الدكتور حسام الدين خلاصي
هي اللحظة الأكثر إحراجاً ودقة وخطورة للرئيس فلاديمير بوتين نتيجة تحالفه الوثيق مع الرئيس بشار الأسد ، إن الحالة الراهنة قابلة للمقارنة تمامًا مع أزمة الصواريخ الكوبية. حيث انه يمكن أن تندلع حرب نووية في غمضة عين، تكون سبباً لفناء البشرية .
تم التخطيط بعناية فائقة في الولايات المتحدة الأمريكية للوصول للوضع الحالي في روسية والذي يتسم بالعقوبات الجديدة ضد روسيا ، والأسواق المالية الروسية في حالة حرجة ، والروبل في صراع مالي للثبات ، والقضية المفبركة للجاسوس سكيربال ، وفوق ذلك تهديدات غربية متكاملة لقصف أمريكي على القوات العربية السورية والحلفاء في تحدٍ واضح للقيادة الروسية بزعامة بوتين والذي يمضي ولايته الرئاسية الأخيرة .
الرئيس بوتين الآن يعرف الآن أن السنوات الست القادمة لن تكون هادئة على الإطلاق ، كما وعد اثناء حملته الانتخابية لكي يلتفت للداخل الروسي ويسعى لرفاهيته .
ينبغي على الروس أن يدركوا أن رواتب 20 ألف روبل ( 300 دولار ) والتحمل خلال فترة الضغط ستكون افضل بكثير من خسارة عشرين مليون إنسان كما حصل في الحرب العالمية الثانية ، وأن عليهم أن يدركوا بأنهم سيمرون أيضا بأوقات صعبة للاقتصاد الروسي والحياة في روسيا ، لأنهم واحدة من آخر الدول القوية ذات السيادة المتبقية في العالم .
تحتاج روسيا إلى اتخاذ عدة خطوات حازمة من شأنها أن تفرض تكاليف باهظة على واشنطن وأتباعها الغربيين
= التدابير المالية والاقتصادية :
• حظر جميع الشركات الأمريكية الكبرى (ماكدونالدز وبرجر كينغز وبيتزا هتس وستاربكس ) في روسيا ، والتي يمكن استبدالها بسهولة بالشركات المكافئة الروسية
• حظر شركات البرمجيات الأمريكية في روسيا واستبدالها مجموعة من شركات البرمجيات الروسية التي يمكن أن تحل محل المنتجات الأمريكية
• حظر Google و Facebook و Instagram و Twitter فروسيا لديها بالفعل مكافئات قوية لهذه الوسائل تمنع المنافسة الغربية وتهيمن على السوق الروسية مثل ( ياندكس ، فكونتاكتي ، أودنكلاسينيكي ) فعلى روسيا أن تنشئ مساحة معلومات مستقلة بنفس الطريقة التي عملت بها الصين .
• روسيا مورد عالمي رئيسي للتيتانيوم ، والذي يستخدم في الفضاء الجوي ، وهي يجب أن تقيد هذه المبيعات للشركات الأمريكية وخاصة البوينغ .
• كما يجب على روسيا التوقف عن شراء طائرات بوينج أو أي تقنية تصنيع أمريكية أخرى والتوقف عن بيع محركات الصواريخ الروسية لوكالة ناسا .
• طلب شركاء تجاريين دوليين لتسهيل الإغراق وأن جميع التجارة الدولية الخاصة بها وبالشركاء بأي عملة باستثناء الدولار.
= التدابير السياسية :
• يجب على روسيا أن تبدأ في شن حروب بالوكالة ضد أمريكا ، بنفس الطريقة التي تشن بها الولايات المتحدة حرباً بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا من خلال دعم النظام المناهض لروسيا في كييف وتسليح المليشيات الفاشية في دونباس والتي تقتل السكان من أصل روسي، لذلك يجب على روسيا أن تفكر بجدية في تسليح طالبان في أفغانستان ، وحزب الله في لبنان . ومساعدة إيران على تحديث جيشها وتطوير صواريخ الـ S400 ، هذا هو رد الفعل المناسب والذي سيؤذي واشنطن فالمحافظون الجدد في الولايات المتحدة يفهمون لغة القوة فقط . ذات مرة صرح وزير الخارجية الروسي لافروف : بأن المفاوضات بشأن الوضع في شبه الجزيرة الكورية يجب أن تؤدي إلى نزع السلاح النووي في المنطقة !
فلماذا تتوق روسيا إلى نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية !!
ربما يتعين على روسيا أن تجعل من كوريا الشمالية حليفاً وأن تبدأ بتسليح كوريا الشمالية أكثر ، ربما ينبغي عليهم مساعدة كوريا الشمالية على تطوير صاروخ أكثر فتكاً ، عندها ستفهم أمريكا هذه اللغة اكثر من المضي في الرضوخ لها .
• يجب على روسيا أن تعيد النظر في علاقتها الحالية مع إسرائيل لأنها خاطئة ، لأسباب عديدة ، ليس أقلها أنها ترسل رسائل مختلطة وخطيرة إلى حلفاء الروس في الشرق الأوسط ( ايران – سورية ) ، إن الأزمات الحالية كلها هي نتيجة رغبة إسرائيل في دعم الفوضى المسيطرة في سوريا لعقود قادمة ، خاصة مع الهجمات الجوية المستمرة من تل أبيب ضد سورية في تحد واضح لروسية وحلفائها .
فكما تهدد روسية الولايات المتحدة الأمريكية وتحذرها من ارتكاب حماقاتها ، عليها وبأسرع مايمكن أن تفعل نفس الشيء مع اسرائيل وعلناً خاصة وأن اسرائيل هي الجناح العسكري للولايات المتحدة والذي يعيث فساداً في الشرق الأوسط . على أية حال ، يجب على روسيا أن توضح لإسرائيل أنه في حالة حدوث الحرب الروسية الأمريكية ، ستكون إسرائيل من أوائل الدول التي يتم القضاء عليها بمساعدة الأسلحة النووية الروسية وهذا سيجعلهم يفكرون مرتين قبل إثارة صراع عالمي ضد روسية .
• أمريكا لا تفهم اللغة الدولية ولا البكاء ، وبدلاً من التباكي على أعمال غربية غير مشروعة وغير شرعية لا تتوافق مع القانون الدولي ، يتعين على روسيا والرئيس بوتين اتخاذ خطوات جدية وملموسة لوقف الولايات المتحدة الأمريكية عند حدها ، ان المنطق الذي يتحدث به السيد لافروف هو أوضح واقوى وكأنه لمس التكتيك الضعيف الذي امتاز به رئيس روسية الأسبق مدفيديف ابان الاعتداء على ليبيا .
• روسية ،عليها أن تعرف أن مايجري هنا ليس مرتبطاً بالرئيس الأسد أو سورية فقط أو حتى الشرق الأوسط ، ولكنه مرتبط بأن اسرائيل وأمريكا قررتا أن تخرجا روسية من المعادلة الدولية ، عبر هزيمتها في سورية والمنطقة .
• سوف يعتمد السلام العالمي على الدول والحركات التي تتحدى الهيمنة الأمريكية وفي مقدمتها روسية وايران وكورية الشمالية والصين وسورية وحزب الله ، لذلك لايجب أن يمر العدوان أو التهديد به على سورية من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا واسرائيل وتركيا مرور الكرام بعد اليوم وعلى روسية أن ترد .
• وهزيمة هذه المنظومة الشريرة تعتمد على ردة فعل الرئيس الروسي القوية والتي ستجعل من الرئيس بوتين أعظم رئيس لروسية في تاريخها الحديث .
====
الدكتور حسام الدين خلاصي
ارئيس ومؤسس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سورية / مجتمع مدني وطني
