السبئي نت - رام الله:
تدين وزارة الخارجية بشدة ليس فقط تواطؤ الحكومة الإسرائيلية مع انتهاكات المستوطنين واستفزازاتهم بل وصمتها على عمليات القتل التي يقوم بها المستوطنون المتطرفون ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، وحمايتها للقتلة، وتؤكد الوزارة أن هذه الجرائم باتت تلقى التشجيع من التصريحات والمواقف التحريضية المعلنة التي يدلي بها أكثر من مسؤول إسرائيلي.
وللتأكيد على ذلك، ترى الوزارة ضرورة توضيح التناقض بين الموقف الإسرائيلي إزاء حادث الدهس في سنجل وحادث الدهس في القدس، لتبين للرأي العام العالمي مستوى التمييز الذي وصلت إليه المؤسسة الإسرائيلية الرسمية في ممارسة عنصريتها البغيضة ضد المواطنين الفلسطينيين.
كالعادة، وصل باص الروضة الذي يقلّ الأطفال، ومن بينهم إيناس دار خليل (5 أعوام)، التي فتحت ذراعيها من بعيد؛ تلهُّفاً لاحتضان والدتها، وعبورهما الشارع معاً ككل يوم، وحينئذٍ كانت سيارة أحد المستوطنين، تمر مسرعةً في الطريق، أشارت له الأم مرارًا وتكرارًا، كي يتوقف، وأوحى بأنه فهم الإشارة، بتخفيف سرعته، ولما اقتربت الطفلة، لم يتردد في دهسها!
تقول والدة الطفلة إيناس: " كل يوم كنا نقطع أنا وجارتي الشارع، لنصطحب طفلتي إيناس، وابنة جارتي تولين عصفور.. كنا نخرج من بيوتنا عند الواحدة إلا ربعاً ظهراً، وننتظر باص الروضة، ويوم وقوع الحادثة، كان هذا الشارع فارغاً، إلا من سيارة أحد المستوطنين.. "، تقول والدتها التي تقطن في قرية سنجل شمال رام الله المحتلة، مضيفةً: " لما اقترب المستوطن من الطفلتين، اللتين كانتا واضحتين، ومكشوفتين بالنسبة له، بدأتُ بالصياح لهما كي لا تقطعا الشارع، وكان بيننا ثلاثة أمتار.
لوّحتُ له بيدي، مراراً وتكراراً، كي يتوقف؛ لأن الطفلتين ستعبران الشارع، فخفف من سرعته، غير أنه لما اقترب منهما دهسهما؛ فلا أنا كنت قد تمكنت من الوصول إليهما بعد، ولا هما تمكنتا من الوصول إلينا.
طارت طفلتي في الهواء 10 أمتار تقريباً، صرخت وصرخت حتى تقطعت أحبالي الصوتية، هل يمكن تخيُّل أن طفلةً بريئة يدوسها مستوطن، وتطير في الهواء كالعصفورة! لقد كان وجهها مُزرقاً، ولا تنبس ببنت شفة!
ضممتها، وجريت بها إلى سيارة أحد الشبان العرب الذي مر قدراً، وأخذناها إلى مستوصف قريب، لا تُجرى فيه عمليات جراحية، وبعد أن زودوها بالأوكسجين هناك، اصطحبناها إلى مستشفى في رام الله، وأجروا لها صور أشعة، ثم قالوا: إنها بحاجة إلى عملية، وأن المستوطن لما دهسها أصابها على جنبها، على الكبد"؛ تتابع والدتها.
إذن قام المستوطن المتطرف بدهس الطفلة إيناس، ولم يحاول التوقف ونقلها إلى المستشفى، ولاذ بالفرار، وانبرى المسؤولون الإسرائيليون للتأكيد أن ما جرى لا يعدو كونه حادث سير عادي.
بالمقابل، كيف تعاملت سلطات الإحتلال الإسرائيلي مع الحادث الذي وقع في القدس يوم الأربعاء المنصرم؟ فور وقوع الحادث، قامت الشرطة الإسرائيلية بملاحقة الشاب عبد الرحمن ادريس الشلودي، وبدلاً عن اعتقاله ومحاكمته قامت باطلاق عدة رصاصات عليه واعدمته ميدانياً، رغم عدم امتلاكه لأي سلاح. وفي ذات الوقت وبشكل فوري ودون أدنى دراسة أو جمع معلومات أو أدلة أو معطيات أو حتى أي حد أدنى من التحقيق انطلق سيل من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتبروا الحادث ودون تردد أنه " عمل ارهابي "، وقاموا بتحميل القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس المسؤولية عنه.
وكشف التشريح عن الأسباب التي أدت الى استشهاد الشاب الشلودي، حيث أطلق على الشلودي من مسافة قريبة 3 رصاصات، احدها في منطقة الظهر أصابت الكبد وفجرته، إضافةً الى قطع أحد شرايين إحدى الكليتين، وأخرى في قدمه اليسرى، وثالثة بالخصية اليمنى، أما السبب الرئيسي للاستشهاد هو " طول فترة مكوث وتواجد الشهيد الشلودي في مكان الحادث دون تقديم العلاج الفوري له".
هذه المعطيات للحالتين تؤكد أن إسرائيل توظف القوة للتأسيس لقانون ومنطق معكوس يصب لصالح القوة القائمة بالاحتلال، بغض النظر عن الوقائع على الأرض والأدلة والمستندات. وبالتالي فإن الفلسطيني ضمن مفهوم الاحتلال هو ارهابي حكماً، بينما الإسرائيلي فله مبرراته وأعذاره وحصانته عندما يرتكب جرماً بحق الفلسطيني، فالقانون يحمي الإسرائيلي بينما كل القوانين الإسرائيلية وضعت لتجريم الفلسطيني.
انتـــــــــــــهى
وزارة الخارجية / رام الله
29/10/2014