السبئي-القاهرة:
بدل أن يسعى الرئيس المصري إلى ايجاد حل لأزمة الإعلان الدستوري التي تولدت بعد القرارات المفاجئة التي اتخذها بتحصين قراراته من الإلغاء أو المراجعة وإبعادها عن اختصاص القضاء فانه دحرج ازمة تبدو اكبر واشمل عبر التوجه للاستفتاء على مسودة الدستور التي اقتصرت المشاركة في اعدادها على التيارات الدينية والاسلامية حتى بات المصريون يسمونها مسودة الإخوان الأمر الذي حول ازمة الاعلان الدستوري الجزئية إلى أزمة دستورية شاملة تهدد بمزيد من التصعيد في المشهد السياسي المصري .
وقد تواصل اعتصام المتظاهرين لليوم الثامن على التوالي في ميدان التحرير وسط القاهرة مع ازدياد عدد المعتصمين ونصب عدد جديد من الخيام ومشاركة العديد من رموز القوى الوطنية للتاكيد على مطلبهم في اسقاط الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس /محمد مرسي/ يوم الخميس قبل الماضي وايقاف الاستفتاء على مسودة الدستور الحالية .
وساد الهدوء ميدان التحرير صباح اليوم في أعقاب انتهاء فاعليات مليونية حلم الشهيد التي دعا اليها العديد من الأحزاب والحركات السياسية والثورية لإسقاط الإعلان الدستوري .
وواصل المعتصمون إغلاق كل المداخل المؤدية إلى الميدان حيث قاموا بوضع الحواجز المعدنية والاسلاك الشائكة أمام المتحف المصري وشوارع طلعت حرب والفلكي ومحمد محمود بينما تم تحويل حركة مرور السيارات من امام المتحف المصري الى شارع قصر النيل وأمام جامعة الدول العربية الى كورنيش النيل وكذلك من شارع قصر العيني الى منطقة غاردن سيتي .
وأكد المعتصمون بالميدان الذين انضم اليهم قادة جبهة الانقاذ الوطني امس استمرارهم في الاعتصام حتى تتحقق مطالبهم بالكامل والمتمثلة في اسقاط الاعلان الدستوري الجديد ووقف الاستفتاء على مسودة الدستور الحالية واعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة دستور البلاد بشكل متوازن يضمن اصدار دستور يعبر عن كل المصريين والقصاص العادل لشهداء الثورة منذ /25/ كانون الثاني مرورا بالمرحلة الانتقالية واقالة وزير الداخلية واسقاط حكومة الدكتور هشام قنديل وتشكيل حكومة ثورية بالاضافة الى دعوة رئيس الجمهورية الى اعلان خطة واضحة لاعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهيرها .
وكان العديد من الأحزاب والقوى السياسية والثورية قد أعلن الجمعة قبل الماضية الاعتصام بميدان التحرير وذلك احتجاجا على الإعلان الدستوري ابرزها احزاب المصريين الأحرار ومصر القوية والوفد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتجمع والدستور ومصر والحرية وحركة 6 ابريل وجبهة احمد ماهر وائتلاف أقباط مصر والحركة الديمقراطية الشعبية واتحاد شباب ماسبيرو وصوت الحرية والجبهة الحرة للتغيير السلمي وائتلاف ثورة اللوتس واتحاد شباب الثورة .
ومن جهة أخرى .. تشهد المنطقة المحيطة بجامعة القاهرة توافد المتظاهرين المؤيدين لقرارات الرئيس مرسي للمشاركة في مظاهرة دعت اليها القوى والاحزاب الاسلامية تحت عنوان نصرة للشريعة وتأييدا للرئيس .
وفي ظل استمرار ردود الأفعال الرافضة للإعلان الدستوري وصف بيان اصدره عدد من المثقفين والفنانين الاعلان الدستوري بأنه عدوان صارخ على الحريات وطالبوا بالعدول عنه .
وجاء في البيان الذي تصدر الموقعين عليه الروائي الكبير بهاء طاهر أن المثقفين والكتاب والفنانين الموقعين على البيان يجدون لزاما عليهم ان يقولوا كلمتهم في الازمة التي تعصف بمصر بسبب ذلك الاعلان .
وأضاف أن هذا الإعلان جاء لخنق الحريات بدءا من اغلاق الصفحات الثقافية ومنع مقالات الكتاب واغلاق القنوات التلفزيونية وفصل رؤساء التحرير ومحاكمتهم ومصادرة الصحف والاعتداءات الوحشية بالأيدي على الكثير من الاعلاميين والوطنيين لإرهابهم وفرض الرقابة على الانترنت والسعي الى تمرير مفهوم غامض عن حماية الوحدة الثقافية داخل مسودة الدستور يبيح لقبضة الدولة اعتصار كل من يخرج على مفاهيمها للثقافة وللحماية .
وأكد البيان ان الاعلان الدستوري لا يكتفي بوضع كل السلطات بين يدي الحاكم الفرد المستبد حين يحصن قرارات الرئيس من أي نقض او طعن بل ويعصف بموءسسة القضاء المصري وحرية التعبير والصحافة ويناقض شكلا وموضوعا كل الاعراف الدستورية باعتراف كبار فقهاء القانون بمن فيهم البعض من رجال الرئيس .
وكانت قوى المعارضة المصرية المنضوية فى جبهة الانقاذ الوطني أعلنت في وقت سابق اليوم عزمها على نقل اعتصامها المفتوح من ميدان التحرير الى أمام قصر الاتحادية الرئاسى فى حال استمر الرئيس مرسي في التمسك باعلانه الدستوري .
وقال حسن عبد الغني المتحدث باسم جبهة الانقاذ الوطني في تصريح نقلته قناة النيل المصرية: " إن الجبهة تدرس بكل جدية وتصميم الاستجابة لمطالب جموع الشعب المصرى التي عبرت عنها في ميدان التحرير منذ الجمعة الماضى بالزحف نحو قصر الاتحادية والاعتصام حوله"محملا الرئيس مرسى المسؤولية الكاملة عن الأزمة الخطيرة التى تمر بها مصر والتى تصاعدت مع انتهاء الجمعية التأسيسية من وضع الدستور فى مشهد عبثي . ولوحت قوى المعارضة المصرية بأنها قد تتجه إلى عصيان مدنى وشل حركة الانتاج فى المجتمع ان لم تتم الاستجابة لمطالبها .
إلى ذلك دعت القوى السياسية والشخصيات المعارضة المصرية إلى حوار مع كل الأطياف السياسية لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة لوضع دستور جديد . وانضمت بعض الشخصيات السياسية وعلى راسها المرشح السابق للرئاسة المصرية حمدين صباحى الى اعتصام ميدان التحرير وذلك في ختام مليونية حلم الشهيد التي جرى تنظيمها أمس في الميدان بمشاركة عشرات الالاف من قوى المعارضة .
رئيس حزب الوفاق القومي المصري : مصر أصبحت منقسمة بفضل سياسات الإخوان المسلمين والرئيس مرسي فقد مصداقيته
من جهته قال محمد رفعت رئيس حزب الوفاق القومي: "إن مصر أصبحت منقسمة بفضل سياسات الاخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي الذي وصل الى الحكم بالصدفة حاول أن يبني البلد باستبعاد الاخرين منها ورأى ان دوره هو معاداة المحكمة الدستورية وأعضائها واستبعاد القضاء بالكامل وكأن مصر هوية واحدة" .
وأضاف رفعت في اتصال مع قناة الميادين: "هذا الدور الذي يقوم به مرسي يمارسه كمدير تنفيذي لجماعة الاخوان المسلمين وليس كرئيس لكل المصريين وبذلك قسم مصر إلى قسمين" . واعتبر رفعت أن الرئيس المصري فقد مصداقيته أمام شعب مصر فهو "حدد مئة يوم لإصلاح خمس مشاكل أساسية داخل البلاد لكنه لم يقم بأي منها حتى أصبحت مصداقيته مفقودة لدى الشعب المصري لأن الرئيس الذي يعد لابد أن يقدم والآن خرجت هذه الجموع لتهتف ضده بعد أن تبين أن كل ما قاله حديث يتعلق بالانتخابات فقط" .
وأشار رفعت إلى أن الإخوان المسلمين يسعون إلى فرض سيطرتهم على مصر على حساب الشعب المصري وأنهم "لم يدخلوا السجن يوما دفاعا عن عامل او فلاح بل دفاعا عن التنظيم الذي ينادون بسيادته اليوم لا بسيادة الشعب المصري" .