السبئي نت - القدس المحتلة
في الذكرى السادسة والستين لمجزرة دير ياسين التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد الفلسطينيين ما زال الدم الفلسطيني ينزف بغزارة على مذبح الحرية والعودة مع فشل المفاوضات العبثية المتواصلة منذ أكثر من عشرين عاماً ووصولها إلى طريق مسدود وضعتها فيه سياسة كسب الوقت الإسرائيلية القائمة على قاعدة التفاوض من أجل التفاوض لإيجاد المبرر والذريعة لشرعنة القمع والاستيطان وفرض حقائق ووقائع جديدة على الأرض تتعارض مع القوانين الدولية.
دير ياسين القرية الصغيرة التي تقع غرب مدينة القدس المحتلة والتي لا يتجاوز عدد سكانها 750 نسمة تعرضت لجريمة إبادة أدت إلى استشهاد المئات من أبنائها معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال وتشريد ما تبقى من أهلها وكلما ذكر اسم دير ياسين يهتز الوجدان من بشاعة الإجرام الذي ارتكبته العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل أمام مرأى العالم بأسره غير آبهة بجميع المواثيق والقوانين الدولية وحقوق الإنسان بغرض احتلال الأراضي الفلسطينية وإنشاء الكيان الصهيوني الغاصب من خلال سلسلة من الأعمال الإرهابية قامت بها العصابات الصهيونية بدءاً من سنة 1937 مرورا بعام 1948 عام النكبة وحتى يومنا هذا بغرض بث الرعب في أوساط الفلسطينيين وترويع السكان الآمنين لإجبارهم على إخلاء بيوتهم وترك أراضيهم وممتلكاتهم وتشريدهم عن وطنهم ومدنهم وقراهم.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1948 ارتكبت منظمتان إجراميتان صهيونيتان هما أرجون وشتيرن مجزرة دير ياسين التي راح ضحيتها عدد كبير من أهالي القرية حيث ارتقى ما بين 250 و360 شهيدا قتلوا بدم بارد إثر هجوم على القرية قرابة الساعة الثالثة فجراً متوقعة أن يقوم أهلها في ذلك الوقت بالفرار منها خوفا على حياتهم ليتسنى لهم الاستيلاء عليها لكن الصهاينة تفاجؤوا برد الأهالي الذين اشتبكوا مع الصهاينة حيث سقط أربعة قتلى منهم و32 جريحا وقامت عصابة الهاجانا المسلحة في القدس بمؤازرة العصابات الصهيونية وفتح الأعيرة النارية على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
ولم تكتف العناصر الصهيونية المسلحة بإراقة الدماء في القرية بل عمدت إلى إلقاء نحو 53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة كما اقتادت 25 من الرجال الأحياء في حافلات ليطوفوا بهم في شوارع الأحياء اليهودية في القدس المحتلة وسط هتافات عنصرية مناهضة للفلسطينيين ثم تم إعدامهم رمياً بالرصاص وألقيت الجثث في بئر القرية وأغلق بابه بإحكام لإخفاء معالم الجريمة لتستمر أعمال القتل على مدى يومين تخللها قيام القوات الصهيونية بعمليات تشويه نازية من تعذيب واعتداء وبتر أعضاء وذبح الحوامل في انتهاك فاضح لجميع المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية.
مجزرة دير ياسين كانت إحدى نتائج ثقافة الكراهية التي تعمد الصهاينة تاجيجها مستغلين حالة عدم الاستقرار التي خلفها قرار بريطانيا سحب قواتها من فلسطين عام 1948 وبذلك كانت المجزرة عاملا مهما في فرض حالة من الخوف في صفوف الفلسطينيين المدنيين ودفعهم للهروب من بلداتهم إلى مناطق أخرى من فلسطين وإلى البلدان العربية المجاورة.
وفي صيف عام 1949 احتل مئات المستوطنين القادمين من أصقاع الدنيا البعيدة دير ياسين وغير الاحتلال اسمها إلى مستوطنة غفعات شاؤول بت ولا تزال القرية اليوم قائمة في معظمها على التل أما مقبرة القرية القديمة فقد اكتسحها الطريق الاستيطاني الدائري الذي شق حول القرية وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسط المقبرة حتى اليوم تروي حكاية صمود ومقاومة لا تنتهي حتى استعادة الأرض وكل الحقوق الفلسطينية المغتصبة.
واستنكرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات في بيان أصدرته بالذكرى 66 لمجزرة دير ياسين هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية المتطرفة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قرية دير ياسين غرب القدس المحتلة مؤكدة أنها جريمة ضد الإنسانية لما تظهره من وحشية الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكه لكل الأعراف والقوانين الدولية.
وأكدت الهيئة الإسلامية المسيحية أن مجزرة دير ياسين ما هي إلا مجزرة ضمن مئات المجازر والجرائم التي ينفذها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته يومياً.
من جهته أكد الأمين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى أن هذه الجريمة تقع ضمن إطار الجرائم ضد الإنسانية لأنها انصرفت إلى قتل المدنيين الفلسطينيين على أسس عنصرية ما يستوجب تفعيل قواعد القانون الدولي ذات الشأن بالجرائم ضد الإنسانية وتقديم مجرمي الحرب أمام المحاكم الدولية والوطنية المختصة في هذا المجال مطالباً بمعاقبة كل من كان له يد بتنفيذ المجزرة وأن الحق الفلسطيني لن يموت ولن ينسى وأن الجرائم لا تسقط مع مرور الزمن.
وأضاف عيسى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في كل يوم تسجل جرائم جديدة ضد الفلسطينيين محذراً من جرائم الاحتلال في القدس المحتلة حيث تعمد سلطات الاحتلال إلى انتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية والتعدي عليها بالحرق والتدمير والتدنيس إضافة إلى سرقة حضارة بأكملها مع كل تفاصيلها وآثارها ناهيك عن حفر شبكات من الانفاق أسفل البلدة القديمة من المدينة المحتلة وخاصة أسفل أساسات المسجد الأقصى المبارك ممهدةً لجريمة ومجزرة بشعة تستهدف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين إضافة لاستمرار سياسة التهجير لأبناء القدس والاستيلاء على منازلهم وأراضيهم بالقوة.
ويصر الشعب الفلسطيني على التمسك بأرضه رغم العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه ورغم كل محاولات القتل والتشريد ومجازر الإبادة الجماعية التي استخدمتها قوات الاحتلال بحق سكان المدن والقرى من الفلسطينيين ومحاولات تشريدهم عن ديارهم آنذاك إلا أن الشعب الفلسطيني مازال حتى اليوم صامدا في وجه هذه الجرائم ويرفض الخنوع والخضوع للاحتلال وإقامة كيانه المزعوم القائم على الأكاذيب والإجرام والإرهاب فوق الأرض الفلسطينية المحتلة.
وارتكبت المنظمات الصهيونية الإرهابية المعروفة باسم الإتسل وليحي والهاجانا قبل عام 1948 نحو 17 مجزرة من قتل وتفجير في حيفا والقدس ويافا وصفد أسفرت عن استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين في حين ارتكبت 13 مجزرة منذ بداية عام 1948 منها مجزرة دير ياسين وست مجازر مهدت لاعلان قيام الكيان الصهيوني الغاصب في أيار من العام ذاته ليستمر الكيان الغاصب بمجازره وعدوانه لتعزيز احتلاله للاراضي الفلسطينية وطرد وتهجير سكانها.
وقد برزت العنصرية الإسرائيلية أكثر في طغيانها ومجازرها في مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل التي وقعت في 25 شباط 1994 عندما قام مستوطن باقتحام الحرم الإبراهيمي وأطلق الرصاص والقنابل على المصلين في صلاة الفجر وقام عدد آخر من جنود الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص على المصلين الهاربين من داخل الحرم وأسفرت هذه المجزرة عن استشهاد 24 فلسطينياً وجرح المئات وادعى انذاك الاحتلال الإسرائيلي بأن المستوطن الذي ارتكب المجزرة مختل عقليا.
وتجاوز الإجرام والإرهاب الصهيوني كيانه المحتل بارتكاب مجزرة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان في 16 أيلول عام 1982 وكذلك مجزرة قانا بحق اللبنانيين في 18 نيسان 1996.
وستبقى هذه المجازر شاهدا على وحشية كيان الاحتلال وممارساته القمعية وتاريخه الأسود على مدى أكثر من ستة عقود ويستذكرها الفلسطينيون كل عام وهم مصممون على مقاومة الاحتلال حتى زواله.