728x90 AdSpace

26 يونيو 2020

تأملات تعزية ..؟!

 طه العامري:
لماذا ؟ وكيف ؟ وضعت الأزمة تعز في زاوية استثنائية مليئة بالمخاطر وهو ما لم يحدث في بقية المحافظات اليمنية .. تعز أيقونة النضال الوطني وعاصمة الفكر والثقافة .. تعز عاصمة التنمية والاقتصاد وبوابة الحضارة والتقدم والتحولات الاجتماعية  اليمنية بكل مناحيها ومجالاتها ؛ ماذا حدث لها ؟ وكيف تشطرت وتحولت إلى ساحة حرب مفتوحة ؟! من وضع تعز في هذا المربع ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟ وإلى متى ؟ وماهي الفوائد والنتائج المرجوة من كل هذا ؟ ولمن ستكون ؟!

تساؤلات لا حصرا لها تفجرت في راسي لحظة وقوفي مع الزميل نزار الخالد في لحظة تأمل مؤلمة بين ( تبة سوفتيل ) و ( تبة السلال ) نتأمل ( جولة القصر ) وتزيغ أبصارنا نحو تلك القمة الشامخة ( العروس  وجبل صبر ) نحاول نتلمس عبيقهما وعنفوانهما اللذان تستمد منهما  تعز الأرض والإنسان كبرائهما ..
تذكرنا حين كنا نصعد على متن ( الباص ) من جولة القصر إلى شارع التحرير والمركزي مرورا عبر الحوض وجولة الأخوة مقابل ( خمسين ريالا ) وتصل الأجرة إلى ( مائة ريال ) إذا بلغت الرحلة حيي ( الحصب أو بئر باشا ).. يؤمها كانت تعز تعيش حياتها الطبيعية رغم كل الظروف والمنغصات والأزمات التي كانت تعيشها اليمن وكان لتعز حظا منها كبقية المحافظات اليمنية .
تساؤلات تفجرت في راسي وربما مثلها كانت تدور في راس زميلي الذي كان يحدثنا عن قضايا كثيرة ولكني لم أكون مع حديثه فقد كنت أعيش زحمة التساؤلات المتفجرة في راسي عن تعز وماذا حل بها ولماذا ؟ وكيف ؟ وإلى متى ؟ وما هي الفوائد المرجوة والمكاسب التي قد يجنيها من تسببوا بكل هذا لتعز ؟!
تذكرة كيف كنت أزور تعز مع أسرتي وأتجول بكل ربوعها بفرحة واعتزاز ونفوس عامرة بالآمال والتطلعات ؛ ومن مشاتل ( ورزان ) إلى ضلال أشجار ( وادي الضباب ) دون أن ننسي حصتنا من ( روحانية يفرس ) قبل أن نرتد نحو ( صبر ) نتأمل تفاصيل شموخه وعنفوانه وصولا إلى الذروة منطقة ( العروس ) .. ثم ترتد التساؤلات لتصفعني بقسوتها ؛ كيف ؟ ومتى ؟ يمكن أن يتاح لي مثل هذه الزيارة وبذات السهولة والفرحة والطمأنينة ..؟!
ذات يوم وقبل عسكرة الأزمة وكنت في تعز ومن سكانها رغم إنه لم يسبق لي أن سكنت تعز طيلة حياتي بل كنت غالبا زائرا عابرا لها خلال سفري أو عودتي من ( قريتي ) في مديرية حيفان ..لكن وقبل أن تتفجر الأزمة عسكريا قررت أن أسكن تعز وشاء قدري أن أكون من سكان ( حي الجملة ) المحاذي لجولة القصر والقريب من ( قصر الشعب ) الذي شهدت وأولادي لحظات تدميره المؤلمة وهي لحظات يصعب محوها من الذاكرة لقساوة تلك اللحظة على نفسي ونفس كل مواطن يمني شريف يعتز بهويته وانتمائه لهذه الأرض ولتعز تحديدا .. ويقول المؤرخون إنه في يوم السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م دخل مدير مكتب الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز إلى غرفة الملك وكان الملك نائما فأيقظه من نومه وأبلغه  أن اليمن أعلنت الجمهورية فكان رد الملك فيصل مباشرة ( الله يلعن الجمهورية ويلعن تعز )..؟!!
فهل تحققت ( لعنة الملعون ) على تعز ..؟!!
أتذكر إنه وخلال ما كانت طائرة آل سعود تدمر قصر الشعب كنت برغم كل الأمي وجراحاتي وقهري وكمدي أتذكر تفاصيل ( القمة الرباعية ) التي عقدت في هذا القصر ودعاء إليها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي _ رحمة الله عليه _ وشارك فيها كل من الرئيس السوداني جعفر محمد النميري والرئيس الصومالي محمد سياد بري ؛ ورئيس الشطر الجنوبي من الوطن حينها سالم ربيع علي وكان هدف القمة هو تحييد البحر الأحمر كبحر عربي خال من أي تواجد عسكري أجنبي شرقيا كان أو غربيا وهو المؤتمر الذي اغضب نظام ال سعود كما أغضب نظام الرئيس السادات وأغضب المعسكر الاشتراكي وزاد غضب ( موسكو) على الرئيس سالمين وتم تصنيفه كماركسي ( ماوي ) أي من أتباع الصين وليس من اتباع موسكو وكان الصراع على أشده بين موسكو وبكين حينها ..!!
كان ذلك المؤتمر كافيا لتصفية الرئيس إبراهيم الحمدي وسالمين ..!!
دعوني أعود لتأملاتي المجبولة بكل حسرات القهر والوجع على تعز وما حل فيها وبأهلها الذين يدفعون منذ سنوات ثمن ( مؤامرة ) حيكت ضدهم وضد مدينتهم وتاريخها ودورها ورسالتها بعناية واتقان ودون أن يدرك البعض ربما هذه المؤامرة أو يسأل نفسه لماذا تعز وحدها تم تشطيرها دون بقية المحافظات ؟ لماذا عمل المتصارعين وبحرص على تقسيم تعز وأبنائها ولم يحدث مثل هذا في بقية المحافظات التي تعيش المواجهة موحدة ويمارس أبنائها حريتهم بالحركة والتنقل وزيارة الأهل والأقارب ما عدا تعز حكم عليها بالتقسيم وحكم على أبنائها بالتباعد وعدم القدرة على الحركة والانقطاع عن زيارة احبابهم واصدقائهم ..؟!
ففي داخل ( المدينة )هناك أسر تعيش  بعيدة عن نصفها الأخر المتواجد في منطقة ( الحوبان ) وهناك أسر تعيش بالحوبان وكل أملاكها ومكاسبها داخل المدينة وهناك الكثير من الماسي التي تسبب بها هذا التشطير والتقسيم لتعز بعد أن غدت المسافة التي تفصل بين جولة القصر وشارع التحرير _ مثلا _ بضعة دقائق صارت ساعات طوال يقطعها المحتاج عبر طرق وعرة محفوفة بالمخاطر ومكلفة ماديا ومنهكة جسديا ؛ وتخيلوا معي مواطن ساكن في جولة الأخوة القريبة من الحوض ومدرسة الشعب وله أقارب ساكنين في حي الجملة بالقرب من جولة القصر فماذا يفعل لكي يزورهم ؟ بالعين المجردة يمكن رؤيتهم والمسافة جغرافيا لا تحتمل ثلاث دقائق لكي يصل إليهم ؛ لكن في الواقع المفروض على تعز وأهلها وسكانها عليه أن يذهب في رحلة سفر تمر عبر طرق وعرة وصولا إلى مديرية ( سامع ) فإذا نجاه الله في رحلته هذه ولم تنقلب به السيارة أو يتعرض لرصاصة قناص من هناء أو هناك أو تم اعتقاله من قبل نقطة أمنية أو عسكرية أو تم إرجاعه بمبرر أو بغياب المبرر فهذا خاضع لمزاجية الشباب القائمين على النقط وحالتهم النفسية ؛ إذ وفقه الله ووصل إلى منطقة ( دمنة خدير ) بعد رحلة شاقة ومكلفة ومنهكة تستمر لساعات طوال فإنه إذا ما وصل لغايته وتطمن على أقاربه فأنه يظل مسكون بالهواجس والقلق عن أولئك الذين تركهم خلفه في المدينة وكيف يعود إليهم ؛ وهل ستمكنه الأقدار وتوفقه بأن يعود إليهم سالما ؟ أم سيقضي أجله غريبا في الطريق وقد لا يعلم أهله بمصيره إلا بعد سنوات أن قدر الله وحدث له مكروه ..!!
إذا أعود وأقول ما ذنب تعز وأبنائها من هذا المصير القاتم الذي يخيم على حياتهم ؟ وما هي العوائد المرجوة التي ستعود على من تسبب لتعز وابنائها بكل هذه المعاناة ؟
هناك ثمة تساؤلات أخرى دعوني أسردها ولتتسع صدوركم لها أعزائي وهي أن تعز انقسمت وتشطرت وأنقسم أبنائها وتوزعوا بين أطراف الصراع  وأصبحت تعز وأبنائها موزعين بين ( الشرعية ) و ( سلطة الأمر الواقع ) ودعوني أبدا بتوجيه تساؤلاتي  لجانب ( الشرعية )  الأ يستحق من أتبعوكم وأيدوكم وناصروكم حياة أمنة ومستقرة وكريمة لقاء مواقفهم إلى جانبكم ؟ ماذا يجري في تعز المدينة من فوضى وقتل ونهب وظلم وطغيان وجرائم يومية تنشر عبر مواقع تابعة للشرعية ومناصريها ؟ 
لماذا لم تتحملوا مسئولياتكم في تحقيق السكينة والاستقرار داخل النطاقات الخاضعة للشرعية وضبط إيقاعات الحياة وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لمن أخلصوا لكم وناصروكم ضد الأخر الذين تطلقوا عليهم ( انقلابيين أو مليشيات مدعومة من إيران ) والكل يعلم أن إيران محاصرة ومفلسة ولا تقوى على تحويل فلسا لاتباعها في صنعاء فيما أنتم ولله الحمد الأمور ميسرة معكم وقد عمرتم تركيا ومصر ودبي وماليزيا وتعيشون في حالة ترف واضح لا يخفى على أحد ؛ بدليل أن الكثيرين من اتباعكم نعرفهم كانوا قبل أن يتفجر الصراع يشحتون قيمة (علبة سجائر ) وبعضهم كان مجرد أستاذ في مدرسة يعيش على راتبه الذي بالكاد يكفيه ؛ اليوم أصبحوا من كبار الأثرياء ويملكون مشاريع ضخمة وعقارات في العديد من عواصم العالم ؛ بل ومنهم من أصبح له جمعيات خيرية باسمه تنشط داخل مدينة تعز لمساعدة المحتاجين كما يزعمون على غرار جمعية ( الشيخ حمود سعيد ) و ( جمعية تؤكل كرمان ) وقد تشهر قريبا جمعية ( عبده حمود ) وجمعية ( سالم ) وربما جمعيات أخرى بأسماء كانوا أصحابها حتى عام 2015 م يتسولون رزقهم اليومي ..؟!
قهري ووجعي عليك يا تعز ..؟! وكل اللعنات لمن تسببوا بمعاناتك إلى يوم الدين .
تعز  _ مساء 16 يونيو 2020 م
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: تأملات تعزية ..؟! Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً