أستطاعت الصين ومن خلال جوجل الحصول على قاعدة بيانات مشتركي جوجل في أمريكا والعالم وكل المعلومات المتصلة بأداء الشركة وعلاقتها وارتباطاتها ، حدث ذلك بواسطة طاقم من علماء التقنية الصينيين الذي عملوا ضمن موظفي جوجل في بكين والذين تظاهروا بأنهم لا يتحدثون اللغة الإنجليزية وأوهموا نضرائهم الأمريكيين أنهم لا يجيدون سوى لغتهم الأم الصينية فيما أقل واحد من هولاء الموظفين الصينيين يجيد ثلاث لغات إلى جانب لغته الأم ..بعد هذه الواقعة أشتدت سخونة المواجهة الاستخبارية والتقنية وحرب المعلومات بين واشنطن وبكين وفي ديسمبر 2013م صدرت أول إشارة إستباقية من واشنطن وكان مصدرها شركة ( مايكروسوفت ) التي كانت أول من تحدثت عن ( قراصنة صينيين ) ؟ لماذا ( مايكروسوفت ) وليس ( جوجل ) ؟ كانت تلك رغبة صناع القرار الأمريكي الذين لم يحبذو التحدث عن مآسة جوجل في الصين بل راحوا وعملوا من خلف الستار على مسارين الأول رفع وتيرة العمل الاستخباري ضد الصين ..الثاني بدء حوار ومفاوضات غير معلنة مع الصين .. في مارس 2014م أصدر ( البنتاجون تصريحا مقتضبا عن قراصنة معلوماتية تعرضت لها بعض دوائر البنتاجون ومصدر هذه القرصنة الصين ، ولم يغفل التصريح من توجيه تحذيرا للصين ومطالبتها بوقف مثل هذه الأعمال ) ..ظلت الحرب الاستخبارية تتواتر فيما المفاوضات لم تسفر عن نتائج ترضي واشنطن وتبلغ الأزمة ذروتها حين صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أوائل العام 2015م للصحفين بأن واشنطن ستقوم بسلسلة إجراءات عقابية ضد الصين لقيامها بسلسلة من أعمال ( القرصنة ) ضد مؤسسات وشركات أمريكية ..؟!
في يونيو 2017م أصدر البنتاجون بيانا أدان فيه ( الجيش الأحمر الصيني واتهم بيان البنتاجون الجيش الصيني بالقيام بأعمال قرصنة ضد مواقع تابعة للبنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية وبعض المؤسسات والشركات الأمريكية ولم يغفل البنتاجون عن توجيه تحذيرات لبكين وتوعدها بإجراءات صارمة ) وفعلا أقدمت واشنطن على اتخاذ سلسلة من الإجراءات العقابية بحق مؤسسات وشركات صينية كما شملت عقوبات أمريكا شخصيات صينية مرتبط نشاطها بتقنية المعلومات ..
بيد أن كل ما صدر عن واشنطن من تصريحات وبيانات عن حكاية ( القرصنة الصينية ) لم يكن له أساس من الصحة ولم تكن هناك مشكلة من أساسه متصلة بعملية ( قرصنة ) بل كانت القصة مرتبطة بشركة ( جوجل ) وما حدث معها في الصين وكيف تمكن الصينيين من سحب قاعدة بيانات الشركة ثم قطعوا حبل تواصلهم مع الشركة وكان المطلوب هو العكس ..؟!
نعم كان المطلوب أن شركة ( جوجل ) تؤسس قاعدة بيانات صينية ومن ثم تسلمها للإدارة الأمريكية في سياق سيناريوا الصراع المفتوح وهو ما لم يحدث وما حدث هو العكس لذلك راحت واشنطن تقوم بحملات إعلامية إستباقية في ذات الوقت تخوض حربا استخبارية واسعة النطاق ضد الصين وحلفائها وفي الوقت تفاوض بكين وعبر موسكو احيانا بهدف ثني بكين عن توظيف ما لديها من معلومات كما حدث مع موسكو ..؟!
طيب ثمة سئوال لابد أن يقفز في رأسي القارئ والمتابع لهذه الحكايات ويقول ..هل الأمريكيين اغبياء لهذه الدرجة ؟ والجواب قطعا لا ؟ طيب هل امريكا الدولة العظمى وصاحبة الأجهزة الأكثر قدرة وتقنية مخترقة لهذه الدرجة التي تجعل الآخرين يحصلون على ما يريدون منها من معلومات ومنها معلومات حساسة وخطيرة وتمس الأمن القومي الأمريكي ؟ الجواب أيضا قطعا لا ..فأمريكا دولة عظمى ودولة مؤسسات وذات قدرات استخبارية عالية ولديها أجهزة تغطي خارطة الكون وتنساب إليها مع كل دقيقة معلومات من كل أنحاء العالم وتعرف قصص الدول والرموز والنخب والفعاليات ولديها قاعدة بيانات متكاملة عن كل نشطاء العالم ومسئوليه بأنظمته وأجهزة العالم الأمنية والعسكرية تكاد تكون معروفة لدى أجهزة واشنطن لكن ثمة أزمة مفصلية تعيشها أمريكا في داخلها وداخل مؤسساتها السيادية ومراكز صناعة القرار فيها والأزمة تطال مؤسساتها التشريعية والرقابية والتنفيذية ومصدر هذه الأزمة هو ( القلق من الغد الأمريكي وعلى أي شاكلة سيكون )..؟!!
نعم أزمة أمريكا هي أزمة داخلية وهي أزمة بنيوية متصلة بهيكل الدولة ومؤسساتها وهي أزمة متصلة بتداعيات الراهن الأمريكي وارتباطاته الدولية ومتصلة بمستقبل أمريكا وايضا مستقبل علاقتها الدولية وكل هذا مرتبط برؤية أمريكا وأهدافها الاستراتيجية ومصالحها الحيوية أو ما يطلق علية الأمريكيين ( أمنهم القومي ) والكيفية التي ستمكنهم من تحقيق أهدافهم وتحقيق مصلحة أمنهم القومي ..؟!!
طبعا في الغرب بصورة عامة وفي أمريكا خاصة هناك قدرا من الشفافية والوضوح في تعاطيهم مع قضاياهم الاستراتيجية بعكس حالنا نحن في العالم الثالث الذي لانعرف فيه كيف يأتي رئيس الدولة ؟ وكيف يعيش ؟ وكيف يرحل من الرئاسة ؟ وكيف يموت ؟ لان بنظرنا هذا يعد من أسرار أمننا القومي ويكفي أن في عالمنا يقراء مذيع الاخبار الرسمية نشرة الأخبار في الإذاعة والتلفزيون وأمامه وخلفه ( كتيبة من المخبرين الغلاظ الشداد ) وغلطة واحدة لو غلطها قارئ النشرة كفيلة بأن تذهب به إما للعالم الآخر أو لأقرب ( زنزانة) معتمة لايعرف فيها الليل من النهار ولا يساره من يمينه ..؟!
هذا السلوك لا يوجد في الغرب وخاصة في أمريكا التي قد يتم اغتيال الرئيس فيها مهما كانت مكانته إذا ما قرر ( الكارتل الاقتصادي ) التخلص منه ولن يعرف أيا كان من العامة كحالنا كيف ؟ ولماذا قتل الرئيس ؟! حكاية كندي انموذجا ونيكسون ايضا ؟ وايضا كيفية صعود ترامب ودخوله البيت الأبيض رغم أن 90% اليوم من الشعب الأمريكي لا يرتاحون لرئاسته ؟ و80% من ناخبيه لو سألتهم اليوم لقالوا إنهم لا يحبذو رئاسة ترامب لبلادهم ..؟!! إذا ما هي الحكاية ..؟ الحكاية وبكل بساطة هي عند الكارتل الاقتصادي أو حكومة أمريكا الخفية وهي حكومة تصل بسطوتها ونفوذها لكل العالم وهذه القوة هي التي ترغب بضمانة مستقبل أمريكا لأنها تريد تضمن مستقبلها لمستقبل أمريكا مرهون بديمومة نفوذ وتسلط وتحكم هذا الكارتل بالاقتصاد العالمي وهذا الكارتل أكثر ما يخشاه هو ( الكساد الاقتصادي ) ..وهذا الكساد مؤشراته بدت على الاقتصاد الأمريكي كما أن النمو الروسي - الصيني وتحالف هذا الثنائي مع دول الاقتصاديات الناشئة يعد من أخطر التحديات التي تواجه أمريكا وكارتلها وصناع القرار الاستراتيجي فيها ..ويكفي أن نعرف أن الحربين العالميتين الأولى والثانية قامتا على خلفية الكساد الاقتصادي ومن أجله تم التضحية بملايين البشر ..!!
يتبع - :