بقلم :هشام الهبيشان .
أجزم أن غالبية المتابعين للشأن الأردني الداخلي والخارجي على السواء لم يتفاجئوا ،بنتائج التقرير الاخير لمنظمة فريدوم هاوس الذي صدر قبل ايام ووضع الأردن في خانة الدول غير الحرة في تقريرها الجديد حول الحريات والممارسات الديموقراطية على مستوى العالم ككل ،هذا التقرير ليس الأول وليس الاخير الذي يتحدث عن ممارسات خاطئة يمارسها النظام الأردني اتجاه الشعب الأردني ،فهناك اليوم العشرات من التقارير والدراسات المحلية والعربية والدولية التي تؤكد ان الأردن خلال العقد الاخير على الاقل ،بدأ يتراجع بشكل كبير على سلم الترتيبات والتصنيفات العالمية للدول الديمقراطية ،فهناك اليوم حالة غير مسبوقة من التعديات على حرية الاراء والتعبير ،وغياب شبه كامل للممارسة الديمقراطية الشعبية ،وكل هذا يتم وسط حالة من التضييق الامني والسياسي على حرية الاعلام والاعلاميين .
في العام 2015،اعتقل عدد كبير من الصحفيين والكتاب وحتى الفيسبوكيين في الأردن ،وتحت ذرائع كثيرة تحميها للأسف قوانين وتشريعات رجعية قاتلة للحرية ،كما وتم فصل العديد من الكتاب والصحفيين من اصحاب الرأي الاخر المعارض لجزء من سياسة النظام والحكومة الأردنية من اعمالهم الحكومية التي يعتاشون منها وهذه التجربة مررت بها "شخصيآ " قبل أيام ،وهذا طبعآ يدخل من باب الترويع لكل شخص يعارض سياسات قمعية تفرض على الشعب العربي الأردني .
في العام 2015،وفي الوقت الذي تحارب به معظم حكومات العالم ظاهرة الفساد ،نجد بالأردن من يعاقب كل من يطالب بمحاكمة الفاسدين وفتح قضايا الفساد ، فعندما طالبنا وغيرنا بمحاكمة وليد الكردي" الهارب من وجه العدالة " وغيره وغيره ،عوقبنا بفصلنا من وظائفنا ،ومع ذلك سنستمر بالمطالبة بمحاكمة الفاسدين والمفسدين والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمان والبلديات والملكية الاردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار واراضي الديسي والجفر ، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة – عمّان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي واراضي ألاغوار ، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكة حديد العقبة، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية،والفساد الإدراي ،والتنفيع ،واستغلال الوظيفة العامّة ، و… ألخ.
في العام 2015،اقرت بالأردن قوانين تضييقية على حرية الاعلام والصحفيين والإعلاميين والكتاب وعلى كل شخص يخالف رأي وتوجهات النظام والحكومة بالأردن ، فاليوم نرى بشكل غير مسبوق تضييق كامل على حرية الإعلام ،وهناك عشرات القضايا المنظورة أمام القضاء و التي يحاكم بها إعلاميين وصحفيين اليوم بالمحاكم الأردنية،والهدف هو ترويع وترويض الإعلام ذو الرأي الأخر .
ختامآ ،أن فتح ملف الحريات وإكذوبة الاصلاح بالأردن،يحتاج لوقت طويل ومقالات عدة ودراسات عديدة ،لتسليط الضوء على حجم القمع الذي تمارسه الحكومة الأردنية ومن خلفها بعض اقطاب النظام الحاكم وبعض الاجهزة الامنية على حرية الاعلام ذو الرأي الاخر الذي يخالف توجهات النظام والحكومة ،وعلى هؤلاء بمجموعهم أن يعلموا أن كثرة الضغط ستؤدي آجلآ أم عاجلآ للانفجار ،وهذه دعوة مفتوحة ومستمرة للنظام الأردني للتعقل بافعاله اتجاه من يخالفه الرأي ،فالتلويح بالقبضة الامنية والتهديد بمنع لقمة العيش قد تجدي نفعآ بالوقت الحالي ،ولكنها على المدى الطويل سترتد بشكل سلبي على الجميع ،فهل سنرى بالعام 2016 اسلوب تعامل ديمقراطي وعصري من قبل النظام مع الاعلام ذو الرأي الاخر ،سننتظر القادم من الايام .....