السبئي-
برلين-
بعد أن لفظتها الذائقة العامة نظرا لفجاجة الطرح الاقصائي والتحيز الواضح لتيارات فكرية وسياسية تتصف بالأصولية باتت قناة الجزيرة القطرية ابعد ما تكون عن القدرة على مواصلة الدور المنوط بها لتسويق المشاريع الغربية في المنطقة مع انسحاب كوادرها من الصحفيين المهنيين الذين يرفضون ان يتحولوا مجرد ابواق تنطق بما لا يقنعها قبل ان يقنع الرأي العام.
السقوط المهني والاعلامي الفاضح وضع الجزيرة امام الراي العام ليحاكمها على عدم التوازن والكيل بمكيالين في تناولها لموضوعات المنطقة العربية وخصوصاً تغطيتها للاحداث في بعض الدول العربية وهو ما أشار إليه أكثم سليمان المدير المستقيل لمكتب الجزيرة في برلين الذي أكد "ان منتقدي الجزيرة يرون أن ابتعادها عن المعايير المهنية ظهر بشكل جلي في ارتباكها في تغطية أحداث ما يسمى "الربيع العربي" وبدعمها للإسلاميين وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين على حساب التيارات السياسية الاخرى في العالم العربي".
وتساءل سليمان في مقال بموقع دويتشه فيله الألماني "هل يمكن فعلاً اختزال الجزيرة في أنها مجرد أداة لخدمة طموحات حكومة قطر أم أن هناك مبالغة" ليجيب على هذا السوءال بالقول "إن عددا من المراقبين يجمعون على اعتبار الجزيرة أداة أساسية في ما يسمى بإستراتيجية القوة الناعمة التي تعتمدها امارة قطر على المستويين العربي والدولي والتي جعلتها تضطلع بدور إقليمي ودولي أكبر بكثير من وزنها الاستراتيجي جغرافيا ًوعسكرياً".
وحسب سليمان فان بعض التأويلات تذهب لاعتبار هذا الاندفاع الخارجي لقطر بتجلياته الإعلامية والدبلوماسية والمالية نوعاً من التأمين على الحياة لدولة صغيرة محاطة بقوى إقليمية كبيرة ذات مصالح متضاربة.
وأوضح سليمان إنه حينما بدأ العمل لدى الجزيرة عام 2002 لم تكن القناة تشكو عجزاً في المهنية إلا أن "سؤال الأجندة كان سؤالا سياسيا بالدرجة الأولى بالنسبة لها"واعتبر انه إذا كان لمالكي القناة أجندة معينة فإن المهنية تفرض ألا يتم ذلك على حساب جودة العمل الصحفي وهنا تكمن المشكلة اذ ان هيئة التحرير عملت بوضوح على فرض أجندة دولة قطر على الجزيرة.
وبين سليمان أن المدير السابق لمكتب القناة في بروكسل أحمد كامل لم ينف بشكل قاطع الروابط القائمة بين القناة والتوجهات الإستراتيجية لدولة قطر وقال حينها "إن الجزيرة ليست جمعية خيرية".
وأشار سليمان إلى أن قناة الجزيرة كانت توصف بالقناة القريبة من نبض الشارع العربي إلا أن الاحداث في بعض الدول العربية خلقت ارتباكاً في توجه الجزيرة ظهر في اسلوب تعاملها مع الأحداث في كل دولة وهو ما وضعها أمام تحد مهني حقيقي بعد أن قدمت عند انطلاقتها نموذجاً مهنياً تميز بالحرية والجرأة متسائلا "هل حان الوقت للجزم بفشلها في هذا الامتحان".
وحسب مختصين بالشأن الاعلامي فان الجزيرة ومالكيها وراسمي استراتيجيتها ضيعوا استثمار سنوات طويلة من العمل الذي غلف بالمهنية والموضوعية وتبني قضايا الشارع العربي اذ انهم بالغوا في محاولة استثمار الماضي لرسم الحاضر حسب رؤيتهم وتخلوا بسرعة فائقة عن غطاء المهنية دون ان يدركوا ان الشارع الذي صدق الجزيرة يوما كان يصدق قضيته وعندما غابت القضية عن الاجندة الإعلامية لها كان لا بد من ترك القناة والبحث عن مصادر أخرى وهو ما حصل بالفعل اذ ان الراي العام لا يمكن ان يقف ضد نفسه وكما اختار الجزيرة يوما بناء على معايير محددة فانه لفظها بناء على المعايير نفسها.
وربما تكون الجزيرة هي السلاح الاول الذي فقد فعاليته في العدوان على سورية بشكل مبكر بعد أن انكشفت أمام الرأي العام وهي تسوق لمشاريع لا تخدم القضايا العربية وخاصة لجهة استهداف محور المقاومة الذي اعطاها سابقا شرعية معينة وكانت موجة الانشقاقات الاعلامية على شكل استقالات اكبر من ان تصمد الجزيرة امامها نظرا للمصداقية التي يتمتع بها الصحفيون المستقيلون أمثال /غسان بن جدو وحافظ الميرازي وأكرم خزام وجمانة نمور ولينا زهر الدين وجلنار موسى ولونا الشبل ونوفر عفلي وسامي حداد و حسين عبد الغني نظرا لخروجها عن المهنية في تغطيتها للأحداث في كل من سورية وليبيا واستخدامها أسلوب التعبئة والتحريض.