728x90 AdSpace

5 يونيو 2017

ســـورية: «الأســـوأ وراء ظهورنــا إذا....» هــكذا

بقلم: العميد د. أمين محمد حطيط*
في عبارة بالغة الدلالة والأهمية أكد الرئيس الأسد للوكالة الإخبارية الهندية وفي معرض توصيفه للوضع السوري بشكل عام والوضع الميداني بشكل خاص ان «الأسوأ وراء ظهورنا إذا توقف الغرب عن دعم الإرهاب» .... فما الذي عناه الرئيس بهذه العبارة وهي عبارة فيها اختصار للواقع وتقدير للمستقبل؟
في حقيقة الأمور وانطلاقاً من الوضع الذي دخل فيه المشهد السوري العام نستطيع أن نقول إن العدوان على سورية بالشكل المتعدد الخطط والوسائل منذ العام 2011، عدوان وصل الآن إلى الحائط المسدود على الصعيدين السياسي والعسكري.‏‏
فعلى الصعيد السياسي يكفي ان نأخذ بما قاله مؤخراً أحد من يسمون أنفسهم «قيادات في المعارضة السورية» (رياض حجاب) الذي وبعد أن لمس حجم الاستخفاف الفرنسي بزيارة وفد المعارضة تلك لباريس وبعد ان حصرت الزيارة بمصافحه الرئيس الجديد ماكرون ومحادثة مستشاره لأقل من ساعة، وبعد أن وصف لهم حال المعارضة السورية التي ينتمي إليها وشهد ردة فعلهم على التوصيف خرج ليقول بأن هذه «المعارضة في أسوأ حالاتها» فشهد شاهد من أهله وأكد أن المعارضة مفككة متناحرة ذات مرجعيات خارجية متعددة ومتصارعة ولا تملك برنامجاً سياسياً تتفق عليه، وليس لها في الميدان قوة تتخذها أوراق ضغط في السياسة والتفاوض، إن معارضة هذه حالها هي معارضة لا تستحق هدر الوقت في التفكير بها وبوزنها وقدرتها لتكون طرفاً ندياً أو متكافئاً أو أقله متقارباً مع طرف آخر تمثله دولة صامدة ذات مؤسسات وطنية تعمل رغم كل الظروف، وذات حضور دولي فاعل رغم كل أنواع الحصار.‏‏
أما على الصعيد العسكري الأمني الميداني، فإن الناظر في الميدان السوري يجد أن المواجهة مع الإرهابيين والمسلحين باتت تظهر وفقاً لخريطة من خطوط ثلاثة رسمتها الانتصارات السورية في الميدان، وساهمت في تظهيرها مؤخراً مذكرة مناطق خفض التصعيد، وعززتها انتصارات العراقيين بجيشهم وحشدهم الشعبي على الجانب الشرقي من الحدود العراقية السورية وبالتالي فإن الميدان السوري يقرأ الآن وفقاً للتالي:‏‏
1) إمساك الجيش العربي السوري وحلفاؤه بالوضع في المدن الأساسية الكبرى والجزء الأساسي المأهول بالسكان ورسم خط الأمن الوطني الممتد من حلب شمالا إلى دمشق وريفها جنوبا شاملاً حماة وحمص وكامل منطقة الساحل، وإن البؤر أو النواحي التي لم يدخلها الجيش غربي هذا الخط عطلت فيها الفعالية الإرهابية وقدرات المسلحين عبر مذكرة خفض التصعيد، وإن هذا الواقع حقق قفزة نوعية لمصلحة الأمن والاستقرار في سورية حيث تمكن الدولة من القيام بالكثير لمصلحة المواطن والاقتصاد الوطني في منطقة يقطنها أكثر من ثلثي الشعب السوري .‏‏
2) استمرار تنفيذ الجيش العربي السوري وحلفائه خطة تطهير البادية شرقي خط الأمان الوطني المنوه عنه أعلاه، وانطلاق القوة المولجة بالمهمة والمختارة بعناية بالغة وفقاً لظروف الميدان، انطلاقها جدياً وبفاعلية للتنفيذ. وبالفعل حققت هذه القوى إنجازات بالغة الأهمية في ريف حلب الشرقي حتى استكملت تطهيرها واستعدت للتحول جنوباً، كما أنها حققت قفزات نوعية في البادية السورية جنوب شرقي تدمر، وتابعت تقدمها في البادية أيضاً باتجاه معبر التنف في عمل منسق على محاور متعددة متوجهة إلى الحدود الشرقية لسورية مع العراق لملاقاة القوات العراقية الوطنية التي تتقدم بثبات واقتدار من الشرق والشمال وتجهز على داعش في المنطقة الحدودية بعد ان دخلت في المرحلة الأخيرة لتطهير الموصل. وبالفعل كان لتحرير قضاء البعاج العراقي على الحدود السورية دلالات مهمة منحت القوى العراقية مكاسب معتبرة تبني عليها في عملياتها الحدودية المتتابعة التي ساهمت في إسقاط خطة الفصل والعزل التي اعتمدتها أميركا مؤخرا كخطة انقاذ بديلة لخططها الأساسية الهادفة إلى أسقاط سورية والعراق.‏‏
3) عجز القوة الإرهابية المتبقية في الميدان داعش وسواها، عن القيام بعمليات هجومية قابلة لتحقيق الانتصارات المستقرة، وقد يكون هذا العنصر في المشهد هو الأساس في إطلاق القول بأن «الأسوأ بات وراء ظهورنا» فمن ينظر بالسلوكيات الميدانية التي يلجأ اليها المسلحون والإرهابيون يجد أنها في واحد من ثلاثة عناوين، إما أنها خامدة تنتظر أيام المواجهة الدفاعية، او أنها في مرحلة اشتباك دفاعي ميؤوس منه ولذا فإنها تتقهقر أمام تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه كما حصل في ريف حلب الشرقي وريف حمص الشرقي والبادية جنوبي شرقي تدمر، أو على اتجاه التنف حيث يستمر التقدم رغم الوقاحة الأميركية بالتهديد و التحذير، وإما أخيراً في عمليات هجومية محدودة وفاشلة كما حصل في جنوبي درعا حيث سحق الجيش العربي السوري هجوماً استهدف حي المنشية فيها.‏‏
وفي المحصلة نجد إن المشهد السوري هو بالفعل في وضع يدعو إلى الطمأنينة والثقة بالمستقبل، ويمكن للمراقب المتابع لمسار الأحداث بأن يقول بأن سورية باتت في الهزيع الأخير من ليل أزمتها التي صنعها العدوان الأميركي الكوني. وبالتالي فإن القول بأن «الأسوأ بات وراء ظهورنا « كما حدد الرئيس الأسد هو بالفعل توصيف موضوعي دقيق تؤكده الوقائع والحقائق الميدانية والسياسية، ولكن لماذا قال الرئيس « إذا لم يتوقف الغرب عن ...»‏‏
إننا نرى ان الرئيس و في ذهنه صورة واضحة ان ما جرى في سورية لم يكن عملا داخليا او ثورة شعبية كما زعموا و لفقوا ، بل كان عدوانا خارجيا بدأته قطر و تركيا و التحقت بها السعودية إقليميا ، و قادته أميركا و خلفها بريطانيا و فرنسا دوليا ، و بالتالي طالما ان هذه الدول مصرة على متابعة العدوان فان الحذر يجب ان يبقى قائما و يكون على سورية و حلفائها التيقظ إلى ما يمكن ان يقدم عليه هؤلاء من سلوكيات عدوانية برز بعضها مؤخرا من خلال التصرفات الأميركية التي استهدفت بنار التحالف الأميركي وحدات الجيش العربي السوري ، أو ما سربته أميركا منذ يومين بأنها شرعت في تعزيز وجودها العسكري في جنوبي سورية و تقصد على الحدود السورية الأردنية قرب التنف في استعراض إعلامي يكمل ما قامت به الطائرات الأميركية من القاء قصاصات ورقية تحذر فيها سورية من الاقتراب من المراكز العسكرية التي أقامتها أميركا هنالك خرقا للسيادة السورية .‏‏
ان التحذير الذي أطلقه الرئيس من شانه ان يحمل مسؤولية استمرار الإرهاب في سورية وعبرها إلى العالم يحمله للغرب بقيادة أميركية، وهنا يكون واضحا بان ادعاء الغرب محاربة الإرهاب هو زيف ونفاق، وان سورية تقول للغرب بقيادة أميركية توقفوا عن دعم الإرهاب ونحن نتكفل بالقضاء عليه في بلادنا، وكفوا شركم عنا ونحن نتدبر امر امن شعبنا، كما انه يقول للسوريين والحلفاء والأصدقاء حذار الاسترخاء طالما ان هناك قوى دولية عظمى مصرة على العدوان علينا.‏‏
وعليه نرى ان الواقع السوري الآن فيه من عناصر التفاؤل ما يجعل المعنيين بالدفاع عن سورية مطمئنين لانتصارهم في الحرب الدفاعية التي خاضوها على مدار نيف وست سنوات، ولكن يبقى الحذر والتيقظ لمواجهة أي مستجد تلجأ اليه قوة العدوان من اجل إطالة أمد العدوان او تعويض الفشل السابق، انه تحسب والعسكري يبني دائما على توقع الأسوأ.‏‏
* استاذ جامعي وباحث استراتيجي - لبنان‏‏
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: ســـورية: «الأســـوأ وراء ظهورنــا إذا....» هــكذا Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً