محافظ إب انذاك يحيى مصلح مهدي وكذا الشيخ محمد ابو علي والد الاخ زيد ابو علي  والشيخ مقبل بن علي ابواصبع (قائد صعده) بعد لحظات اخذنى مدير المكتب بيدي وادخلنى على الرئيس و دخلت عليه قبل الجميع كان اللقاء حارًا و مفرحاً وسادتهُ حالة من البهجة و السرور على الاقل بالنسبة لي. وفي الاثناء دخل نائب الرئيس و رئيس الاركان احمد حسين الغشمي فقدمني الرئيس لنائبه هذا يحيى منصور ابواصبع الذي شغلنا لعشر سنوات ولم نتمكن منه واضاف معلقاً على حجم جسمي الصغير و النحيف كان وزنى 46 كيلو..
قال الحمدي معلقا ان الماس يقطع الحديد. استفسر عن عبد الوارث رغم انه طلب حضوره معي قلت له ان عبد الوارث ليس في صنعاء وسوف يقابلك بالتأكيد. علق الرئيس قل له اني مستعد ادفع الاشتراكات كلها. ثم التقيت عبد الوارث مباشرة في منزل اخي احمد منصور قال عبد الوارث : ماهي انطباعاتك وفي ضوئها سنرى ماذا بعد وسأل من حضر اللقاء قلت له نائبه احمد الغشمي علق عبد الوارث ان الغشمي يثير انتباهي ثم سأل هل شارك الغشمي في الكلام قلت له ابداً قال والله اني اخشى على الحمدي من هذا الرجل. هذا هو عبد الوارث يقراء المستقبل والناس و كانت هذه تنبؤاته المبكره وقدم تصورات ثم بدائل وخيارات امام الوضع برمته. واذكر بعد عام من حركة يونيو 1974 قام الحمدى باقصاء بيت ابو لحوم (محمد وعلي ودرهم واتبعهم بمجاهد ابو شوارب ) حيث كانت كتل اللحوميين (هذا الاسم ورد في منشور حزبي لعبد الوارث) التي كانت تسيطر على 50%  من قوات الجيش وإقالة  محسن العيني من رئاسة الوزراء وكان رأي عبد الوارث الذي عبر عنه بتعميم داخلي حزبي وصلني وانا كنت في جبل زهقان في مذيخره في زيارة روتينية لمنظمات الحزب ومنظمة  الفلاحين الثوريين كان رأي عبدالوارث في هذا التعميم الداخلي  ان هذه الإجراءات التي اتخذها الحمدي تصب في تعزيز الحكم العسكري و استبعاد القوى المدنية من السلطة ممثلة بمحسن العيني وغيره.
واخيراً طلب مُني عبدالوارث جمع معلومات عن الغشمي وتحركاته داخل الجيش حتى عن صرفياته الماليه. عدت الى عبدالوارث وكان معه عبد الحميد حنيبر ( مسؤول منظمة الحزب في الشمال) كونه يعتبر الرجل الثاني في الحزب الديموقراطي بعد مؤتمر الحزب في محافظه ابين عام1972  الذي انتخب فيه سلطان احمد عمر سكرتير اول للحزب الديموقراطي وكان عبد الحميد حنيبر يميل مع توجهات سلطان واوساط  معينه في الجنوب نحو الكفاح المسلح ونقلت  لهم في اللقاء المعلومات المتوفره عن احمد حسين الغشمي حسب طلب عبد الوارث.و من تساؤلاتي  مع ضباط  كبار وصغار من اصحابنا ذو محمد من برط مثل مقبل بن علي ابواصبع وهو قريب من الناصريين وكان يشغل قائد محافظة صعده ومن ضباط الحزب الديمقراطي امثال ناجي محسن الدميني في سلاح الاحتياط ومحمد محمد الشيبه مسئول عسكري في عمران وعلي احمر الشعر والقحم والقعود والفرجه وجزيلان وبن عمير كلهم في الجيش والامن واعضاء سريين في الحزب الديمقراطي و كذلك التقيت الشيخ حمود بن محمد ابو رأس الذي كان قريب جداً من الحمدي  الذى عينه محافظا لصعده الذى عبر عن قلقه وقال لى الحمدي صرف لي 5000 الف ريال والغشمي صرف لي 50000 الف ريال.
 كانت الافادات تقول ان رئيس الاركان نشيط جدا في زيارات المعسكرات واللقاءات في مكتبه وفي منزله  و اشارت المعلومات ان صرفيات الغشمي الماليه تفوق صرفيات الحمدي عشرات المرات، علق عبد الوارث عبد الكريم قائلا هذا الرجل سيأكل الحمدي الا ان عبد الحميد حنيبر تحفظ على هذا التنبؤ لان عبد الحميد حنيبر كان مدرس الحمدي في الكلية الحربية ومسؤول عنه حزبياً لان الحمدي دخل حركة القوميين العرب ثم الحزب الديمقراطي حتى عام 1972  حين قاد هو و محمد الارياني حملة عسكريه ضارية على المنطقة الوسطى ضد المناظلين هناك مما دفع قيادة الحزب الى اصدار قرار حزبي بتجميد عضويته هو ومحمد الارياني من الحزب. 
يتبع ......
يحيى منصور ابو اصبع
عن عبدالوارث عبدالكريم.. يحيى منصور ابواصبع  ..  (3)خلال الفترة الأخيرة من عهد الحمدي..

عبدالوارث عبدالكريم علم سياسي وعسكري وأمني وحزبي قل نظيره، هو من بين ثلاثة قادة في الحزب الديمقراطي الثوري اليمني، ثم في الحزب الاشتراكي آنذاك  لم يجري الحديث عن تاريخهم الوطني والنضالي إلا قليلاً وهم على التوالي:
1.عبدالرحمن غالب
2.عبدالوارث عبدالكريم
3.عبده محمد المعمري
هؤلاء تميزوا بقدرات تنظيمية وبرؤية سياسية وملكات فكرية وانضباطات  في أداء مسؤولياتهم ومواعيدهم ومتابعاتهم الدائمة والحثيثة لإنجاز المهام والتكليفات والزيارات التنظيمية والتركيز على المسائل الثقافية والفكرية في التربية والتأهيل والإعداد لكوادر الحزب، ما يميز الثلاثة من وجهة نظري ومعايشتي لهم هي: عبدالرحمن غالب تفوق في الجوانب الفكرية النظرية والتنظيمية والرؤى الاستراتيجية والسلوك العملي المتواضع وفي كل الظروف الصعبة والقاسية أيام المطاردات الأمنية المكثفة وقدرات على تحمل الفقر والجوع دون أي تذمر و قد تعايشت معه مختفيين معا في مديريات السياني و ذي السفال و جبلة ومدينة اب على مدى عام كامل عندما ضاقت الاوضاع الأمنية في تعز بعد استشهاد الرفيق عبد الجبار عبد الحميد عام 1973 .
أما عبدالوارث فإنه يجمع بين  القدرات العسكرية والأمنية و السياسية وكان يملك نظرة ثاقبة للآفاق السياسية والتوقعات المستقبلية في ضوء تحليلاته الرصينة لكل التطورات والمستجدات التي كان يتابعها عن كثب، لا يترك شاردة ولا واردة إلا ووضفها في نضالاته التكتيكية لخدمة استراتيجية الحزب.
أما ثالثهم الدكتور عبده محمد المعمري فقد جمع كل الصفات والقدرات والإمكانات النظرية والعملية التي توفرت بالقائدين البارزين  عبدالرحمن غالب وعبدالوارث عبدالكريم إضافة إلى حصيلته المعرفية في الفكر الاشتراكي العلمي، ربما يعود إلى تفرغه النسبي في قراءة النظرية الاشتراكية العلمية بمفهومها المادي للتاريخ ويتفوق أيضاً بذاكرة قل من يملكها، كان حافظة بإمكانه وضع تقييم ومقارنه للبرامج الحزبية والأنظمة الداخلية ليس فقط لحزبنا بل وللأحزاب اليسارية والاشتراكية  على صعيد ما كان يسمى بالمنظومة الاشتراكية تلقائياً دون القراءة من الأوراق.
لنعود إلى عبدالوارث والفترة الأخيرة من حكم الرئيس الحمدي.
جائتني رسالة مستعجلة بواسطة عبالحفيظ بهران بوصولي إلى صنعاء كنت في إب أشارك وأقود العمل التعاوني  في شق الطرقات وإنشاء مشاريع المياه وبناء المدارس وكلها مشاريع حديثة وجديدة ولأول مره في عهد هيئات التعاون الأهلي للتطوير، كان الناس يندفعون كالأعاصير نحو المشاريع التنموية التي لم يعرفونها من قبل، تركوا السلاح والبنادق وحتى بعضهم تخلى عن العسوب (الجانبي) وسأعود في حلقة أخرى  عن هذا الموضوع الهام في حقبة تاريخية من حياة شعبنا في عهد الرئيس  الحمدي.
وصلت صنعاء قيل لي إذهب إلى المسؤول عبدالحميد حنبير، أولا التقيت بالأخ محمد سالم الشيباني أطال الله في عمره وكان في حينه المسؤول السياسي في صنعاء أخبرني أن هناك مخطط سعودي – أمريكي للتخلص من الحمدي بسبب تقاربه مع الجنوب ولقاءاته بالرئيس سالم ربيع علي وأضاف لدينا معلومات دقيقة عن تحركات داخل الجيش وقتها كان محمد الشيباني هذا طاقة متحركة في كل الاتجاهات لا يكل ولا يمل وقد تمكن من نسج علاقات واتصالات مع كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية المؤثرة، وقد ظهر عليه القلق من المفاجأت المقبلة وكيفية تجهيز الحزب لمواجتها .
طلب مني سرعة اللقاء بالأخ عبدالحميد حنيبر ثم بعبدالوارث عبدالكريم ونصحني بالتشاور والتنسيق مع عبدالحفيظ بهران واحمد قاسم دماج وعبد الله الوصابي وزيد مطيع دماج واحمد منصور ابواصبع  .
كان محمد سالم الشيباني يغطي عمله السياسي والحزبي باقتدار فريد، التقيت عبدالحميد حنيبر وكان وضعه الصحي متعب. قال لي تحرك على الفور وحاول اللقاء بالرئيس إبراهيم الحمدي وانقل له هذه المعلومات الحقيقية ومن مصادرها. ناولني ورقة قال اقرأها واحفظها ثم مزقها حذار أن تبقى معك وطلب مني التحرك الفوري للقاء عبدالوارث عبدالكريم فهو المسؤول عن الجوانب العسكرية والاستخباراتية ومتابع للأوضاع لحظة بلحظة.
رتبنا لقائي بعبدالوارث في منزل أحمد قاسم دماج حسب طلب عبدالوارث لأنه يريد ضرب عصفورين بحجر من جهة اللقاء بي ثم التشاور مع أحمد قاسم دماج حول مختلف الأمور السياسية وغيرها. وأيضاً كما قال لي يريد أن يرى نورية أختي زوجة أحمد قاسم دماج وهو يعرفها بغرض أن يطلب منها الاهتمام بزوجته التي تتعرض لضغوط من أسرتها وخاصة والدتها من أجل فك الارتباط بزوجها عبدالوارث (الشيوعي الكافر صاحب تعز) من أجل يزوجوها قبيلي من أولاد عمها من قبيلة همدان صنعاء وقد نجحت أختي نورية نجاحاً باهراً أراح عبدالوارث كثيراً.
قال لي عبدالوارث لدي معلومات طازجة كنت أمس الليل في زيارة ثلاثة من رجال الأمن الوطني والاستخبارات العسكرية وحصلت منهم على آخر ماعندهم من معلومات. مع العلم أن هؤلاء من المكلفين بمطاردة عبدالوارث قبل صدور قرار العفو الرئاسي عني وعنه رغم أنه ليس مطمئن بالكامل فقد كان حذراً يقظاً كان يردد عين الذيب لا تنام. توقع حدوث مكروه للرئيس الحمدي خلال أسبوع أو أسبوعين من اليوم.  كان هذا الحديث أثناء الإعداد للاحتفالات لثورة 26 سبتمبر 1977 . قلت له لماذا لم تلتقوا بالرئيس إبراهيم وتضعوه بما تفكرون به  وما في حوزتكم من معلومات. أجاب حاولنا والقناة الوحيدة التي تتواصل معه هو الأخ عبدالحميد حنيبر  الإ ان هذه النافذة أغلقها الرئيس ولهذا لجأنا إليك للقاء الرئيس للوصول إليه ووضعه في صورة ما لدينا من معلومات وتوقعات وأنت لديك معاريف على علاقة بالرئيس وقدرة على طرح المعلومات دون خوف وبإصرار على أن تقنعه على الاستماع لكل ما جئت إليه من أجله. وقال لي كل من حاول يفاتح إبراهيم بهذه المخاطر يقفل النقاش في وجوههم.
ذهبت لأرى أصحابي الذين بذلوا جهوداً مضنية للحصول على موعد عاجل ومضت عشرة أيام. فلجأت إلى الأخ محمد الحمدي الأخ الأكبر للرئيس وقلت له لدي معلومات لا أريد أحد  ان يعرفها إلا الرئيس وكان الأخ أحمد منصور حاضراً وهو من سهل هذا اللقاء وتربطه صداقة استثنائية بمحمد الحمدي، وبعد يوم واحد من هذا اللقاء كنت ضيفاً عند الأخ اللواء  (رائد في حينه) محمد سري شايع والده شهيد في ثورة 1948 .وهو قريب من الحزب الديمقراطي ومن المرتبطين والمتحمسين للحمدي بكل جوارحه وكان من الحاضرين في الغداء  الشيخ عبدالواحد البخيتي وهو إبن خالي وكان طالباً في الكلية الحربية. أخبرني  محمد سري شايع أنه جاءه  اتصال من بيت الرئيس الحمدي  يطلبونك وأنا معك عصر اليوم – أعتقد أنه كان أول أكتوبر 1977 حدثني محمد سري أن المخاطر على الحمدي قائمة ولكنه لم يسمع لأي أحد حتى من أخلص الناس إليه. أيضاً كنت قد التقيت صباح ذلك اليوم بضابط مهم وعلى علاقة وطيدة ببيت أبو لحوم وذو ميول بعثية لكنه في قرارة نفسه أن غياب الحمدي ومشروعه السياسي في بناء دولة مركزية يسودها القانون هو عودة القوى القبلية المقاومة للدولة وللقانون وهذا الضابط هو علي محمد أحمد حسن الحلياني وتربطي به علاقة حميمة منذ الطفولة كما أن والده الشيخ محمد أحمد حسن عضو في الحزب وكثير من أخوانه وأسرته وأهمهم حتى اليوم الدكتور عبدالقادر الحلياني.
حصلت منه على معلومات عززت وأكدت ما لدى الحزب والتي صارت في حوزتي / أو في ذاكرتي.
ذهبنا إلى منزل الرئيس إبراهيم الحمدي القريب من المدرسة الصينية أنا ومحمد سري شايع  منزل عادي متواضع من طابقين وحوش كل مساحة المنزل لا تتجاوز عشر لبن صنعاني.
استقبلنا الحارس رأينا في غرفة الحراسة حارسين اثنين فقط والسيارة الخاصة بالرئيس هي نوع  فلكسوجن ألمانية صغيرة سماها واحد من مدينة جبلة حين رأى الحمدي يتحرك فيها ويسوقها بنفسه وسط العاصمة قال الرئيس الحمدي يتحرك بالعكبري (الفأر) أي أن السيارة تشبه العكبري. ولا شيء آخر يدل على الرئاسة أو أي سلطة صغيرة أو كبيرة كما هو حال قادة العالم الثالث .
دخلنا الديوان وبدأت أخزن قال لي محمد سري شايع لا تخزن حتى يأتي الرئيس إذا طلب منا أن نخزن خزنا وإذا لم يطلب فهو لا يريدنا أن نطول عنده.
دخل علينا إبراهيم وكان مريضاً بزكام شديد عطس ونزول وسعلة  ويرتدي جرم علاقي وفوطة عدني وحولي (منشفة) وردي ظهر وسيماً جميلاً جذاباً ضاحكاً وبعد السلام قال خزنوا مالكم وأنا سأذهب  الى الحمام وأعود وأجرب التخزينة لأنني في وضع صعب  (زكام ) جلس أمامنا كان قدامه قات ممتاز ومغسل أعطاني النصف منه وقال لي هذا قضاء الضيافة والغداء في منزلكم في جبلة عند أحمد منصور وعبدالله الوصابي (كان ذلك عام 1971 والحمدي لا يزال في الحزب الديمقراطي) وسألني عن جبلة وإب وبعض الأشخاص وذكر بالإسم عبدالكريم الحشاش أشهر رجل في النكتة والتعليقات الذكية والخبيثة وذكر إبراهيم واقعة من الحشاش قال زرت إب وفي المقيل شرحت أهداف وطموحات اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري شارك الحاضرون في النقاش والحشاش قابع  في سفل المكان فقلت له ياحشاش تحدث وساهم في النقاش حول التصحيح المالي والإداري وأعضاء اللجنة وكان الحمدي يذكر الواقعة ويضحك من قلبه ضحك مختلط بالعطس والنزول واستطرد رفض الحشاش الحديث بمبرر أنه مسكين وأمي ولا يعرف بالسياسة فألحيت عليه، فطلب بخبث الأمان وقال بوجهك ياحمدي ما حد يؤذيني فأعطيته الوجه والأمان . قال الحشاش ان  اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري أعضائها مثل جمعة الزاجر (سجن إب الرئيسي) .قلت له  كيف مثل جمعة الزاجر؟. وضح قال المؤذن قاطع طريق والخطيب قاتل والإمام زاني محصن فانفجر المقيل بالضحك تلاه على الفور صمت. قال الحمدي سد نفسي بهذا التقييم الموجز والفضيع فلم أبقى إلا دقائق وتحركت إلى تعز.
ثم طلب مني لماذا هذا الإلحاح على اللقاء وأنا مشغول هات ما عندك يا يحيى منصور قلت له هناك مؤامرة تستهدف النيل من النظام وتوجهاته وشعاراته الوطنية والوحدوية ووقف مسيرة بناء الدولة المركزية، دولة النظام والقانون ووأد الحركة التعاونية الرائدة والارتداد نحو إعادة القوى التقليدية والماضوية، قاطعني هات ما عندك من معلومات. سردت له قائمة من التغييرات العسكرية في أكثر الألوية والكتائب العسكرية والأمنية والتي يقوم بها رئيس الأركان أحمد الغشمي ثم وضعته في التحركات واللقاءات لأحمد الغشمي على كل الاتجاهات بما في ذلك المعارضة القبلية ولقاءاته الليلية  الدائمة مع الملحق العسكري السعودي صالح الهديان في أكثر من منزل كما أن توجهاتك نحو الجنوب والزيارات المتبادلة بينك وبين الرئيس سالمين قد دفع المخطط التآمري للقضاء عليك قبل زيارة عدن وكلام كثير أكثر من نصف ساعة وهو يسمع ثم طبزني محمد سري وهو بجانبي إشارة على أنه كفاية وطبعاً محمد سري يعرف إبراهيم وطباعه ومزاجه أكثر مني فتوقفت عن الحديث.
قال الحمدي خلصت .. قلت له نعم حتى لا نطول عليك، وفجأة صرخ في وجهي ماذا تريد يا يحيى منصور أنت والحزب الديمقراطي ألا يكفي أنكم رفضتم التعاون معي واليوم تريدون أن توقعوا بيني وبين أقرب الناس إلي ما غرضكم من زرع الريبة والشك بيني وبين معاوني من القادة والضباط الذين خبرتهم طوال حياتي واستمر في كلامه بصوت عال جداً حتى انفعل وقام من متكائه وواصل تعنيفي .حتى علاقتي بالجنوبيين أصحابكم يعملون على تخريبها ويفسرون أن علاقتي بسالمين إضعاف  لهم ولحزبهم الطليعي، وتوجه صوب سفل المكان وهو يقول بالصوت العالي شككوني كل الناس في روحي من الغشمي الغشمي الغشمي هذا من أخلص الناس إليا والآن تريدون أن أتصرف مثلكم قتلتم خيرة رجالات الحركة الوطنية في الحزب الديمقراطى امثال عبدالقادر سعيد الذي  مات كمداً وقهراً من شعاراتكم الثورية في الكفاح المسلح والزحف على المدن من الأرياف وأن السلطة تنبع من فوهة البندقية. اين عبد الحافظ قايد ؟. اين تلك الكوكبة السياسية الناضجة الذين غيبتموهم عن الساحة ؟. أسرني في أذني محمد سري سوف يحبسنا فأردت أن ألطف الجو المشحون فقاطعته قائلاً والله عادك حافظ الدروس الثورية من حركة القوميين العرب وما بعدها. رد بالقول  لقد رفعنا شعارات وتطرقنا في أفكارنا إلا أن الواقع شيء آخر نحن بدأنا نستوعب واقعنا المرير وأنتم لا زلتم حيث أنتم، أبقوا على ما أنتم فأنتم أحرار لكن إياكم وزرع الشقاق بيني وبين أصحابي وهنا قمت من مجلسي وقربت منه قائلاً يا أخ إبراهيم نحن لم نقل هذا إلا محبة فيك وحرصاً على التجربة وتفويت المؤامرات الداخلية والخارجية أعجبك هذا الكلام وإلا رميته عند أرجلك إن شاء الله  العب به كبه..
خرجت من هذا اللقاء العاصف وأبلغت الحزب بما جرى وأمرني عبدالوارث بالتوجه إلى إب وأن أعمل على وجه السرعة في ترتيب الأوضاع لمواجهة أحداث مفاجئة و معادية ..
للحديث بقية ..
يحيى منصور أبو اصبع

عبدالوارث عبدالكريم والرئيس الغشمي...
الحلقة (4)
يحيى منصور أبو اصبع...
بعد استشهاد الرئيس  إبراهيم الحمدي بشهرين  تجددت  المشاكل في مناطق مختلفة .
 في اب خرجت حملة عسكرية على منطقة الربادي لإلقاء القبض عليا و من معي من الرفاق باي طريقة مقتولا أو مأسورا  واذا تعذر هدفهم هذا فيتم القاء القبض على جميع العدول و العقال و المشايخ و هذا ماتم حيث بلغ عدد المساجين من هولا المواطنين  اكثر من 160 شخص.     والمبررات لدى سلطات اب الامنية
 والعسكرية ان يحيى منصور يريد احتلال جبل التعكر و التمركز فيه باسم الجبهة الوطنية الديمقراطية.  اختفيت مع جميع المطلوبين من الرفاق حسب العادة في مواجهة مثل هذه الحملات العسكرية منذ 1972 و التحرك بالوسائل الشعبية السلمية ومنها إشاعة انني في صنعاء وغير موجود في المنطقة تماما وقد ارسلت الحملة مجموعة من الجنود للتمركز في قمة جبل التعكر لتأمينه و حماية مدينة اب من اي مخاطر . استمرت الحملة العسكرية أسابيع  خطاط على المواطنين . إلا أن الناس في المنطقة في الربادي وكافة المناطق التابعة لمديرية جبلة في حالة تماسك وثبات وإصرار على قلب رجل واحد وتحت يد القبضة الناعمة لمنظمة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني والتي لم تستخدم السلاح في مواجهة أية قوى مضادة محلية أو حملات السلطة العسكرية وكنت وأسرتي المبادرين للانسحاب من بيوتنا وتركها خاوية ليحل بها جنود  وأفراد الحملة العسكرية. طبعاً كانت المنطقة وإب كلها في حالة استياء وغليان جراء جريمة  اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي الذي حظي  بمحبة كاسحة في محافظة إب وغيرها و كانت منظمة الحزب الديمقراطي  في ذروة صعودها وتوسعها وتماسكها والتي  تعودت  على مثل هذه  الحملات العسكرية في ظروف أقسى وأصعب  وعلى مدى خمس سنوات  منذ  اختفائي  اول مرة في  أكتوبر 1972 – أبريل 1977. تحرك الإخوان في صنعاء أخي أحمد منصور وأحمد قاسم دماج وزيد مطيع دماج ومعهم الصديق والأخ الوفي الأستاذ عبدالحميد الحدي لدى المسؤولين ولم يكن أحد منهم قادر على أي عمل لان الأمور كلها بيد الرئيس الغشمي. تحرك الإخوان إلى ضلاع همدان لمقابلة الشيخ محمد حسين الغشمي الشقيق الأكبر للرئيس أحمد حسين الغشمي وهو على معرفة وطيدة بأخي أحمد منصور وهي معرفة قديمة من سجن حجة  عام 1944 حيث سجن هو وجدي عبدالحميد أبو اصبع في وقت واحد وخرجوا في وقت واحد بعد أن قضوا ثلاث سنوات. لهذا تحمس الشيخ محمد الغشمي واتصل بالرئيس في نفس الوقت ومما قال لأخيه الرئيس سوف أوصل انا  يحيى منصور بوجهي. ثم قال لأحمد منصور ومن معه أريد يحيى منصور اليوم أو غداً لمقابلة الرئيس. ولان الشيخ محمد حاسس بمشاعر الناس من انعدام الثقة  بأخيه الرئيس نحو ضيوفه قال لأحمد منصور ومن معه اطمئنوا.  الأخ يحيى منصور فاهم وأخبروه برسالتي وأنا واثق أنه لن يتأخر عليا لأن الرئيس مصر على عدم رفع الحملة العسكرية أو إطلاق المساجين إلا بوصول الشيخ يحيى أبو اصبع.
وصلت رسالة من أحمد منصور، عبدالله الوصابي، زيد مطيع دماج، عبدالحفيظ بهران، أحمد قاسم دماج، وتركو لي الخيرة وتقدير الموقف  فهم لا يثقون بأحد هذه الأيام . كان عبدالحفيظ قد تحرك والتقى عبدالوارث عبدالكريم ووضعه في الصورة وطلب رأيه بموضوع وصولي إلى الرئيس لان القضية فيها مجازفة خطيرة. حسم الأمر عبدالوارث وقال يطلع صنعاء، والرئيس في مثل هذه الظروف ولاعتبارات قبلية لن يفرط بالأخ يحيى مهما كانت المجازفة خطيرة . وكتب اليا  رسالة من سطر واحد تقول الرسالة:
الرفيق باسم (اسمي الحركي) عجل وصولك إلى صنعاء على وجه السرعة وأنا في انتظارك
التوقيع ..أبو هشام
وصلت الرسالتان  في وقت متقارب وفي الواقع كنت انا وعبد الوارث نغرف من منبع واحد و تتطابق افكارنا وتوقعاتنا.
وصلت في اليوم التالي بعد العصر مع الحذر من النقاط الامنية التي كانت منتشرة بكثرة في اب. التقيت  عبدالحفيظ قال إذهب على الفور عبدالوارث في انتظارك وهذا حسن الخولاني سيوصلك اليه. التقيت عبدالوارث تطابقت تحليلاتنا واستنتاجاتنا وخلاصتها أن الرئيس لن يفرط بي وخاصة وأخوه الشيخ محمد في الصورة . نصحني عند لقاء الرئيس بالتماسك ورباطة الجأش ولا تكون حادثة الحمدي في تفكيرك  عند مقابلة الغشمي ولا تخرج منك الكلمات إلا رصينة هادئة محسوبة ولا تفارقك الابتسامة أما توقعات الإخوان المتشائمة فلها ما يبررها فحالة الخوف و الذعر تشمل الجميع بعد فاجعة إبراهيم الحمدي. وحدد مطالبك بنقاط موجزة برفع الحملة وإطلاق السجناء من سجن الزاجر في إب وسجن جبلة. ذهب الأخ أحمد منصور في الحال لإبلاغ الشيخ محمد الغشمي بوصولي . قال له أخبر الأخ يحيى بانه محل ترحيب مني و من الرئيس فانا صديق وفي لجدكم عبدالحميد أبو اصبع من سجن حجة فقد كان لا يبخل عليا (فعلاً جدي كان ميسور الحال ومن الأغنياء الكبار على مستوى المنطقة) وفي مساء نفس اليوم التقينا عند أختي نورية التي أصرت على نزولي عندها في منزل أحمد قاسم دماج. كنت مخزن ونشيط وعلى استعداد للاستمرار بهذا الوضع وبدون نوم لثلاثة أيام .
تواجد إلى جانب أحمد قاسم، زيد مطيع وأحمد منصور وعبدالله الوصابي وبهران.
وقال لي  أحمد منصور أن عبدالحميد الحدي كان يريدك هذا المساء ويستضيفك في منزله وسيتحرك في الصباح من أجل يوصلك بنفسه  إلى عند الرئيس وهو مطمئن لا يوجد عنده ذرة قلق عليك .
وعن عبدالحميد الحدي لا بد من الإشارة إلى العلاقات الخاصة التي تربطنا به وعلى الخصوص بينه وبين أحمد منصور فالصداقةو العلاقات بينهما قوية ومتينة للغاية وكانا يمثلان مع مجموعة من أعضاء مجلس الشورى المنتخب عام 1970 أمثال زيد مطيع دماج وعبدالحفيظ بهران ويوسف الشحاري وعشرة أعضاء آخرين القوة الحديثة الجديدة التي تمسكت ووقفت في مجلس الشوى دفاعاً عن أهداف الثورة والنظام الجمهوري وتبني الأفكار الجديدة المتعلقة بدولة القانون ومناهضة المشروع السعودي الرامي إلى الهيمنة المطلقة على اليمن وإفراغ ما تبقى من الثورة والجمهورية من كل محتوياتهما الثورية والوطنية والقومية وخاصة بعد المصالحة مع القوى الملكية برعاية السعودية ومشاركتهم في النظام بنسبة الثلث على كل المستويات التنفيذية في الرئاسة إلى الحكومة إلى الجيش والأمن والمحافظات. وقد اشتدت الهجمات العسكرية والاعتقالات والمطاردات ضد القوى الوطنية الحديثة في هذه الفترة . ومن المعروف ان منطقتنا في إب حيث مسؤوليتي تعرضت لحملات عسكرية متواصلة منذ أكتوبر 1972 وشملت الاعتقالات إخواني أحمد منصور أبو اصبع ورشاد منصور أبو اصبع في سجون صنعاء مرات عديدة خلال أعوام 1972-1974 ولعب عبدالحميد سيف الحدي دور المراجع والمحامي والمدافع عن صديقه أحمد منصور وعنا جميعاً وكانت أمي في صنعاء لا تكف لحظة واحدة عن المراجعة وعند الأخ عبدالحميد الحدي والذي وسع لها بيته وأمواله  وكل ما يملك حتى يهدئ من فجيعتها بأولادها الثلاثة يحيى منصور المطارد من السلطة ويمكن أن يقتل في أي وقت وأحمد ورشاد في سجون صنعاء وكل أفراد أسرتنا من الأعمام والإخوال والأنساب إما في السجون أو مطاردين ومخفيين.
وهذا هو عبدالحميد الحدي كان البلسم الذي يداوي جروح أمي وفجيعتها في ظروف بالغة القسوة و في تلك الايام أصدرت السلطة المركزية قرارات وتوجيهات بقتل وسحل الحزبيين المسلحين وغير المسلحين وكل من له علاقة بالجنوب (الشيوعي) إلى درجة منح المشائخ حق  قتل كل من يشتبه به أنه متحزب أو مخرب و نصبت المشانق على مستوى المدن والأرياف وعلقت الرؤوس في أبواب صنعاء وميادينها وكل عواصم المحافظات وبعض المديريات  والنواحي والقضوات وكانت جلسات المحاكم العسكرية تذاع  من إذاعة صنعاء وتعز وهي تصدر أحكام الإعدام والتعزير وتعليق الرؤوس وكان أبرز القضاة الفاشيين غالب عبدالله راجح .في هذا الجو المفعم بالذعر والخوف صمد مناضلونا البواسل وتصدوا كالجبال الرواسي لهذه الفاشية العسكرية القبلية المتخلفة والهمجية وكان عبدالحميد الحدي يتصدى أيضاً في حدود طاقاته ومعارفه وعلاقاته للدفاع عن أحمد منصور  ورشاد منصور ومن إليه والعناية بوالدتنا التي أقامت في صنعاء وقيمت قيامة أصحابنا أهل برط من ذو محمد أمثال عبدالله دارس وأحمد فاضل ومقبل أبو اصبع وعبده بن علي أبو اصبع وعبدالله محسن ثوابه وعبده بن إسماعيل أحمر الشعر وظلت الوالدة رافعة الرأس شامخة لا تهتز لها شعرة ما دام ابنها يحيى منصور بخير لأنه على حق وسينتصر. و لا انسى التنويه بقبيلة الشيخ عبد الحميد سيف الحدي في عمار مديرية النادرة 
وهي أسرة بأعدادها الكبيرة وقفت مع الثورة والجمهورية ثم التحق معظم شبابها مع الجنوب وكانوا في طليعة الكفاح المسلح من خلال انتسابهم لمنظمة المقاومين الثوريين ومنظمة جيش الشعب التابعة للحزب الديمقراطي الثوري والجميع يعرفون المناضل الوطني الكبير محمد صالح الحدي شاعر المقاومة التي كانت أشعاره تردد على كل  لسان. وقد عرفت قراهم و منازلهم  في زياراتي المتكررة للمنطقة الوسطى في ذروة الصراع .وبقيت في بيوتهم في المعزبة والمصنعة أثناء زياراتي للمنطقة الوسطى في ذروة الصراع .
والان  نعود إلى لقائنا هذه الليلة في منزل احمد قاسم دماج .كان الانقسام على أشده بين من يؤيد لقائي بالرئيس الغشمي ومن يرفض ويعارض من منطلق أنه سيتم تصفيتي وفي أحسن الأحوال اعتقالي  وهي  فرصة للأجهزة الأمنية أن يأتي يحيى منصور هكذا بطبق من خزف  وهي التي عجزت عن الوصول إليه.حسم الأمر الأخ عبدالله الوصابي وهو أيضاً قريبي ومتزوج من عمتي أخت أبي وهو يساري منذ الخمسينات ومن مؤسسي الحزب الديمقراطي وتعرض للسجن  عدة مرات وقال أرى أن نترك الأمر والقرار الأخير للأخ يحيى منصور ونقفل النقاش. قلت لهم سوف أقابل الرئيس وإن كانت مجازفة خطيرة لكنني أحسبها وأصل إلى استنتاج مفاده أنه لن يمسني بسوء أو مكروه في هذا اللقاء وفي هذه الأيام بالذات لاعتبارات قبلية صرفة فأنا قادم بدعوة الشيخ محمد حسين الغشمي وهو صديق جدي عبدالحميد من سجن حجة وقد قال ما قال بعلاقاته بجدي كما أن الرئيس بتركيبته الوجدانية والمعرفية والقبلية يراعي بصورة تلقائية الحفاظ عليا لأن أصولي قبلية من ذو محمد وأنا في إب عبارة عن نقيلة. وفي هذه اللحظة والساعة في وقت متأخر من الليل وصل عبدالوارث عبدالكريم وهو  مخزن وآثار التعب بادية عليه لانه مصاب بقرحة المعدة والتهابات القولون، وقد وضعه أحمد قاسم دماج في صورة النقاش والقرار الذي اتخذه الأخ يحيى منصور بالمجازفة ولقاء الرئيس. علق عبدالوارث الحمد لله وكفى الله المؤمنين شر القتال وما قرره الأخ يحيى هو عين الصواب وهو رأيي ورأي الأخ محمد الشيباني المسؤل السياسي  الذي اعتذر عن المجئ لانه كلف بمهام اخرى و اضاف عبد الوارث ان عملنا في ظروف أنظمة القمع فيها من  المجازفة و المغامرة مع أخذ الاحتياطات وإلا لما تغير شيء في المجتمع، ولاصبح التغيير والتقدم والعدالة الاجتماعية في خبر كان.
