728x90 AdSpace

9 أغسطس 2021

حديث الإثنين: أهمية الاستفادة من أخطاء الماضي وتجاوزها

احمد الشريف
بناء الأوطان وتشييد الدول وتثبيت مؤسساتها بحيث تكون خاضعة للنظام والقانون ليس بالأمر السهل وإنما يتطلب ذلك الإستعانة بالكفاءات المتخصصة التي تجعل المصلحة الوطنية العليا فوق أية مصلحة ذاتية وهذا ما لم يتوافر للشعب اليمني منذ قامت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 م وحتى اليوم وإن كانت الأخطاء القاتلة التي رافقت مسيرة بناء الدولة في العقود الماضية لا يتحمل وزرها الحكام وحدهم، لأن الشعب اليمني كان له نصيب الأسد فيها بحكم تبعيته للحاكم وتأييده له في كل شيء يفعله وكأنه مقدس هبط من السماء ومعصوم من الخطأ، وبحكم أن الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح هو الحاكم الوحيد في تاريخ اليمن القديم والحديث الذي أتيحت له أطول فترة للبقاء في الحكم وفرصة لبناء الدولة لا تتكرر كثيرا حيث حكم اليمن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه بصلاحيات مطلقة كان بإمكانه أن يستغلها ويحقق لليمنيين ما كانوا يحلمون به من قيام دولة وطنية حديثة يسودها النظام والقانون ويسجله التاريخ من العظماء.
لكن للأسف الشديد فقد أراد لليمن أن يبقى ضعيفا بحيث تسهل السيطرة على شعبه فرهن قراره السياسي للخارج وظل طيلة فترة اكثر من ثلاثة عقود من حكمه وهو يتعامل مع المتناقضات في سياسته الداخلية والخارجية مطبقا تلك السياسة الاستعمارية (فرق تسد) ونشهد له بأنه نجح فيها بامتياز واستعدى على اليمن دولاً خارجية كنا بأمس الحاجة إلى إيجاد علاقة ودية معها والاستفادة من معونتها ولو توقفنا قليلا أمام سياسته الداخلية سنجدها كانت مكرسة لضرب هذا بذاك وكان وراء إنشاء العديد من الجماعات والأحزاب السياسية ذات الاتجاهات المختلفة حيث كان يسخرها لخدمة سياسته، وعندما نتأمل في الكيفية التي أدت إلى نشوء التجمع اليمني للإصلاح والتيارات المتطرفة كنماذج لما كان يحدث على الساحة الوطنية وكيف استخدم هذه التيارات برغم التناقض الكبير في توجهها السياسي والمذهبي لخدمة أهداف معينة سنجد فعلاً كما أكد هو شخصياً أنه كان يرقص وسط الثعابين التي تجمعت في النهاية ضده ووجهت إليه لدغتها القاتلة.
فبعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي اقترنت دولتها بالحرية والديمقراطية والتعددية الحزبية والصحافية وجد الرئيس الأسبق نفسه محاصرا بشعبية الحزب الاشتراكي اليمني شريك تنظيمه المؤتمر الشعبي العام في تحقيق الوحدة فلم يجد وسيلة لفك الحصار عن نفسه وفي نفس الوقت لمحاربة الحزب الاشتراكي اليمني ذ و التوجه العلماني إلا بإنشاء حزب أو تجمع يناقضه في التوجه فوجد ضالته في الإخوان المسلمين الذين كانوا أساساً أعضاء في المؤتمر الشعبي العام فطرح فكرة إنشاء التجمع اليمني للإصلاح وكان هو نفسه الذي بادر بالإتصال بالشيخ عبد المجيد الزنداني الذي كان في باكستان وطلب منه العودة إلى اليمن على وجه السرعة رغم موقفه المعارض للوحدة اليمنية بحجة أن الحزب الاشتراكي ماركسي ودستور دولة الوحدة علماني فرضه الجنوب على الشمال.
وبعد وصول الشيخ الزنداني إلى اليمن انفصل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر باتفاق مع الرئيس الأسبق هو وأنصاره من الإخوان والمشايخ والقبائل من المؤتمر الشعبي العام وكونوا ما عرف بالتجمع اليمني للإصلاح بهدف الوقوف في وجه الحزب الاشتراكي ويشكل في نفس الوقت رديفا للمؤتمر الشعبي العام بدعم مباشر من الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح شخصيا وبالرغم من أن التجمع اليمني للإصلاح قاطع الاستفتاء على دستور دولة الوحدة بعد عام من إعادة تحقيقها متحججاً بالمادة التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهم يريدون أن تكون مصدر كل التشريعات إلا أن الشيخ عبدالمجيد الزنداني قبل أن يكون عضوا في مجلس الرئاسة وهذه المادة كما هي لم تتغير بعد، حيث لم يتم تعديلها إلا بعد حرب عام 1994 م وكان المؤتمر الشعبي قد تنازل عن العديد من المقاعد البرلمانية التي كان يفترض أن يحصل عليها لصالح التجمع اليمني للإصلاح في أول انتخابات تشهدها الجمهورية اليمنية في 27 ابريل عام 1993م حتى يتمكن تجمع الإصلاح من أن يحتل المرتبة الثانية في مجلس النواب قطعاً للطريق أمام الحزب الاشتراكي الذي احتل المركز الثالث.
ومن خلال التجمع اليمني للإصلاح استطاع الرئيس الأسبق إضعاف منافسه وشريكه في الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني وظل يضايقه حتى أخرجه من المشاركة في السلطة نهائيا بعد حرب 1994م ثم تحالف مع التجمع اليمني للإصلاح وكافأهم بتعديل المادة التي قاطعوا الاستفتاء على الدستور من أجلها لتصبح مصدر كل التشريعات وياليتهم عملوا بها وإنما استخدموها للمزايدة وتضليل العامة بتوجههم الديني وقد ظل الرئيس الأسبق يلعب لعبته من خلال تدخله في شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية وتفريخها حتى انتهت به سياسته غير المتوازنة ليخسر كل شيء ومن المفارقات ان التجمع اليمني للإصلاح الذي كان التيار المتشدد دينيا لجأ بعد خلافه مع الرئيس الأسبق علي صالح وخروجه من السلطة الى التحالف مع الحزب الاشتراكي الذي كان يكفره ويعمل على محاربته في اطار اللقاء المشترك ومن هنا تكالب الجميع على الرقص مع الثعابين ليوجهوا لدغتهم القاتلة إلى الراقص الأول مخلفا بعده وطنا مهدودا وممزقا وشعبا فقيرا وجائعا رغم ما يمتلكه اليمن من خيرات وثروات لو وظفت التوظيف السليم لأصبح الشعب اليمني هو الرائد في المنطقة .
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: حديث الإثنين: أهمية الاستفادة من أخطاء الماضي وتجاوزها Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً