15 أغسطس 2021
السبئي- متابعات: قوم هود بعد أن نجى الله تعالى نبيه نوحاً ومن آمن معه في السفينة، وأغرق كل ما سواها على الأرض استمرّت عبادة الله وحده فترة طويلة من الزمن، حتى تعاقبت الأجيال وفسدت الأحوال وظهر الشرك مؤخّراً، فأرسل الله تعالى نبيه هوداً -عليه السلام- ليعيد الناس إلى توحيد الله تعالى وما يصلح حالهم. وهودٌ -عليه السلام- هو نبيّ عربيّ الأصل، وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عَوص بن إرم بن سام بن نوح، وقد سكن وقومه اليمن..ولقد أرسل إليهم بعد ما مالوا عن الحق واتّبعوا الهوى والفساد في الأرض، فعدا عن كونهم مشركين عاصين لله سبحانه، فقد ظهر فيهم الفساد والظلم فيما بينهم، فأرسل الله لهم نبياً من بينهم ذو خلق رفيع ونسب كريم يدعوهم إلى التوحيد وحسن الأخلاق، لكنّ القوم كفروا به وكذّبوه واتّهموه بالسفاهة والكذب، حتى لحق بهم عذاب الله تعالى.
مـحــــتـويــــــات
1قوم هود
2إرم ذات العماد
3دعوة النبي هود قومه
4 نزول العذاب على قوم هود
5موقع مدينة إرم ذات العماد:
6أين تقع إرم ذات العماد:
7 المراجع:
[١] إرم ذات العماد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم العديد من الآيات والسور التي تتحدّث عن عاد قوم هود، من بينها الآية الكريمة: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٢] والمقصود من قوله تعالى أن يذكر كيف أهلك عاداً بعد تكذيبهم لنبيهم وكفرهم به، فالمقصود أن عاداً الأولى كفرت وكذبت فأهلكهم الله تعالى، ولقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم ذات العماد، فلقد اشتهر قوم هود بصحة أجسامهم وقوّتها، وبطولهم العظيم إذ كان يبلغ أقصرهم ستين ذراعاً، وأطولهم مئة ذراع في السماء، وكانوا يسكنون في بيوت الشعر التي كانت ترفع بالأعمدة الشديدة، لكنّهم حين كفروا بنبيهم لم تغنِ عنهم قوّتهم وبنيانهم شيئاً من دون الله، فأنزل الله تعالى فيهم عذاباً لم يبق منهم كافر إلا أحاط به وأهلكه.[١][٣] دعوة النبي هود قومه جاء نبي الله هودٌ قومه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ودعاهم إلى توحيد الله تعالى وذكرهم بفضله عليهم، وذكّرهم بأنّ الله تعالى خلقهم وأمدّهم بالقوة، وتفضّل عليهم بالقوة في أجسادهم وقوامهم، لكنّ قومه جادلوه وسفّهوا كلامه، قال الله تعالى على لسان قومه: (قالَ الملأُ الذينَ كفروا مِن قومهِ إنَّا لنراكَ في سفاهةٍ وإنَّا لنَظُنَّكَ مِنَ الكاذبينَ*قال يا قومِ ليسَ بي سفاهةٌ ولكنِّي رسولٌ مِنْ ربِّ العالمينَ)،[٤] فكان ردّ نبيهم باللطف واللين أن أكد لهم أنه ما كذب عليهم ولا أصابه السفه، بل إنّه رسول مرسل من الله تعالى لهم يبين لهم الطريق القويم، ثم يحاورهم ويحاول إقناعهم بطريقة أخرى فيقول: (أَوَعَجِبتُم أَن جاءَكُم ذِكرٌ مِن رَبِّكُم عَلى رَجُلٍ مِنكُم لِيُنذِرَكُم)،[٥] فإنه ينبههم أنه ما من عجب أن يكون النبي رجلاً من بينهم يأكل معهم ويشرب، ثمّ ينتقل إلى أسلوب آخر حين يذكرهم بفضل الله تعالى عليهم بالقوة والعمران والزروع والبساتين، فيحذّرهم كفر كل هذه النعم فيحيق بهم العذاب كما حصل مع من قبلهم، قال تعالى: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[٥][١] ولقد ترفع نبي الله هود -عليه السلام- عن أي مصلحة شخصية من قومه مقابل دعوتهم والجهاد للوصول إلى هدايتهم للتوحيد، قال الله تعالى: (يا قَومِ لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِن أَجرِيَ إِلّا عَلَى الَّذي فَطَرَني أَفَلا تَعقِلونَ)،[٦] لكن الردّ جاء كما درج هؤلاء القوم بالتكذيب والكفران، قال الله تعالى: (قالوا سواءٌ علينا أوَعظتَ أمْ لمْ تكُن مِنَ الواعظينَ* إنْ هذا إلا خُلُقُ الأوَّلينَ* وما نحنُ بمعَذَّبينَ)،[٧] وكان من سوء كبرهم أن تحدّوا نبيّهم بإنزال العذاب فيهم فقالوا: (قالوا أَجِئتَنا لِنَعبُدَ اللَّهَ وَحدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعبُدُ آباؤُنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ).[٨][١] نزول العذاب على قوم هود بالغ قوم عاد في الكفر وفي تكذيب نبيهم حتى تحدّوه بأن ينزل عليهم العذاب إن كان صادقاً، حينها ردّ عليهم نبيهم هود عليه السلام: (قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ)،[٩] أي إن هوداً -عليه السلام- استنكر عليهم تفكيرهم بأنّ آلهتهم التي بحاجة إلى أسماء تطلق عليها تصبح آلهة يعبدونها من دون الله، فحينها قد استحقوا أن ينزل بهم عذاب الله تعالى وإهلاكه.[١٠] حين حذّر نبي الله هود قومه من نزول بأس الله -سبحانه- استخفوا بهذا الوعيد مغترّين بقوتهم وعظيم تجبّرهم في الأرض، وقالوا كما خلّد القرآن الكريم: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)،[١١] فكان الردّ من الله تعالى على زعمهم بقوله: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)،[١١] فكان عذابهم عبرة وآية لمن خلفهم، فمع أنّهم تمتّعوا بالقوة البدنية والقدرة على تسخير ما حولهم لمصالحهم وحسب إرادتهم إلا أنّ الله تعالى أهلكهم بالهواء وهو من أضعف مخلوقاته، فسلّطه عليهم ريحاً عاتية قوية عدة ليالٍ وأيام، قال الله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى)،[١٢] فكانت الريح شديدة البرودة قوية تحمل الرجل العظيم الجسيم عالياً في السماء، ثم تخفضه أرضاً، فيخرّ على رأسه فينكسر رأسه. وقال بعض المفسرين إن الريح حملت القوم وحملت مساكنهم فألقتهم في البحر،فذلك قول الله تعالى:(فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ[١٣].
موقع مدينة إرم ذات العماد:
تعد مدينة إرم ذات العماد مدينة رفيعة البنيان، وتقع في صحراء الربع الخالي، ولم يصدق الواقع هذه المدينة، حيث قال قوم إنَّ الله خسفها ولم يعد لها وجود، وهذه المدينة مسكن قوم عاد، والعماد هي: عماد بيوت الشعر، ويُقصد بها القبيلة، وقيل إنَّ عماد بيوتها كناية على طول أجسام قوم عاد، حيث قيل في صخر: "رفيع العماد طويل النجاد"، حيث يدل طول الأجسام على قوة أصحابها،[١] وقيل إنَّ شداد بن عاد بنى هذه المدينة في بعض صحاري مدينة عدن.[٢] فكرة بناء مدينة إرم ذات العماد ذكر بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ)[٣]، أنَّ شداد بن عاد كان ملكاً قوياً وشديد البطش، وعندما سمع بجنة عدن التي وعد الله تعالى بها لعباده المؤمنين عزم على بناء أرض شبيهة لها في الأرض.[٢] بنى شداد مدينة إرم ذات العماد، وهي مدينة عظيمة وقوية، حيث كانت قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الياقوت والزبرجد، هذا بالإضافة إلى وجود أنواع عديدة من الأشجار والأنهار الجارية، وبعد الانتهاء من بنائها ذهب إليها بأهل مملكته، ثمَّ بعث الله تعالى عليهم عذاباً فهلكوا كلهم، ولكن شداد ومن معه لم يدخلوا هذه المدينة قبل هلاكهم، وبالتالي صار خبر هذه المدينة، وخبر ملكها من آيات الله تعالى في بلاده وعباده.
[٢] قصة عاد في القرآن ذكر الله تعالى خبر قوم عاد في مواضع عديدة من القرآن الكريم؛ وذلك ليكونوا عبرة للمؤمنين، حيث كانوا أعظم الأقوام قوة، وأشدهم بطشاً، وأطولهم أجساماً، حتّى إنَّ الله تعالى لم يخلق مثل قوتهم في البلاد، وكانت مساكنهم عظيمة، وذات أعمدة ضخمة، وأبنية شاهقة الارتفاع، ولقد أترفوا كثيراً في بناء مساكنهم.[٤] كانوا يبنون في كل مكان مرتفع بناءً باهراً، وهائلاً، ومحكماً، وكل ذلك من باب العبث، واللهو، وإظهار القوة، والتفاخر لا من باب الحاجة، وما كان على نبيهم إلّا أنْ يُنكر عليهم ذلك، حيث قال تعالى: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ)[٥]؛ لأن أبنيتهم هذه تضيع الوقت، وتهلك الجسد، وتشغل الإنسان في أمور الدنيا، والابتعاد عن الآخرة، بالإضافة إلى أنها مظهر من مظاهر الكبرياء.[٤] يجدر بالذكر هنا أنَّهم اتخذوا أبراجاً مُشيدةً حتى يخلدوا في الدنيا، وفتح الله عليهم ورزقهم أموالاً، وأولاداً، وزرعاً، وعيوناً، وكان نبيهم دائماً يذكرهم بنعم الله عليهم، وأمرهم أن يتذكروا هذه النعم بشكر الله تعالى؛ حتّى يفوزوا برضا الله تعالى والجنة، ولكنهم قابلوا ذلك بالكفر، والجحود، وعبادة الأصنام، واتهموا نبيهم هود عليه السلام بالجنون والسخرية، ولم يستجيبوا لدعوته، واستكبروا عليها، وزادوا طغياناً في البلاد.[٤] بالإضافة إلى أنهم تكبروا على خالقهم، وتجبروا على عباد الله، وكانت نهايتهم أنَّ الله تعالى استدرجهم حيث لا يعلمون، وأوقف عنهم المطر، وسلّط الله عليهم ريحاً لمدة سبع ليالٍ وثمانية أيام، ولم تنقطع هذه الريح لحظة، وكانت ريحاً عقيمةً لا خير ولا بركة فيها، حيث كانت تحمل الرجل منهم إلى أعلى ثمَّ تُنكسه على رأسه فينقطع عن جسده، وهكذا أهلكهم الله ولم يبقَ لهم باقيةالعماد:
أين تقع إرم ذات العماد:
إرم ذات العماد:
إرم ذات العماد ورد ذكر إرم ذات العماد في قوله تعالى: { ألم تر كيف فعل ربّك بعاد إرم ذات العماد}، صدق الله العظيم. يوجد هناك الكثير من الروايات والقصص الّتي تتحدّث عن ما يسمّى بإرم ذات العماد، ويقول البعض أنّها مدينة مفقودة، والبعض الآخريقول أنّها اسم لقبيلة، وفيما يتعلق بموقعها فيرجّح البعض من العلماء أنّها في مصر (الإسكندريّة) أو قد تكون هي نفسها مدينة دمشق، والبعض الآخر يرجح إنّها جبال رام الله جنوب المملكة الأردنية الهاشمية ، أو إنّها هي " أوبار" مدينة في سلطّنة عُمان، ولكن أغلب العلماء يرجحون إنّها في جمهورية اليمن، وتقع بين مدينتي حضرموت، وصنعاء العاصمة اليمنية، والذي بناها هو" شدّاد بن عاد"، حيث كان قوم عاد يتميّزون بالطول الشاهق، ويصل إلى قرابّة الستة أمتار، وكان لعاد ولدان هما: شديد وشدّاد، وأخذا البلدة بالبطش والعنوة، وبعد حين مات شديد وبقي شداد. قصة إرم ذات العماد قام شدّاد بتكملّة غزواته حتّى استطاع أن يسيطر على كلّ الملوك في ذلك الوقت، وكان يتّصف بالبطش، وذا بأس شديد، ويعبد الأصنام، وكان مولعاً وعاشقاً لقراءة الكتب القديمة، وهو يقرأ الكتب ويمرّ به مصطلح "الجنّة" حينها أراد أن يتحدّى الله تعالى بالكفر والعناد (والعياذ بالله) وبناء مدينة شبيهة بالجنّة، حيث أخبر أمراءه بأنّه يريد بناءها وحدّد مائة رجلٍ من قومه ولكل واحداً منهم ألف رجل يساعدوه، وزوّدهم بالمال للبحث عن أفضل الأراضي من حيث تربتها وهوائها لبناء مدينته. بعث شداد بن عاد من يأمر الملوك بأن يقوموا بجمع الثروات لديهم من ذهب، وزعفران، ومسك، ودر، وياقوت، وفضّة وأن تُرسل إليه، وأمر الغواصّين البحث بالبحار والمحيطات عن الجواهر واللآلئ ويحضروها إليه؛ حيث قاموا بجمع الكثير من الثروات وبكميات ضخمّة، ثمّ أمر شداد ببناء جنته كما يدعي، ووضع ببنائها كلّ هذه الثروات التي جمعها، ثمّ أمر بطلائها بالذهب، وأنشأ تحتها وادي من الماء العذب، وبنى أشجار مصنوعّة من الياقوت والمرجان ، بالإضافة إلى أنّه أحاط بها سور مصنوع من اللآلئ؛ واستغرق بناء هذه المدينة خمسمئة عام. عندما أرسل الله عز وجل سيّدنا هود عليه الصلاة والسلام ليدعو قوم عاد الى الإيمان بالله وترك عبادة الأصنام، جحد شدّاد بن وإزداد كفراً، حيث قام سيدنا هود عليه السلام ولكنه لم يستجب له ولم يطعه، فعندما انتهى شداد بن عاد من بناء المدينة والّتي يشبّهها بالجنّة، حينها أخذ معه موكبّة ليتوجّه الى المدينة، ولكن عندما اقترب منها، بقدرة الله عز وجل دُمّر هو ومن معه، وكان له ولد مؤمنٌاً بالله اسمه "مرتد بن شداد"، وبعد أن مات أبوه بنى له قبراً، وأحاطه بكلّ الذهب الّذي جمعه أبيه ليثبت بأنّ كل هذه الثروات التي جمعها من الذهب واللآلئ لن تنفعه بعد مماته، والله أعلم.
{1}[١٠] الــــــــمــراجع ^ أ ب ت ث "نبي الله هود عليه السلام"، www.darulfatwa.org.au، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-25. بتصرّف. ↑ سورة الفجر، آية: 6،7. ↑ "المقصود بـ {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-25. بتصرّف. ↑ سورة الأعراف، آية: 66،67. ^ أ ب سورة الأعراف، آية: 69. ↑ سورة هود، آية: 51. ↑ سورة الشعراء، آية: 136-138. ↑ سورة الأعراف، آية: 70. ↑ سورة الأعراف، آية: 71. ^ أ ب "قصة هود عليه السلام"، www.audio.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-26. بتصرّف. ^ أ ب سورة فصلت، آية: 15. ↑ سورة الحاقة، آية: 7. ↑ سورة الحاقة، آية: 8.
{2}الرئيسية / مواضيع دينية متفرقة / موقع مدينة إرم ذات العماد موقع مدينة إرم ذات العماد كتابة آلاء دعدوع - آخر تحديث: ٠٦:٤٧ ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨ محتويات ١ موقع مدينة إرم ذات العماد ٢ فكرة بناء مدينة إرم ذات العماد ٣ قصة عاد في القرآن ٤ المراجع ذات صلة أين تقع إرم ذات العماد أين تقع مدينة إرم ذات العماد موقع مدينة إرم ذات العماد تعد مدينة إرم ذات العماد مدينة رفيعة البنيان، وتقع في صحراء الربع الخالي، ولم يصدق الواقع هذه المدينة، حيث قال قوم إنَّ الله خسفها ولم يعد لها وجود، وهذه المدينة مسكن قوم عاد، والعماد هي: عماد بيوت الشعر، ويُقصد بها القبيلة، وقيل إنَّ عماد بيوتها كناية على طول أجسام قوم عاد، حيث قيل في صخر: "رفيع العماد طويل النجاد"، حيث يدل طول الأجسام على قوة أصحابها،
[١] وقيل إنَّ شداد بن عاد بنى هذه المدينة في بعض صحاري مدينة عدن.
[٢] فكرة بناء مدينة إرم ذات العماد ذكر بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ)
[٣]، أنَّ شداد بن عاد كان ملكاً قوياً وشديد البطش، وعندما سمع بجنة عدن التي وعد الله تعالى بها لعباده المؤمنين عزم على بناء أرض شبيهة لها في الأرض.
[٢] بنى شداد مدينة إرم ذات العماد، وهي مدينة عظيمة وقوية، حيث كانت قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الياقوت والزبرجد، هذا بالإضافة إلى وجود أنواع عديدة من الأشجار والأنهار الجارية، وبعد الانتهاء من بنائها ذهب إليها بأهل مملكته، ثمَّ بعث الله تعالى عليهم عذاباً فهلكوا كلهم، ولكن شداد ومن معه لم يدخلوا هذه المدينة قبل هلاكهم، وبالتالي صار خبر هذه المدينة، وخبر ملكها من آيات الله تعالى في بلاده وعباده.
[٢] قصة عاد في القرآن ذكر الله تعالى خبر قوم عاد في مواضع عديدة من القرآن الكريم؛ وذلك ليكونوا عبرة للمؤمنين، حيث كانوا أعظم الأقوام قوة، وأشدهم بطشاً، وأطولهم أجساماً، حتّى إنَّ الله تعالى لم يخلق مثل قوتهم في البلاد، وكانت مساكنهم عظيمة، وذات أعمدة ضخمة، وأبنية شاهقة الارتفاع، ولقد أترفوا كثيراً في بناء مساكنهم.
[٤] كانوا يبنون في كل مكان مرتفع بناءً باهراً، وهائلاً، ومحكماً، وكل ذلك من باب العبث، واللهو، وإظهار القوة، والتفاخر لا من باب الحاجة، وما كان على نبيهم إلّا أنْ يُنكر عليهم ذلك، حيث قال تعالى: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ)[٥]؛ لأن أبنيتهم هذه تضيع الوقت، وتهلك الجسد، وتشغل الإنسان في أمور الدنيا، والابتعاد عن الآخرة، بالإضافة إلى أنها مظهر من مظاهر الكبرياء.
[٤] يجدر بالذكر هنا أنَّهم اتخذوا أبراجاً مُشيدةً حتى يخلدوا في الدنيا، وفتح الله عليهم ورزقهم أموالاً، وأولاداً، وزرعاً، وعيوناً، وكان نبيهم دائماً يذكرهم بنعم الله عليهم، وأمرهم أن يتذكروا هذه النعم بشكر الله تعالى؛ حتّى يفوزوا برضا الله تعالى والجنة، ولكنهم قابلوا ذلك بالكفر، والجحود، وعبادة الأصنام، واتهموا نبيهم هود عليه السلام بالجنون والسخرية، ولم يستجيبوا لدعوته، واستكبروا عليها، وزادوا طغياناً في البلاد.[٤] بالإضافة إلى أنهم تكبروا على خالقهم، وتجبروا على عباد الله، وكانت نهايتهم أنَّ الله تعالى استدرجهم حيث لا يعلمون، وأوقف عنهم المطر، وسلّط الله عليهم ريحاً لمدة سبع ليالٍ وثمانية أيام، ولم تنقطع هذه الريح لحظة، وكانت ريحاً عقيمةً لا خير ولا بركة فيها، حيث كانت تحمل الرجل منهم إلى أعلى ثمَّ تُنكسه على رأسه فينقطع عن جسده، وهكذا أهلكهم الله ولم يبقَ لهم باقية.[٤] المراجع ↑ "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن "، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف. ^ أ ب ت "قصة شداد بن عاد ، وبيان بطلانها ."، www.islamqa.info، 23-10-2015، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف. ↑ سورة الفجر، آية: 6-8. ^ أ ب ت ث عبدالعزيز بن أحمد الغامدي (27-5-2017)، "قصة عاد في القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف. ↑ سورة الشعراء ، آية: 128.
اقرأ ايضاً الخبر التالي
- تعليقات الموقع
- تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: أين تقع إرم ذات العماد.. وما هي ارم ذات العماد.؟
Rating: 5
Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً