بعد أن كشف الكاتب الأمريكي سيمور هيرش في مقاله قبل ثلاثة أيام في مجلة "لندن ريفيو أوف بوكس" الدور الخطير الذي لعبه رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان ومسؤولوه في الهجوم الكيميائي الذي نفذته المجموعات
الإرهابية المسلحة في الغوطة الشرقية قرب دمشق في الحادي والعشرين من آب الماضي في محاولة لدفع الولايات المتحدة لشن عدوان على سورية جدد اليوم تأكيده بأن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية توصلوا إلى نتيجة تؤكد أن حكومة أردوغان لعبت دورا في الهجوم الكيميائي في الغوطة الشرقية قرب دمشق وقالوا /كشفنا وجود اتفاق/.
وأكد هيرش في مقابلة أجرتها معه صحيفة ايدينليك التركية ونشرتها اليوم تأكيده للمعلومات الآنفة الذكر مبينا أن المعلومات التي حصل عليها حول وقوف حكومة أردوغان وراء الهجوم الكيميائي في الغوطة الشرقية في آب الماضي تستند إلى /مصادر موثوقة/.
وقال هيرش إن "المجتمع الاستخباراتي الأمريكي توصل إلى نتيجة تؤكد لعب تركيا دورا في الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية وأنهم كشفوا وجود اتفاق بعد تنفيذ هذا الهجوم وكما تعلمون أن الاستخبارات الأمريكية لا تعد تقارير رسمية تتضمن معلومات لا يريد الرئيس الأمريكي سماعها والنظام في الولايات المتحدة الأمريكية لا يختلف عن الأنظمة الأخرى في العالم".
ولفت هيرش إلى أن المعلومات التي حصل عليها من شخصيات بارزة في المجتمع الاستخباراتي الأمريكي "تثبت لعب تركيا دورا في تنفيذ الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية". مشيرا إلى أنه "لم يدع وجود الجيش التركي أو الاستخبارات التركية في الغوطة الشرقية بل أنها ساهمت في تأمين المواد الكيميائية وتدريب عناصر جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة على استخدام السلاح الكيميائي".
وفي مقابلة أجراها الصحفي إلهان تانير مع موقع ديكن ونشرتها صحيفة راديكال اليوم جدد هيرش تأكيده مرة ثانية أن المعلومات التي نقلها حول دور تركيا في الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية تستند إلى "مصادر موثوقة يعرفها منذ 30 عاما" لافتا إلى أن جهاز المخابرات التركي هو الذي "خطط للاعتداء بينما نقلت عناصر الدرك التركي المواد الكيميائية غاز السارين إلى مدينة حلب شمال سورية حسبما أكدته تقارير الاستخبارات الأمريكية".
وحول نفي البيت الأبيض التقرير الذي استند إليه قال هيرش "يقولون إن التقرير الموجود حاليا بين يدي وأمامي لا أساس له من الصحة في وقت كان يفكر فريق يترأسه رئيس هيئة الأركان الأمريكية في ولاية فلوريدا بإيجاد حل لاحتمال حصول أطراف خاطئة على غاز السارين في الوقت الذي ينفي فيه البيت الأبيض امتلاك جبهة النصرة غاز السارين".
ولفت هيرش إلى أن البيت الأبيض كان قد نفى خبرا نشره في مجلة /لندن ريفيو اوف بوكس/ في شهر كانون الأول الماضي تحت عنوان "سارين من" وقال "إن ما يريدون قوله لا يوجد وثائق استخباراتية لدى هيرش أي يدفنون رؤوسهم في الرمال" وقرأ عبارة من الوثائق الموجودة لديه التي تقول "تحمل الوثيقة الموجودة أمامي الآن والتي تخاطب ديفيد شيد نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الأمريكية وتحمل تاريخ 20 حزيران عام 2013 عنوان /خلية انتاج غاز السارين التابعة لجبهة النصرة وهذا يعني وجود خلية لانتاج غاز السارين".
وأشار هيرش إلى أن خلية انتاج غاز السارين التابعة لجبهة النصرة موجودة داخل الأراضي السورية ومن المحتمل بالقرب من مدينة حلب لافتا إلى أن الوثائق الموجودة لديه تتحدث عن عناصر جبهة النصرة في سورية وسعيهم لتأمين المواد الكيميائية من تركيا وعلى ما يبدو كانت الاستخبارات الأمريكية على علم بهذه الأنشطة وتتابعها وقال "إذا ما كانت الحكومة الأمريكية والاستخبارات الأمريكية تتابعان هذه الأنشطة فلا أستبعد علم جهاز المخابرات القومية التركي بهذه الأنشطة ولا أتخيله ولايوجد مركز إنتاج غاز السارين في الأراضي التركية".
وأكد هيرش أن تركيا ساهمت في إنتاح غاز السارين داخل الأراضي السورية بينما الإدارة الأمريكية ما زالت تنفي وجود غاز السارين لدى الإرهابيين في سورية بينما "جرت تمارين دماغية في القيادة المركزية في ولاية فلوريدا الأمريكية الشهر الماضي بزعامة القادة الأمريكيين حول مكافحة الإرهاب والموضوع كان ماذا سنفعل إذا ما قامت المجموعات المتطرفة أي جبهة النصرة ودولة الإسلام في العراق والشام القادمة إلى سورية من دول أجنبية بنقل غاز السارين وخبراتها وطريقة استخدام هذا الغاز إلى المجموعات المتطرفة الأخرى الناشطة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حال طردها إلى خارج سورية".
وقال هيرش إن الإدارة الإمريكية تقول "إنها لا تعلم عما إذا كانت تملك أي مجموعة غاز السارين في الوقت الذي يبحث فيه الجيش الأمريكي عن التدابير التي يمكن اتخاذها أمام هجوم ينفذ بغاز السارين وهل يسخرون منا ويدفنون رؤوسهم في الرمال".
ورداً على سؤال حول صعوبة تدريب تركيا المجموعات المتطرفة على استخدام غاز السارين ونقل كمية كبيرة من هذا الغاز إلى دمشق وتخطيط الاعتداء قال هيرش "إن الاستخبارات الأمريكية توصلت إلى نتيجة مفادها أن جهاز المخابرات لا يقوم بهذه الأعمال بشكل مباشر أي أنه لا ينفذها تقنيا بل يعمل على المستوى الاستراتيجي والتخطيطي والدرك التركي نقل المواد الكيميائية عبر الشاحنات إلى سورية وهذه المواد دخلت إلى سورية عبر تركيا وأحضرت إلى حلب وتم تركيبها للحصول على غاز السارين الأمر الذي شرح في التقرير الاستخباراتي الأمريكي".
وكان هيرش كشف في مقال نشرته مجلة لندن ريفيو اوف بوكس الأحد الماضي الدور الخطير الذى لعبه أردوغان ومسؤولوه في الهجوم الكيميائي الذى نفذته المجموعات الإرهابية المسلحة في الغوطة الشرقية قرب دمشق في الحادي والعشرين من آب الماضي في محاولة منه لدفع الولايات المتحدة لشن عدوان على سورية في أعقاب الهزائم التي منيت بها المجموعات الإرهابية المسلحة التي يدعمها أمام الجيش السوري.
حزب التحرير الشعبي التركي يقدم شكوى قضائية ضد غل وأردوغان وأوغلو
وعلى خلفية المعلومات التي كشفها هيرش بشأن دور تركيا في الهجوم الكيميائي الذي نفذته المجموعات الإرهابية في سورية في الغوطة الشرقية قرب دمشق في آب الماضي قدم حزب التحرير الشعبي التركي شكوى قضائية ضد الرئيس التركي عبد الله غل ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ووزير الداخلية التركي السابق معمر جولر .
ونقل موقع اودا تي في التركي عن الحزب قوله في عريضة الشكوى إن "المعلومات التي تقدم بها هيرش للرأي العام تثبت المساعي الرامية إلى جر تركيا للحرب مع سورية بشكل يتنافى مع القانون الدولي والقانون التركي وتدل على دور المتهمين العلني في هذا الموضوع".
وأضاف الحزب في عريضة الشكوى إن "المتهمين يبذلون الجهود من أجل إسقاط الدولة السورية الجارة ونقل قوى تشبههم أيديولوجيا إلى السلطة في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يعتبر مشروع اعتداء واحتلال أعدته الولايات المتحدة الأمريكية والدول الإمبريالية" لافتا إلى لجوء المتهمين إلى جميع الوسائل غير القانونية والمنافية للاتفاقيات الدولية من أجل تحقيق هدفهم هذا.
وأكد الحزب أن المتهمين يستخدمون كل إمكانيات الدولة التركية لتقديم الدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية في سورية مستغلين موقعهم في السلطة.
وفي سياق متصل أشارت الكاتبة الصحفية التركية ازكي باشاران إلى مقال الصحفي الأمريكي هيرش وقالت إن "البيت الأبيض نفى الادعاءات على غرار نفيه ادعاءاته حول ارتكاب الولايات المتحدة الأمريكية مجزرة ماي لاي في الفيتنام وممارسة الجنود الأمريكيين التعذيب في سجن أبو غريب في العراق".
وأضافت باشاران في مقال نشرته صحيفة راديكال "لا يمكنني أن أقول إن تركيا لن تؤمن غاز السارين للمجموعات الإرهابية المتطرفة في ظل عدم إلقاء الضوء على مجزرة اولودره التابعة لمدينة شيرناك جنوب شرق تركيا والتي أسفرت عن مقتل 34 مواطنا وادعاءات نقل مواد قاتلة إلى نيجيريا عبر الخطوط الجوية التركية واقتراح جهاز المخابرات القومية التركي بإطلاق الصواريخ على الجنود الأتراك بهدف خلق الذرائع للتدخل العسكري في سورية" متسائلة "هل يمكنكم أن تقولوا بكل أريحية إن تركيا لم تؤمن غاز السارين للمجموعات المتطرفة أعتقد أنكم لن تستطيعوا نفي ذلك".
ولفتت باشاران إلى ما أكده هيرش خلال كلمة ألقاها في 26 كانون الثاني عام 2005 حيث قال "لا يهم الرئيس الأمريكي جورج بوش هوية الجثث الموجودة داخل الأكياس لأنه يعتقد أن زيادة عدد أكياس الجثث ثمن يجب أن يدفع في سبيل وصول أمريكا إلى المستوى المطلوب" متسائلة "هل يمكنكم أن تقولوا إن المسؤولين الأتراك ليسوا مثل بوش بكل أريحية".