طه العامري ..
مائة عام مرت على ميلاد الزعيم والقائد المعلم جمال عبد الناصر 15 ينائر 1918_ 15 ينائر 2018 م مائة عام لم يعرف تاريخنا الوطني والقومي ظاهرة نبيلة غير ميلاد هذا القائد العربي ونشأته ثم إنغماسه في الهم الوطني والقومي وقضايا التحرر الإنساني وقيادته لثورة 23 يوليو 1952م كأول ثورة عربية شاملة حملت معها مشروع التغير الإجتماعي وسعت إلى إعادة الهوية الحضارية لإمة أستلبها أعدائها وصادروا قرارها وجعلوها تعيش على هامش الوجود الإنساني ..
الحديث عن قائد بحجم ومكانة ودور ورسالة القائد المعلم جمال عبد الناصر حديث صعب وشائك وخاصة من قبل شخص مثلي محدود الوعي والقدرات لأن الحديث عن هذا القائد يحتاج لإكاديميين وخبراء إستراتيجيين لكي يتحدثوا عنه وعن دوره في إيقاظ الوعي القومي العربي وإيقاد شعلة الحرية والكرامة والثورة ضد كل عوامل القهر والتخلف والإستبداد..
لكن عزائي إنني من أولئك العامة الذي ثار عبد الناصر لأجلنا وناضل في سبيل إنتزاع حقوقنا وجعلنا نعيش حياة الحرية والكرامة وأسياد في أوطاننا بعد أن كنا مجرد قطعان من العبيد لقوى الإقطاع والإستعمار بكل أشكاله ..نعم رفض عبد الناصر فكرة الرهان في قيادة الثورة والتحولات الاجتماعية على طبقة ( المتعلمين ) وقال قد يكون المتعلم ( إقطاعيا ) و( رأسماليا مستغلا ) ولكنه آمن بدور ( المثقف الاجتماعي ) وراهن عليه في إدارة التحولات وتحقيق أهداف وتطلعات الأمة في _ الحرية والاشتراكية والوحدة _ وهذه هي أهداف النضال العربي التي بلورها القائد المعلم من خلال ثورة 23 يوليو 1952م التي لم تكن ثورة قطرية محصورة في نطاق إقليم مصر العربية بل كانت فاتحة لثورة قومية عمت بإشعتها كل أرجاء الوطن العربي من محيطه إلى خليجيه كما كانت شعلة التنوير لإفريقيا وأسيا ولكل أحرار العالم التواقين للإنعتاق من براثن الإستبداد والظلم والقهر الاجتماعي ..
لم يكن عبد الناصر. قائدا ( شوفونيا ) ولم يكن زعيما ( نرجسيا ) وهو أيظا لم يكن ( ديكتاتوريا ) بل كان قائدا جماهيريا وزعيما شعبيا ورمزا وطنيا وقوميا..أمن بأمته وبإبنائها وأمن بدور أمته ورسالتها التاريخية والحضارية وأمن بعظمة أمته وبطاقاتها الخلاقة وبما لديها من مقومات الحياة والتفاعل الحضاري والإنساني وأدرك إنها أمة لم توجد لتعيش حياة الجهالة والتخلف والإستبداد والإرتهان لمحاور النفوذ ..
لكل ما سلف أجدني أستمد شرعية خوضي في هذا المعترك إستنادا لشرعية وحق مكتسب منحني أياه القائد والمعلم جمال عبِد الناصر الذي قاد ثوره تحررية جبارة مراهنا على أمثالي من بسطاء لم يراهن على الوجهاء ولا على أولاد الطبقات الراقية من ذوي الوجاهة والنفوذ ورموز الإقطاع والاستبداد الذين أعتادوا رفاهية العيش على حساب معاناة البسطاء من أبناء الشعب ..لهذا ومن أجل جمهور البسطاء وهم الغالبية العظمى من أبناء الأمة الذين عانون كثيرا من طغيان الإقطاع والإستبداد وسيطرة وتحكم قوى الإقطاع لأجل هولاء ثار القائد المعلم وحمل كفنه ليلة 23 يوليو 1952م برفقة كوكبة من زملائه ليواجه خطر الموت الذي ذهب إليه بإقدامه لكن خطواته كانت خطوات إنعتاق لإمة أنار لها القائد طريق الحرية والكرامة ..فكانت الحرية بفكر القائد تعني : حرية الوطن من الإستعمار والمواطن من الإستغلال ..وكانت الاشتراكية في فكره تعني : إيجاد مجتمع الكفاية والعدل ..كفاية في الإنتاج وعدالة في التوزيع ..وكانت الوحدة تعني في فلسفة القائد تعني : إعادة حال الأمة الي الوضع الطبيعي لها الذي أقره الله لها حين جعلها مهبط الأديان الثلاثة ومنها وليس من أي أرض غيرها لتكون الأرض التي بعث منها وإلى العالم أجمع ولكل البشرية ثلاثة أنبياء وثلاث رسالات سماوية وشرفها الله بأن تكون أمة وسطية بقيمها واعتدالها بين الأمم حاملة لرسالة السماء شاهدة على العالم فيما هي يشهد عليها أحد أبنائها وهو النبي الخاتم محمد أبن عبد الله عليه الصلاة والسلام ..
