بقلم / طه العامري
يمكن القول وعلى ضوء معطيات راهن الحال الوطني إننا في هذه البلاد المسمى _ مجازا اليمن السعيد_ نعاني من أزمة " هلامية الوعي " ونعيش أزمات اجتماعية مركبة حافلة بالتعقيدات الاجتماعية التي أثمرت بدورها هذه " الفنتازيا السياسية " المؤصلة تباعاتها اجتماعيا ,
وهو ما يحول دون إدراك أو استيعاب خارطة الاحداث بطريقة علمية ومنهجية للمراقب الذي لا يدرك ولا يستوعب الخارطة الاجتماعية الحاضنة لأدوات التناقض المجتمعي بكل ابعاده الحضارية .. غير أن من السهولة اكتشاف خارطة الأحداث اليمنية وتداعياتها لمن يدرك حقيقة الأهداف والدوافع التي أوصلت اليمن الأرض والإنسان والقدرات إلى هذا المنحى الحضاري الخطير والكارثي والمدمر للكل ودون استثناء ..!! يؤسفنا القول أن في اليمن (سلطة بلا كرامة وأرض بلا سيادة وشعب بلا ولاء وطني) ..!! وهذه الحقائق يمكن استنتاجها من خلال تأمل عابر في خارطة وتداعيات الأحداث , التي تقودها ثقافة العصبية والانتماء للقبيلة والمذهب والطائفة والحزب والفكرة السياسية , وبالتالي فأن كل الانتماءات العصبوية حاضرة في تداعيات المشهد اليمني باستثناء الانتماء للوطن الذي لم يعد حاضرا في ذاكرة وحسابات المتصارعين على النفوذ والمصالح , ايضا لا توجد هذه الصفة ايضا في الوجدان الشعبي الموزع بين كل هذه الولاءات , فيما هناك قطاع غير قليل من الشعب ايضا منهك تحت وقع الظروف الحياتية والهم الحياتي اليومي , بعد أن استطاعت قدرات وامكانيات المتصارعين إيصال هذا الشعب أو إيصال حملة الشعور بالانتماء الوطني إلى دائرة العزلة والتهميش والإقصاء وجعلهم يخوضون معارك يومية قاسية من أجل البقاء والعيش بكرامة وانتظار فرج الله سبحانه وتعالى الذي يمهل الطغاة ولا يهملهم ..!! في اليمن كل دوافع الصراع الاجتماعي حاضرة من الصراع من أجل السلطة والثروة والنفوذ , إلى صراع من أجل تحقيق المصالح والمكاسب الفئوية قبليا كانت أو طائفية , أو مذهبية , أو مناطقية , أو سياسية وحزبية .. هناء الكل تابع الطريقة الدرامية التي تساقطت فيها ومن خلالها مؤسسات الدولة أو ما كنا نحسبها مؤسسات الدولة الوطنية , لكن كشفت الاحداث أن حتى هذه المؤسسات التي دفع شعبنا بأرضه وإنسانه الكثير من القدرات في سبيل انجازها وفي سبيل تطويرها وتنميتها بطرق حضارية وعلمية , لكن الاحداث جاءات لتخرجنا من مربع الوهم الذي كنا فيه وتضعنا أمام حقائق مؤلمة وصادمة ومرعبة ..؟!! بغض النظر عن كل هذا الذي جرى ويجرى يظل التساؤل حول " دور الدولة " الفاشلة قد تكون الغائبة ممكن , الفاقدة للشرعية جائز , هذه الدولة تعني الناس والأرض والسماء والبحر والسلطة والمعارضة وكل ما يعتمل على الخارطة هو جزءا من الدولة اليمنية المفترض أنها تقوم بواجبها تجاه مواطنيها _ من خلال الية السلطة وأجهزتها _ سوى كانت هذه الدولة مشلولة أو مقهورة أو فاشلة , يبقى عليها وعلى القائمين عليها أن يدركوا أن ثمة استحقاقات وطنية مطلوبة منها أن تقوم به تجاه مواطنيها , بفعل يجسد حقيقتها وشرعية دورها .. نعرف وكما اسلفنا سابقا أن مشكلتنا في رموز " سلطوية تابعة أو مرتهنة " وفي نخب " سياسية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني غارقة في العمالة والاستلاب " وفي " وجاهات اجتماعية وقبلية تجاهر صراحة وعلنا بالعمالة والخيانة " وولائها لمن يدفع ..؟!! ونعرف أن " ثمة طابور خامس " يعمل وينشط في أوساطنا وبفعالية واجتهاد وهو من أحقر واخطر الطوابير التي عرفتها الشعوب والدول والأنظمة عبر التاريخ ..؟ نعم ليس هناك " طابور من الخونة والعملاء " قد عبث بشعب ووطن كما هو الحال باليمن , والمصيبة أن هذا " الطابور " ورغم كل " حقارته وعمالته " يحظى بغطاء سياسي وقبلي واجتماعي , وله انصار يدافعون عنه ويستميتون لأجله وفي سبيله , ومستعدين لأن يحرقوا وطنا وكل الشعب فيه في سبيل الانتصار لهذا " الرمزية المرتهنة " أو تلك ..؟!! لكي نستشرف هذا الوضع المؤسف فقط علينا التأمل في تداعيات الأحداث الوطنية وأدواتها وأهداف المتصارعين ودوافعهم لنكتشف أن كل " الموبقات حاضرة في اجنداتهم " باستثناء الوطن وأمنه واستقراره , والشعب والسيادة والكرامة الوطنية ..!! هناء لا يوجد من يقاتل من سيادة وطن وكرامة شعب , هناء لا يوجد من يقاتل من أجل أمن واستقرار وطن ومجتمع , هناء لا يوجد من يقاتل من عدالة اجتماعية أو من أجل دولة النظام والقانون ..؟ هناء يتفق كل المتصارعون على شيء واحد وهدف وحيد هو تدمير كل مقومات الدولة , وهناء كل طرف يتحدث عن " دولته المدنية " ويريدها أن تتحقق وتتشكل بالطريقة التي يريدها , لا كما يجب أن تكون هذه الدولة , أو كما يحب مواطنيها أن تكون دولتهم ..!! هناء شعب رضى بالخنوع وقبل بالاستسلام وارتضى الارتهان والتبعية لمحاور النفوذ المجتمعي المتعددة الاطياف , وارتضى أن يفرغ كل طاقاته وقدراته دفاعا عن أباطرة الصراع وتسويقهم للرأي العام كل بطريقته وبحسب مكانته..؟! على خلفية كل ما سلف فأن ما يجري في هذه البلاد من عبث بالمال والقدرات والإمكانيات والهوية ,إلى عبث بالدماء والامن والاستقرار وبطريقة هلامية تكشف حالة من تعصب اعمى وفقدان لكل قيم الانتماء الوطني ..وأي انتماء وطني يمكن الحديث عنه في ظل تحول اليمن إلى مسرح لصراع قبلي وطائفي ومذهبي ومناطقي وسياسي , تحركه ولاءات المتصارعين لأجهزة استخبارية إقليمية ودولية , أجهزة تصفي حساباتها وخلافاتها على الخارطة اليمنية وعلى حساب الدم اليمني ..!! هكذا أرى الصورة والمشهد , ولا اعتبر ما أرى " شرا بالمطلق " بالمناسبة , فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. لكن ما يجب ان نستوعبه هو أن ما يجري يعكس حالة جمعية قبلت بالعصبية المتعددة الأهداف والاصطفاف خلف رموز ووجاهات وشخصيات محلية "تابعة ومرتهنة وعميلة " .. لكن الأهم أن هناء شعب قبل بالاصطفاف خلف هذه الرموز والشخصيات وبالتالي كما تكونوا يولى عليكم .. النافذون "عملاء " وجمهور يبحث عن ذاته ومصلحته الفردية و (يلعن ابوه الوطن , والكرامة والسيادة ) والناس على دين ملوكها كما يقال ..؟!! ameritaha@gmail.com