728x90 AdSpace

9 ديسمبر 2020

عن الفنان والأستاذ أيوب طارش ..!!


طه العامري 
هو ليس مجرد أستاذ ولا فنان بل هامة وطنية وإنسان استثنائي ؛ مبدع تفرد في إبداعاته الفنية فشكل نموذجا استثنائيا غير مسبوق في تاريخ المسار الفني الوطني ..
ينتمي الفنان والأستاذ أيوب طارش العبسي _ حفظه الله وأطال لنا بعمره _ لجيل التحولات وهو الجيل الذي تشرب القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية وعمل بها واعتنقها وكانت وستبقى هذه القيم بمثابة العقيدة التي يصعب التخلي عنها ؛ أيوب لم يعشق الفن بل الفن نفسه عشق أيوب حتى الثمالة وحين تعشق المهنة صاحبها تحمله إلى مصاف النجوم وتنحت سيرته في ذاكرة ووجدان الأجيال الوطنية المتعاقبة ..قليلون هم المبدعون الذين أتخذوا من إبداعاتهم نافذة للتعبير عن قضية تتجاوز المهنة إلى تشكيل الذاكرة الجمعية الوطنية  ومن هولاء كان الفنان والأستاذ أيوب طارش الذي  غنى للوطن كل الوطن وغنى للحب والطبيعة والتضاريس والسهول والجبال ؛ غنى للعامل والفلاح والطالب والقائد والجندي والمهاجر ؛ غنى للعشاق والمقهورين وتغزل بكل المكونات الوطنية وبكل الشرائح والطبقات المجتمعية وكما غنى للوطن غنى للأمة ولفلسطين وناهض الغزاة والمستعمرين وقف ضد الظلم حيثما وجد بواسطة فنه ورسالته الفنية المتميزة .
أيوب طارش وفي رحلة مساره الفني الإبداعي كان أشبه ب( يعسوب النحل ) تنقل في حدائق الأزهار واعتصر منها أجمل رحيقها وأنتج كل ما فيه _ شفاء ودواء للناس كل الناس في وطنه _ ومن أغنية _ بالله عليك ومسافر _ وهي من كلمات شقيقه المرحوم محمد طارش _ إلى تغزله بقصائد العديد من الشعراء أبرزهم الشاعر المبدع المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) والشاعر الأستاذ أحمد الجابري والشاعر  المرحوم عثمان أبو ماهر المخلافي والشاعر المرحوم أبراهيم الحضراني ؛ والشاعر عبد الحميد الشائف والشاعر مطهر الأرياني  والشاعر علي عبد الرحمن جحاف والكثيرين من الشعراء منهم الاغبري صاحب ( طل القمر ) والجنيد شاعر التصوف ومحمد أحمد منصور ومن التراث المتعدد في بيئتنا الثقافية وحتى الداعية والمصلح الاجتماعي الأبرز في تراثنا وتاريخنا السيد أحمد أبن علوان ؛ وخلال مسيرته الفنية الطويلة والغنية بالإبداع والتميز شكل الفنان والأستاذ أيوب لوحة فنية مفعمة بالإبداع والتنوع المجسدة للوحدة الوطنية بأزهى وأبهى صورها .
ولاشك أن علاقته بالراحل والشاعر الأستاذ عبد الله عبد الوهاب نعمان _ الفضول _ تميزت بالتوأمة والتكامل حد الانسجام الأمر الذي أعطى لإبداع  الشاعر ( الفضول ) قوة وحضور وتألق من خلال إبداعات الفنان أيوب طارش الذي كان له الفضل في تقديم إبداعات الشاعر المرحوم ( الفضول ) ونقلها إلى الجمهور بالصورة التي تليق بها والتي تمنحها حقها من الحضور والجاذبية لدى الجمهور المتلقي الذي تشكل وعيه وعواطفه وهويته من خلال الفنان أيوب طارش وإبداعاته الفنية التي كانت وستظل بمثابة لوحات جمالية تستوطن بأطيافها وجدان وذاكرة الجمهور اليمني والعربي وهي الأطياف التي شكلتها ولونتها وقدمتها للجمهور ريشة الفنان أيوب طارش التي أبدعت أجمل الألحان وأكثرها سلاسة وقدرة على الانسياب لذاكرة ووجدان المتلقي .
لقد تابعت وخلال فترة طويلة الكثير من الجدل ( البيزنطي ) حول علاقة الفنان والأستاذ أيوب طارش العبسي بالشاعر الأستاذ المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) والذي كان يفترض أن لا يكون ولكن حدث هذا للأسف وحسب اعتقادي أن كل هذا الجدل الذي حدث قد تم توظيفه بطرق خاطئة والهدف للأسف من وراء هذا هو استهداف هامة وطنية عملاقة بحجم ومكانة الفنان والأستاذ والمربي أيوب طارش من ناحية ومن الأخرى إخضاع إبداعات عملاق أخر هو المرحوم ( الفضول ) لجدلية المضاربة والابتزاز ومن فعل هذا لم يدرك حقيقة الملحمة الإبداعية التي شكلها الثنائي أيوب والفضول لا من حيث القيمة الوطنية ولا من حيث القيمة الحضارية والتاريخية والمؤسف أكثر أن البعض ذهب يغمز من قناة الفنان أيوب طارش وهو فوق كل الشبهات وفوق كل السفائف والقضايا العابرة ؛ متجاهلين العلاقة الإبداعية التي جمعت العملاقين ومزجت إبداعاتهما بصورة تكاملية قلما حدث مثلها في مسارنا الإبداعي وهي العلاقة التي صنعت مجدهما بعيدا عن الحسابات الضيقة والمصالح العابرة فهما معا جمعتهما علاقة إبداعية بعيدا عن حسابات من أثاروا الزوبعة بعد رحيل أحدهما ولا أعتقد أن هناك من يقدر أن يقيم  علاقة أيوب بالفضول غير أيوب والفضول وما دونهما هو مجرد عبث سفسطائي عابر لا قيمة له .
فإذا وقفنا أمام حسابات مثيري الزوبعة أو من يحاولون الاصطياد في مسار هذه العلاقة علي خلفية مزاعم متعددة ممن يحاولون إخضاع أو تفسير علاقة الفنان بالشاعر وفق جدلية الربح والخسارة فهؤلاء وبقدر ما يسيئون بهذا السلوك لأطراف هذه العلاقة ؛ وخاصة للمرحوم ( الفضول ) فأنهم بذات القدر يكشفون عن غبائهم وانتهازيتهم لأن علاقة المبدعين لا تقاس بجدلية الربح والخسارة بل تقاس بمدى نجاح إبداعاتهم ورسالتهم الإبداعية .
إما من يحاول القول بأن ( لولاء الفضول لما كان أيوب ) فهؤلاء أكثر جهلا وجهالة فهذا الثنائي كان يكمل بعضه في سياق العمل الإبداعي _ أولا _ وثانيا _ ارتبطا المبدعان بعلاقة تتجاوز جدلية الربح والخسارة و _ ثالثا _ كان الشاعر ( الفضول ) موجودا قبل الفنان أيوب طارش وكان شاعرا قبل أن يكون أيوب فنانا ومع ذلك لم يحصل الفضول رحمة الله عليه على المكانة والشهرة وذاع صيته أكثر  بعد أن التقى بالفنان أيوب طارش وشكلا معا ثنائي إبداعي متميز وحققا نجاحات أدبية ومعنوية خلال سنوات تعاونهما المشترك حتى بلغ صيتهما معا الآفاق الوطنية بل وتجاوز حضورهما الخارطة الوطنية إلى سماء الخارطة القومية وبالتالي ليس تعصبا لو قلت إنه لولاء الفنان أيوب طارش حفظه الله وأطال لنا بعمره لما اشتهرت وخرجت  إبداعات ( الفضول ) بالصورة التي أخرجها الفنان أيوب طارش مع إن الفضول عاش قبل ذلك شاعرا وسياسيا ومبدعا ومناضلا وطنيا وعرف الكثير من المبدعين والفنانين لكنه لم يحظى معهم بما حظى به برفقة الفنان أيوب طارش الذي كان له الفضل الأول في أن يحتل المرحوم الفضول المكانة التي احتلها في الوجدان والذاكرة ولا يزل .
عن الفنان والأستاذ أيوب طارش ..!( 2 )
قلت في التناولة السابقة أن الأستاذ عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) كان شاعرا وأديبا وصحفيا وسياسيا ومناضلا وطنيا قبل أن يلتقي ويتعرف بالأستاذ أيوب طارش العبسي ؛ وكان يعرف الكثير من الفنانين وغنى له الكثيرون منهم مثل الفنان محمد حمود الحارثي والسنيدار والفنان القدير عبد الباسط عبسي  وغيرهم من الفنانين الذين لا تسعفني ذاكرتي لذكرهم الأن ولكنه لم يحظى بالشهرة ولم يذيع صيته كشاعر ومبدع إلا من خلال الفنان الكبير الأستاذ أيوب طارش العبسي الذي نقل إبداعات الشاعر الفضول إلا المكانة التي تستحقها والتي احتلها الشاعر الفضول بفضل الفنان والأستاذ أيوب طارش الذي كان لريشته وأوتاره الفضل الكبير في تربع الشاعر الفضول لمكانته الأدبية والإبداعية وهو ما لم يحققه الشاعر الفضول قبل أن يلتقي بالفنان أيوب .. لهذا أعود وأقول جازما لولاء الفنان أيوب طارش وريشته وأوتاره وأنغامه الخالدة لما عرف الناس ولما عرفنا الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) وهذا لا يعني الانتقاص من هامة إبداعية بحجم الفضول ولا انحيازا لهامة إبداعية وفنية بحجم الأستاذ أيوب طارش لكنها الحقيقة التي يجب التوقف أمامها والاعتراف بها بعيدا عن المزايدة والتستر على حقيقة يستحيل التقليل منها أو طمس معالمها .
وعلى سبيل المثال كلنا يعرف حكاية قصيدة ( رددي ايتها الدنيا نشيدي ) التي اعتمدت _ أولا _ كنشيد وطني في الشطر الجنوبي سابقا ثم لاحقا وبعد قيام دولة الوحدة عام 1990م اعتمدت كنشيد وطني للجمهورية اليمنية ؛ هذه القصيدة كانت قد سلمت من قبل ( الفضول ) وبواسطة الرائد عبد الله عبد العالم قائد قوات المظلات في عهد الرئيس الحمدي للفنان أحمد السنيدار وظلت لقرابة عام ونصف بحوزته ولم ترى النور ثم في لقاء جمع الشاعر بالفنان السنيدار أقدم الشاعر على سحب القصيدة التي اخرجها الفنان أيوب طارش لاحقا  بالصورة التي نعرفها فاختارها النظام في الشطر الجنوبي كنشيدا وطنيا ثم لاحقا تم اعتمادها كنشيد وطني للجمهورية اليمنية  .
نعم كان الشاعر الفضول أديبا متألقا ولكنه لم يعتلي قمة تألقه ولم تتعملق مفرداته الإبداعية إلا بعد لقائه بالفنان أيوب طارش ليشكلوا معا ثنائيا مبدعا رائعا ومتألقا بمعزل عن كل التفسيرات التي طفحت بعد رحيل الفضول من بعض ( الانتهازيين ) للأسف الذين ذهبوا بعيدا في استغلال الرجل ومحاولة توظيفه لتحقيق مصالح نفعية زائلة ..؟!
أن ما جمع الفنان أيوب طارش والشاعر الفضول ليست ( أموال شركة 13 يونيو ) بل هناك عوامل أكبر من المال ومشاعر لا تقدر بكل كنوز الدنيا وهي العوامل التي لا يمكن أن يدركها من يبنون علاقة هذا الثنائي المبدع وفق جدلية الربح والخسارة ولو كان الأمر يحسب بهذه المعادلة لكأن الفنان أيوب طارش أحق وأولى بالثراء ؟!!
وفق هذه المعادلة في علاقة الهامتان الإبداعيتان أيوب والفضول يحسب للأستاذ محي الدين علي سعيد وسم كتابة الوثائقي عنهما ب ( الضماء العاطفي ) لأن العنوان بحد ذاته يعكس واقع عاشه الفضول وتؤكده مرحلة ما بعد رحيله وكيفية تعامل المحسوبين عليه مع إرثه الإبداعي وتاريخه ورسالته الإبداعية والوطنية وهو تعامل لم يكن يجدر به أن يكون ؛ والضماء العاطفي لدى الفضول يتجسد بعمق مفرداته الإبداعية التي عبرا فيها عن معاناته الواقعية وصور من خلالها البيئة والمحيط الذي كان يعيش فيه وتمكن الأستاذ والفنان أيوب طارش من إعطائها أبعاد روحية ووجدانية وعوض من خلالها ضماء الفضول الذي حتى على المستوى الأسري هجر الجميع مكتفيا بالسيدة التي عشقها وتغزل بها في قصائده _ بنت عمه _ وشاركته ردحا من حياته والتي كانت له بمثابة البلسم الذي اشفى جروحه ومعاناته العاطفية وهي الوحيدة التي استوعبت مشاعره الوجدانية وتفهمت كل نزواته الإبداعية وجنون مخاضه الإبداعي وسايرته وذهبت معه إلا مدى يصعب على غيرها أن يسير فيه فكانت مصدر إلهام للشاعر ومرفئ السكينة للإنسان ورافعة تقيه من الانغماس في وحل الهموم الدرامية اليومية داخل محيط مليء بالتداعيات المحبطة للمبدع والإنسان معا .؟!!
كان الفضول وحسب تداعيات مرحلة ما بعد رحيله التي كشفت عن كثير من التناقضات التي عاشها الرجل ؛ كان يفتقد للحاضنة الآمنة والتي وجدها في شخصية شريكة حياته والحبيبة التي هام بها حبا وتغزلا وهي أبنة عمه ( عزيزة) رحمة الله تغشاها ثم في شراكته وثنائيته مع الفنان أيوب طارش فكان هذا الثنائي ( أيوب ) الذي كان له بمثابة الأخ والصديق والشريك المبدع الذي ترجم إبداعات الفضول وحولها إلى لوحات حافلة بالأنغام الجميلة التي عشقها المتلقي فاستوطنت وجدان وذاكرة شعب بأجياله المتعاقبة و ( عزيزة ) وهي الحبيبة التي ذاب وانصهر الفضول بكل مشاعره في حبها فكانت شريكته في كل تحركاته ورحلاته وتعرف كل همساته مؤمنة بقدراته الإبداعية فمنحته قدرا من السكينة والاستقرار وهؤلاء كانوا هما مصدر إلهام وإبداع الشاعر ( الفضول ) وبهما ولهما عاش حتى قابل ربه والمتأمل لمسار وسيرة الفضول رحمه الله سيجد في شخصيته شيئا من عبثية  ( بيكاسو ) وقليلا من  سريالية ( سلفادور دالي ) وبعضا من  مغامرات ( أبى فراس الحمداني ) كما فيه قدرا من نواد ( أبي نواس ) وهذه الصفات تميز بها عظما الإبداع من المبدعين العرب والعالمين فالمبدع في الأخير أيا كانت درجة إبداعه وعظمتها هو في الأخير إنسان ..!!
والمؤسف أن بعض المقربين من الهامات الإبداعية ينظرون للمبدع وكأنه مجرد ( شيك )  قابل للصرف في أي زمان ومكان أو ( خزانة بنكنوت ) وغالبا ما يحدث هذا بعد رحيل المبدع ومن قبل من كانوا بعيدين عن محيطه في حياته والغير مدركين لما يعتمل في وجدانه من مشاعر تجاه منظومة علاقته الإبداعية وأدواتها ..؟!!
يتبع
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: عن الفنان والأستاذ أيوب طارش ..!! Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً