السبئي نت - بيروت
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن "الخطرين الإسرائيلي والتكفيري متلازمان ويتساويان الآن فعليا حيث يمكن القول إن الخطر التكفيري كان خطرا مؤجلا ولكنه كان دائما خطرا".
وقال السيد نصر الله في الجزء الثاني من الحوار الشامل الذي أجرته معه صحيفة السفير اللبنانية ونشر اليوم إن "التكفيريين يشكلون تهديدا حقيقيا وجديا أينما كانوا وفي لبنان لم يكونوا تهديدا مباشرا في البداية أما الآن فهم تهديد مباشر للبنان وسورية فالملف اللبناني والسوري واحد ولذلك نحن نعتبر أن هذا التهديد هو تهديد حقيقي وفعلي ويومي كما أن التهديد الإسرائيلي هو تهديد حقيقي وفعلي ويومي".
وتابع السيد نصر الله إن التهديد الإسرائيلي هو"تهديد وجودي" كما أن التكفيريين يشكلون أيضا تهديدا وجوديا لأن كليهما يفكران بالعقلية نفسها والطريقة نفسها أي عقلية "إبادة الآخر" ولذلك يجب أن يواجها على هذا الأساس لكونهما تهديدا لكل المنطقة.
وأكد السيد نصر الله أنه مع الوقت سيظهر أن ليس هناك بيئة حاضنة للتكفيريين في كل العالم العربي والإسلامي لأن الناس لا يستطيعون تحمل التشدد والتطرف الذي يمارسونه ولكن عندما يتم توظيف هذه الجماعات في مناخ معين تختلط الأمور كما حصل في سورية عندما جاءت دول مختلفة وتبنت هذه الجماعات كان همها في "سورية إيجاد من يحمل السلاح ويقاتل النظام وليس مهما هويته وكذلك في لبنان فليست هناك بيئة حاضنة للتكفيريين ولكن تم استخدامهم في بيئات معينة لأغراض سياسية".
واعتبر السيد نصر الله أن التيار التكفيري ليس له مستقبل في العالم العربي لأنه لا يملك مشروعا فالشعوب تريد عدالة ومحو أمية وتأمين الغذاء وحل مشكلة البطالة فضلا عن تحقيق الأمن وكذلك في الموقف القومي تريد موقفا قوميا معقولا وهذا التيار ليس لديه أي مشروع أو إجابات ولذلك فهذا التيار بمعزل عن الاستخدام والتوظيف الإقليمي والدولي له سياسيا وأمنيا ليس له وجود كبير في العالم الإسلامي وليست له بيئة حاضنة وأيضا ليس له مستقبل لأنه لا يملك مشروعا.
وقال الأمين العام لحزب الله إنه مهما وجهت اتهامات للمقاومة ومهما تعرض جمهورها للقتل والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية وبعض عمليات الإبادة التي تحصل في بعض الأماكن في العالم الإسلامي فإن هذا لن يمنعنا على الإطلاق من أن نبقى من حملة القضية الفلسطينية وحماتها والملتزمين بها مشددا على أن "المقاومة في لبنان لم تتصرف في يوم من الأيام أو تتكلم في يوم من الأيام من خلفية طائفية".
ولفت إلى أن ما فعلته المقاومة في العالم العربي والإسلامي هو أنها حظيت بالاحترام ونقضت فكرة شبه ثابتة وقدمت نموذجا من خلال كسرها للفكرة التي تم العمل عليها لمدة أربعين أو خمسين سنة أي فكرة أن "إسرائيل هي الجيش الذي لا يقهر وأنه ليست لدينا قدرة أو خيار إلا التفاوض والصلح معها "مشيرا إلى أنه تم العمل على توظيف هذا النموذج لمصلحة تعزيز ثقافة المقاومة في العالم العربي والإسلامي دون التدخل في اي شأن لأشقائنا.
وتابع السيد نصر الله إن "هذا الوضع كان مختلفا في سورية لأنه لم يكن مقبولا منا حتى أن نتخذ موقفا سياسيا منها فلو أننا وقفنا وقلنا إننا ندعو في سورية إلى حل سياسي وإلى حوار بين النظام و"المعارضة" وإلى معالجة سياسية وإننا ندعو إلى الإصلاح فنحن نكون قد سقطنا من القاموس لأننا وقفنا بذلك ضد المشروع الذي تدخل الجميع لإلغاء سورية على أساسه".
وأوضح السيد نصر الله أنه يؤيد أي تقارب إيراني سعودي بالرغم من قناعته بأن للسعودية دورا سلبيا كبيرا جدا فيما حصل ويحصل في العالم العربي والإسلامي كما أن "لها دورا تأسيسيا فيما يجري نتيجة تبنيها للفكر التكفيري وترويجها له".
وحول الوضع الداخلي في لبنان اعتبر السيد نصر الله أن الواقع السياسي اللبناني ونظرا لتأثره بالأوضاع الإقليمية هو أبعد ما يكون عن معالجات جذرية "لأن الإقليم كله إقليم متوتر وقلق ومتصارع ويسير نحو آفاق مبهمة والقوى السياسية في لبنان تتأثر يوما بعد يوم بذلك "مشددا على أن الخطط الأمنية التي توضع الآن وقرارات مجلس الوزراء وتغطية القوى السياسية المختلفة لهذه الخطط تشكل "خطوات مهمة" على طريق حل بعض المشاكل التي يواجهها لبنان.
وقال السيد نصر الله إن "المقاومة هي قوة دفاع عن لبنان وقوة حماية وتحرير وبالتالي عندما يكون في الداخل اللبناني دولة وحكومة ومؤسسات ترعى مختلف شؤون الوطن وشؤون اللبنانيين على المستوى السياسي والقانوني والقضائي والأمني والاجتماعي والاقتصادي والمعيشي فهذا يقدم خدمة كبيرة للمقاومة لأنها في فكرتها العامة ليست فقط هي القوى العسكرية ولكي تستطيع المقاومة أن تستمر في أداء مهامها هي بحاجة إلى مجتمع متين أما البطالة والفقر والصراعات والسجالات الداخلية فكلها تؤثر على مشروع المقاومة".
وأكد أنه عندما يصبح لدينا دولة قادرة وقوية وتملك إمكانية الدفاع عن لبنان فنحن في المقاومة أو كمقاومين سوف نعود إلى حياتنا الاعتيادية وهذه هي الاستراتيجية الدفاعية المستقبلية التي ندعمها لافتا إلى أن المقاومة تناسبها دولة قوية وقادرة وعادلة عادلة بمعنى تتعاطى بمساواة مع جميع المواطنين بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية والمناطقية وفي هذا السياق فإن المقاومة لا تغطي أي حالة فساد في لبنان وتطالب بأن يقوم القضاء بكامل مسؤولياته تجاه ملاحقة ومحاربة حالات الفساد.
وفيما يخص الجيش اللبناني أكد السيد نصر الله أنه مع أي دعم غير مشروط يقدم للجيش اللبناني مشيرا إلى أننا كنا دائما ندعو الدول والحكومات الى تقديم المساعدة للجيش والحصول عليها وفي مرحلة من المراحل أيضا سعينا لدى أصدقائنا من أجل هذا الهدف ولذلك قدمت سورية مساعدات للجيش اللبناني وكذلك إيران دائما كانت تعلن استعدادها لذلك.
وأضاف إن ما يتحكم بالجيش اللبناني ليس سلاحه وذخيرته ونوعية السلاح الذي يمتلكه وإنما عقيدته الوطنية والقرار السياسي وهذه المؤسسة عقيدتها الوطنية واضحة وجلية وأثبتت ذلك من خلال سلوكها وأدائها وتضحياتها خلال كل السنوات الماضية موضحا أن العلاقة بين الجيش والمقاومة هي علاقة "ممتازة جدا "وأنها مع تمكين الجيش من القيام بالمهام الموكلة إليه لأنه مؤسسة لديها أعلى نسبة من التاييد لكونها تنشر الاطمئنان لدى المواطنين اللبنانيين.
وعن العلاقة بقوة الأمم المتحدة اليونيفيل المؤقتة في لبنان قال السيد نصر الله إن العلاقة معها جيدة على الرغم من أنه تحصل أحيانا بعض المشكلات بين بعض الأهالي في القرى واليونيفيل وهذا الأمر تتم معالجته سواء من خلال الاتصالات المباشرة بين اليونيفيل ورؤساء البلديات والجهات الموجودة على الأرض أو من خلال الجيش اللبناني وغالبية المشكلات تنشأ ليس لأسباب سياسية أو نتيجة موقف سياسي من اليونيفيل أو موقف شعبي وإنما نتيجة سلوك بعض الأفراد وبشكل عام العلاقة هي علاقة جيدة وطبيعية ولا أعتقد أن هناك مشاكل خاصة يمكن أن تؤثر سلبا على الأوضاع في جنوب الليطاني.
وفيما يخص موضوع المهجرين السوريين إلى لبنان قال السيد نصر الله إن "هذا الموضوع يعد مشكلة وطنية ويجب مناقشته على المستوى الوطني "مشيرا إلى أنه يحتاج إلى تعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية وأعتقد أن الحكومة السورية أبدت استعدادا حول هذا الأمر في أكثر من مناسبة.
وأكد السيد نصر الله حرص حزب الله على مبدأ الحوار والحضور إلى طاولة الحوار في لبنان لافتا إلى أن مقاطعة طاولة الحوار الأخيرة جاءت نتيجة المواقف الحادة التي اتخذها رئيس الجمهورية ميشال سليمان من ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والتوصيفات التي أطلقها والمواقف المسبقة التي أعلن عنها بطريقة غير مناسبة.
وأشار السيد نصر الله إلى أن المناخ العام في لبنان يسير نحو إجراء انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس جديد موضحا أنه وعلى مستوى قيادة حزب الله تمت مناقشة هذا الأمر والشخص الذي نتطلع إليه وندعم ترشيحه ونؤيده ونصوت له بات محسوما ولكن إعلان هذا الأمر ينتظر الوقت المناسب وكذلك بعض التنسيق الذي نحتاج إليه فيما بيننا خصوصا في إطار فريقنا السياسي.
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أن هناك تداولا بمواصفات الرئيس والحديث عن رئيس قوي وعن رئيس له تأثير حقيقي ومقبول على المستوى الشعبي والوطني وكل هذه المواصفات التي هناك إجماع عليها ونحن أيضا نوءيدها معتبرا أن هذا الاستحقاق سيتأثر أكثر من أي وقت مضى بالعوامل الداخلية أي إذا حصلت أي شخصية مرشحة أو مفترضة لرئاسة الجمهورية على الأكثرية المطلوبة وتوفر المناخ الداخلي الداعم فإن الأمور ستسير في هذا الاتجاه.
وحول تقييمه لأداء الحكومة الحالية قال السيد نصر الله إن التواصل قائم وطبيعي مع رئيس الحكومة تمام سلام مبديا تقييمه الإيجابي للانتاجية الحكومية ولعودة الحياة إلى المجلس النيابى مؤكدا أهمية انتظام عمل كل المؤسسات واستكمال التعيينات.
وحول الخطة الأمنية التي نفذت في شمال لبنان ومدينة طرابلس قال السيد نصر الله إنه يجب عدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية والقضائية بل ندعو إلى "مقاربة شاملة سياسية واجتماعية واقتصادية وانمائية وندعو إلى إجراء مصالحات حقيقية بين التيارات والاتجاهات المختلفة وندعو إلى أقصى تعاون ممكن من جميع الأطراف".
وكان السيد نصر الله كشف فى الجزء الاول من الحوار الشامل الذي أجرته معه صحيفة السفير اللبنانية ونشرته أمس أن العبوة الناسفة التي استهدفت دورية للاحتلال الاسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة منتصف آذار الماضي هي من عمل المقاومة وقال إن "هذه العملية هى جزء من الرد على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت أحد مواقع المقاومة في منطقة جنتا الحدودية اللبنانية" مشددا على أن "سورية تجاوزت خطر التقسيم وسقوط الدولة".