أما أختي نورية زوجة أحمد قاسم دماج وأم الدكتورة سلوى وهاني ومعن ومطيع وهشام وإياد أولاد أحمد قاسم والتي كانت تتابع ما يجري في الديوان بقلق . قالت لي شد حيلك  قع رجال اذهب وقابل الرئيس والله ما  يقع بك ولا بايحصل لك حاجة. هؤلاء المثقفين هم كثيرين هدره ويتوهوا الواحد ما عاد يعرف رجله من راسه. توكل على الله أنت يحيى منصور ملئ  السمع والبصر ولا تترك الحملات العسكرية فوق الرعية والفقراء والمساجين الذي امتلأت بهم سجون إب ولا تخرج من عنده إلا وقد رفع الحملات وأطلق المساجين.  الله معك ياخي،  وتعرف نورية اختي  بقوة الشكيمة  ثابتة الجأش صلبة لا تلين لها قناة يعرفها اجيال وأجيال من الطلاب من  مختلف المناطق  الذين آوتهم في البيت وأكلتهم وشربتهم وحثتهم على الدراسة وهم يذكرونها بالفخر والاعتزاز وينادونها بالأم الحنون .
وانصرف الجميع ولم يبق إلا انا
وعبدالوارث الذي نمت أنا وياه في الديوان في وقت متأخر.
 وجاء عبدالحميد الحدي الساعة الثامنة صباحاً وأنا جاهز فأخذني بسيارته إلى منزله المجاور لبنك الدم عند مستشفى الكويت وجاءته مكالمة أن اللقاء مع الرئيس يوم غد الخميس  أخذني عبدالحميد وقال نفسحك  وذهب بي إلى ضلاع همدان واشترى لي  قات ثم عاد بي وقد جهز لي ملابس جديدة وجنبية بعسيبها وهي جنبية محترمة قديمة (صيفاني) ثمينة وأهداها لي، اما الجنبية التى كانت في حوزتي فهي  عادية البسها في تحركاتي وأخفي الجنبية الأصلية الثمينة خوفاً عليها إذا وقعت في كمين وتضيع مع النهابة. وقال لي عبدالحميد بهذه الملابس تظهر على الرئيس  الغشمي.
وفي صباح الخميس أخذني عبدالحميد الحدي إلى القصر الجمهوري قبل الساعة العاشرة وفي حوش القصر قبل الدخول إلى مكتب الرئيس قال لي النصيحة التالية (شوف الغشمي عسكري وقبيلي ومش مثقف لكنه يعرف ما يريد فلا تكثر من  التحليلات والتقييمات والشروحات مثل التي تحدث بيننا اطرح عليه قضية ثم اترك له فرصة للرد ثم اطرح القضية الثانية واسمع منه وهكذا وحاول ان تجعله يتكلم أكثر مما تتكلم أنت فهو يمل من التحليلات والهدرة الكثيرة وهو بعقله ليس سهلاً فهو يعرف الرجال) قلت له حاضر، وكانت حالة الاطمئنان والأريحية التي تظهر على عبدالحميد تعطيني دفعة من الثقة التي تبعد أسوأ الاحتمالات من رأسي . وصلنا المكتب وكان مدير مكتبه جاهز لاستقبالنا وأدخلنا على الرئيس قبل الجميع وكان المنتظرون كثر أول ما أطليت من الباب قام الرئيس من الكرسي وخطى نحوي تعانقنا بحرارة وابتسامته وفرحته لا تقاس وكأنه التقى أحب الناس إليه. جلسنا وقدم لنا الشاهي ثم فتح الحديث بالترحيب بي وتطرق إلى أخبار أخيه الشيخ محمد الغشمي واهتمامه بي وأن علاقته في سجن حجة مع جدي مؤثرة فيه ودخل عبدالحميد على الخط يشرح أننا أسرة عريقة وجمهورية وأننا ضحينا كثيراً من أجل الدفاع عن النظام الجمهوري وأن قبائل ذو محمد الساكنين في إب ذهبوا بعد الثورة بخمسة أشهر إلى برط لمقاتلة الملكيين مع إخوانهم وحماية جبل برط الجمهوري من الهجوم الملكي. وبعد مضي عشر دقائق قال الرئيس بالحرف الواحد. شوف يا أبو اصبع لن أستقبلك في بيت الدولة وسوف أستقبلك وأضيفك في بيتي ونتحدث هناك فمعزتك عندي كبيرة. فتدخل الأخ عبدالحميد قائلا  يافخامة الرئيس الأخ يحيى يشعر بمطاردة محمد خميس وأجهزة الأمن وملاحقته في كل مكان. انتفض الرئيس وقال هل خميس أو غيره يتعرض ليحيى منصور بعد هذا اللقاء بي والله لاقطم رقبته واقطعه من النص وأشار بيده لعملية القطع. تحرك يا يحيى منصور بحرية حيثما تريد أنا هنا ودق الطاولة. أضاف عبدالحميد شكراً كثيراً وودعنا الرئيس وبنفس الحرارة التي استقبلني بها ولم يترك لي فرصة لطرح أي قضية سواءً قضية الحملة العسكرية في بيوتنا وقرانا أو المساجين. خرجنا مرفوعي الرأس والتفاؤل يغمرنا وعبدالحميد يؤكد أن كل شيء على ما يرام.
كان الرئيس قد حدد يوم السبت موعدا للمقابلة في منزله الواقع في الدائري الجنوبي امام السفارة السعودية وبجوار منزل الأخ محمد سري شايع و ظلت دوامة الافكار في رأسي وسؤالا كبيرا منتصبا امام توقعاتي..
 لماذا يريد مقابلتي لوحدي.. ماذا وراء ذلك؟.. 
وهو سؤال لا يعني المكروه وسوء  النية ..
يتبع .. الليلة العاصفة
يحيى منصور أبو اصبع
الليلة العاصفة ...
الحلقة (5) ..
يحيى منصور أبو أصبع ...
في منزل أحمد منصور أبو اصبع الكائن في الدائري الغربي. حضر اللقاء عبد الحفيظ بهران وعبدالله الوصابي واحمد قاسم دماج وزيد مطيع دماج. وهؤلاء جميعاً عباره عن اسره واحده تربطها ببعضها علاقات عضويه. وكل واحد منهم يعتبر قضيته قضيتي ومتاعبي هي قضيته ومتاعبه  والجميع في حزب واحد بعد ان سمعوا مني شرحاً وافياً عن اللقاء بالرئيس . كان التربص والقلق وفرك الايدي سيد الموقف.
قال الوصابي قلنا تقييمك يا أخ يحيى ما سمعنا هو شرح لما جرى لكن ماذا تستنتج من مثل هكذا حفاوه واستقبال حار حتى نقدر نتكلم . قلت لهم انا عليا الشرح وتوضيح ما جرى اما ما يكون خلف الاكمة وما بين السطور هذا عليكم، انتم اكبر مني سناً وخبره وتجربه وتواجداً في صنعاء .كان التركيز من الحضور على قول الرئيس أنه سيتقبلني في منزله وفي منزله سيجري الحديث حول كل شيء أما القصر الجمهوري فهو بيت الدولة ، وهنا جرى النقاش والاخذ والرد بالصوت العالي تاره والهادئ تاره أخرى حتى كاد ان يسمع الصياح الى الشارع .وأما عبد الحفيظ فلم يقدر على الجلوس كان يلوي من رأس المكان الى سفله .وكاد يحصل على إجماع على عدم الذهاب (( الى القدر المحتوم )) فما زالت ضيافة الحمدي واخيه جاثمة بقوه في عقولهم وقلوبهم ،وما زالت طازجة حاضره تملأ المكان ومن في المكان بضغط ثقيل يكاد يكتم الانفاس ،أما احمد منصور فكان محملقاً الى السقف ويفرك بنانه ويحك انفه بعنف، ولم يبقى أحد معي  في الذهاب الى الموعد الا زيد مطيع من منطلق أن عدم الذهاب سوف يدمر المنطقة تدميراً شاملاً. واما من في  هذا المكان سوف يتعرضون للاعتقال لان هذه اللقاءات لا شك أن الاجهزة الامنية ترصدها وسوف  نقيم على انفسنا حجه اننا وراء فرار الاخ يحيى من صنعاء ،ثم ماذا نقول للشيخ محمد الغشمي وكان الافضل الا يأتي من البداية .وصل عبد الوارث عبد الكريم ومعه علي مثنى جبران قائد سلاح المدفعية في حصار السبعين اليوم ، تنفس الجميع الصعداء بمجيئ عبد الوارث كونه صاحب الكلمة الفصل واما انا وعلى حد تعبير احمد قاسم مخزن ومسجر ومبلبل وكأني في زفة عرس ،قلت له يا استاذ قالوا بالامثال أقتله بين سبعة عرس. واذا انزلت السماء فوق الارض ما يشل الانسان الا وطن رأسه . تحدث الوصابي لعبد الوارث عن الرأي الغالب عند الحاضرين وهو ان الذهاب مخاطره نحو الهاوية وكلام كثير . الان انت مسؤول الحزب والاستخبارات والامن قلنا رأيك قد احنا مشبوجين واقشين .سكت الجميع وعبد الوارث استمر في صمته ويأخذ اغصان قات من عندي فانفجر في وجهه الاخ عبد الحفيظ بهران بلهجته الابيه هيا للمو الترتاح والترخمة قل شيء قرحك قلوبنا ،فأنفجر الجميع بالضحك . قال عبد الوارث ما هو رأي الاخ يحيى وتقديراته في ضوء لقائه بالرئيس وعاد عبد الوارث للضحك من تعليق عبد الحفيظ. قلت سوف اذهب الى بيت الرئيس وانا على ثقة انه لن يحدث لي أي مكروه واتوقع اني لن اخرج من لقائه الا وقد رفع الحملة العسكرية واطلق السجناء وعندي اعتبارات موضوعية سيراعيها الرئيس واذا ارادني بسوء فليس الان  وانما في غير هذا الظرف . وقلت لهم شعرت والرئيس يستقبلني انه يريد مني شيء لن يجده الا عندي علق عبد الوارث هذا هو القرار الصائب وهو رأي منظمة الحزب وكان الاخ محمد الشيباني هو المكلف بإبلاغه اليكم الا ان مهمات مستعجلة ارغمته على سرعة التحرك الى الحديدة وتعز ولهذا اكتفي بهذا .واستطرد قائلاً وهذا المناضل علي مثنى جبران وصل امس من دمت ومعه رسالة للأخ  يحيى ولمنظمة صنعاء ثم التفت الى على مثنى وقال تحدث الحضور كلهم قادتنا وكبارنا فلا حرج بما تقول قال على مثنى جبران ان رئيس هيئة التعاون الاهلي للتطوير في دمت من بعد خروجه من السجن  انتخب بالأجماع من الهيئة العمومية للتعاون في دمت ثم فتح دفتر كان في جيبه وقراء منه رساله موجزة من ناجي محسن الحلقبي وهو عضو لجنة مركزية في الحزب ومسئول العمل الحزبي والعسكري في المنطقة الوسطى. خلاصة الرسالة أنه غير مسموح ترك السلطة تستفرد بمنطقة جبله وجبل التعكر والربادي  بعد ان يتم لها سحق المنطقة وتشريد السكان سوف تنتقل وبكل ضراوة الى منطقة اخرى ولهذا قد جهزوا اعداد كبيرة من المقاتلين التابعين لمنطقة حبيش الشعب الثوري . للإنطلاق الى الربادي وينتظرون موافقة الاخ يحيى منصور قلت له الف شكر على الاهتمام والتعاون والتعاضد الا أنني في هذه المنطقة لديا قرار وسياسة منذ أول حمله عسكرية في 72 بعدم المواجهة العسكرية تماماً  مهما بلغت الاستفزازات والتحرشات لأنها منطقة حزبية من المخادر الى القاعدة والسياني وذي السفال ومديريات اب  وحبيش وبعدان وينبغي ان نستمر في ابعادها عن العمل العسكري . جرى الحديث في  امور شتى ثم تفرق الجميع وفي اليوم الثاني وكان يوم جمعة ذهب احمد منصور للأخ حمود قطينة وهو صديقه الشيخ  محمد قطينة ،والاخ  حمود قطينة هو قائد قوات الاحتياط اكبر لواء عسكري ووضعه في صوره الموقف وعبر له عن قلقه وخوفه عليا فالتزم له انه سيتواصل مع الرئيس وسوف يوصلني بنفسه الى بيت الرئيس، طبعاً حمود قطينة كان محل ثقة الحمدي وهو نفسه كان من رجالات الحمدي المخلصين ولكن ماذا يفعل وقد وقع الفأس بالرأس . 
ثم جاء يوم الفصل إن يوم الفصل كان مشهودا ،اخذني احمد منصور وعبدالله الوصابي الى منزل حمود قطينه،في الشارع قابلنا الإخوان احمد الكدادي وعايش النصيري وهما من أبطال السبعين اليوم ومن قيادة الحزب العسكرية.اعترضو بشدة على ذهابي إلى الرئيس، وقالوا لقد قتلوا الحمدي وهو قبلة الجيش والشعب ومعبودهما، و علق عايش النصيري قائلا، انت بايدوا لك واحدة حبشية مش فرنسية.  علقت عليهما وشكرتهما على خوفهما عليا و قلت لهم المثل الذي يقول من هم  الموت قتلته الفجايع . 
وصلنا البيت  وظلوا في حديث عن إب بحكم ان حمود قطينة قد تولى قيادة المحافظة عسكرياً لفترة قصيره وقد وصل الى قريتنا في الربادي اكثر من مره هو واحمد منصور واخيه الشيخ  محمد قطينة والكثير من الشخصيات الاجتماعية ذات التأثير الواسع، وكان هو ومجاهد ابو شوارب ويحيى المتوكل على علاقة مباشرة بصدام حسين ومحسوبين على حزب البعث. ثم انطلقنا بطقم حمود قطينة وصلنا بعد اذان المغرب الى منزل الرئيس، جلسنا في غرفة الحراسة في مدخل البيت، كان موجوداً فيها الضباط والقاده احمد فرج، ومحسن سريع، وعلي عبدالله صالح قائد تعز، والشيخ احمد علي المطري ،والشيخ مانع الصيح شيخ منار آنس واخرين والغرفة بسيطة ومؤثثة بأسرة تهاميه خشب سقف النخيل. جرى السلام فقدمني حمود قطينة للحضور هذا الشيخ  يحيى منصور ابو اصبع، فز علي عبدالله صالح قائد تعز من مكانه هو هذا يحيى منصور الذي دوخ بنا أدى لنا الدوار كنت اتصور انه طويل عريض  بدقن مثل كاستروا واذا هو هذا الحبة والربع ( سيارة تيوتا صغيرة الحجم سريعة الحركة ) واضاف ذلحين رجال الذي وصلت عند الرئيس. واضاف عاد الجماعة في إب بيبعثوا تقارير فيها تهويل انك بعت  التعكر لسالم ربيع علي وعندك خبراء كوبيين بس أنا ما صدقت هذا التهويل وتدخل الشيخ احمد علي المطري قائلاً لا تصدقوا هذه الدعايات والتلفيقات على بيت ابو اصبع في اب انا ضامن على يحيى منصور في حال ومال ، اعقلوا هذا من  صبيان ذو محمد ،احمدو الله انه  قدر يدخل ويتزعم في هذه المناطق وهو في الاصل من برط هيا بطلوا هذه الخزعبلات . ارفعوا العساكر من بيوت ذو محمد في الربادي . هذا الحديث من الشيخ المطري اراحني ورفع معنوياتي وبعد عشرين دقيقة جاء محمد الانسي وطلبني انا والشيخ المطري فقط وعلى الاخرين الانتظار وقدمت الشيخ احمد علي المطري قبلي دخلت وقلت له انت  بمقام ابي ولا يمكن أن ترتفع العين على الحاجب. دخلنا الديوان قام الغشمي واستقبلني بالاحضان الى درجة لفت الانتباه الحضور وقدمني هذا الشيخ يحيى منصور ابو اصبع ،كان حاضراً كلاً من عبد العزيز عبد الغني، وعبدالله الاصنج ،وعبد السلام مقبل،والشيخ حمود عاطف، و محمد أحمد الجنيد، ومحمد احمد الكباب اطال الله في عمره واخرين . اجلسني بجانبه وقال لحظة نشوف موجز الساعة السابعة. استمع لموجز الانباء وقام واخذ بيدي نحو الداخل ومرينا بحجرة طويلة ثم حجرة صغيرة حتى وصلنا الغرفة كانت المسافة طويلة رتيبه وكأنها دهر وقد اخذ الرعب والخوف وتوقع النهاية الحتمية  اثناء المشي، كان ماسكاً بيدي دون حديث ولا أشعرني بأنه سيؤخذني الى مكان جانبي حتى لا يشاركنا الحديث أحد . وصلنا غرفة اللقاء غرفة مربعة منارة  بلمبة حمراء وقفت في باب الغرفة والرئيس ذهب لإنارة الضوء فرأيت الغرفة مكتظة بالمسجلات وأجهزة التصوير وكانت هذه الأجهزة ذات أحجام كبيرة في تلك الأيام . فأردت أن أخرج عن وضعي الصعب وأعصابي المقبوضة الموتورة  فتماسكت وتذكرت بيت الشعر ( واذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تموت جباناً ) وقلت هذه الاجهزة  والغرفة يظهر أنها حق التسجيل رد عليا الرئيس نعم لكن أنا لا أسجل عليك أنت، أنا مش مثل صاحبك كان يسجل لقاءاتك معه ( عرفت أنه يقصد الرئيس الحمدي ) قلت في قراراة  نفسي إذاً فهي محاكمة سوف يفتح الشريط حق اخر لقاء بالحمدي الذي حذرته من الغشمي وتحاملت عليه وقلت في نفسي يرحمك الله يا يحيى منصور فقد حاول الاخوان يمنعوني من هذه الضيافة. المهم طار عقلي وذهني في شتى المضارب والمقالب والافاق. فجلس الرئيس على الكرسي وطلب مني  الجلوس أمامه، وقال هيا هات ما عندك أشتي أنجز أمورك حتى ندخل بالحديث وأنت مطمئن بلا هموم عن البلاد . فتنفست الصعداء وقد ذكرت نصيحة عبد الوارث واختي نورية حول رباطة الجأش . قلت له عليا حملة عسكرية عاثت فساداً في البلاد وفي بيوتنا وأخذوا عباد الله الى المعتقلات فهل يرضيك تشرد عوائل ونساء ذو محمد في ضل رئاستك . فأستفز وقال أكتب إلى المحافظ و إلى القائد يرفع الحملة فوراً وإطلاق المساجين . قلت له هل أكتب أنا ؟ قال نعم أكتب الذي تريد وأنا أوقع وأختم. أشار على القلم والبياض فبدأت الكتابة وأنا مش مصدق ( نقلة من الموت إلى الحياة ) هل أنا في حلم . 
كتبت الأخ / محافظ إب      المحترم                    
الاخ / قائد إب               المحترم 
بعد التحيه ،،،
إرفعوا الحملة العسكرية من الربادي وأطلقوا كافة المساجين من أهالي الربادي وجبلة وعلى الفور ، والاخ يحيى منصور يتحرك حيثما يريد بحرية فقد التقيت به وسوينا كل الأمور . 
رئيس مجلس القيادة 
القائد الاعلى للقوات المسلحة 
أحمد حسين الغشمي

قرأتها قال لا مش هكذا بل اكتب أرفعوا الحملة العسكرية عن بلاد يحيى منصور أبو اصبع فوراً وأطلقوا كل المساجين من آل أبو أصبع من دون خسارة أو تكاليف فقلت له المساجين أكثرهم ليس من بيت ابو اصبع. قال المنطقة والمساجين كلهم بيت أبو اصبع، وقلت له نريد اضافة قال ما هي، قلت له اي قضايا أو دعاوى  يتركوها على القضاء قال لا أكتب وأي قضايا أو مشاكل داخلية عسكرية أو مدنية أحيلوها على الرئيس دون أي مسائلة  على الشيخ / النقيب يحيى أبو أصبع . قلت له نكتفي بواحده شيخ أو نقيب قال شيخ على إب ونقيب هنا عند القبائل، وقع الأمر وختمه بالختم وقال هل أطمئنيت. الأن أنا اريدك  وتحدثنا كثيراً استغرق الوقت ساعة كاملة ساتناوله في الحلقة القادمة.  المهم خرجت من عنده وكأني قد صعدت الى السماء الرابعة وحلقت فوق الارض ، شيء لا يصدق خرجت وسائق حمود قطينة في انتظاري، مشينا قليلاً واذا اخي احمد منصور خلفنا ومعه عبد الرحمن عز الدين . نزلت من سيارة قطينة وطلعت سيارة احمد اخي . قال عبد الرحمن عز الدين ليش تأخرت هذا الوقت كله . أحمد اخوك قد مات أكثر من مرة واعتقدنا انك قد لحقت بالحمدي .
يتبع.....
يحيى منصور أبو أصبع

تتمة شهادتي عن عبدالوارث عبدالكريم والرئيس الغشمي
الحلقة (6)..
يحيى منصور أبو اصبع..
أعود للجلسة السرية الخاصة مع الرئيس ومفاجآتها السرية وقال الرئيس يا أخ يحيى أنا با أكون صريح معك وصادق ولا أريد أحد يعرف ما يدور بيننا وعهد الله بيننا من أي خديعة أو خيانة حتى نبني دولة القبايل لمائتين سنة أنت من جانبك وأنا من جانبي. وتوقف لحظة يبحث عن شيء وضغط  مفتاح الجرس وأطل الآنسي. قال له اعطني الدفتر الصغير وفتح صفحات من الدفتر. فقلت له وأنا من جانبي ما الذي أقدر عليه. قال عليك مهمات كبيرة أولاً أريدك تمسك الجبهة القومية من رقبتها (وأشار بيده على رقبة الكوت ورفعه عن الرقبة) هكذا وأنا أمسك الشمال ونلتقي على بناء دولة قبلية وطنية قوية تقود اليمن الواحد الموحد وسيكون دورك مهم في مسك الجنوب والجنوبيين عندما تمسك الجبهة القومية أنت بنفسك.
أصابني الذهول وطار عقلي في كل اتجاه وصرت في حيص بيص ماذا أقول ما هو الرد أنا فين والرئيس فين وبسرعة البرق تذكرت نصيحة عبدالوارث (تصرف برباطة جأش ولا تخرج منك الكلمات إلا محسوبة ورصينة وهادئة) قلت له يا فخامة الرئيس هذا الموضوع مهم وخطير ويحتاج إلى تفكير وتدبير فأرجو أن تترك لي فرصة لأرتب عقلي وفكري، فقد أخذتني المفاجأة في كل منعطف مع احترامي الكامل للثقة الغالية التي منحتها لي بهذا الكلام، قال طبعاً خذ راحتك وفكر بالأمور وكيف وما هي البداية والإمكانيات، وأضاف ما رأيك خذ لك أسبوع واذهب إلى إب وسافر البلاد واطمئن على كل أمورك وتعود إليا وخذ الرقم الخاص من الآنسي. قلت له هذا عين الصواب، ثم أضاف الرئيس بعد أن قلب بالدفتر صفحات قليلة وقال عندي أسئلة ما أحد يعرف يجوب عليها بصدق إلا أنت، فقلت له تفضل تحت أمرك، قال متى عرفت الجبهة القومية، قلت من يوم ما تشكلت وانطلاق الكفاح المسلح في ردفان في أكتوبر 1963. قال الرئيس أنا أعرف يوم تشكلت في صنعاء في وزارة الإعلام وكنت مجند وأمرونا أنا ومحسن سريع والقاضي من بني حشيش وآخرين نحرس الاجتماع في باب الوزارة وعرفنا قحطان الشعبي وكان كبير المجتمعين وسمعنا أن هؤلاء با يحرروا الجنوب من بريطانيا التي تحارب ثورتنا. قلت له أنا عرفتهم شخصياً في إب في بيت مطيع دماج (كان محافظ إب) قال خلاص قد جزعوه (قحطان).الآن اخبرني عن معرفتك بالذي يحكمون وذكر أسماء سالمين وعبدالفتاح وعلي ناصر ومحسن الشرجبي وعلي عنتر وصالح مصلح وآخرين، واستمر يسرد أسماء من الجبهة القومية حق  الشمال ويسمون أنفسهم الجبهة الوطنية وأخطرهم الهمزة وجار الله عمر وسلطان احمد عمر  أريد منك توضح لي عنهم في لقاءنا القادم، وعاد مرة أخرى ليقول شوف عبدالفتاح هذا خطير وهو ذي يعلمهم الفلسفة والشيوعية حق الروس والصين وكوبا وسالمين زعلان على صاحبه الحمدي إنما عليك إقناعه أني با أكون معه أحسن من الحمدي وهو قبيلي من أبين وأضاف كيف تعرفت عليهم كلهم، قلت له من جبلة كانوا يترددون على جبلة أيام الكفاح المسلح وبعد الاستقلال لما اختلفوا مع قحطان جلسوا عندنا بعضهم في بيتنا وآخرين في بيت عبدالله الوصابي وبعضهم في النقيلين في بيت دماج. قال من جلس في بيتكم قلت له سالم ربيع علي وعادل خليفة وعبدالله الخامري وآخرين من الضالع، قال إذاً علاقتك بسالمين جيدة. قلت له نعم وبالآخرين فقال جهز نفسك للقاء القادم.
وخرجت دون المرور على الديوان اتبع الآنسي وكما ذكرت سابقاً كنت قد طلعت سيارة أحمد منصور والذي بدا السرور والفرحة على وجهه ووصلنا منزل أحمد قاسم دماج وكان موجود الوصابي وبهران وبدأت أخزن لأني لم أتعاطى القات من أجل لقاء الرئيس عرفت نورية أختي بوصولي وسلمت عليا وهي تضحك من شدة الفرحة والدموع تنهمر من عينيها مثل المطر وأضافت هؤلاء الجماعة قد أدو لي الجنان، اعيوك اطمنهم حلفت لهم أنك راجع سالم غانم، وبدأنا الحديث قال عبدالحفيظ سأذهب لأخبر عبدالوارث قد بعث برسول بعد رسول يسأل عن المصير .
وصل عبدالوارث مع عبدالحفيظ وقال الحمد لله لقد تنفست الصعداء وأضاف يا أمان الخائفين أيش من بلاد وأيش من رئيس وأيش من جنان إلى متى بلادنا ستظل رهينة الخوف والفجائع هكذا.
شرحت لهم دون أن أفصح عن الأمور الخاصة التي قال الرئيس تظل بيني وبينه ومن وجهة نظري حتى أنزل وأرتب الأمور وأعود إلى صنعاء واتخذت قرار أن لا أحدث أحد إلا عبدالوارث ومحمد سالم الشيباني وعبد الحميد حنيبر  وقناعتي ليس بالضرورة أن تعرف قيادة منظمة صنعاء كلها  وغيرها بما جرى بيني وبين الرئيس حتى لا تتسرب وتخرج عن النطاق المحدود أضف إلى ذلك أن ما يريده الرئيس لم نستكمل الحديث حوله فالوقت في تلك الليلة العاصفة كان متوتراً للغاية أثناء الحديث والدهشة من وقع المفاجأة باستقبال الرئيس والمواضيع الخطيرة التي حدثني بها ثم استعجالي على حل مشاكل المنطقة ورفع الحملة العسكرية وإطلاق السجناء من خلال الأمر الرئاسي الذي صار بجيبي بمعنى لم أكن متأكد أني سأخرج من اللقاء وأنزل إب وأتحرك بحرية فالحالة النفسية والعصبية والذهنية كانت تسبح في آفاق شتى ولهذا حاولت أوحي للرئيس أن لقائنا اليوم فاتحة فقط ولقاءاتنا القادمة سوف تتوسع وتطول اللقاءات كما يرغب الرئيس وما كان عالقاً في رأسي هو أن ردودي الواضحة ستأتي بعد استشارة قيادة الحزب.
أعود إلى منزل أحمد قاسم وجلستنا، كان أكثر الحضور سروراً بسلامتي ومفاجأةً بصيغة الأمر الرئاسي إلى مسؤولي إب ليس الإشارة إلى رفع الحملة العسكرية وإطلاق السجناء إنما العبارة الواردة في الأمر التي تقول (بأن أي قضايا أمنية أو عسكرية أو اجتماعية على الشيخ يحيى منصور ابواصبع  احيلوها على الرئيس ولا تتدخلوا فيها إلا من باب العلم) كان عبدالحفيظ يضحك حتى يتمدد على الأرض والوصابي يعلق قائلاً لي إذهب واقتل من تريد واعمل كل (العبيطريات) وادخل مراكز الدولة دون خوف. يا إلهي أين وصلنا!!
صاح عبدالحفيظ أين زيد مطيع يجي يكتب قصة أو رواية أحسن من طاهش الحوبان عن الفنطسية التي معنا.
في هذه اللحظة وصل زيد وبعد قليل جاء عبدالرحمن عزالدين وأخبرني أنه قد صور الأمر عشرات الصور وأرسلها شرقاً وغرباً وهذا عمل متسرع قبل وصول الأمر إلى إب. علق زيد مطيع بعد أن قرأ الأمر الرئاسي هذا نصر للأخ يحيى والمنطقة إنما أن يصور الأمر ويوزع قبل وصوله للمسؤولين فهذا غلط وحماقة إذا تسرب الأمر للاستخبارات وأبلغوا الرئيس فلا نعرف ردة فعله، قال عبدالوارث هذا عمل متهور مدفوعاً بالفشرة والهنجمة وحسن النية ولذلك اقترح أن يتحرك الأخ يحيى فوراً بحيث يقابل المسؤولين في إب من بدري وحتى قبل الدوام وبالتالي نبطل مفعول أي ردود سلبية في هذا الموضوع وعند عودته سوف نناقش موضوعات الرئيس والأخ يحيى. تحركنا إب على سيارة الأخ علي قاسم علي البود الذي كان قد وصل مغرب ذلك اليوم مرسل من عمي عبدالواحد أبو اصبع وقيادة المنطقة الذين هم في حالة قلق وهم يحسبون الدقائق والساعات بحساب السنين لتقديراتهم أن من دخل صنعاء أكلته الكلاب وقال علي قاسم أن لقاءاتهم في أحد المنازل في عرض جبل التعكر ضم عدد كبير من قيادة المنطقة بحضور عبدالواحد أبو اصبع ونعمان علي العفيف وعبده غالب سلام ومحمد عبده علي وعبده سعيد إسماعيل (الأشبط) ولم يحضر الآخرون حتى لا نضع البيض في سلة واحدة، وأضاف علي قاسم أنه لو جرى مكروه ليحيى منصور فإن منظمة جيش الشعب الثوري التابعة للحزب الديمقراطي ستفجر الوضع برمته بما في ذلك مدينة إب. وصلنا السحول خارج مدينة إب قبل الفجر، اتفقنا أن ننام قليلاً لأن يومنا سيكون مليء باللقاءات والاستقبالات والضجة ستكون هائلة على كل المستويات. أي رفع الحملة وإطلاق المساجين مجاناً ووصول يحيى منصور إلى مدينته ويستقبله المسؤولون الذين قد اتخذوا قرارات باعتقاله أو قتله كمخرب وشيوعي وعميل للجنوب. لم يترك لنا علي قاسم فرصة للنوم وهو المعروف بالفرفشة والنكات وزاد معه محسن عبده حسن لا يكفان عن الضحك والنكات على كل شيء. طردتهم من السيارة وذهبوا بعيداً بحيث لا أسمعهم وفعلاً حصلت على ساعتين من النوم. أصبحت وأنا بكامل طاقتي وهدوئي أخذنا عبدالرحمن عزالدين إلى منزل عبدالله البشيري قائد محافظة اب في المنضر بمدينة إب، اطلع على أمر رئيس الجمهورية. ارتاح وضحك ودعاني للفطور، اعتذرت له وقلت له من الأفضل أن نقابلك في مركز القيادة في مكتبك وفعلاً قابلنا في مكتبه الساعة الثامنة وعنده عدد من ضباط الجيش بعضهم رفاق أعزاء أمثال محمد عزيز البرح وعبدالله محرم، وكنت مسؤول عنهم حزبيا، إلا عبدالله البشيري قائد اب فكان في حزب الطليعة الشعبية الذي انفصل عن حزب البعث وأصبح مع بقية فصائل اليسار جزء من الحزب الاشتراكي اليمني في مارس 1979 وهو صديق ورفيق لعبدالرحمن عزالدين. رحب عبدالله البشيري بتوجيهات الرئيس ووجه السكرتارية بصياغة أوامر رفع الحملة وإطلاق المساجين من أجل يوقع عليها المحافظ وهو باعتبار الأمر الرئاسي موجه لهما معاً، وودعني بعد أن اتصل إلى المحافظ وقال أن المحافظ ما زال في بيته لا يرد، قلت له سوف أمر على مدير أمن إب محمد قايد العنسي وهو قريب من الحركة الوطنية ومتأثر بإبراهيم الحمدي وصلت إدارة الأمن فهب الضباط من كل جهة للسلام عليا لأنهم قد اطلعوا على أمر رئيس الجمهورية وإلا ما كان أحد ليجرؤ على السلام عليا لأنني مطلوب حياً أو ميتاً وهذه الملاحظة قالها الرفيق العزيز محمد علي طه النزيلي أطال الله في عمره وكان في حينه مسؤول القطاع العسكري للحزب في مدينة اب وهو شخص مثقف ومطلع ومتابع ومن أفضل الرجال وطنية ونزاهة وكفأة.
بعد برهة من الوقت وأنا في مكتب مدير الأمن الذي لم يكن موجوداً وقيل أنه في تعز واستقبلني نائبه إبن عبدالمغني بحفاوة زائدة عن اللزوم وفجأة تغير الموقف وتغيرت ملامح وجهه ومعه عدد من ضباط الأمن وكلهم معروفين وأخذني على جنب وقال صدرت تعليمات من محافظ إب بإلقاء القبض عليك وإيداعك الزنزانة، قلت له عادي جداً خذ هذه جنبيتي وهذا مسدسي وقودني إلى الزنزانة، شكرني وقال ستبقى في هذا المكتب حتى عودة مدير أمن إب سيعود من تعز هذا اليوم وأضاف أنه نبه المحافظ إلى أمر الرئيس ولم يسمع أو يتراجع بل أكد على وضع الحراسات المشددة والكثيرة والاستعانة بالجيش والشرطة العسكرية لأن أصحابه يمكن يهجموا على الحبس وإطلاقه بالقوة. حدث انزعاج وربكه وبلبله لها  أول وليس لها آخر وهناك من يقول أن الرئيس الغشمي هو من أمر مسؤولي إب باعتقالي. والإخوان في صنعاء وقعوا في حيص بيص ومنظمة الحزب وكل الوطنيين والطيبين استعدوا لتظاهره وكنت أخشى من تسرع الرفاق في الربادي وجبلة، طلبت من علي قاسم التحرك ويقول لهم أن في الموضوع سوء فهم وينتظروا دون عمل شيء وستتجلى الأمور بسرعة. 
يتبع الحلقة (7).. 
يحيى منصور ابواصبع...
شهادتي عن عبد الوارث عبدالكريم و الرئيس الغشمي..
الحلقة (7)..
يحيى منصور ابواصبع..

جائني عبدالرحمن عزالدين وأنا في السجن ومعه محمد  محسن عبده الحاج الرحبي من القيادات الحزبية الأساسية في جبلة بل هو من المؤسسين لحركة القوميين العرب بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م في مدينتي جبلة وإب حيث تكونت في وقت واحد في المدينتين قال لي أنا دخلت إب بالصدفة  فضلت قبل عودتي إلى جبلة أن أراك وما العمل قلت له فرصة أحمل رسالة للأخ صالح دحان المحيا سكرتير أول مديرية جبلة بإبلاغ جميع أعضاء الحزب والمنظمات التابعة بعدم إثارة أي تحركات فيها سلاح أو التهديد به وإذا تحركت منظمة إب في تظاهرة تتحرك جبلة معها وفي إطاراها  المسموح به وهو  التحرك الشعبي السلمي فقط وإن طال حبسي وطبعاً هذا الموقف احتياط إذا جرت الأمور في غير مجراها الطبيعي.
ولم تمض ساعة على حبسي إلا ونائب مدير الأمن يعطيني التلفون بأن المحافظ القاضي أحمد محمد الشامي  على الخط، عرفت أن الرئيس قد اتصل به وانتقد تصرفه بحبسي. أخبرته  بأني أرفض الحديث معه. اتصل المحافظة مرة ثانية وثالثة وبعد لحظات أرسل عدد من أعضاء المجلس المحلي للتطوير حيث كان ذلك اليوم موعد الاجتماع الأسبوعي وفي مقدمة الوصالة الشيخ عبدالعزيز الحبيشي والشيخ محمد قاسم العنسي والأستاذ العالم الجليل محمد بن يحيى الحداد والشيخ علي إسماعيل باسلامه. وقالوا تفضل المحافظ في انتظارك وقد علقنا الاجتماع حتى يراك المحافظ وأضاف الشيخ عبدالعزيز أن الأستاذ محمد علي قعطبة رفض الحضور معنا لاعتراضه على حبسك من الأساس.
رحبت بالوصالة ورفعت وصلتهم على العين والراس واعتذرت بأدب جم وباحترام كبير للوصالة وأخبرتهم أني لن أخرج من محبسي إلا إذا أطلقني الرئيس بنفسه، اتصل محمد قاسم العنسي بالمحافظ وأعلمه أني لن أخرج من محبسي إلا بأمر الرئيس وبعد لحظات أعطاني نائب مدير أمن إب سماعة التلفون وقال الرئاسة معك، قيل لي انتظر سيحدثك الرئيس، ضحك الرئيس على حبسي وقال المحافظ فهم الأمر بتفسير مختلف وقد اعتذر اذهب وقابله فقد شغل روحي من أجل اللقاء بك، قلت للرئيس على الرحب والسعة، وأضاف معك أسبوع تخلص أمورك وتعود إلى صنعاء، ذهبت أنا والوصالة إلى مبنى المحافظة (البرندة) وهي عبارة عن بيت ومكتب المحافظ وقد بناها الحسن ابن الإمام يحيى، كان مع المحافظ الوالد الشيخ محمد أحمد الصبري الأمين العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير لمحافظة إب وهو بالنسبة لي أب بكل ما تعني الكلمة، قلت للمحافظ استمروا في الاجتماع إلا أن الشيخ الصبري والحبيشي وباسلامه فضلوا تأجيل الاجتماع إلى يوم غداً.
اتصل المحافظ بالقائد عبدالله البشيري لحضور اللقاء جاء البشيري والأوراق بيده برفع الحملة العسكرية والإفراج عن كافة المساجين من جميع السجون (سجن الزاجر وسحن السد في إدارة أمن إب وسجن قاع الجامع وسجن جبلة وبدون غرامات أو رسامات (الرسامة مبلغ من المال يدفعه السجين عند دخوله السجن وعند الخروج).
وطلب المحافظ من القائد متابعة سرعة الإفراج عن المساجين بنفسه، كانت الساعة العاشرة والنصف ولم يأتي أذان الظهر إلا وجميع السجناء محررين طلقاء من جميع السجون حسب تأكيد قائد إب عبدالله البشيري، وهذا ما تم بالفعل، كان المحافظ قد أصر على ضيافتي للغداء وحاولت الاعتذار إلا أن الشيخ محمد أحمد الصبري أصر على تلبية الضيافة وأيده المشايخ الحبيشي والعنسي فاشترطت وجودهم للغداء وهذا ما تم، وأعتقد أن من المفيد الإشارة إلى العلاقات القوية التي تربطنا بهذه الشخصيات وخاصة مع الأخ أحمد منصور، فالشيخ عبدالعزيز الحبيشي من ثوار سبتمبر 1962 ومع الثورة والجمهورية بصورة مصيرية وهو يعتبر في مدينة إب الأب الروحي للشباب والرياضة والأيتام، والشيخ محمد قاسم العنسي من أسرة عريقة في العلم والتاريخ الوطني وهم ينحدرون من بيت العنسي في برط وهذه الأسرة جمعت بين القيادة والقضاء فهم هجره وقضاة لحل مشاكل ذو محمد وذو حسين وهم قادة سياسيين وعسكريين قادوا ذو غيلان (ذو محمد وذو حسين) في معارك وأحداث القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حين تضعف شوكة المشايخ التاريخيين لذو غيلان وهم بيت أبو راس وبيت الشايف ومن يعود لكتاب حسين العمري (اليمن في المائة سنة) يعرف هذه الحقائق، والشيخ علي إسماعيل باسلامه من أسرة عريقة كان جده قائم مقام أيام الاتراك وأبوه شخصية فذة لا تزال الناس يذكرونها  على مدى الأيام والشيخ محمد أحمد الصبري رئيس تعاون إب بالانتخابات التعاونية، علاقته بالحزب قوية منذ حركة القوميين العرب وكان على علاقة وثيقة بالشيخ مطيع دماج وأمين أبو راس لعلاقة الجميع بالمصريين. كما أن أسرته معظم شبابها بالحزب ومنهم أبنائه الدكاترة قاسم محمد أحمد الصبري وعلي محمد أحمد الصبري وهما من القيادات الجامعية والحزبية المرموقين .
وأما الأستاذ والعالم الجليل والمؤرخ محمد يحيى الحداد شغل وزيراً للأوقاف ووزارات أخرى في العصر الجمهوري وهو لا شك تعلم على يد عمه عالم اليمن الكبير عبدالرحمن الحداد الذي يعتبر الأستاذ والأب الروحي  لمحمد علي الربادي. كما أن أسرة بيت الحداد في إب قد انتسبوا في الحزب الديمقراطي شباباً وعلماءً وفقهاء فعلي بن يحيى الحداد عضو في حزبنا مسؤول العمال والمهنيين والحرفيين لثقافته العمالية والنقابية الواسعة والدكتور العقيد في حينه عبدالرحمن الحداد من أبطال حصار السبعين ومن القيادات الفكرية والثقافية في الحزب الديمقراطي، وأذكر من الجيل الذي أتى بعد هؤلاء العمالقة محمد عبدالرحمن الحداد وعبدالرحمن بن علي بن عبدالله الحداد والدكتور أحمد أبوبكر الحداد والعشرات وغيرهم من كوادر وقيادات الحزب الديمقراطي.
أعود إلى مقيلي أنا والأخ المحافظ وقد طلب أن أكون أنا وهو فقط وفي أثناء المقيل تحدث المحافظ بمرارة عن الأوضاع وأن دولة النظام والقانون التي نادى بها إبراهيم الحمدي انتهت وأن حكم اعراف القبيلة عاد من جديد ويطلق على أحكام القبيلة (حكم الطاغوت) وفي معرض حديثه تحدث عن سبب إصداره الأوامر باعتقالي وهو أن الرئيس يقول للمسؤولين ومنهم المحافظين إذا جاءتكم مني أوامر محرجة وغير معقولة فلا تنفوذها لأن حامليها ينتزعونها مني بوجه الحياء والإحراج، وأضاف أنه يعرف جار الله عمر وكثير من الإخوان في الجبهة الوطنية وعبر عن رفضه وكراهته لما كان يسمى بالجبهة الإسلامية كونها وهابية وممولة سعودياً.
بعد صلاة العصر جاء كاتب المحافظ يخبر المحافظ أن الأستاذ محمد علي الربادي ومحمد أحمد عبود باسلامة ومحمد علي قطعبة ومحمد علوان وأحمد قاسم المنصوب وعلي عبده عمر ومحمد علي القحصة في الباب يريدون الدخول، قال المحافظ هيا كيف تشوف ياشيخ يحيى وهؤلاء الكبار قادمون، قلت له طبعاً نجلس معهم ونؤجل مقيلنا وحديثنا إلى فرصة أخرى.
سلمنا على الأستاذ محمد علي الربادي ومن معه وقمت من مكاني أفسح للأستاذ الربادي فرفض وأعرت مكاني بجانب المحافظ على أي من الوصالة، حسم الأمر الربادي وجلس وسط المكان أمام المحافظ وقال نحن لم نأتي للمقيل معكم، معي ومع الإخوان كلمة نقولها ونذهب كلٌ إلى وجهته، في هذه اللحظة وصل القاضي فضل محمد الإرياني ويحيى عبده الصباحي ومحمد الشعيبي ومحمد الغشم وعلي إسماعيل حسين وبعد السلام والترحيب قال الأستاذ الربادي أنا مفوض لمن يريد الحديث من الحضور ونكتفي به، صاح الحضور كلنا اخترناك وفوضناك بالحديث عن مدينة إب كلها وصاح محمد علوان قد فوضناك ياربادي في الدنيا و الاخرة. 
قال الربادي موجهاً الحديث للمحافظ، نحن عرفنا الأخ يحيى منصور منذ كان مدرساً بعد خروج المصريين من اليمن وحتى اليوم نعلم علم اليقين أنه يرفض أعمال التخريب ويرفض اللجوء إلى العنف  في القضايا السياسية والاجتماعية وهو مسؤول عن منظمة حزبية موجودة في إب وجبلة، فقاطعه محمد علي القحصة قائلاً الحزب الديمقراطي الثوري للمو عاد المغمغة ووافقه الربادي، وواصل .هذه المنظمة وخلال السنوات العشر الماضية أي منذ تأسيس الحزب إلى اليوم لم تدعو للعنف ولم تحمل السلاح وتدعو إلى الحوار والسلام والاستقرار وحتى حين كانت الحملات العسكرية تتكرر  مرات عديدة إلى الربادي بحثاً عن يحيى منصور لم تقابل إلا بالترحاب والسمع والطاعة ولم تنفجر قذيفة ولم تطلق رصاصة في وجه الدولة ويسلمون الزكاة والرسوم والضرائب وكل ما تريد الدولة بالحق والباطل إنه تجمع سياسي غير الذي في المنطقة الوسطى أو شرعب أو غيره من المناطق المجاورة للمحافظة حيث تدور هناك اشتباكات وتستخدم الأسلحة من الأطراف المشتبكة أما هنا فلم نسمع إلا العمل الثقافي والسياسي والاجتماعي والدعوة إلى الشراكة وإلى الحوار مع السلطة وعندما أتيحت فرصة للانتخابات كانت منظمة الحزب هي السباقة للدخول في انتخاب مجلس الشورى عام 1970 وفاز مرشح الحزب الديمقراطي عبدالحفيظ بهران كمرشح مستقل لأن الحزبية محرمة في الجمهورية وبأغلبية كاسحة أمام منافسيه كبار شخصيات المدينة والجميع قبل بهذه النتيجة واحترام إرادة الناخبين وبعملية انتخابية حرة ونزيهة وشفافة وكنت أنا عضو في قيادة اللجنة الانتخابية.
تدخل محمد علي قعطبة قائلاً ومع ذلك رفضت الحكومة في صنعاء رفضاً قاطعاً وطالبت بإلغاء نتائج الانتخابات لأنها حزبية فلم يكن رد فعل المواطنين ومنظمة الحزب الدعوى لفرض المرشح الفائز بالقوة أو الدعوة للعنف.بل اللجوء إلى العمل  السلمي الشعبي في التظاهرات و الإضراب العام الشامل والمظاهرات السلمية وعلى مدى ثلاثة أيام توقفت الحياة تماماً في المدينة حتى أصحاب الطواحين وأصحاب الحطب وكافة فئات الشعب حتى أجبروا سلطة صنعاء على القبول بالنتائج. 
ومن رأس المكان صاح فضل محمد الإرياني قائلاً هل تعلم يا محافظ كم حصل عبدالحفيظ بهران من عدد الأصوات وكم حصل أقرب منافس له .. قال المحافظ كم أمانة .. قال فضل الإرياني حصل بهران على ألفين وثمانمائة صوت وحصل المنافس الذي بعده بالترتيب على ستين صوت وبعده الثمانية المنافسين الآخرين، وعلق محمد احمد عبود باسلامة وقال وفي الانتخابات التعاونية أيام  الحمدي نفس الشيء فاز مرشحو الحزب المستقلون في كل من مدينة إب والسياني وجبلة والمخادر وغيرها، وختم الأستاذ الربادي حديثه  بالقول هذه المعارك الانتخابية والسياسية هي التي خاضها ويخوضها الأستاذ يحيى منصور أبو اصبع وأجزم أنه لم يلجأ ولن يلجأ إلى العنف مستقبلاً لقد أخبرنا نائب مدير أمن إب على إصرار الأخ يحيى منصور على تنفيذ أمر المحافظ بسجنه في الزنزانة احتراماً للأوامر الرسمية وختم الحديث علي عبده عمر بالقول وتأكد يا أخ المحافظ أنه لولا حكمة الرئيس بسرعة إطلاق الأخ يحيى منصور كانت ستخرج أكبر مظاهرة وكنا نحن جميعا  سنشارك فيها وقد صاح الجميع نعم .
وجاء سكرتير المحافظ أن عدد من المشايخ ومن المساجين المفرج عنهم وهم كثير في الشارع في باب المحافظة ملان قال المحافظ ما رأيك يدخل شخص يمثلهم، قلت له صعب فهم من مناطق مختلفة، قال الأستاذ الربادي نحن نفسح للقادمين الجدد فهم أصحاب منطقتي الأصل الربادي فقال المحافظ هل انت اصلا من الربادي قال نعم و لا زال أعمومي  وإخواني في الربادي  ومنهم من كان في السجن، أخذ المحافظ الكشف من السكرتير حق الشخصيات المسؤولة والكبيرة الذي يريدون الدخول وقال لي خذ الكشف وأشر على خمسة، اطلعت على الكشف وقلت للمحافظ عشرة عدد يغطي وسيخرجون عقب السلام، وافق وقد أشرت على التالية أسمائهم:
محمد بن لطف الهبوب، وإسماعيل يحيى مجلي ،وعبدالرقيب عقيل، وعبده يحيى ثابت ،وهؤلاء في قيادة هيئة التعاون الأهلي للتطوير في مديرية جبلة، وأحمد علي عبدالباقي الشهاري، وفيصل عبدالحميد أبو اصبع ،وحمود حسن سلام ،وعبدالله بن حسن خرصان،و وازع عبدالحميد ابواصبع، ومحمد أحمد حسن الحلياني ،ومنصور القادري، وعبدالله عبدالجليل البخيتي ،وعلي بن يحيى السقاف،وفيصل الخولاني،و مهيوب السعيدي،هؤلاء هم مشايخ ووجهاء مديرية جبلة، إلا أن الأخ عبدالرحمن عزالدين أدخل دفعة جديدة بحيث ازدحم المكان تماما فبدلاً من دعوة هذه الشخصيات المعتبرة إلى الجلوس  قمت أنا واستأذنت من المحافظ وخرجت طالباً من الجميع أن يشرفوني في بيتي في جبلة أو الربادي كل حسب ظروفه،فتوادعنا انا والاخ المحافظ، وفي باب المحافظة التقيت بالشيخ محمد عبداللطيف بن قايد بن راجح،والشيخ احمد نعمان البعداني،والشيخ نعمان السميري،فشكرتهم على تضامنهم واتجهت الى جبلة ، وللعلم أني احتفظت بأفضل العلاقات مع الأخ المحافظ القاضي أحمد محمد الشامي مؤسس حزب الحق بعد الوحدة اليمنية وحتى وفاته رحمه الله.
عدت إلى صنعاء وأخبرني عبدالحفيظ أن عبدالوارث عبدالكريم ومحمد سالم الشيباني يريدان اللقاء بك قبل ذهابك إلى الرئيس والتقيت عبدالوارث وقال أن محمد الشيباني ذهب مع آخرين يعالجوا مشكلة عبدالله عبدالعالم وسلاح المظلات فقد بدأت تظهر أزمة كبيرة لأن الطرفين يمسك السلاح ونحن نريد تهدئة الأوضاع لأن سلاح المظلات تحت سيطرة رفاقنا في معظمه ونريد تجنيبه ويلات الصراع فيكفي الضربات المتواصلة بهذا السلاح خلال العشر السنوات الماضية ووجود المظلات في غاية الأهمية لخططنا القادمة، قلت له وهل لنا مخططات عسكرية قادمة ، أجاب سنبلغك في حينه.
يتبع الحلقة (8) ...
 يحيى منصور ابواصبع..
تتمة شهادتي عن عبدالوارث عبدالكريم والرئيس الغشمي..
الحلقة (8)..
يحيى منصور أبو اصبع..

أضاف عبدالوارث عليك اللقاء بالرئيس عند استيفاء الأسبوع حسب طلبه وأرى أن تركز على بعض النقاط ومنها :
قل للرئيس إذا المراد أن أتمكن من التأثير على الإخوان في الجنوب وفي قيادة الجبهة القومية والجبهة الوطنية فلا بد من أن تحقق لي بعض المطالب حتى يلمسوا أن لي تأثير وفعالية لدى الرئيس الغشمي وواصل عبدالوارث أمور كثيرة وختمها لا توعد الرئيس بأشياء لا تقدر على الوفاء بها ثم اختم حديثك مع الرئيس بالقول (يا فخامة الرئيس ما هو حدود طرحي للقضايا التي طلبتها مني ومع مَن مِن القيادات حق الجبهة القومية والجبهة الوطنية، وما هي المساحة المتاحة لتحركي حتى لا أقع في الخطأ.
وختم عبدالوارث حديثه أرجو أن ذاكرتك تحفظ كل ما يتحدث به الرئيس.
وفي اليوم التالي اتصلت بمكتب الرئيس قالوا سوف نتصل بك، بعد ساعتين اتصل الرئيس قال لي قد أنت في صنعاء، قلت له نعم، قال غداً تعال إلى قرية ضلاع الغداء هناك معنا ضيوف.
كان أخي أحمد منصور بجانبي فطبزني من أجل العزومة، قلت للرئيس آتي لوحدي أو مع أخي أحمد منصور لأن معه سيارة قال أهلاً وسهلاً هو صاحبي مثلما كان صاحب الحمدي وهو صاحب الناس كلهم، ذهبنا إلى منزل أحمد قاسم دماج وجدنا عنده الأخ يوسف الشحاري والأخ عبدالله الصيقل. دخلت على أختي نورية وأخبرتها أنني غداً في ضيافة الرئيس الغشمي في ضلاع همدان، صاحت أختى لا لا تذهب للغداء كفاية الغداء حق الحمدي فسمعها يوسف الشحاري وقرح ضحكه مجلجلة وتبعه الآخرون بالضحك وصاح لا تقلقي يا أم هاني كلنا مدعوون وكلنا إلى حتفنا سائرون وفي ضلاع طائرون . حتى زوجك وجئنا لإقناعه وهو رافض قالت نورية لمو قد حب يجمعكم كلكم علق عبدالله الصيقل مثلما جمع محمد علي باشا المماليك في ضيافة غداء وواصل يوسف الشحاري الحديث مع أختي أم هاني متسائلاً أمانة على من افتجعت اكثر على أخيك لما غامر والتقى الغشمي أو على زوجك لما جاءت الأخبار بأنه قتل في صعده عندما ذهب لقتال الملكيين مع أصحابه أهل برط .. قالت لما كان أحمد قاسم في صعدة ماكناش نحصل على الأخبار إلا بعد أيام .. اليوك يجزع أخي من عندي واحنا في قلق وتوتر في نفس اللحظة، وفعلاً في الستينات أيام الحرب مع الملكيين ذهب أحمد قاسم دماج إلى صعدة والتي كانت قد سقطت بيد الملكيين مع أهالي برط لاسترجاع صعدة فأصيب بطلقة نارية ألحقت به جروح فاضطر إلى العودة إلى صنعاء للعلاج وبعد مغادرته صعدة بأيام تحاصر أصحابنا في قلعة عكوان شمال شرق صعدة أربعين يوما. المهم عرفنا أن الرئيس عامل ضيافة كبيرة للشخصيات السياسية والأدبية والثقافية ورجال الدولة على شرف وفد الأدباء العرب برئاسة أودنيس، ذهب الكثير من المدعوين وتغيب آخرون ومنهم الأخ أحمد قاسم دماج بحجة مالوش نفس لرؤية النفاق حاول الشحاري وزيد مطيع فترك الجميع وخرج من البيت، قالت لهم أختي مافيش فايدة اللي براسه ما يتغير.. ذهبنا للغداء وعند وصولنا رأيت الأستاذ والصديق عبدالحميد الحدي قال لي ها أمورك سابرة على ما يرام .. حافظ على العلاقة مع الرئيس ولا تصدق بعض المداليز الذين تعودوا على الغاغة والقتل والقتال ، ومشينا إلى باحة الديوان الكبير الجديد رأينا الشاعر عبدالله البردوني وعثمان أبو ماهر ومحمد يحيى الشرفي كلهم من الشعراء المعروفين وكان معهم الشيخ محمد يحيى الرويشان . وذكرت اغتيال الشهيد إسماعيل الكبسي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الثوري اليمني وكانت الأخبار قد أفادت أن المحافظ الرويشان هو وراء العملية وأخبار تنفي ضلوعه وجاء مجموعة من المشايخ يسلمون على البردوني منهم عبدالوهاب سنان شيخ أرحب ويحيى راجح بن سعد من بني ميمون (عيال سريح) والضلعي وعبدالولي القيري من اليمانيتين خولان وكلهم أصدقاء ومتابعين لقضيتي فانفردت بالشيخ عبدالولي القيري وأخبرته عن إسماعيل الكبسي لأنهم من منطقة واحدة لأن الكبس قرية إسماعيل جزء من اليمانيتين وهو مطلع على العملية وقلت له أريد أعرف دور الأخ الشيخ ناجي الرويشان فافادني  بأن الشيخ المرحوم  ناجي الرويشان أكد له انه ليس له علاقة على الإطلاق وإنما أجهزة المخابرات اغتالوه لأنهم كما تعلم قلقين جداً من نشاطه الحزبي وعلاقته بالجنوب  ، أعرف أنك زوجته أختك وقد حرصنا على احترام ذهابها وإيابها بعد ما عرفنا أنها من بيت ابو اصبع وعند مغادرتها الكبس  سهلنا مرور الشيخ وازع ابواصبع الذي وصل لاعادتها الى البلاد بعد محاولة من المخابرات لعرقلة  مسيره. اتجهت للسلام على الدكتور عبدالعزيز المقالح وكان معه القاضي عبدالسلام صبره ،والشاعر علي بن علي صبره ،وزيد مطيع، وصالح الأشول، وأحمد الرحومي، ومحمد عبدالله الفسيل، رحب الحاضرون بالجهود المبذولة لإنهاء مشكلة الحملة العسكرية وتأميني من المطاردة. قال الفسيل أنا ويحيى ابو اصبع لا نصلح إلا للمعارضة لو يعطونا أكبر وزارة با نتركها ونخرج نعارضها ،أخذني صالح الأشول ومعه الرحومي يشكون توقف سكرتارية الجبهة عن النشاط المنتظم وقالوا كل التعويل على الحزب الديمقراطي، أخبر محمد الشيباني أن يفعل بقية فصائل (فصائل اليسار) وحتى ننتظم أكثر من أي وقت، قال أحمد الرحومي يظهر أن هناك أزمة في عمران بين الرئيس وبين قائد اللواء الرابع مجاهد القهالي وهناك وساطة لحل المشكلة والغشمي مصمم على استبعاد جماعة الحمدي من الجيش وأيضاً مع عبدالله عبدالعالم عضو مجلس القيادة، لأن الرئيس قلق من وجود هذه الوحدات داخل صنعاء وجوارها. أحمد الرحومي ومحمد الخاوي كانت علاقتهما بالرئيس الحمدي سيئة جداً وكان قد أوقفهما وهما على علاقة بحزب البعث وينظرون للغشمي بأنه انتصر لهما.
فجأة جاء للسلام عليا علي العتمي وأحمد عبدالرحيم نواب محمد خميس  تصافحنا ،قال العتمي أنت ياشيخ يحيى قرصك بين العسل هذه الأيام ثم أخذني على جنب قال أرجو أن تسمع مني وبسرية كاملة ، لدينا تعليمات بمتابعة الناصريين والحركيين (الحزب الديمقراطي) وكل اليساريين بصورة قوية، حذر محمد الشيباني أن يأخذ حذره أما عبدالوارث فهو أحمر العين قلت له وماذا عن عبدالله عبدالعالم ومجاهد القهالي ، قال لا بد من القضاء عليهما  بأي طريقة لأنهم ماسكين وحدات عسكرية خطيرة، وأخيراً جائني الشيخ أحمد عبدالرحمن الغولي أحد كبار مشايخ عيال سريح، قال كن حذر ولا تصدق الغشمي ولو سجد لك على الماء، يتحرك الأن لإبعاد مجاهد القهالي واستبداله بقائد موالي له، لا يريدون لبكيل أو أي قبيلة منها أن تكون فاعلة في الساحة ووراء الموضوع حاشد يستغلون مخاوف الغشمي وهات يا تشنيع ببكيل . هذا الرجل الغولي وقبيلته على علاقة بالقوى الوطنية ووالده من شهداء حركة الثلايا في 1955م .  وجاء الغداء ثم المقيل، كان الحديث مرتب وتولى إدارته حسين المقدمي واللوزي وعبدالله حمران وكان الرئيس طوال الوقت مستمع وصامت ولم يتحرك من متكئه تشعبت الأحاديث والنقاشات والمشاركات عن الحريات العامة والديمقراطية ودور الأدب والفن في نهضة الشعوب وعن انتفاضة الخبز في مصر والأنظمة الاستبدادية ودورها في تأخير الشعوب في التقدم وعن القضية الفلسطينية،وأن الحركات والتنظيمات التي تلجأ إلى العنف إنما هو رد على عنف الأنظمة والمفروض أن يكون هناك سلطة ومعارضة وأن الغرب لم ينهض إلا بإعلاء كلمة القضاء والقانون .حتى الساعة الخامسة والنصف وقبل المغرب بدأ الضيوف بالتحرك وخرجت معهم، وبالصدفة التقيت عبدالسلام مقبل وزير الشؤون الاجتماعية (ناصري) قال كويس أنك عالجت المشكلة، كنا عند أخذك من يدك من قبل الرئيس ودخل بك الغرفة الداخلية يائسين من عودتك وكان الأصنج قد علق بقوله (ورور) يعني ذهب وإلى غير رجعه فقلنا ربما عنده معلومات ولهذا قلقنا.(عبدالسلام كان موجود أثناء استقبال الرئيس لي في بيته وقد ذكرته في حلقة سابقة) المهم قال لي أريد أشوف محمد الشيباني على وجه السرعة، الوضع صعب ثم هميت بطلوع سيارة زيد مطيع وإذا بشخص يسلم عليا ويقول أنا عامر أو عمر الضلاعي من مكتب الرئيس با اتصل بك الصباح إلى بيت أخيك أحمد، في السيارة قال زيد زيارة الأدباء العرب كانت مقررة من أيام الحمدي والجماعة أرادوا أن يعطوا انطباع أنهم ليسو فقط قبائل متخلفين وجهلة إنما أرادوا إعطاء صورة عن نظام الغشمي بالانفتاح على كل جديد وهذه خطط عبدالله الأصنج وأضاف من كان يتابع الغشمي وهو مركز ومستمع ويكتب بين الفينة والفنية في دفتر أمامه يقول الله أكبر الرجل يستوعب هذا الكلام  الذي لا يفهمه الكثيرين من  المتعلمين . الواقع أن الحملة على الغشمي كانت واسعة النطاق ولدى مختلف الفئات والمناطق.ذهبت للقاء عبدالوارث أو الشيباني ولم أجد أحد إلا صباح اليوم الثاني جاءني اتصال وأنا في منزل أحمد منصور أن الرئيس يريدني الساعة 11 قبل الظهر يوم غدا في القيادة العامة. دخلت على الرئيس بمكتبه كان التعب بادٍ عليه قلت له يظهر عليك الإرهاق، قال ما نمت إلا ساعتين الصباح ،وما الذي يشغلك أنت يا رئيس في بلد كلها مشاكل لا تعد ولا تحصى وخاصة على الرئاسة فلا داعي أبداً لأن تقلق وترهق أعصابك وتتعب دماغك والمشاكل هي هي ، عليك أن تأخذ القسط الوافي من الراحة والنوم حتى تستطيع مواصلة المسؤولية الهائلة على رأسك، قال والله أنك صادق لكن أشتي أخلص من بعض المشاكل القائمة وهي لا يمكن تأخيرها والتهاون معها، قلت له كلمني قد الثقة بيننا قائمة يمكن أن أفيدك برأي، قال أولاً عبدالله عبدالعالم هذا ما درينا ما يشتي يبكي واصل عاد محمد سيف ثابت والأصنج خرجوا من عندي وجالسين معه طوال الليل، يتفقوا على أمور وبعد ساعة يختلف يقول أنهم أصحابه وبعد قليل يقول لهم أنهم قبضو ثمنه من الغشمي، ولكن يا أخ يحيى بيده سلاح حاسم وقوي وهو سلاح المظلات وهل تعرف أن معظم المظلات من حزبكم ومن الناصريين  قلت له أي حزب قال الحركيين –الديمقراطي – أجبت والله يا أخ الرئيس أن معلوماتي عن القطاع العسكري ضعيفة لأن مسؤوليتي في الجانب المدني، وأضاف وعاد هناك في عمران مجاهد القهالي ومعهم نصار قلت له من نصار قال هذا من عندي من همدان، ثم تأتيه تلفونات مهمة يضطر يرد عليها ثم خرج مرتين لمقابلات خاصة ويعود، شفت أنها فرصة حتى لا أحسم الأمور معه وأبتعد عن أي تكليفات محرجة، قلت له يا أخ الرئيس أشوف أنك مشغول والحديث بيننا يشتي وقت وأرى أن نلتقي يوم آخر، قال وهو كذلك بعد يومين أو ثلاثة لأن عملك هو مهم جداً، وأضاف خذ مصاريف واجلس في صنعاء، حاولت اعتذر له عن أخذ المصاريف (بطريقتنا المثالية الخجفا) قال لي لا تخلني اتهمك أنك تستلم من دولة أجنبية، قلت له لا والله ظروفي صعبة جداً وإنما هي التربية على النزاهة على كل حال أرجو أن يكون المبلغ محترماً، دعا الضلاعي وغمز له وقال معك سيارة، قلت له لا، قال للضلاعي وصله إلى حيث يريد، شفت الفلوس قلت كم حول الرئيس قال خمسين ألف (مليان شواله) كلمت الأخوان على موضوع الفلوس وحدث لقاء اليوم الثاني على الفطور وجاء مقترحاً بتوزيع الفلوس على المجموعة التي عايشت وتعبت وعانت من مشكلتي وهات يا مقترحات كم لي أنا وكم لهم، حسم الأمر زيد مطيع قال الفلوس توضع في تصرف عبدالوارث عبدالكريم والأخ يحيى فظروفهم قاسية والأمراض محلقة عليهم أما نحن فظروفنا أفضل ووافق الجميع على المقترح وعند لقاء عبدالوارث عبدالكريم قسم المبلغ نصفين نصف لي شخصياً ونصف للحزب، وهو المبلغ الذي أكملت به بيت جبلة في راس العقبة وكان قد أسسه وقطع شوطاً فيه الوالد الشيخ محمد بن لطف الهبوب جد الزوجة بنت السقاف من حساب مخلفها من بعد أبيها.
يتبع الحلقة (9) ...
يحيى منصور ابواصبع..
تتمة شهادتي عن عبد الوارث عبدالكريم و الرئيس الغشمي .. 
الحلقة (9)..
 يحيى منصور ابواصبع ..

في نفس الأسبوع التقيت الرفيق محمد سالم الشيباني وقد وضعته في صورة ما لدي ولقائي الأخير بالرئيس وأبلغته رسالة الأخ صالح الأشول بضرورة تفعيل نشاط سكرتارية الجبهة الوطنية والتعويل على الحزب الديمقراطي في هذا الأمر وفي تحريك بقية الفصائل قال لي محمد الشيباني أمور كثيرة لكنه ركز معي على موضوع خطير وقال هناك همهمات وروائح حول احتمال وقوع انقلاب عسكري وإذا صحت هذه الشائعات فإن مصير خططنا مع بقية اليسار والقوى الوطنية الأخرى محفوفة بالمخاطر واقترح عليا زيارة الاخ/ عبدالسلام مقبل وهو من أهم القيادات الناصرية وربما هو المسؤول السياسي وفعلاً ذهبنا إلى منزله (إيجار) في المنطقة الواقعة بين الدائري الغربي وشارع هائل ورحب بنا بحرارة وتطرق الحديث إلى موضوع شائعة الانقلاب، إلا أن كلا الرجلين أكدا الشائعات وأنكرا كل منهما علاقة حزبه بموضوع كهذا. بعد خروجنا قال محمد الشيباني أنه اشتم ريحة انقلابية من حديث عبدالسلام مقبل كنت أنا مستمع والنقاش انصب في رفض الانقلاب على الحمدي وحالة البلاد الصعبة وتوقف حركة التنمية وأثار عبدالسلام مقبل إقدام الغشمي على تصفية الوجود العسكري لجماعة الحمدي وذكر التوترات حول عبدالله عبدالعالم ومجاهد القهالي وغيرهما وتساؤل عبدالسلام على موقف الجنوب و على  الجبهة الوطنية الديمقراطية هل  سيتحركون عسكرياً وأنه يود إعلام الناصريين بهذا التحرك إن حدث. واتفق الرجلان أن صالح الهديان هو صاحب الصولة والجولة في البلاد .ثم سألت الأخ محمد الشيباني ما هي خططنا التي يخاف عليها، قال لي اسأل صاحبك عبدالوارث وقله بلاش تردد وكثرة التأني والحسابات الزائدة عن المطلوب قد تفوت علينا اللحظة التاريخية . وفي اليوم الرابع من لقائنا الأخير جاء اتصال من الأخ أحمد منصور أن الرئيس يريدني غداً الصباح في القصر الجمهوري الساعة التاسعة صباحاً وكنت في مقيل مع عبدالوارث في منزل الأخ عبدالحفيظ بهران، قال عبدالوارث إلى جانب آرائي السابقة ما رأيك تناقشه حول دولة أبناء القبائل والتي ينبغي أن تكون دولة حضارية يحكمها النظام والقانون وليست دولة للمشايخ، كل شيخ قبيلة يفرض رأيه ونصيبه من الوزارات والمحافظات والميزانيات، وإذا سارت الأمور هكذا فسوف تكون النتائج فشل وإخفاق وبالتالي تذهب رغبة الرئيس وجهوده في مهب الريح، قل له أن دول عظيمة قامت في العالم على أسس قبلية مثال دولة قبيلة قريش على يد الرسول (ص) وصحابته ودولة بني أمية ودولة بني العباس ودولة الصليحيين وآل يعفر و دولة بني طاهر  كلها قامت على القبيلة ولكنها صنعت إنجازات عظيمة ويذكرها التاريخ حتى اليوم وإلى الأبد. المهم ابذل جهد حتى تتعزز ثقة الرئيس فيك أكثر، التقيت الرئيس في القصر الجمهوري كان يتناول الفطور مع بعض موظفي مكتبه وبعض الحراسة، قال أول ما رآني لا سلام على طعام، تعال افطر جلست على المائدة وإذا الفطور عبارة عن فول وكدم وسحاوق وجبن ولأني جائع فقد انصرف الجميع عن المائدة وبقيت لوحدي منجذباً للذة الفول والكدم والتي لم أتذوق مثلها من قبل، فتح الرئيس الحديث بالقول ماذا عندك أريدك تتحرك حتى تصبح زعيم الجبهة القومية والجبهة الوطنية والاحزاب هنا في الشمال وركز على الحزب الحركي 
– سألت – تقصد الديمقراطي، أجاب: نعم هو أخطر جماعة رغم الضربات المتواصلة عليه لكنه يقوم ويتحرك من جديد، قلت له أنا في قيادة هذا الحزب ولي تأثير فيه فإذا في شيء محدد لديك أنا جاهز، ثم طرحت معه بإيجاز شديد مقترحات عبدالوارث عبدالكريم التي وجهني بها، علق الرئيس هذا كلام جيد وأنا أريد ان تكتبه كتابة حتى لا أنسى، قلت له إذاً سأكتب برنامج سياسي وأراجعه معك. قال تمام، لكن لا تكثر صفحة أو صفحتين فقط، ما عندي نفس للقراءة الكثيرة وأكتب كل شيء واضح مش مثل بعض المثقفين يكتب وما تعرف ما يريد؟ وأضاف أما الجنوب فلا يغيب عن رأسك أبداً وأشتي منك تقوي علاقتك بسالم ربيع علي وعلي عنتر وعلي ناصر أما عبدالفتاح إسماعيل وأصحابه فهم يشتو دوله مثل الصين وكوبا وألمانيا الشرقية لأنهم ضد القبيلة، استمر اللقاء خمسين دقيقة حتى وصول عبدالعزيز عبدالغني رئيس الوزراء والذي قال للرئيس أن مجلس الوزراء مكتمل وفي انتظاره في هذه اللحظة دخل أحد حراس الرئيس وقال له أن هناك قات شامي (أجمل وأغلى أنواع القات) جوبت أنا وأين القات، التفت الرئيس نحوي وضحك  وقال للحارس وصل القات لأبو اصبع يا جائفي.
أوصل الجائفي القات إلى سيارة الأخ أحمد منصور المنتظر في حديقة القصر فتح أحمد القات قال هذا القات غالي جداً وأقترح المقيل في ديوان زيد مطيع وحضر الإخوان حق العادة، وقد أرسلت بقات لعبدالوارث ومحمد الشيباني وعبدالحميد حنيبر، وأخبرتني أختي أن أصحاب برط مروا يسألون عني وأخبروها أنهم سيعودون غداً الصباح، وكنت في انتظارهم وهم أحمد بن علي فاضل ومقبل بن علي أبو أصبع وحمود بن ناجي أبو راس وقالوا أن الوضع في المظلات قد ينفجر بأي لحظة وأن هناك وحدات عسكرية تعيش ظروف قلق وتوقعات وأن التوتر هو الجو السائد وماذا نفعل نحن هل لديكم اي توجيه. كان الحديث في ديوان زيد عام ومتنوع ولم أحدث أحد بما دار بيني وبين الرئيس لأن أخي أحمد قال ما بينك وبين الرئيس لا ينبغي أن يطلع عليه إلا قيادة الحزب ومن تريد هي.
حين التقيت محمد الشيباني وأخبرته بما يريد الرئيس حول برنامج سياسي ضحك وقهقه في ضحكته كثيراً ثم قال هذا يشتي واحد خبير بالزامل والبرع، ثم عاد للكلام الجاد، وقال أعتقد أن أهم من يقدر على صياغة برنامج سياسي معقول وفي مستوى الرئيس هو عبدالله الوصابي وعبدالحفيظ بهران وعبدالوارث ومن الأفضل ألا يطلع أحد إلا في حدود دائرة مغلقة، وقد أخذت كلام الشيباني مأخذ الجد، لأن محمد سالم الشيباني من أنضج السياسيين في الحركة الوطنية الحديثة وأكثرها فهماً للواقع بشهادة محمد عبدالرحمن الرباعي وآخرين.اعتكفنا على صياغة البرنامج في منزل عبدالله الوصابي كان حينها يشغل نائب وزير الإعلام، نفس الأسماء حسب مقترح الأخ محمد الشيباني وبعد نقاشات عديدة قال الوصابي بما أنه في ضوء نقاشاتنا سوف يعد مشروع برنامج ثم نلتقي بعد ثلاثة أيام مراعاة لظروف الجميع، والتقينا وقرأ علينا المشروع وقد أقسم عبدالله الوصابي أنه لم يواجه صعوبة في كتابته مثلما واجه في إعداد هذا البرنامج، ومعروف أن عبدالله الوصابي كاتب ومفكر ويملك قلم صحفي حاد وجاد، فقد وصفه الشيخ  صالح بن ناجي الرويشان محافظ اب  بأن الوصابي هيكل اليمن (محمد حسنين هيكل) كما أنه من فجر الصراع في الجبهة القومية عقب الاستقلال وقد أنيط به رئاسة تحرير صحيفة الثوري الناطقة بإسم الجبهة القومية آنذاك بمقال ناري تحت عنوان (استبدلنا أصحاب العيون الزرق بأصحاب العيون السود) وفرّ على إثر المقال عائداً إلى الشمال بمساعدة اليسار آنذاك.
بعد حوالي أسبوع ذهبت للرئيس في بيته في الدائري الجنوبي الساعة 12 ظهراً حسب ما حدد لي، انتظرت في غرفة الحراسة وقد جاء كل من الرائد يحيى المتوكل (كان عميد إلا أن الحمدي خفض الرتب العسكرية إلى مستوى رائد) ومحمد عبدالله أبو لحوم ومجاهد أبو شوارب وأحمد جابر عفيف وانتظرنا في غرفة الحراسة وجاء رئيس الوزراء عبدالعزيز عبدالغني ودخل رأساً إلى البيت ولم ينتظر معنا وصل أيضاً هادي الحشيشي من سنحان وحمود الصبري شيخ الحيمة حتى اكتظت الغرفة بالموجودين، فاقترح يحيى محمد المتوكل حوش البيت للانتظار فيه وفي الساعة الواحدة سمح لنا جميعاً بالدخول إلى البيت.
لا شك أن جزء من الحديث أثناء الانتظار دار حول قضيتي وكان محمد عبدالله أبو لحوم وحمود الصبري ويحيى المتوكل من المتعاطفين والمدافعين عني وعن منطقتي وأكثرهم حماساً محمد عبدالله أبو لحوم وهو الذي أبعده الحمدي من قيادة الكتيبة السادسة مدرع وعين خلفاً له أحمد حسين الغشمي ثم أصبحت هذه الكتيبة نواة الفرقة الأولى مدرع.
أسرّ في أذني الأخ يحيى المتوكل - كان سفيراً في باريس أو أمريكا من  أيام الحمدي كما أذكر - حاول أن تمر عليا  إلى البيت أخوك أحمد يعرفه وهو البيت الكائن في حي الكميم جوار بيت علي عبد الله صالح و كان في بداية إنشائه.  ثم جاء الأخ محمد الآنسي مسؤول مكتب الرئيس وهو معروف بالنشاط والحيوية وبقدرات حركية لا يتوقف وهو من يدير كل شيء للرئيس وقد تم استبعاده عام 1980 لشكوك حوله في تدبير انقلاب على علي عبدالله صالح وأنه كان على تواصل بمجاهد القهالي وبالجبهة الوطنية ولم تتح لي فرصة للتأكد عن أسباب استبعاده والسخط عليه وهو ما زال على قيد الحياة وصديق لكل الناس.
أخذونا إلى سفرة الغداء، قمت من السفرة قبل الجميع لأن شهيتي ضعيفة (كان وزن جسمي بين 46 -47كيلو) دخلت الديوان وهو مزدحم بمشايخ ووجاهات محافظة تعز وأذكر منهم علي محمد سعيد أنعم وعلي بن عبدالله البحر ومنصور شايف العريقي وعلي سعيد الأصبحي وعلي بن عبدالله الضباب وعبدالرحمن صبر وقاسم بجاش ومحمد عبدالملك شرعب ، قلت السلام تحية إلا أن الشيخ منصور شايف العريقي قام وصافحني وكنا نعرف بعض من أيام كان مدير عام مديرية ذي السفال وكان له علاقة قوية بمطيع دماج وأمين بن حسن أبو راس وصديق لأخي أحمد منصور وقيل لي أنه على علاقة بالحركيين (حركة القوميين العرب) قدمني للحضور فرحبوا بي وسألوا جميعاً عن أخي أحمد منصور الذي كان على علاقة مع جميع الشخصيات في تعز وعلاقاته واسعة لا يملكها أي شخص آخر وعبروا عن ارتياحهم لحل مشكلتي، ثم قال لي منصور شايف وأنا بجانبه إحذر دائماً ولا تطمئن لشيء، قلت له أين وصلتم بقضية عبدالله عبدالعالم، قال الوضع متوتر جداً, الجماعة (يقصد السلطة) يخططون لدفعه إلى تعز وإلى الحجرية ليتم لهم ضرب الحجرية وكل تعز، والرجل مضطرب جداً والأجهزة يثيرون في وجهه الشائعات والدعايات والتخويفات في كل لحظة وربشوه بحيث لا تقدر تعرف ما يريد لكنه وطني صادق ومقهور على صاحبه الحمدي.
وصاح بي الوالد علي محمد سعيد المعروف بعلاقته الحميمة بالسبتمبريين وهو كان عضو مجلس قيادة الثورة في 26 سبتمبر 1962 قال كفاية يا يحيى مشاكل وكثّر خير أصحابك في البلاد والذين هم أوفى الناس معك وأخوك أحمد قد تعب كثيرا جداً وأنت السبب في كل متاعبه، قلت له حاضر نصائحك فوق العين والراس، وصل الرئيس وحده أما ضيوف الغداء فقد انصرفوا مباشرة، قمت من مكاني وقلت له سيدي الرئيس أستأذن فأنتم مشغولين، حرك رأسه بالموافقة وخرجت وفي المدخل كان الشيخ علي بن عبدالله البحر شيخ ماوية وكان في حينه من أقوى شخصيات تعز في حديث مع الشيخ الضباب، فمسك بيدي وقال لي كفاية مشاكل واقطع علاقتك بالجنوب الشيوعي وبالمخربين وأنا ألتزم لك بترتيب وضعك عند الرئيس، قلت له مرحباً يا عم علي (طبعاً هو يتعامل معي باعتباره من كبار ذو محمد وهو من خميس ذو زيد) قلت له هل تقدر يا عم علي تقنع أولادك يتركوا الحركيين أو اليسار قال هذه مصيبتك أنت وأبني محمد أدخلتم أولادي إلى الشيوعية وطبعاً إبنه الدكتور محمد علي البحر كنت أنا وهو من المؤسسين للشبيبة الديمقراطية التابعة للاتحاد الشعبي الديمقراطي الذي كان يتزعمه عبدالله عبدالرزاق باذيب منذ عام 1963، وكان معنا الرفاق احمد ابوبكر الحداد و حسن علي مجلي و محمود الكوكباني و محمد عقيل الارياني و احمد حميد ثابت و التحق فيما بعد الاخ قائد محمد طربوش، وفعلاً كان أولاد الشيخ البحر  وأبناء أسرته من خيرة كوادر الحزب الديمقراطي الثوري اليمني وكانوا في الظروف الصعبة والقاسية مأوى ومخبأ لكوادر الحزب ووثائقه في بيت الشيخ الكائن في حوض الأشراف. سألته وكيف الوضع في المضلات. معصودة ومركوضة ونحن أهالي تعز لا نريدهم يصدرون المشكلة إلينا يعالجوها في صنعاء وإلا يشلوهم الجن، وأخذت متر من الشارع حتى أوصلني إلى منزل أخي واتصلنا بالإخوان من أجل التخزينة أقترح عبدالحفيظ عنده في البيت لأن عبدالوارث عبدالكريم قريب منه. 
يتبع الحلقة (10)... 
يحيى منصور ابواصبع..
تتمة شهادتي عن عبد الوارث عبدالكريم و الرئيس الغشمي..
الحلقة(10)..
يحيى منصور ابواصبع..

خرجنا من التخزينة برأي هو تأجيل البرنامج السياسي للرئيس إلى ما بعد انتهاء مشكلة المظلات كون الرئيس منغمس في المشكلة حتى أذنيه ولا يمكن أن يلتفت إلى أمور أخرى، طلب مني عبدالوارث مقابلته بعد أن أجلس مع يحيى المتوكل لأنه يعتقد أن المتوكل يعرف كل ما يدور في الكواليس وتقديراته للأمور جيدة وهو قريب من القوى الوطنية الحديثة وبالذات تعاطفه مع الحزب ومع اليسار، ذهبنا إلى منزل يحيى المتوكل والبيت في طور الإنشاء وليس فيه جاهز إلى غرفتين وحمام وهو الكائن في منطقة الكميم جوار بيت علي عبدالله صالح اليوم، قال أن وضع المضلات في خطر وهم يريدون تكرار ضربها كما حدث في أغسطس 1968م إلا أن بعض الحسابات عند الأجهزة تخوف من امتداد المستجدات العسكرية إلى أماكن أخرى جوار صنعاء، والوضع الجديد برئاسة الغشمي لا يريد الدخول في مغامرة قد تكلفهم الكثير وخاصة وأن الوضع الشعبي والجماهيري ساخط على الوضع وغاضب على مقتل الحمدي، والانقسام في المظلات حاصل بين القول بذهاب عبد العالم مع عدد كافي من المرافقين وبقاء قوات المظلات ومن يرى التحرك بصورة جماعية عبد العالم والمظلات والأسلحة إلى تعز وأعتقد أن الرأي الخبيث والذي قد يطبق هو الموافقة على خروج قائد المظلات وكل لواء المظلات إلى تعز ويواصل المتوكل . وفي تعز سوف لن يسمحوا له بالبقاء أو الدخول إلى المدينة وسيذهبون به إلى الحجرية وهناك يواجهونه في حاضنة اجتماعية مدنية لا تنشد القتال ولا تربطها بالقبيلة والقبيلة رابط، تعز مجتمع مدني حديث ضد العنف والسلاح ونصيحتي أن تجدوا  في بناء الحزب الديمقراطي فهو المعول عليه مع القوى الحديثة من فصائل اليسار لبناء الدولة اليمنية المركزية دولة النظام والقانون وعقلوا مجانين حملة السلاح وتفجير الأوضاع عسكرياً هنا وهناك فهذا ميدان النظام الحاكم وأمنياته حتى تضطرب مخطط البناء الحزبي والتنظيمي والسياسي بصورة راسخة وشاملة في ضروف  الاضطرابات.
ذهبت إلى عبدالوارث وضعته في صورة حديث يحيى المتوكل، قال عبدالوارث هذا ما خوفني وحذرت الأخوان في المظلات وأن السلطة لن تسمح لهم بدخول مدينة تعز على الرحب والسعة وما قاله المتوكل حول خط الطريق إلى الحجرية (التربة) هو الأرجح وهناك في الحجرية ستنقطع الإمدادات والمعاشات وتعدد القرارات في قيادة المضلات نتيجة لحسابات الناصريين والديمقراطيين (الحزب الديمقراطي) والشكوك التي تطوقهم من كل جانب، كما أن الإخوان في الجنوب لن  يحسنوا التصرفات مع هذه القوة القادمة وسيعمل كل جناح في الجنوب على تجييرها لحسابه وهكذا تكتمل فصول الكارثة.
كما حصل في عمران وحول هذا الموضوع سألت  المزيد عن أحداث عمران، أشار عبدالوارث إلى تمكن السلطة وأجهزة استخباراتها وذلك بإفشال العلاقات التي كانت وطيدة أيام الحمدي وبعد استشهاده بين عبدالله عبدالعالم وقوات المظلات وبين مجاهد القهالي وقوات اللواء الأول مشاه المرابط في عمران، وقد كان لمحمد سالم الشيباني تقييم لما جرى في عمران، ومفاده أن سوء التنسيق وقدرة الأجهزة الاستخباراتية على زرع الشكوك وبذر الريبة بين الطرفين (مجاهد والعالم) قد مكن صنعاء من القضاء على خطر القهالي وقواته التي كانت تهديد خطير لصنعاء، لا سيما في ظل التفاف قبلي واسع النطاق مع مجاهد وقواته من منطلق أن القضاء على هذا الوجود في عمران يصب في مصلحة حاشد وإضعاف إضافي لبكيل (بحسب المنطق القبلي) ويضيف محمد الشيباني أن وساطة شخصيات بكيلية وازنة لمعالجة موضوع عمران وإنهاء ما أسمته السلطة بالتمرد العسكري لمجاهد القهالي وكان أبرز هذه الشخصيات الشيخ عبدالله بن ناجي دارس وعبدالله محسن ثوابه ومحمد بن يحيى الرويشان وآخرون دور مهم في حسم المشكلة لصالح النظام، ويضيف عبدالوارث عبدالكريم عطفاً عن محمد الشيباني أن مجاهد القهالي اعتبر التوقيع من قبل عبدالله عبدالعالم عضو مجلس القيادة على قرار إحالة مجاهد القهالي إلى محكمة عسكرية كمتمرد على الدولة واعتبر هذا التوقيع ليس فقط خذلاناً به بل طعنة في الظهر من شخص على شخص كان الاثنان من أوثق القادة قرباً من الرئيس إبراهيم الحمدي، بل أنهما من تربيته وتلامذته، وأعتقد أن الرفيق محمد سالم الشيباني هو من يملك مفاتيح المعلومات عن ما جرى في اللواء الأول مشاه وقائده مجاهد القهالي أو قوات المظلات وقائدها عبدالله عبدالعالم باعتباره ليس فقط مسؤولاً حزبياً وسياسياً عن الجهتين وإنما لاهتماماته ومتابعاته وإلمامه بكافة الظروف والملابسات والخلافات في الوضع السياسي العام في تلك الفترة ونتمنى أن تأتي الفرصة لتقييم ما جرى بصورة شاملة،كما أن الاخ مجاهد القهالي ادام الله في حياته يمتلك التفاصيل الكاملة عن ما جرى في ذلك التاريخ .
بعد يومين أو ثلاث من هذه اللقاءات جاءت الأخبار أن العالم والمظلات اتجهوا صوب تعز بسلاحهم الثقيل حسب البعض وسلاحهم المتوسط حسب البعض الآخر وكانت صنعاء في ذروة الهرج والمرج والقيل والقال عن معركة في ذمار وقيل في إب وفي تعز وأخيراً لم يمض ذلك اليوم إلا والأخبار تفيد بوصول قوات المظلات إلى الحجرية – التربة وكفى الله المؤمنين شر القتال، ولم تمض إلا أيام قليله وإلا والسلطات تحشد عسكرياً وقبلياً وجماهيرياً وتوظيف وجهاء تعز وقادتها نحو حل المشكلة للحفاظ على الأمن والاستقرار لتعز كلها كنا يزعمون وأنه يستحيل السماح ببقاء هذه البؤرة العسكرية الخطيرة في الحجرية لأن ذلك سيأتي بالنظام الجنوبي الاشتراكي (الشيوعي) إلى تعز.. في صنعاء لم يكن هناك أحاديث إلا المظلات والحجرية والوضع المتفجر في أي لحظة وحشودات قائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح.
التقيت الأخ محمد سالم الشيباني قال لي أنه مكلف من جميع القوى في صنعاء ومن منظمة الحزب الديمقراطي بالذهاب فوراً إلى الحجرية للعمل على تدارك الأمور والحيلولة دون تفجر الأوضاع وقد تم اختياره فعلاً من قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية  ومن التجمع الوطني برئاسة أحمد جابر عفيف وقد شرح لي الوضع الأستاذ محمد عبدالرحمن الرباعي ونحن في زيارته أنا وعبدالقادر هاشم أن الشيباني هو من تتوفر فيه الإمكانية للقيام بمهمة نزع فتيل الانفجار لأن منظمة الحزب والناصريين في تعز وفي سلاح المظلات هما الأكثر تأثيراً في مواجهة النظام وأجهزته، وأضاف الرباعي لقد سمعت أحاديث من قريبين من النظام أنهم يتشوقون بلهفة لتفجير الوضع في تعز حتى يوجهون ضربات ساحقة وماحقة لتعز التي كانت سبباً في نشر الأفكار الهدامة وإشاعة الحزبية وحولت النظام في عدن إلى بؤرة معادية لصنعاء ويتمنون إعادة تعز إلى الوضع القبلي مثلما هو الحال في حاشد وبكيل وأضاف معلقاً المهم جنان الحقد على تعز فاق كل منطق وقال أن مسؤولاً كبير وشخصية مشيخية كبيرة اتصل به وطلب منه عدم تشجيع التوجه لتهدئة خطط ضرب تعز وعلينا أن نتذكر 1968 وأسلحة المظلات والصاعقة والمدفعية والمشاه التي حاولت قيام نظام شيوعي ملحد في صنعاء وكل هذه الوحدات وقادتها من تعز وعلق عبدالقادر هاشم بالقول لا ينبغي أن نظل ساكتين على الأقل نصدر بيان نطالب فيه بمنع تفجير الوضع وترك الفرصة للمساعي السلمية وجهود وجهاء تعز تأخذ حقها من الوقت ثم لماذا الاستعجال لم يعد أحد في صنعاء يهدد الوضع فلماذا العجلة..

يتبع الحلقة(11)..
يحيى منصور ابواصبع..

تتمة شهادتي عن عبد الوارث عبدالكريم و الرئيس الغشمي..
الحلقة(11)..
يحيى منصور ابواصبع..

بعد مغادرة محمد الشيباني صنعاء إلى الحجرية أصدرت قيادة منظمة الحزب الديمقراطي الثوري في صنعاء قراراً بأن يحل يحيى منصور أبو اصبع محل محمد الشيباني في تولي العمل السياسي.
وجاءت الأخبار الأولية من تعز، أن كبار وجهاء تعز وتجارها ومشايخها قد اتجهوا إلى التربة لمتابعة مساعيهم التي بدأت في صنعاء وحرصهم على الحلول السلمية بأي ثمن.
وتتسارع الأحداث والسلطة تتابع عن كثب الوضع في التربة وتنشر الشائعات والتلفيقات والتهويلات طوال الوقت وهي مدركة أن حصر المظلات في الزاوية هناك في الحجرية ومنعها من الوقت الذي تقدر من خلاله استرداد أنفاسها وترتيب أوضاعها والدفع بأحداث حالات الارتباك والفوضى ودفعها لاتخاذ قرارات مرتجلة وفردية وفئوية.. فجأة وأنا في منزل الأخ عبدالقادر هاشم ممثل حزب العمل وصل عبدالوارث عبدالكريم وأبلغنا أن الوضع في التربة مقلق ومزعج جداً لأن السلطة تسوق دعايات وشائعات بغرض إثارة الشكوك والتوجس لدى المظلات، سأله عبدالقادر هاشم ما هي هذه الدعايات، قال يسربوا معلومات كاذبة أن السلطة تثق بوساطة وجهاء وكبراء تعز وأنهم ضد المظلات ويكرهون عبدالله عبدالعالم وأن السلطة هي من خططت وأعدت تحرك هذه الوساطة وعبر عن خشيته من أن تنطلي هذه الأكاذيب على المظلات وخاصة وفيهم عناصر متشنجة وعناصر تعمل مع النظام وأردفَ  عبدالوارث المظلات ليست نظيفة فقط للديمقراطي والناصري بالكامل، أقترح عبدالقادر هاشم التواصل العاجل مع الأخ محمد الشيباني وتلقي الأخبار منه.
استصوب عبدالوارث الرأي، ودعته إلى الباب وعرضت عليه أن أوقف له وسيلة مواصلات فاقتربت سيارة لمحت شخص بجانب السائق، سألت عبدالوارث هل هذا يحيى ياسين قال لي نعم ، وحذار أن تتحدث عنه أو تذكره بل انساه لأنه ملاذي الآمن في الظروف الصعبة. ويحيى ياسين زميل الدراسة في تعز ويعتبر من أكفأ الكوادر القيادية في الحزب والوظيفة إن لم يكن الأكفأ في الجمارك والمالية.
بعد يومين نقل إلينا عبدالوارث أخبار من محمد الشيباني من التربة وأنه متشائم من الوضع الذي تتحكم فيه الأمزجة والشطحات وليس هناك من هو صاحب الكلمة والقرار والحسم وضبط الجميع ناهيك أن السلطة تستهدف بالأساس تعز بأصحابها ودعاياتها وإشاعة الأراجيف والتخوفات قد جعل المشهد خارج أي سيطرة وأضاف الشيباني أن السلطة قد تقدم على أفعال إجرامية وتنسبها للمظلات، وبعدها بأيام قليلة جاءت أخبار مثيرة حول مصير لجنة الوساطة تقول أنه جرى توزيع أعضائها بأعداد قليلة على منازل وقرى في التربة وخارج التربة والأخبار والبلبلة تقول أن المظلات أرادت بهذا الإجراء حماية الوساطة والحفاظ على سلامتها.
 ، وتسارعت الأحداث بصورة تراجيدية مفزعة ومقرفة وتبعث على الغثيان من قلب مدينة تعز وقيادتها العسكرية والاستخباراتية ونشرها على أوسع نطاق تقول أن المظلات وبأوامر من عبدالله عبدالعالم قتلوا أعضاء لجنة الوساطة وذبحوهم كالنعاج، توالت الأخبار وطارت في الآفاق عن المذبحة الرهيبة التي وقعت لأعضاء لجنة الوساطة، وانطلق مخزون الدعاية والحرب النفسية من أجهزة السلطة وبفرحة وشماتة ومن منطلق جهوي وطائفي عمت الأفراح في قمم السلطة والدعوة للثأر والانتقام من قتلة وجهاء وتجار ومشايخ محافظة تعز (الطيبين الطاهرين) وارتفعت موجة من التحريض والصراخ الفج ضد تعز، تعز سبب المصائب والويلات والجرائم التي حصلت على الشعب اليمني كله، طبعاً هذه الحادثة زلزلت الأرض من تحت أقدام القوى الوطنية التقدمية، وبالأخص فصائل اليسار، لقد دوختنا الجريمة وتركتنا نهباً للرياح تذرنا في كل اتجاه ولم يعد يخيم إلا الوجوم وضرب أخماس بأسداس وتزداد العتمة والظلمة مع إذاعة أخبار زيارة قائد تعز والسلطات العسكرية لمدينة التربة عاصمة الحجرية وخطابه وتفقده لعوائل الضحايا وذرف دموع التماسيح كل ذلك أضاف علينا حصاراً شديداً وضعنا في الزاوية الضيقة، نعم إنها قمة المأساة هكذا أغلب كبارة محافظة تعز وقادتها في المجتمع والتجارة والصناعة يغيبون عن المشهد بلمح البصر. في هذه الجائحة (بلغة هذه الأيام) كان عبدالوارث عبدالكريم الوحيد متماسك ورصين ومحلل بنضج وهدوء يبعث الأمل وسط جو من القنوط واليأس والإحباط، قال علينا بالصمود والوقوف في وجه العواصف والأعاصير وأضاف خلال بضعة أشهر حلت بالشعب اليمني كارثتين مدويتين هما استشهاد إبراهيم الحمدي ومجزرة كبراء ووجهاء تعز، وقيم وحلل واستنتج ما جرى وما سوف يجري بعقل ناضج وتقييم علمي وبلغة بسيطة سلسله أعاد إلينا الأمل، وختم تقييمه إذا أردنا الوصول إلى حقيقة ما جرى وجريمة قتل كبار رجالات تعز لا بد من لجنة تحقيق دولية بإشراف الأمم المتحدة ومشاركة منظمات حقوق الإنسان وإلا ضاعت هذه البشاعة بين المتصارعين كلً يرمي العوجاء على الآخر وهذا ما اقترحه ووافق عليه كل من عبدالحفيظ بهران وأحمد قاسم دماج أن يتم التحرك على الصعيد الخارجي بصورة مستعجلة للضغط من أجل تشكيل اللجنة.
دعا الأخ صالح الأشول إلى اجتماع سكرتارية الجبهة الوطنية لمناقشة أحداث تعز وعقد الاجتماع في منزله، حضر اللقاء إلى جانب صالح الأشول من الأخوة السبتمبريين أحمد الرحومي وعبدالرحمن مهيوب عن البعث وعبدالقادر هاشم عن حزب العمل ويحيى منصور أبو اصبع عن الحزب الديمقراطي  وتغيب ممثل الطليعة الشعبية والاتحاد الشعبي الديمقراطي الذين كلفا الحزب الديمقراطي بتمثيلهما وكذا تمثيل منظمة المقاومين الثوريين لأن ممثلهم ذهب عدن.
صدر بيان مقتضب أدان جريمة قتل وجهاء تعز وكبارها وطالب تشكيل لجنة للتحقيق عن الأسباب والدوافع بقتل الوساطة السلمية وطالب البيان السماح لسكرتارية الجبهة الوطنية بزيارة تعز والحجرية والوقوف على الأحداث الجلل والتي جرت في أهم مناطق اليمن تحضراً ومدنية وتعليم ودعا النظام في الشطر الجنوبي من الوطن للتحقيق مع الواصلين إلى عدن من المظلات ودورهم فيما جرى.
بعد أسبوع على أحداث تعز أجريت اتصالاً بمكتب الرئيس وحدد لي موعد اليوم الثاني، قال لي عبدالوارث وعبدالحفيظ بهران وعبدالحميد حنيبر قل للرئيس أن مقترح البرنامج السياسي سيكون جاهزاً خلال أسبوع، واطلب منه اللقاء بالجبهة الوطنية من خلال سكرتاريتها التي مقرها صنعاء وهذا جس نبض، وصلت بيت الرئيس الحادية عشرة صباحاً كان مازال داخل البيت مع العائلة وانتظرت في الديوان لوحدي لم يكن هناك أحد. جاء الرئيس وجاء معه الفطور وقمت إلى المائدة دون انتظار عزومتي من الرئيس وهذا التصرف إشارة مني إلى أني في بيتي أي أن بيت الرئيس هو بيتي دليل الثقة والمودة. قال الرئيس ها ذلحين رجال تصرف كأنني أخوك الكبير وسأل عن عمري وسألته عن عمره قال أنا أكبر من إبراهيم وأكبر أعضاء مجلس القيادة، كان الغشمي معروف بالكرم الحاتمي وطيبة النفس، قلت له كيف الأوضاع، قهقه ضاحكاً وبارتياح واضح ومكشوف وقال شفت المعتوه العالم قتل أهله وذويه والمحبين له. كل الذين قتلهم كانوا يتجوهون (يترجون) عندي للحفاظ عليه بصورة جادة لكنه طلع ناكر للجميل وغدار وقاتل، كنا قد حذرناهم من أي مكروه قد يحدث لهم لكنهم كانوا يقولون هذا إبننا وهذه منطقتنا ، هيا هذا ابنهم يقول الحديث الشريف اتق شر من أحسنت إليه، واتهم الجنوبيين بأنهم المشجعين على قتل كبار تعز لأنهم في نظرهم إقطاعيين وبرجوازيين وأعداء للاشتراكية حق الجنوب، وأضاف أن عنده معلومات أن صالح مصلح دخل للحجرية أثناء تواجد العالم وخبرته، وأضاف الأن الجبهة القومية أو المتطرفين فيها يعتقدون أن تعز بكلها صارت بيدهم إذا أرادوا السيطرة عليها وهذا ما حدثني به الأصنج. تدخلت بالحديث قائلاً لا يجوز اعتبار ما يقوله الأصنج حقائق كونه عدو متربص وحاقد على الجنوب وعلى الحركيين لأنهم طيروه من الزعامه ومن الجنوب يا فخامة الرئيس.
وواصل الحديث أنه اتصل بسالم ربيع علي أثناء الأحداث في الحجرية وطلب منه عدم التدخل في الوضع – سالم ربيع يظهر عليه أنه عاقل لكن أصحاب تعز بجانبه هم يريدون تفجير الأوضاع و شنّ الرئيس حملة شرسة على عبدالله عبدالعالم وهي من صناعة وإنتاج مطبخ الاستخبارات للتلفيق والتزوير.
وتطرق الرئيس إلى موضوع مجاهد القهالي. لقد تخلصت من أهم ركائز الحمدي العالم والقهالي فرق الله شملهم واشتعل الخلاف بينهم فتمكنا منهم وكانت حركة مجاهد القهالي أخطر على النظام وعلى صنعاء من عبدالله عبدالعالم.
ثم سألني ماذا فعلت، هل نزلت إب قلت له لا وانشغلت بإنجاز البرنامج حسب الاتفاق معكم يا أخ الرئيس، قال بس يكون صغير مثل المذكرة أضعها في الجيب ومتى يكون ناجز، قلت له أربعة خمسة أيام، ثم طرحت عليه موضوع اللقاء بالجبهة الوطنية، قال هل تعرف أن إبراهيم كان يرفض اللقاء بهم، وسألني ما رأيك أنت، قلت له فرصة ذهبية أن تنفتح على كل القوى ولأجل الناس يعرفون أنك مش قبيلي وبس بل أنت رجل دولة والموالين والمعارضين مسؤوليتك جميعهم، لأنك رئيس الجميع. وافق وقال غداً في ضلاع الساعة 11 قبل الظهر أشعرهم أنت .. انصرفت واتصلت بأعضاء السكرتارية قال لي صالح الأشول هيا من فين طلعت الشمس؟ ذهبنا حسب الموعد وصلنا البيت في ضلاع أخذونا إلى بين القات وجرت أحاديث كثيرة دخل علينا الدكتور همرشولد وهو طبيب نفساني وصديق الغشمي وعلى علاقة بحزب البعث وقال هيا شوفوا الرئيس الغشمي يستقبلكم ويعترف بكم والحمدي ولا عبركم طوال عهده. علق الرئيس إلا التقى بهم لقاء واحد فقط، عدنا إلى صنعاء وقد حمل كل منا ما استطاع من القات ، وصلت وطلبت اللقاء بالإخوان وعلى رأسهم عبدالوارث .. حددوا المقيل في بيت أحمد قاسم شرحت لهم ما لدي من أخبار وكانت أحداث تعز هي المهيمنة على أجواء صنعاء بفعل المطبخ الإعلامي والدعائي المكثف للسلطة، وقد انبهر البعض من استقبال الرئيس للجبهة الوطنية وبهذه السرعة ، وفي المساء انفردت بعبدالوارث وكلمني أن عبدالله الوصابي لم يكمل البرنامج بصيغته النهائية وأخبرته عن مذكرة الجيب حسب طلب الرئيس قال تمام في كل صفحة سوف نطرح فيها قضية وسوف نركز على قضايا الساعة وسأحاول إنجازه بصيغته النهائية مع بعض الشباب.

يتبع الحلقة (12).. 

يحيى منصور ابواصبع..


  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: قصة كفاح المناضل يحيى أبو اصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي(من الذاكرة الحلقات من 1الى 11) Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً