السبئي-تقرير-خاص:بعد نهاية الحرب الباردة والتصور الذي تشكل لدى النخب السياسية والعسكرية الغربية بأنهم المنتصرون في المواجهة التي انتهت بين المعسكرين الشرقي والغربي، فقد غرس هذا التصور في نفوس هذه النخب قناعة خاطئة بإمكانية فرض الديمقراطية بالقوة على بقية الشعوب. وقد دفع هذا الأمر الصقور في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى تعزيز هيمنتهم في انتهاك للقانون الدولي وممارسة الاستعمار الأيديولوجي من خلال استخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافهم.
تستمر المغامرات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها حتى يومنا هذا في إحداث أضرار لا يمكن إصلاحها لدول ومناطق بأكملها. ويقوم البيت الأبيض بزيادة مستوى التوتر بشكل مقصود بدلاً من تقديم المساعدة في حل المشاكل القائمة ويثير الأزمات من أجل الحصول على مكاسب جيوستراتيجية واقتصادية أحادية الجانب.
وكنتيجة مؤسفة لسنوات عديدة من الأعمال العدوانية غير المبررة ضد الدول ذات السيادة، راح ضحيتها عشرات ومئات الآلاف من السكان المدنيين. إذ يعاني المجتمع الدولي من اضطرابات يهتز فيها بفعل موجات من الأزمات الاقتصادية المستمرة. ولا يمضي يوم واحد من دون أن يتم إلقاء الضوء على حقيقة المشاكل الإنسانية والبيئية الكارثية التي سببتها تصرفات واشنطن. وبالفعل لا يزال ضحايا "الدمقرطة" الأمريكية عاجزين عن التعافي من الضرر الذي لحق بهم، حيث أصبحت القدرات الانتاجية الصناعية للدول التي كانت مزدهرة ذات يوم في حالة خراب. في إشارة إلى إنه تم تدمير عدة مئات من مرافق البنية التحتية المدنية والمراكز الدينية والآثار التاريخية والمعمارية.
فعلى سبيل المثال لا يمكن أن نكون غير مبالين بالخسائر التي تكبدتها جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية نتيجة للعملية التي نفذها حلف شمال الأطلسي في إطار "قوات الحلفاء" (24 آذار\مارس - 10 حزيران\يونيو 1999). حيث قُتل أكثر من 2000 مدني من بينهم 88 طفلاً، على أيدي دول الناتو في 78 يوماً من القصف الهمجي للبنية التحتية المدنية. وبشكل مماثل تعرضت جمهورية البوسنية والهرسك لانعدام القانون الدولي خلال عملية القوة المتعمدة للحلف الأطلسي (30 شهر آب\أغسطس - 21 أيلول\سبتمبر 1995). وننيجة القصف تضرر الاقتصاد والبيئة والصحة لدى السكان المدنيين في منطقة البلقان بشكل لا يمكن إصلاحه بسبب استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفد من قبل الولايات المتحدة، والتي يشعر سكان المنطقة بعواقبها حتى يومنا هذا.
المعاناة التي لا يمكن وصفها جلبتها آلة الحرب الأمريكية أيضاً إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فبسبب الغزو الأمريكي والحلفاء في العراق قتل أكثر من 205 آلاف مدني. ومن خلال القصف البساطي تم في عام 2017 محو مدينة الموصل العراقية بشكل فعلي من على وجه الأرض، وفي سورية تم تدمير مدينة الرقة بالكامل. في الوقت نفسه لا يقدم الأمريكيون المساعدة لإعادة ما دمروه بشكل وحشي، ولكن تسعى الولايات المتحدة بكل الطرق الممكنة لاعاقة تنظيم مثل هذا العمل على المستوى الدولي.
وفي اليمن بعد 7 سنوات من العدوان عليها .. عدد الضحايا بلغ أكثر من 46 ألفاً
مركز "عين الإنسانية" للحقوق والتنمية في صنعاء يكشف عدد ضحايا عدوان التحالف السعوي على اليمن، ويوثق آثار القصف في البنية التحتية اليمنية وتداعياته على الاقتصاد اليمني.
أعلن مركز "عين الإنسانية" للحقوق والتنمية في العاصمة اليمنية صنعاء أن عدد الضحايا المدنيين جراء القصف المباشر للتحالف السعودي خلال 7 أعوام من العدوان على اليمن بلغ 46262 بين شهيد وجريح، بينهم 17734 شهيداً، منهم 4017 طفلاً و2434 امرأة و11283 رجلاً، فيما وصل عدد الجرحى إلى 28528 جريحاً، بينهم 4586 طفلاً و2911 أمرأة و21032 رجلاً.
وأشار المركز، في مؤتمر صحافي، إلى "أن العدوان دمّر حوالى 12 ألف بنية تحتية، من بينها 15 مطاراً، و16 ميناء، و340 محطة ومولداً كهربائياً، و2091 منشأة حكومية، و6734 طريقاً وجسراً، و609 شبكة ومحطّة اتصال، و2799 خزاناً وشبكة مياه".
ولفت إلى عدد المنشآت الخدميّة المدمّرة بلغ حوالى 600 ألف منشأة، من بينها 590 ألف منزل، و182 جامعة، و1612 مسجداً، و410 مستشفى ومرفق صحي، و1214 مدرسة ومعهداً، و139 ملعباً، و253 موقعاً أثرياً، و9721 حقلاً زراعاً.
وأشار المركز إلى أنَّ العدوان السعودي الذي انطلق في أواخر آذار/مارس 2015 "دمّر حوالى 26 ألف منشأة اقتصادية، منها 404 مصانع، و378 ناقلة وقود، و11 ألف منشأة تجارية، 9770 وسيلة نقل، و999 مخزنَ غذاء، و416 محطة وقود، و696 سوقاً ومجمعاً تجارياً، و433 مزرعة للدجاج والمواشي، و482 قارب صيد، و965 شاحنة غذاء، ما كلّف الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة، وخلق أزمات اجتماعية تمثلت بالبطالة والفقر".
وفي السياق نفسه، أفادت منظمة انتصاف لحقوق الطفل والمرأة في صنعاء بأنّ الحصار الَّذي يفرضه العدوان تسبب بفقدان 100 ألف طفل من حديثي الولادة، بمعدل 6 أطفال كل ساعتين، فضلاً عن وجود أكثر من 3 آلاف طفل مصابين بالسرطان معرضين للموت.
وحذّرت الأمم المتحدة في آذار/مارس الجاري من أنّ ملايين اليمنيين يواجهون خطر المجاعة، نتيجة الانهيار الاقتصادي الناجم عن العدوان السعودي على اليمن للعام السابع توالياً، داعيةً إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة".
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، عبر بعثتها في اليمن على "تويتر": "لا يمكن التقليل من شأن تأثير الانهيار الاقتصادي على الأزمة الإنسانية في اليمن. من دون اتخاذ إجراء عاجل، يمكن أن يهوي الملايين في المجاعة".
نتيجة لذلك يتضح أنه من خلال أبسط الحسابات التقريبية فقد بلغ حجم الأضرار المادية خلال أكثر من عشرين عاماً الماضية بسبب اعتداءات الدول الغربية على الأقل 1.5 تريليون دولار أمريكي. ومع ذلك لم تجد واشنطن وحلفاؤها بعد الشجاعة لتحمل المسؤولية عن أعمالهم الإجرامية في مختلف أنحاء العالم وتعويض البلدان المتضررة عن كل ما فعلوه.
في هذا الصدد ومن أجل إظهار صورة موضوعية عن الفوضى التي يخلقها الأمريكيون والمتواطئون معهم من بلدان الحلف الأطلسي، فإننا نرفق مادة إعلامية معممة مع إيضاحات تبين ما يتركه الغرب "المتحضر" بعد تدخلاته العسكرية غير القانونية في العالم.