إذا وفي مئوية الزعيم والقائد المعلم جمال عبد الناصر ماذا سأقول عنه وأنا مجرد ( أبن فلاح ) عاش مقهورا وأضطر للهجرة والأغتراب بحثا عن حياة كريمة خالية من سياط الجلادين وكرابيج الطغاة والمستبدين..
هناء أليت علي نفسي في هذا الموضوع _ تحديدا _ على أن لا أتحدث عن عبد الناصر ( الناصرية ) عبد الناصر الفكر والطريق ..لكني سأتحدث عن ( الناصرين ) أو من يدعون ويزعمون إنهم كذلك ..إذ أن ( الناصرية ) حقيقة راسخة بمعزل عن فلسفات وتخرصات البعض ممن أثبتت الأحداث والتحولات زيف طروحاتهم حول وعن ( الناصرية ) وتحولاتها وكثيرين من حملة معاول هدم ونقد الناصرية كفكر وفلسفة ونظرية سياسية وأداة للتغير الاجتماعي الشامل ..أقول كثيرين ممن أنتقدوها وشنوا عليها حملات ظالمة رغبة منهم في الإنتصار لمدارسهم الإيدلوجية والفكرية قد تراجعوا عن مواقفهم وأقروا وأعترفوا بالناصرية كمدرسة سياسية وفكرية ناضجة كما أعترفوا بدورها وبدور صاحبها في إبقاظ الوعي الجمعي العربي رغم شراسة المعركة القذرة التي شنت ضد الناصرية ومؤسسها من قبل كل القوى الإنتهازية التي ترى الأمة بعدساتها وترى التحولات بمنظارها الفكري الخاص ..!!
في هذا السياق أزعم إنني أبن المدرسة الناصرية ..مدرسة عشقتها حتى الثمالة ولا أزل ..عشقت الناصرية وأمنت بها فكرا وطريقا ومنهجا سياسيا ومشروع موالي راق لبناء أمة لا تقهر ومجتمع لا يمكن تطويعه لإرادة الطغاة والمستبدين وقوى الإرتهان..أمنت بالناصرية المثالية التي تؤمن بإنسانية الإنسان وتكرمه وتؤمن بحق البسطاء وتدافع عن أحلامهم وتطلعاتهم ..أمنت بناصرية القائد والزعيم والمعلم والمفكر جمال عبد الناصر وبكل خطواته وبكل ما قام به وعمله ونفذه في رحلته النضالية القومية الممتدة من عام 1936 م حين أنخرط ولأول مرة في الشأن السياسي والهم الوطني وتكللت رحلته هذه بقيادته لثورة 23 يوليو 1952م ..ثم مرحلة نضالية ثانية أمتدت من23 يوليو 1952م إلى 28 سبتمبر 1970م ..رحلتان غيرتا مسار تاريخ أمتنا وأحدثت وعيا وطنيا وقوميا غير مسبوق في تاريخنا الوطني والقومي وتلكم هي الناصرية التي أدمنتها وأمنت بها باعتباري ( أبن فلاح ) جاءت الناصرية لي وأمثالي ومن أجل سعادتنا وتطورنا الإجتماعي ودفاعا عن حقنا بحياة الحرية والعدالة والكرامة والتطور الإجتماعي ..
يتبع غدا ..