728x90 AdSpace

19 مارس 2019

من الذاكرة المقال رقم (11) الرئيس الصماد من ميلاد "المجلس السياسي الأعلى" إلى الاستشهاد

بقلم / أحمد الرازحي :
من الذاكرة المقال رقم (11)فكنا في أعمالنا السابقة نلتزم ببرنامج عمل مرنٍ، لكن كان "أبا الفضل" يلتزم نظاماً صارماً في اليقظة وليس في النوم؛ مما جعلنا ننظم برنامج العمل على إيقاعه الذي يرغبه، فنضبط الساعات الزمنية على تحركاته وكأنه يمشي وعقارب الساعة، فهو لا يحيد عنها قيد أنملة.

فهو في الثلث الأخير من الليل عندما يرخي الليل سدوله، وتغور نجومه يكون في مُصلاّه يصلي ويذكر الله ويتدارس القران هو ورفاقه حتى مطلع الشمس، كان قليلا من الليل ما يهجع، وبالأسحار يستغفر ويذكر الله ويعظِّمُه ويسبِّحه. 
وعندما كانت الشمس ترسل أشعّتها لتخترق الشبابيك، كان ينام نوماً خفيفاً ولا يهتم بموعد الإفطار، فيستيقظ ويتناول فطوره – فطور الزاهدين الذين قلوبهم متعلقةً بالملكوت الأعلى- ثم ينصرف إلى أوراده وأدعيته، وكان هو ورفاقه يكثرون من التسبيح والاستغفار، ثم يرتدي ملابسه ليذهب إلى مقر عمله، يستقبل الزوار من قيادة الدولة ومن غيرهم ممن يطلب اللقاء به، ويفصل في القضايا، ويقدِّم الحلول العاجلة والسريعة، ويجبر الخاطر، ويُبلسم الجروح، يبتسم لهذا ويُقبل ذاك فوق رأسه، لا يكل ولا يمل ولا يستفزه أحد، يمتص الغضب بأخلاقه السامية وابتساماته الصادقة، ويٌلقي حكمه ونصائحه كالدُّرر تترك في نفوس المتلقين أثراً ينعكس على تعاملاتهم.
هذا جزء من برنامجه الصباحي باختصار شديد، وهناك فترات أخرى وبرامج للعمل، فكان يعمل الليل مع النهار، وسنحكي عن بقية برنامجه لاحقاً -إن شاء الله- إن كان لنا من العمر بقية.
وأذكر في يومٍ من الأيام، كان الرئيس مريضاً وأصبح طريح الفراش لم يستطع النهوض على قدميه فأرسلنا له رسالة بأنّ ثلاثة أشخاص يريدون اللقاء به للضرورة العاجلة، وأننا قد اعتذرنا لهم وأبلغناهم بأن الرئيس مريض وسيقابلهم بعد تعافيه من مرضه، وكُنا نعتقد بأنه سيقول لنا: أحسنتم على هذا التصرف، فكان جوابه علينا: اتصلوا عليهم وأبلغوهم بأنني مستعد لمقابلتهم الآن، وعليكم أن تأتوا بهم إلى منزلي، وقال : "عيبٌ يا رجال بحق السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- إذا ما لقيتهم با يضطروا يسافروا إلى السيد ليلقاهم، وهذا ما يجوز من ربي ينشغل السيد بمواضيع هكذا ونحن موجودون" ، وكعادة الرئيس -رضوان الله عليه- عندما يخالفنا الرأي في أي موضوع يُلقي كل الحجج والأدلة التي عنده وكأنه يريد يجبر خاطرنا ويوضح لنا ما غاب عن إدراكنا.
وقال: " بأن السيد عبدالملك سيعاني من غربة أشد من غربة الامام على -عليه السلام- ولم يبقَ إلاّ أنْ يقول السيد كما قال الامام علي: "لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظا" هذا إذا لم نقم بواجبنا ومسؤوليتنا تجاه الناس، ونكون عوناً وسنداً له ليتفرغ للقضايا الكبرى".
ولم أذكر ما إذا كانت كلمات الرئيس الشهيد قد أحاطت بهذه المعاني الجليلة، لكن إيحاءها قد نقلنا إلى رؤى وعوالم جديدة، وأخذ بشغاف قلوبنا وخيم على تفكيرنا؛ ليرسم معالم ومسارات جديدة لم نكُن نُدركها بهذا الشكل والمضمون.
كلّما أتذكر المواقف من حياة الرئيس تزداد مرارتي ويكون لسان الحال يقول: "وفي الليلة الظلماء يفتقدُ البدر".


  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: من الذاكرة المقال رقم (11) الرئيس الصماد من ميلاد "المجلس السياسي الأعلى" إلى الاستشهاد Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً