السبئي - الدكتور/ جهاد عبد الرحمن أحمد صالح
المقدمة
إنّ العلاقات اليمنيّة- السعوديّة مرت في مراحل عدةّ لكن سادة معظم تلك المراحل حالة الخلافات منذُ أنّ نشأت تلك العلاقة في عشرينيّات القرن العشرين، وذلك لرغبة السعوديّة المستمر في توسيع حدودها بالقوة على حساب اليمن، مما جعل تلك العلاقات تتميز بسرعة التبدل على الدوام. فتارة تكون في أحسن أحوالها وغالباً ما تكون في أدنى درجات التعاون، وقد تصل إلى الصراع المسلح بين البلدين. وفي كل الأحوال وأياً كانت الأسباب فإن قضية الحدود كانت تغلب على كل خلافات الجانبين، وقد أكد الرئيس اليمني السابق (علي عبد الله صالح) ذلك بالقول: ((بأنّ أساس الخلافات اليمنيّة- السعوديّة، يتركز في ثلاث قضايا: الحدود – الوحدة – الديمقراطية )).. ([1])
فقد شكلت قضية النّزاع الحدودي بين الجمهورية اليمنيّة والمملكة العربية السعوديّة قبل تسوية هذا الملف في 12 حزيران / يونيو 2000م، أحد العوائق الرئيسية التي ظلت تعترض طريق إقامة علاقات طبيعية بين البلدين لمدة تزيد على ستين عاماً، فقد أسهمت هذه القضية، وعلى مدى الفترة الماضية، في إثارة الكثير من الشكوك بين الطرفين واستنزاف الكثير من الجهود والإمكانات السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والبشريّة، بل مثلت تهديداً قوياً للأمن والاستقرار في شبه الجزيرة العربية والقطاع الجنوبي من البحر الأحمر، نظراً لتداخل العديد من الاعتبارات التاريخيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والإنسانيّة في هذه القضية الشائكة.([2])
ولكنْ بالرّغم من تسوية الحدود وترسيمها بين اليمن والمملكة العربية السعوديّة في معاهدة (جدة) في عام 2000م، فإن النزاع على الحدود بين اليمن والسعوديّة لم يتوقف عند تلك المعاهدة، بل استمرت حالة النزاعات في المناطق الحدودية، ولكن بصورة غير معلنة من قِبْل الجهات الرسمية في بعض الأحيان للرأي العام في الدولتين بسبب محاولة الطموح المستمر لدى السلطة السعوديّة في استمرارية السطو التاريخي خارج نطاقها الحدودي للأراضي اليمنيّة، والتي يتم اكتشاف الآبار النفطية بها. ولكن أثناء الحرب العدوانية التي قامت بها السعوديّة ضد اليمن عام 2015م، عادت المواجهات المسلحة بين البلدين في الحدود بشكل علني.
سيتم بهذه الدراسة استعراض المراحل الزمنية التي مرت بها العلاقات اليمنيّة- السعوديّة، من خلال تناول خصائص كل مرحلة، وسماتها التي تميزها عن الأخرى.
المرحلة الأولى 1918-1962م:
يعود تاريخ قضية الحدود بين البلدين إلى بدايات القرن العشرين وتحديداً إلى الفترة التي أعقبت انسحاب الدولة العثمانية من المنطقة العربية عام 1918م، بعد هزيمتها على يد قوات الحلفاء في الحرب العالميّة الأولى، حيث أدى انسحابها إلى حدوث فراغ في المنطقة، وإلى بروز أكثر من زعيم عربي كل منهم يعمل لتدعيم مركزه وسيادته، حتّى وإن اختلفت وسائل كل منهم عن الآخر. وفي ضوء هذه الاعتبارات، لم يكن مستغرباً أن أصبحت علاقات هؤلاء الزعماء الجدد تتسم بصبغة التنافس والعداء. ([3])
وكانت أوّل حادثة أدت إلى توتّر العلاقة بين اليمن والمملكة العربية السعوديّة حادثة وادي (تنومة) عام 1921م، التي قتل فيها ثلاثة آلاف حاج يمني من الأبرياء العزل على يد الوهابيين(*)، وذلك عندما قامت قوى خارجية بإثارة الشك والوشاية لدى قوات(عبد العزيز آل سعود) الموجودة حينها في المنطقة بأنّ هذا العدد لم يأت للحج وإنّما أتى لنجدة الشريف (حسين بن علي) الذي يرتبط مع الإمام (يحيى) بعلاقات طيبة خاصّة وأنّهما من أصل هاشمي واحد، وأنّ هذا العدد ما أتى إلا لدعم قوات شريف مكة لمواجهة مساعي سلطان نجد التي تهدف إلى احتلال الحجاز، ورغم ذلك سعى الإمام للتوسط بين (عبد العزيز آل سعود) والشريف (حسين بن علي) لإيقاف المعارك التي دارت بينهما، وذلك صوناً لدماء الأخوة، فقام بإرسال برقيتين عن طريق القنصل الإيطالي في (جدة)، طلب منهما احترام الأماكن المقدسة وإيقاف القتال، ولكن عندما تمكن (عبد العزيز آل سعود) من قهر وإخراج أسرة الشريف (حسين بن علي) من (الحجاز) عام 1925م، كانت القوات اليمنيّة قد تمكنت أيضاً من إخراج (الأدارسة) من مدينة (الحديدة)، في العام نفسه، ومن (حرض وميدي) في عام 1926م، وكان سبب الحرب بين الإمام (يحيى) والادريسيين هو أن الادريسيين تحالفوا مع إيطاليا وبريطانيا، وبدأوا يطالبون بالاستقلال بـ(عسير) و(المخلاف السليماني)، الامر الذي رفضه الإمام وواصل الجيش اليمني زحفه لمطاردة الأدارسة، حتّى وصل إلى منطقة (صبيا في جيزان) حينها طلب (الأدارسة) من الإمام العيش في كنفه، لكنه رفض، وكانت تلك من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الإمام (يحيى)، وأمام هذا الموقف، وبعد أنّ كان الملك (عبد العزيز آل سعود) قد رفض منع (الأدارسة) حق اللجوء قبل استيلائه على (الحجاز)، إلا أنّه لم يتردد في المرة الثانية، ووافق على طلب السيد (حسن الأدريسي)، وتمّ التّوقيع على معاهدة مكة بينهما في 21 تشرين الأوّل/ أكتوبر1926م، التي أصبح (الأدارسة) بموجبها تحت الحماية والسيادة السعوديّة.([4])، حيث إنه بحلول عام 1927م، تمّ ضم مناطق (جيزان وعسير ونجران) إلى الدّولة السعوديّة الثانية تحت حكم(عبد العزيز آل سعود)، والتي نشأت عقب احتلال (مكة) عام 1925م، ورداً على ذلك أعاد الإمام ( يحيى) احتلال منطقة (تهامة) التي كانت تديرها (عسير) سابقاً بأمر من الإدريسيين.([5])
لأنّ الإمام، بعد خروج العثمانيين من اليمن سعى إلى مدّ سيطرته على كامل الأراضي اليمنيّة لتوحيدها في كيان سياسي واحد تحت قيادته، وبحكم أنّ بريطانيا كانت تسيطر على جنوب اليمن، رأى أن يبدأ بضم الأجزاء الشمالية التي لازالت خارج سلطته. ([6])
وفي 22 آذار/ مارس 1934م، قام (عبد العزيز آل سعود) بتحريك قواته. فكلف أبنائه: (سعود) ولي عهده باحتلال (عسير ونجران وجيزان)، والأمير (فيصل) باحتلال (الحديدة وتهامة).([7])
وبدأ النّزاع على الحدود بين البلدين؛ إذْ أعلن (عبد العزيز آل سعود) الحرب على اليمن في 5 نيسان/ أبريل 1934م، وأدت هذه الحرب إلى امتداد السيادة السعوديّة على الأراضي اليمنيّة، والتي ما يزال أكثر اليمنيين يُعدّونها جزءاً من اليمن. ([8]) وقد أرسل الإمام (يحيى) بعد ذلك كتاباً إلى (المجلس الأعلى للمسلمين) في فلسطين يطلب إيفاد مندوبين للتوسط في النّزاع اليمني- السّعودي وفعلاً وصل الوفد مكوناً من (هاشم الأتاسي عن سورية، ومحمد علي علوية عن مصر وشكيب أرسلان عن لبنان وأمين الحسيني عن فلسطين)، وسافر الوفد إلى (جدة) للتوسط وإزالة أسباب الخلاف وبحث العلاقات فيما بينهما وتطوّرت بعد ذلك الأحداث، وعقدت معاهدة (الطّائف) بين اليمن والسعوديّة، وسميت معاهدة الصداقة الإسلامية والأخوة العربية، وتضمنت تأكيدات عامة حول تأسيس علاقات ودية ثابتة بينهما، وعينت الحدود بصورة غير رسمية للبلدين بحيث أصبحت ( نجران وعسير وجيزان) خاضعة للسيادة السعوديّة. ([9])
وأصبحت هذه المعاهدة تعرف باسم معاهدة (الطّائف) وتضمنت /23/ مادة ([10])، احتوت في مجملها على إنهاء الحرب الدائرة بين البلدين، واعتراف المملكتين باستقلال كل منهما استقلالاً مطلقاً عن الآخرة، وتحديد الحدود بين البلدين، والاتفاق على الامتناع عن استخدام القوة مرة أخرى فيما بينهما. وقد نصت المادة /22/ من المعاهدة على (ضرورة تجديدها كل عشرين عاماً، قابلة للتجديد، أو التعديل خلال الستة الأشهر الأولى التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها).([11]) وهذه المعاهدة لم تكن محل تفاوض مع الجزء الجنوبي من اليمن نظراً لوقوع جنوب اليمن حينها تحت الحماية البريطانية، وقد تمّ تجديدها عام 1954م، بين اليمن الشمالي والمملكة العربية السعوديّة، ولكن أثناء تجديدها عام 1974م، أرادت السعوديّة من الشطر الشمالي من اليمن أنّ يوافق على جعل ترسيم الحدود بموجب هذه المعاهدة نهائياً وليس خاضعاً للتجديد المستقبلي، إلا انه لم يوفق على ذلك.
وقد استمرت العلاقة بين البلدين بعد معاهدة (الطّائف)، وحتّى قيام الثّورة اليمنيّة في 26 أيلول/ سبتمبر عام 1962م، تسير طبيعية بين البلدين، رغم حدوث حادثة حيث قام ثلاثة من اليمنيين بالهجوم على الملك (عبد العزيز بن سعود) بخناجرهم أثناء طوافه حول الكعبة في موسم الحج عام 1935م، إلاّ أنّ الأمير (سعود) ولي العهد استطاع أنّ يقي والده هذه الضربات، ويتلقاها ممّا أدى إلى إصابته عدّة ضربات في ظهره وكتفيه، وقد استطاع الحرس قتل الثلاثة بالرصاص. إلاّ أنّ هذه الحادثة لم تؤثر على العلاقات بين البلدين، واستمر تبادل أبناء البلدين الزيارات، وذهاب اليمنيين إلى مكة للحج، وكان (عبد العزيز بن سعود) يرسل المبعوثين إلى مدينة (صنعاء) لدراسة المسائل العامة بين الطرفين.([12]) وفي هذه المرحلة أيضاً وجدت بين المملكة العربية السعوديّة واليمن الشمالي في عهد الإمام(يحيى) وأبنه الإمام (أحمد) سلسلة من العقود والاتفاقيات إلى جانب معاهدة (الطّائف) 1934م، ومعاهدة (التحالف الإسلامي) عام 1936م، وميثاق (جامعة الدول العربية) عام 1945م، وميثاق (مؤتمر باندونيج) عام 1955م، وميثاق (أمن جدة) عام 1956م.([13])
وبصفة عامة، فقد تميزت هذه المرحلة بعد توقيع معاهدة (الطّائف) بنوعٍ من الهدوء، والتوتّر الحذر، إلاّ أنّ حدة الصراع تزايدت عقب قيام الثّورة في الشطر الشمالي لليمن عام 1962م.
المرحلة الثانية 1962-1990م:
وقفت السعوديّة موقفاً عدائياً من الثّورة اليمنيّة منذُ قيامها عام 1962م، وبدأت أجهزة الإعلام السعوديّة تندد بالنظام الجمهوري الجديد، وتحض الشّعب على مقاومته وقامت بإنشاء وتجهيز محطة إذاعية للملكيين، وفي تشرين الأوّل/ أكتوبر 1962م، أغلقت المفوضية السعوديّة أبوابها في مدينة (تعز)، وبدأ الملك (سعود بن عبد العزيز آل سعود) بإرسال مبالغ من الأموال والأسلحة والمدربين للجماعات المتمردة من الملكيين اليمنيين المجتمعين في معسكرات أقيمت بموافقته حول( جيزان ونجران). وفي آذار/ مارس 1967م، قامت السعوديّة بطرد ما يزيد على (600) يمني من الأراضي السعوديّة، وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1962-1969م، أخذت السعوديّة تتوسع في المنطقة غير المرسمة في معاهدة (الطّائف)، وهي المنطقة الممتدة من (جبل ثار حتّى الربع الخالي والحدود مع سلطنة عُمان الحالية). ولكن في 23 حزيران/ يونيو 1970م، اعترفت المملكة العربية السعوديّة بالجمهورية العربية اليمنيّة في الشمال، وعقدت معاهدة دفاع مشترك بين البلدين في آذار/ مارس 1971م، وكذلك تمّ الاعتراف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشّعبية في الجنوب.([14]) بعد حرب بين السعوديّة واليمن الجنوبي استمرت من17-22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1969م، عندما أرادت السعوديّة اقتطاع محافظة (حضرموت).([15])، بعد أنْ أكدت الدراسات الجيولوجية وجود النّفط في (حضرموت)، واستمرار التنقيب بالتعاون مع الشركة الجزائرية (سوناتراك) والشركة الوطنية اليمنيّة، واعتقدت السعوديّة أنّ التنقيب في الحدود المحاذية لأراضيها يعني سحب البترول السعودي لجهة الأراضي اليمنيّة التي يجري فيها التنقيب.([16]) وكذلك كانت السعوديّة تقوم بدعم العناصر اليمنيّة المعارضة للنظام في الشطر الجنوبي من اليمن، وقامت السعوديّة بتنظيمهم في الشطر الشمالي من اليمن، وإعدادهم للهجوم على الشطر الجنوبي. وبالفعل، اندلع القتال نتيجة ذلك بين الشطرين الشمالي والجنوبي في أيلول/ سبتمبر 1972م، واستمر أسبوعين إلى أنْ اتفق على إنهائه، والتقى (محسن العيني) رئيس وزراء اليمن الشمالي مع نظيره رئيس الوزراء الجنوبي (علي ناصر محمد) في العاصمة المصرية (القاهرة) في 28 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1972م، ثُمَّ لقاء آخر في العاصمة الليبية (طرابلس) بين رئيسي الشطرين القاضي (عبدّ الرحمن الأرياني وسالم ربيع علي)، لكنّ النظام السعودي عندما رأى الأمر يؤخذ بجدية في الشطر الشمالي من اليمن سعى إلى إجهاض المحاولات وقام بتوزيع الأموال على المشايخ وضباط الجيش المعارضين لـ( محسن العيني)، كما سرب إشاعة في (صنعاء) أنّ (الرّياض) تُعدُّ طرد (محسن العيني) من منصبه شرط مسبق لتقديم المساعدات الاقتصاديّة. وبالفعل تمت إقالة (محسن العيني)، وعيّن مكانه (عبد الله الحجري) رئيساً للوزراء في الشطر الشمالي المعروف بنظراته المحافظة وعلاقاته القبلية الواسعة وصداقته مع السعوديين، وبعد أشهر فقط من تعيينه وافقت السعوديّة على دفع المساعدات إلى البنك المركزي اليمني لدعم عجز الميزانية اليمنيّة، وفي عام 1973 قام (عبد الله الحجري) بزيارة رسمية إلى العاصمة السعوديّة (الرّياض)، لمناقشة قضايا مناطق(عسير ونجران وجيزان)، ولكن بعد الاجتماع المشترك مع المسؤولين السعوديين، تمّ إصدار بيان في 18 آذار/ مارس 1973م، على أنّ الحدود بين البلدين "ثابتة ونهائية" وقد حصلت هذه الزيارة قبل فترة قصيرة من انتهاء مدة العشرين عام التي كانت مدة معاهدة (الطّائف) تنص عليها. وقد كانت المعاهدة قد تمّ تجديدها من قبل الإمام (أحمد)، عام 1954م، كما تمّ تجديدها أيضاً عام 1974م، واندلعت مظاهرات منددة بتنازل (عبدالله الحجري) عن المناطق المتنازع عليها، ورهن بلاده في أيدي آل سعود. إلى درجة دفعت بالرئيس القاضي (عبدّ الرحمن الأرياني) إلى نفي نفسه إلى (سورية) احتجاجاً على سياسات الحجري، وذلك عام 1973م، ولكن قبلها كان الرئيس القاضي (عبدّ الرحمن الأرياني) قد قال حول علاقات بلاده مع السعوديّة 1973: ((نعم هناك خلاف بين الشطر الجنوبي والسعوديّة على الوديعة.. أمّا نحن فقد أعلنا صبيحة 26 سبتمبر/ أيلول 1962م التزامنا بجميع الاتفاقيات والمواثيق الدوليّة التي كانت بين اليمن والدول الأخرى وفي مقدمتها معاهدة الطّائف طبعاً)). وعليه، كان عمق التدخل السعودي في الشؤون الداخليّة لبلدٍ مستقل إلى درجةٍ يتدخل فيها بتعيين الوزراء ورؤساء الوزارات وحتّى رئيس الدّولة ويشعل الحروب بينها وبين جارتها الجنوبيّة كما فعل عام 1972م، ويتدخل من أجل منع الوحدة مع اليمن الجنوبي. ([17])، وفي 13 حزيران/ يونيو 1974م، حدثت حركة انقلاب سلمية بيضاء قادها المقدم (إبراهيم محمد الحمدي)، وتولى بذلك الحكم، وعين (محسن العيني) رئيساً للوزراء للمرة الثانية.
وقد تميزت فترة حكم الرئيس(إبراهيم محمد الحمدي) 1974-1977م، بالانفتاح على الدول الأخرى الشرقيّة منها والغربيّة وبالتحرر في السياسات الداخليّة والخارجيّة الأمر الذي انعكس إيجابياً على الأوضاع الداخليّة حيث تحقق تقدم ملموس في النواحي الاقتصاديّة والاجتماعيّة والإدارية .. كما قام بإبعاد القبليين عن السلطة من أجل تعزيز المركزية في الحكم، حيث عطل مجلس الشورى الذي كان يضم في أغلبيته رؤساء القبائل الموالية للسعودية، كما دعا إلى إقامة اتحاد للدول المطلة على باب المندب، ودعا إلى مؤتمر لبحث أمن البحر الأحمر، وهو المؤتمر الذي قاطعته السعوديّة بينما حضرته اليمن الجنوبيّة، ممّا أدى إلى بدء الضغط السّعودي عليه، وتمّ بذلك وقوع مواجهة حدودية بين اليمن والسعوديّة شمال مدينة (صعدة)، وقيل "آنذاك" أنّ السعوديّة احتلت (30) كم2 من الأراضي اليمنيّة، وأعلن الرئيس (إبراهيم محمد الحمدي) إيقاف مفاوضات بلاده حول الربع الخالي، كما قام الرئيس(إبراهيم محمد الحمدي) بإخضاع المعارضين الجنوبيين لسيطرته بعد أنّ كانت السعوديّة تدعمهم لخلق الاضطرابات لليمن الجنوبي. ([18])
وعند اكتشاف النفط عام 1984م، بالقرب من مدينة (مأرب) الواقعة في أقصى الشرق لليمن الشمالي، بدأت المملكة تؤكّد على دعاوى إقليمية في المنطقة التي وجدت فيها النّفط، ومناطق أخرى كانت تجري الشركات الأجنبية فيها عمليات استكشافية ممّا جعل العلاقة بين النظام السياسي في (صنعاء والرّياض) في حالة من التوتّر.([19]) ووقعت مواجهة حدودية بين البلدين، ممّا أدى إلى قيام الطائرات السعوديّة بقصف مواقع داخل أرضي الشطر الشمالي من اليمن، وكذلك قامت القوات السعوديّة باحتلال قسم من الأراضي، مما أدى إلى وقوع اشتباكات في الحدود بين البلدين نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى من الجنود للطرفين. وفي أواخر آذار/ مارس، وبدايات نيسان/ أبريل 1987م، اندلعت مواجهة حدودية أيضاً بين السعوديّة واليمن الشمالي على الحدود بين البلدين، عندما قامت قوات سعوديّة ضخمة مدعومة بالدبابات والدروع في اجتياز الحدود اليمنيّة، ولكنّ القوات اليمنيّة ردت عليها، وتمّ قتل حوالي (300) عسكري من القوات السعوديّة و(200) من القوات اليمنيّة في هذه الاشتباكات، وأثناء اشتداد المعارك قامت السعوديّة بجلب قوات باكستانية مرابطة على الحدود بين البلدين وأشركتها في القتال معها، وكان معظم الضحايا من الجانب السّعودي هم من الباكستانيين. ([20])
وعند انضمام اليمن الشمالي إلى مجلس التعاون العربي عام 1989م، رغبة منه في تجاوز العزلة الإقليميّة، والذي ضم كلاً من (العراق ومصر والأردن واليمن) أعلنت السعوديّة انزعاجها لإنضمام اليمن الشمالي لهذا المجلس. وكذلك بعد قيام الوحدة اليمنيّة في 22 أيار/ مايو 1990م، قامت السعوديّة بحشد جيوشها العسكريّة في الأراضي اليمنيّة المتاخمة لها، معلنة انزعاجها لقيام هذه الوحدة التي تهدد استقرار المملكة وأمنها كما ترى. ([21])
وعليه، يُمكن القول: إن هذه المرحلة مثلت مرحلة صدام وتوتّر في العلاقات بين الدولتين، أمّا قضية الحدود فقد ظلت طوال هذه الفترة تراوح مكانها دون إحراز أيّ تقدم لأنّ الظروف لم تساعد على جلوس البلدين على طاولة المفاوضات أو الوصول إلى تسوية معقولة.
المرحلة الثالثة 1990-2015م :
أ- توجهات السيّاسة اليمنيّة لحل قضية النزاع الحدودي بين اليمن والسعوديّة بعد قيام الوحدة اليمنيّة حتّى ترسيم الحدود بين البلدين بالتوقيع على معاهدة(جدة) 1990-2000م.
بعد قيام الوحدة اليمنيّة في 22 أيار/ مايو 1990م، صرح الرئيس (علي عبد الله صالح) رئيس مجلس الرئاسة لدولة الوحدة بقوله: (( إنّ الوحدة ليست مصدر قلق لأحد، وإنّ بيان الحكومة الجديدة لدولة الوحدة تم التأكيد فيه على الحرص على حل الحدود البرية والبحريّة كافة، مع جيرانها على أساس الحقوق التاريخيّة والقانونيّة)). وبرغم كل التطمينات اليمنيّة الرسمية للسعودية حول الجمهورية الجديدة ورؤيتها لحل مشكلات الحدود بينهما إلا أنّ العلاقات بين البلدين ظلت على توتّرها، وذلك بسبب الدعم المالي السّعودي إلى بعض القبائل اليمنيّة للضغط على دولة الوحدة، حيث إنّ عدم ارتياح السعوديّة للوحدة اليمنيّة مرجعه إلى أنّ السعوديّة كانت ترغب في ممارسة " الضغوط " على كل من النظام السياسي في (صنعاء وعدن) لترسيم الحدود بينهما وبين السعوديّة كل على حدة، لإجبارهما على التنازل عن مساحات من مناطق الحدود، والتي يعدها الخبراء أغنى مناطق البترول. ([22])
ولقد أدى موقف اليمن من حرب الخليج الثانية عام1991م، إلى استمرارية تأزم العلاقات اليمنيّة– السعوديّة، حيث غادرت أعداد كبير من اليمنيين السعوديّة نتيجة لإلغاء الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها في السّابق من حيث دخول المملكة العربية السعوديّة والعمل والإقامة فيها. وعندما تمّ الاتفاق اليمني– العُماني عام 1992م، على تسوية الحدود، تحفظت السعوديّة، ولم تعلن تأييدها لتلك المعاهدة. إضافة إلى الاكتشافات النّفطية في المناطق الحدوديّة المتنازع عليها، والتي أتت لتضاعف من حدة التوتّر الحدودي بين الطرفين.([23]) حيث بعث وزير الخارجيّة السّعودي في 23 أيار/ مايو 1992م، رسائل لشركات البترول الغربيّة والأمريكيّة يطلب فيها وقف التنقيب عن البترول في محافظتي (حضرموت وشبوة)، وكذلك في مياه البحر الأحمر، لأنّ تلك المناطق محل نزاع مع اليمن. ([24])
ويُمكن القول هنا: إنّ تحركات الدبلوماسيّة السعوديّة، وممارسات الضغوط على الشركات النّفطية لمنعها من التنقيب عن النّفط في الأراضي اليمنيّة بحجة أنها أراضٍ مختلف عليها كان هدفها الحيلولة دون حصول اليمن على مصادر دخل يتمكن من خلالها التخلص من الضغوط الاقتصاديّة التي تمارسها السعوديّة عليه للإبقاء على الوضع الاقتصادي في اليمن بحالة متردية بهدف إضعافه سياسيّاً وتفاوضياً في أهم القضايا، وهي قضية الحدود.
وقد أكد الرئيس (علي عبد الله صالح) ذلك الخبر في مؤتمر صحفي عقده في 25 أيار/ مايو 1992م، بقوله: ((تسلمت شركة هنت الأمريكيّة للتنقيب عن النّفط رسالة من الخارجيّة السعوديّة قبل يومين تفيد بأنّ منطقة مأرب وحضرموت والمهرة أراضي سعودية، ويجب توقيف التنقيب فيها- لكنْ نحن نعتقد أنّ هذا الإدعاء هو من أجل تحريك المفاوضات. لأنّ كل واحد يعرف حقيقة أين يضع قدميه.. وأكد بأنّ تلك التحذيرات التي تلقتها شركة هنت ليست جديدة، حيث إنها كانت قد تسلمت تحذيرات عام 1984م)). ([25])
فكان لا بدَّ من مفاوضات جدية حول الحدود، وتألَّفت لجنة سعودية - يمنية مشتركة من الخبراء للتفاوض من أجل التوصل إلى حل للمشكلة، واجتمعت اللجنة سبع مرات آخرها كان في كانون الثاني/ يناير 1994م، لكن هذه الاجتماعات لم تسفر هذه الاجتماعات عن أية نتائج بسبب تمسك السعوديّة بمعاهدة (الطّائف) للعام 1934م، والتي تقضي بمنح السعوديّة المناطق اليمنيّة الثلاث (نجران وجيزان وعسير)، وطلب السعوديون من اليمنيين ضرورة الاتفاق على ترسيم العلامات الحدوديّة التي وضعت بين البلدين بموجب معاهدة (الطّائف). أيَّ إن السعوديّة تريد اعترافاً رسمياً من اليمن، بترسيم الحدود بشكلها الحالي نهائياً، بحيث تبقى كل من( نجران وجيزان وعسير) تابعة للسعوديّة، وفي وضع غير قابل للتراجع أو النقض. وهو عكس ما يراه الجانب اليمني الذي اعتبر أنّ المعاهدة ملغاة منذُ أيلول/ سبتمبر 1992م، حيث يعارض تجديدها، وقدم خلال اجتماع اللجنة في محافظة (تعز) في آب/ أغسطس 1993م، مقترحات تتضمن البدء بالتفاوض على خط الحدود الذي لم تتضمنه معاهدة (الطّائف)، والممتد شرقاً من نقطة (جبل ثار) حتّى الحدود مع سلطنة عُمان، على أن يترك موضوع خط الحدود الغربية، المنصوص عليه في معاهدة( الطّائف)، والممتد من( جزيرة الموسم )على البحر الأحمر حتّى(جبل ثار) شرقاً، إلى ما بعد الاتفاق على الحدود الشرقية، وهي الحدود مع سلطنة عُمان. وكان يهدف إلى عدم إعطاء السعوديّة اعترافاً نهائياً وشرعياً بالحدود الواقعة بين البلدين جنوب( نجران). إلاّ أنّ الجانب السعودي تمسك بالمشروع الذي اقترحه عند بدء المفاوضات في أيلول/ سبتمبر 1992م، وهو الإبقاء على معاهدة (الطّائف)، كما هي إضافة إلى ترسيم حدود بحرية في البحر الأحمر غير منصوص عليها في المعاهدة.([26])
وبذلك، استمر التوتّر الحدودي بين البلدين، والذي بلغ ذروته في أواخر عام 1994م، عندما حدث صدام عسكري بين الجانبين نتيجة توجه القوات السعوديّة للحدود اليمنيّة، وتوجيه السعوديّة إنذارات إلى الشركات النّفطية العاملة في اليمن بالتوقف عن التنقيب في بعض المناطق بدعوى أنها مناطق متنازع عليها، وأيضاً لقرب انتهاء سريان معاهدة (الطّائف)، ولم تَعُدِ الأمور إلى طبيعتها، إلا بعد تدخل (سورية)، واللافت للانتباه أنّ اليمن بعكس ما قبل إعادة الوحدة اليمنيّة كان هو صاحب المبادرة والدعوة لحل قضية الحدود بين الطرفين. ([27])
ولقد حدث ذلك الصدام نتيجة استغلال السعوديين خروج اليمن من حرب الانفصال عام 1994م، والتي كانوا بها طرفاً فاعلاً ومشاركاً في تلك الحرب، وذلك لوقوفهم مع دعاة الانفصال في الجنوب. وعليه، أصدرت وزارة الخارجيّة اليمنيّة بياناً في 7 أيلول/ سبتمبر 1994م، أشار إلى أنّ التحرشات والتوغُّل داخل الأراضي اليمنيّة والحشود العسكريّة السعوديّة، وبخاصّةَ عند مثلث الحدود مع سلطنة عُمان يمثّل انتهاكاً لسيادة اليمن، ودعت إلى حل قضية الحدود بالحوار. ([28])
وفي 13 كانون الأوّل / ديسمبر 1994م، التقى الرئيس (علي عبد الله صالح) مع الأمير (عبد الله بن عبد العزيز) ولي العهد "آنذاك" أثناء مشاركتهما في القمة الإسلامية في المغرب وكسر هذا اللقاء الجمود بين البلدين، إلاّ أنّ التوتّر العسكري عاد مجدداً في كانون الثاني/ يناير 1995م، وأعلن اليمن أن السعوديّة تقوم بنشر قوات برية وبحريّة وجوية على الحدود، بهدف خلق أمر وواقع جديد. وطلب اليمن من (سورية) التدخل بعد أنّ نجحت سابقاً بنزع فتيل أزمة حدودية ذهب ضحيتها (50) قتيلاً من الطرفين.([29]) وعليه، دخلت (سورية) في وساطة بين اليمن والسعوديّة، وتمّ إصدار بيان من قبلها للبلدين في 16 كانون الثاني/ يناير 1995م، بضرورة حل الخلافات بالطّرق السلمية بين البلدين، وعلى أساس أنْ تبدأ المفاوضات بين الجانبين على موضوع الحدود اليمنيّة - السعوديّة، ابتداءً من عام 1934م وحتّى وقت الحوار بينهما، وتمت المفاوضات بعد ذلك مع السعوديّة، حيث مثل رئاسة الوفد اليمني في المفاوضات الشيخ (عبد الله بن حسين الأحمر) رئيس مجلس النواب اليمني، ورئيس الهيئة لعليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح الشريك الثاني في الائتلاف الحاكم باليمن خلال تلك الفترة، ولما يتمتَّع به من علاقات شخصية وسياسيّة مع السعوديين، و(عبد القادر باجمال) نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط والتنمية، وانتهت تلك المفاوضات بالتوقيع على مذكرة (التفاهم) في 25 شباط/ فبراير 1995م، ([30])، وأكدت تلك المذكرة على الأخذ بتطبيق كلي لمعاهدة (الطّائف)، وكان وزير الخارجيّة اليمني الدكتور (عبد الكريم الأرياني) قد اعترف عام 1992م، بمعاهدة (الطّائف) بقوله: ((... إنّ معاهدة الطّائف حقيقة واقعية)). ([31])
وشكلت مذكرة (التفاهم) بداية لإعادة العلاقات بين البلدين بعد التوتّر الحاد بين الجانبين الذي سببتهُ تفاعلات حرب الخليج الثانية 1991م، وقد قام الرئيس (علي عبد الله صالح) في 6 أيار/ مايو 1995م، بأوّل زيارة للسعودية بعد حرب الخليج الثانية، ولم يتجاوز نجاحها كسر الحاجز النفسي، وشهدت العلاقات تحسناً نسبياً مؤقتاً، ثُمَّ عادت للتوتّر من وقت إلى آخر، وحدثت بعض المناوشات العسكرية على الحدود بسبب التعقيد الذاتي للقضية الحدوديّة، والميراث الضخم من عدم الثقة بين البلدين، والهاجس الأمني لدى السعوديّة الذي يعكس نفسه على سياستها تجاه اليمن، مع إنّ اليمن لم يسبق له أنْ قام بعمل عدواني ضد السعوديّة.([32]) وفي عام 1995م، قامت القوات السعوديّة بالاستيلاء على منطقة ( الخراخير اليمنيّة)، ولكنّ القوات اليمنيّة قامت باستعادتها. ([33])، وفي بدايات كانون الأوّل / ديسمبر1995م، وقعت اشتباكات مسلحة بين القوات السعوديّة، وحرس الحدود اليمنيين بالقرب من نقطة الحدود السعوديّة – العُمانية - اليمنيّة المشتركة. ولكنّ الموقف تمّ احتواؤه سريعاً بالتفاوض من قبل الجانب اليمني الذي كان يمثله الشيخ (عبد الله بن حسين الأحمر)، مع المسؤولين السعوديين بعد زيارته السريعة التي قام بها إلى وزارة الدفاع السعوديّة.([34]) وشهدت الحدود خلال الحقبة الممتدة بين عامي 1995-1998م، ثلاث مواجهات، الأولى في شهر كانون الأوّل/ ديسمبر عام 1995م، والثانية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1997م، أما المواجهة الثالثة فقد حدثت في شهر تموز/ يوليو عام 1998م.([35])، حيث حدثت اشتباكات عسكرية بين الطرفين في جزيرة (الدويمة)، المقابلة لنقطة (رأس المعوج)، وهي جزيرة صغيرة يتراوح طولها بين (6- 7) كم، وعرضها حوالي(2) كم، واتهم كل طرف الطرف الآخر بالقيام بإحداثيات ومخالفات جديدة وتعديات في مناطق الحدود المختلفة، وفي 30 تموز/ يوليو1998م، وبعد اتصالات ومفاوضات سريعة متتالية بين الطرفين، توصلا إلى اتفاق لاحتواء الأحداث الأمنيّة التي وقعت بينهما. ونص الاتفاق، الذي وقَّع عليه الطرفان في العاصمة اليمنيّة (صنعاء)، بحضور وزيري خارجية البلدين على عدد من النقاط، ومن أهمها :-
- اجتماع لجنة تحديد العلامات الحدوديّة للخط الحدودي الذي عينته معاهدة (الطّائف).
- اجتماع اللجنة العسكريّة عاجلاً لإبقاء الوضع في جزيرة(الدويمة) على ما هو عليه، ومنع أيَّ استحداثات جديدة.
- اجتماع لجنة تعيين الحدود البحريّة.
- عدم اتخاذ أية إجراءات أو استحداثات من شأنها تغيّر أية معالم أو القيام بأي إنشاءات على الحدود البرية والبحريّة.
- بحث الاعتبارات الأمنيّة والمصالح المشتركة على مستوى القيادة السياسية في البلدين.
- إنّ هذا الاتفاق لا يتضمن تعديلاً لمعاهدة (الطّائف) أو مذكرة (التفاهم). ([36])
وفي ظل تجاوز المملكة العربية السعوديّة لمعاهدة (الطّائف) لعام 1934م، من خلال المحاولات المستمرة بالقيام بعملية التوسع داخل الأراضي اليمنيّة، وجد صانع القرار اليمني بأنّه يجب ترسيم الحدود، وكذلك في ظل استمرارية الصدامات والمشكلات عند الحدود بين البلدين، وقد تشكلت لجان المفاوضات لتسوية الحدود ليس فقط من قيادات سياسية وإدارية في الحكومة اليمنيّة كعضوية وزير الداخليّة (رشاد العليمي) والشيخ (عبد الله بن حسين الأحمر) الذي مثَّل رئاسة تلك اللجنة، وإنّما أيضاً من القبائل اليمنيّة التي مناطقهم محايدة للحدود السعوديّة من محافظة (الجوف وصعدة وحضرموت وحجة)، وقد تمّ العديد من اللّقاءات توصل في نهايتها الطرفان إلى اتفاق يحدد المناطق الحدوديّة على طول الحدود ابتداءً من البحر الأحمر ثُمَّ حدود محافظة (الجوف وصعدة وحضرموت وشبوة) و(الوديعة وشرورة التي كانت سابقاً تُعدُّ مناطق يمنية).([37]) وقد استطاع البلدان تجاوز هذه النقاط، وبالتالي تمّ طي ملف الحدود اليمنيّة - السعوديّة، وذلك من خلال التّوقيع على معاهدة (جدة) بين اليمن والسعوديّة في 12 حزيران/ يونيو2000م، فالمعاهدة قد أغلقت ملفاً كان من أكثر الملفات تعقيداً في العلاقات اليمنيّة - السعوديّة، حيث أثارت ارتياحاً في الرأي العام الداخلي للبلدين، وسارعت السلطات التنفيذية والتشريعية في اليمن إلى المصادقة عليها رسمياً في 26 حزيران/ يونيو2000م، وبموجب هذه المعاهدة تمّ تحديد الخط النّهائي للحدود البرية والبحريّة على النحو الآتي:
يبدأ خط الحدود البرية بين البلدين عند نقطة (رأس المعوج) على البحر الأحمر عند خط عرض (16,24) شمالاً، وخط طول (42,46) شرقاً عند علامة (جبل الثأر) عند خط عرض (17,26) شمالاً، وخط طوال (44,21) شرقاً من هذه النقطة تتجه الحدود بموازاة خطوط العرض ثُمَّ الانحراف اتجاه الجنوب حول الوديعة ثُمَّ الاتجاه نحو الشمال الشرقي على شكل قوس كبير، حتّى نقطة التقاء الحدود اليمنيّة العمانية - السعوديّة. كما اشتملت المعاهدة على تحديد للحدود البحريّة من نقطة (رأس المعوج) على الساحل حتّى المياه العميقة. وقد قدَّمت المعاهدة نموذجاً سلمياً في حل مشكلات الحدود بين الدول المتجاورة يقوم على مبدأ(لا ضرر ولا ضرار). ([38]) وقال الرئيس (علي عبد الله صالح) عن توقيع معاهدة (جدة): (( لم أقدم على هذا القرار بمفردي، ولكنْ أتى ذلك بعد تهيئة مع مختلف الشرائح والقوى السياسيّة الفاعلة في المجتمع... وقد وافق على المعاهدة جميع الأحزاب تقريباً، ومن ألوان الطيف السياسي سواء من حزب المؤتمر أو الإصلاح أو الاشتراكي أو البعث أو الناصري أو المستقلين أو غيرهم...ويُعدُّ توقيع معاهدة (جدة) منعطفاً جديداً في العلاقات اليمنيّة – السعوديّة بالرّغم من أنّ علاقاتنا في الماضي كانت باستمرار ممتازة، فنحن بلدان جاران وأشقاء لكنْ ظلت قضية الحدود تمثّل عقدة في مسيرة العلاقات اليمنيّة – السعوديّة امتدت على مدى (66) عاماً. وبصراحة، لم يكن أحد في البلدين مرتاحاً لذلك الوضع. وإنْ غلب على تعاملنا المجاملات الاعتيادية رغم أننا نتحدث دوماً عبر وسائل الإعلام بأنّ العلاقات أزلية وأخوية وهي وإن كانت كذلك إلاّ أنّه كان ينقصها حل قضية الحدود وبحسب اعتقادي فإنّ معاهدة (جدة) تشكّل منعطفاً جديداً ليس بين القيادتين فحسب بل بين الشعبين)). ([39]) ولم ينفرد رئيس الجمهورية والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام الرئيس(علي عبد الله صالح) بالتوقيع على معاهدة (جدة)، إلا بعد حصوله على موافقة جميع الأحزاب السياسيّة اليمنيّة ودعوتها لصانع القرار السياسي لضرورة تسوية قضية النّزاع الحدودي "آنذاك".([40])
وهنا يُمكن القول: إنّ السيّاسة الخارجيّة اليمنيّة كانت دائماً واقعة في إطار رد الفعل في مقابل الضغوط السعوديّة السياسيّة والاقتصاديّة، والتي نجحت في تحقيق أهدافها التوسعية على حساب اليمن من خلال ما حصلت عليه بموجب معاهدة (جدة) الحدوديّة عام 2000م، وقد تمّ توقيع تلك المعاهدة بعيداً عن جانب التسوية التاريخيّة والقانونيّة في ظل تلك الضغوط. إنّ العلاقات اليمنيّة – السعوديّة عبر التاريخ كانت دائماً علاقات يحكمها الصراع، وحتّى في ظل فترات التعاون، والتي كانت قصيرة إذا ما قورنت بفترات الصراع، فإنّ ذلك التعاون كان مبطناً بالصراع.
ولقد تمّ بعد ذلك توقيع معاهدة تنظيم سلطات الحدود بين اليمن والسعوديّة في 8 حزيران/ يونيو 2003م، من قبل اللجنة اليمنيّة - السعوديّة المكلفة بتنفيذ معاهدة (جدة) أثناء اجتماعها في العاصمة السعوديّة (الرّياض) برئاسة وزيري داخلية البلدين.([41]) وفي 13 آذار/ مارس 2005م، اجتمعت اللجنة الحدوديّة اليمنيّة- السعوديّة المشتركة في العاصمة اليمنيّة (صنعاء)، وقد أكد في ذلك الاجتماع وزير الداخليّة اليمني(رشاد العليمي) بأنّ اللجان الأمنيّة في البلدين توصَّلت إلى إنهاء ترسيم حدود البلدين، ووضع العلامات الحدوديّة، وشدد على إنجاز ما تبقى على صعيد الحدود البحريّة، وقد تمّ في نهاية الاجتماع تبادل وثائق التصديق لاتفاق تنظيم سلطات الحدود بين البلدين من قبل وزيري داخلية البلدين.([42]) وفي 16 أيار/ مايو 2006م انتهت اللجنة من ترسيم الحدود بين البلدين، بعد عدّة مباحثات، وقد قامت بتسليم ما تبقى من مواقع ومنشآت ومبانٍ ما بين العلامة الحدوديّة (31-40) درجة غرباً بمنفذ الطوال، وتمّ التوقيع على الخرائط النّهائية للحدود في مدينة (المكلا) اليمنيّة بتاريخ 3 حزيران/ يونيو 2006م، وتمّ إيداع خارطة ترسيم الحدود لدى جامعة الدول العربية في 21 شباط/ فبراير 2007م بالعاصمة المصرية (القاهرة)، وفقاً لميثاق الجامعة والأعراف القانونيّة. ([43])
ب- استمرارية النزاع على الحدود اليمنيّة- السعوديّة بعد توقيع معاهدة (جدة)، والحرب العدوانية السعوديّة على اليمن 2000-2015م.
إنّ الملف الأمني بين اليمن والسعوديّة لم يحل نهائياً بالتوقيع على معاهدة (جدة)، والدليل على استمرارية النّزاع في الحدود قيام المملكة العربية السعوديّة في عام 2004م، بإنشاء "الجدار العازل" على مقربة من الخط الفاصل بين الحدود اليمنيّة – السعوديّة؛ والذي أدى إلى حدوث توتّر خطير في العلاقة بين البلدين، وبررت السعوديّة إنشاء الجدار بقولها إنّ الحدود السعوديّة - اليمنيّة حدود غير منضبطة من الجانب اليمني الذي لا يقوم بأي جهد كافٍ حيال منع التسلل إلى أراضيها، وتهريب الأسلحة إلى داخل السعوديّة. وبدورها رأت الحكومة اليمنيّة" آنذاك" أنّ الشكوك السعوديّة لا أساس لها من الصحة، فهي كانت لا تنكر وجود عمليات تهريب للأسلحة إلى السعوديّة إلاّ أنّ المسؤولية لا تقع عليها وحدها، وإنّما تُعدُّ المشكلة مسؤولية مشتركة بين البلدين. وهي ترى أنّ تهريب الأسلحة يتم عبر مهربين يمنيين وسعوديين يتاجرون بالأسلحة وينقلوها بعيداً عن رقابة الأجهزة الأمنيّة للبلدين. وقد قام اليمن باتخاذ تدابير نظامية وأمنية، تمثلت بنشر (3000) جندي على الحدود المشتركة، ويرى اليمن أنّ المشكلة تعود إلى قلة إمكاناته المالية، والتي لا تسمح له بتقديم أكثر من ذلك، وأنّ بإمكان السعوديّة بدلاً من إنفاق أموال باهظة على بناء الجدار العازل أنْ تقوم بتنمية المناطق الحدوديّة اليمنيّة المجاورة للأراضي السعوديّة، ودعم الحرس الحدودي اليمني على اعتبار ذلك ربما يكون أقل بل وأجدى نفعاً لها ولليمن.([44])
وفي ظل استمرارية التعنت السعودي في استكمال بناء ذلك الجدار كان للقبائل اليمنيّة الممتدة على الحدود دوراَ في مانع ذلك، حيث، وقفت ضد محاولات عزلها من خلال مقاومة شرسة؛ إذْ هاجم أفراد تلك القبائل العمال القائمين على بناء الجدار العازل، وتمّ بالفعل إيقاف بنائه.([45]) وفي الحرب السادسة التي كانت تدور بين الحركة الحوثية والحكومة اليمنية بين عامي 2009م- 2010م، دخلت السعوديّة طرفاً في الحرب في الحدود اليمنيّة- السعوديّة، من خلال تمويلها المادي والعسكري، للحكومة اليمنيّة، واشتراكها الفعلي بها بالمواجهات العسكريّة، بعد أنّ شنت الحركة الحوثية هجوماً على نقاط حدودية سعوديّة، وتم قتل جنديين سعوديين، وجرح (11) جندياً آخرين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010م، وسيطرت الحركة الحوثية على (جبل الدخان)، الذي يقع في منطقة (الخوبة) السعوديّة على خلفية قناعة الحركة الحوثية بقيام السعوديّة بدعم الجيش اليمني، والسماح له باستعمال مواقع سعودية لشن هجماته على معاقل الحركة الحوثية في محافظ (صعدة) اليمنيّة لقربها من الحدود السعوديّة.([46]) وبعد ذلك، انسحبت الحركة الحوثية من (46) منطقة سعوديّة سيطرت عليها. وفي ضوء ذلك، تمّ وقف إطلاق النار من الجانب السعودي، والتوقف عن المشاركة في الحرب([47])، وفي عام 2013م، تابعت السعوديّة استكمال بناء الجدار العازل، الذي كانت قد بدأت في بنائه عام 2004م، وتوقفت بعد ذلك عن بنائه، وكذلك قيام الجنود السعوديين بالاستفزاز على الحدود اليمنيّة من خلال التوغُّل داخل الأراضي اليمنيّة في المحافظات الشرقيّة (مأرب وحضرموت والجوف)، وكذلك استحداث مواقع جديدة في (جبل فذة) بمديرية (منبه) التابعة لمحافظة (صعدة) التي تقع في الجزء الشمالي لليمن، من قبل قوات وآليات سعوديّة خلافاً لما نصت عليه معاهدة ترسيم الحدود لعام 2000م، المحددة لمناطق الرعي وعلامات الحدود، ومحاولة التوسع في المناطق اليمنيّة المحاذية للسّعوديّة في محافظة (الجوف) بعد اكتشاف وجود مخزون نفطي بها ([48])، يمتد قسم منه إلى السعوديّة بجزء بسيط على عمق (1800) متر. وإذا كانت السعوديّة تمتلك (34%) من مخزون النّفط العالمي إلا أنّ اكتشاف هذه الآبار النّفطية في اليمن يوفر الفرصة لامتلاكه (34%) من المخزون الإضافي ممّا يمنح تفوقاً لليمن تخشى السعوديّة عواقبه في المستقبل فمنابع النّفط تتمركز في البؤر الحيوية مثل المنطقة الواقعة بين محافظة (الجوف ومأرب) اليمنيّة، وصحراء الربع الخالي، وتحاول السعوديّة التوسع للسيطرة على هذه المناطق. ويؤكد خبراء النّفط في اليمن أن إنتاج حقل (الجوف) يصل (5) مليون برميل يومياً يتم سحبه بطريقة أفقية إلى الأراضي السعوديّة، وأنّ محافظة (الجوف) تُعدُّ من أغنى المناطق العربية بحقولها النّفطية والغازية، وأنّ نظام الرئيس اليمني السّابق(علي عبد الله صالح) أذعن لشروط معاهدة (جدة) عام 2000م، وإرضاء السعوديّة مقابل منح مالية لمسؤولين يمنيين ومشايخ وقفوا خلف توقيع المعاهدة، إلى أن ظهرت الحركة الحوثية كلاعب مؤثر في المشهد اليمني، وامتدت في محافظة (صعدة والجوف وحجة)، ومناطق أخرى متاخمة للحدود مع السعوديّة مما شكل مصدر خطر كبير أمام أهداف السعوديّة. ولكنْ بعد أحداث11 شباط/ فبراير2011م، التي شهدها اليمن استطاعت السعوديّة أنْ تجعل النظام الجديد برئاسة الرئيس (عبد ربه منصور هادي)، وحكومته في اليمن، الذي أتى وفقاً لمبادرتها الخليجية، تحت ولائها لتظل لها الكلمة العليا في اليمن في القرار السياسي بينما هدفها الخفي كان لتعزيز قبضتها على النّفط اليمني، وقد عملت في تعزيز تحركاتها من خلال استكمال بناء جدارها العازل الأمني على الحدود مع اليمن مزودة بأنظمة رصد إلكتروني ويبلغ ارتفاعه (3) أمتار ليمنع تسلل مهاجرين غير شرعيين إلى السعوديّة عبر البحر الأحمر، وقد عملت أيضاً بإعلانها ترحيل قرابة (18620) يمنياً كوسيلة ضغط وابتزاز للحكومة الجديدة في ظل المرحلة الانتقالية التي تحددت وفقاً لمبادرتها. ([49]) ولذلك، قامت السعوديّة بطرد وترحيل المغتربين والمقيمين اليمنيين في السعوديّة العاملين هناك منذُ سنوات طويلة بحجة قانون العمل المطبق على جميع الجنسيات الوافدة للعمل في السعوديّة، كمحاولة ضغط على اليمن للمساومة للتنازل لها على تلك المناطق. ولكنّ ترحيل اليمنيين قد أدى الى احتشاد شعبي داخل المجتمع اليمني، وخاصّةً في المناطق الحدودية، لمحاولة السعوديّة ضم المناطق اليمنيّة النّفطية، وظهرت موجة شعبية تدعو إلى المواجهة الجماهيرية بالسلاح إنْ اقتضى الأمر لاستخدامه للدفاع عن السيادة الوطنية وحماية الحدود اليمنيّة من الأطماع السعوديّة والثأر لكرامة الإنسان اليمني الذي يتعرض لصنوف القهر والإهانة والامتهان على أيدي قوات الأمن السعوديّة في مختلف مناطق السعوديّة، كحصيلة أولية لغياب دور الحكومة اليمنيّة وتواطؤها مع الهجمة السعوديّة ضد المغتربين اليمنيين الشرعيين في ظل تضارب التفسيرات بين أقطاب وأطراف الصراع السياسي اليمني بمحيط تبادل الاتهامات التي لا تخلو من تحريض كل طرف على الطرف الآخر بأسلوب الوشاية وتوظيف الحدث بقوالب تصب في اتجاهات بعيدة كل البُعد عن المصلحة العليا للوطن والشّعب ([50])، وطالب كذلك أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي شاركت فيه أغلبية القوى السياسيّة والاجتماعيّة، والذي، عقد في اليمن خلال الفترة من 18 آذار/ مارس 2013، وحتّى 25 كانون الثاني/ يناير 2014م، في الوثيقة النّهائية للحوار الوطني، الحكومة اليمنيّة التحرك السريع نحو المملكة العربية السعوديّة لبحث موضوع اليمنيين المغتربين، وما يعانوه من صعوبات بسبب تعديل بعض القوانين في العمالة الوافدة للمملكة العربية السعوديّة، وشرح آثاره الخطيرة مع إيمانهم بأن الروابط الأخوية بين البلدين ستؤدي إلى نتائج إيجابية على هذا الصعيد. ([51])
إلاّ أنّ السعوديّة عملت على منع الشركات الأجنبية للتنقيب عن النّفط في محافظة (الجوف) اليمنيّة، حيث أشارت معلومات أولية إلى وجود ثاني أكبر حقل نفطي في العالم يترتب عليه صعود اليمن إلى دولة غنية تضاهي دول الخليج العربي، وهذا الأمر يقلق السعوديّة. وعليه، بدأت السعوديّة تُمارس ضغوطاً على الحكومة اليمنيّة لاستخدام أوراق ضغط عديدة على السلطات اليمنيّة لتوقيف أعمال التنقيب من ضمنها اللجوء إلى دعم الأعمال التخريبية والإرهابية، واتخاذ إجراءات إضافيّة على المغتربين اليمنيين، وأيضاً شراء ولاء القبائل في تلك المناطق النّفطية وتحريضهم على منع التنقيب وعرقلته بشتى السُبل الأمنيّة والعسكريّة، إذا لم تتوقف الحكومة اليمنيّة عن ذلك التنقيب. ([52]) وفي ظل محاولة السعوديّة التوسع داخل الأراضي اليمنيّة والذي يُعدُّ انتهاكاً صارخاً لمعاهدة (جدة) لترسيم الحدود بين البلدين في لعام 2000م، وللقانون الدولي العام، ولكنْ بطبيعة الحال فإنّ جميع الاتفاقيات التي تمّ توقيعها بين الدول العربية لا يتم الالتزام بها حرفياً من قبل تلك الدول إلاّ إذا كانت لمصلحة "إسرائيل"، ويجب على الحكومة اليمنيّة ألا تسمح بتلك التجاوزات السعوديّة، لأنّ سيادة الدّولة لها قدسية عظيمة.)[53](
وعليه، يُمكن القول هنا: إنّ السيّاسة اليمنيّة ما تزال تتعرض لضغوط البلدان المستقبلة للعمالة اليمنيّة، وخاصّةً السعوديّة في توجيه سياستها الداخليّة والخارجيّة، ومن أجل خلق استقرار سياسي واستقلال في صنع السيّاسة الخارجيّة والداخليّة يجب أنْ يسعى اليمن لبناء قاعدة إنتاجية داخلية مستقلة عن تأثير العوامل الخارجيّة ما دام اليمن يعاني من حالة عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي الناتجة عن الاعتماد بشكل كبير على الدول الأقليميّة والدوليّة، وبالأخص مع المملكة العربية السعوديّة.
وفي تاريخ 26 آذار/ مارس2015م، شنت السعوديّة حربها العدوانية على اليمن مما أدخل اليمن والسعوديّة فصلاً جديداً من الصراع العسكري، وخاصّة على الحدود.
حيث بدأت تلك الحرب مع بدء الساعات الأولى من يوم 26 آذار/ مارس 2015م، تحت مسمى عملية (عاصفة الحزم)، وقد تحالف مع السعوديّة في تلك الحرب عشر دول، وهي جميع دول الخليج العربي باستثناء سلطنة عُمان، إلى جانب دول أخرى تمثلت في (مصر والأردن والسودان والمغرب وباكستان) بقيادة السعوديّة، وحظيت بتأييد ودعم لوجستي من قبل الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وفرنسا، وشارك فيها أكثر من (180) طائرة، وحشدت أيضاً (151) ألف مقاتل ووحدات بحريّة على استعداد المشاركة إذا تطوّرت العملية.([54]) وشاركت في الموجة الأولى من الهجوم -إضافة إلى السعوديّة- كل من الإمارات (30) طائرة، والكويت بـ(15) طائرة، والبحرين بـ(15) طائرة بينما شاركت قطر(10) طائرات، والأردن(6) طائرات، وكذلك المغرب(6) طائرات، والسودان(3) طائرات.([55])، وقد انضم لتلك الحرب بعد ذلك، دولة (السنغال).
وجاءت تلك الحرب العدوانية بطلب من الرئيس (عبد ربه منصور هادي) ورئيس الوزراء (خالد بحاح)، ووزير الخارجية في تلك الحكومة ( رياض ياسين) لمنع الحركة الحوثية وحليفهم الرئيس السّابق (علي عبد الله صالح) من السيطرة على اليمن بالقوة واستعادة الشرعية وإعادة الاستقرار لليمن.([56])، وكذلك أعرب وزير الخارجية (رياض ياسين) عن شكره وتقديره لملك السعوديّة (سلمان بن عبد العزيز أل سعود) للاستجابة السريعة لطلب الرئيس اليمني، وشن ضربات عسكريّة مدعومة من دول الخليج العربي والدول العربية، والتي سميت (عاصفة الحزم) من أجل تثبيت الشرعية في اليمن، وإزالة الحركة الحوثية لإرساء الأمن والاستقرار في اليمن، وأنّ (عاصفة الحزم) أنقذت اليمن من التدخل الإيراني في شؤونها، من خلال تحويل اليمن إلى بؤرة توتّر وانفلات أمني خاصّة أنّ مستشارين من (الباسيج والحرس الثوري) الإيراني موجودون في إيران، ويعملون على تقديم الاستشارات للحركة الحوثية المتمردة.([57])
وأنّ الأهداف المعلنة لعملية(عاصفة الحزم) أتت في استعادة شرعية الرئيس (عبد ربه منصور هادي)، وعدم السماح بأي دور للرئيس السّابق (علي عبد الله صالح) في مستقبل اليمن؛ وانسحاب مقاتلي الحركة الحوثية من المحافظات اليمنيّة؛ ونزع سلاحهم. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، حشد التحالف كل الآليات المشروعة، وكان ينسِّق مع الأطراف الرئيسة داخل وخارج اليمن من أجل إنقاذ اليمن، وخاصّة الرئيس (عبد ربه منصور هادي). وقد أقرت جامعة الدول العربية في اجتماعها الذي عقد في مدينة (شرم الشيخ) بتاريخ 28 آذار/ مارس 2015م، شرعية عملية (عاصفة الحزم)، وأصدر كذلك مجلس الأمن الدولي القرار رقم (2216) صدر في تاريخ 14 نيسان/ أبريل 2015م، تحت الفصل السابع في دعم العملية العسكريّة التي تقودها السعوديّة لاستعادة الشرعية في اليمن.([58]) فقد انحاز مجلس الأمن الدولي بقراره لمشروعية تلك الحرب العدوانية على حساب الشّعب اليمني، والتي عملت منذُ اليوم الأوّل، على التدمير الممنهج للبنية التحتية، والمنازل والمنشآت المدنية، وارتكاب مجازر بحق الأطفال والنساء، ولكنْ بعد (26) يوماً من ذلك التدمير، ووقوفه عاجزاً أمام صمود الشّعب اليمني أعلن النظام السّعودي عن توقفه عن عمليات (عاصفة الحزم)، في 21 نيسان/ أبريل 2015م وإعلانه عن بدء عملية( إعادة الأمل).([59]) إنّ عمليات ذلك العدوان لم تتوقف، واستمرت في تدمير العمق التاريخي لليمن والمتمثل في حضارته وآثاره، فقد استهدف(25) موقعاً أثرياً، أهمها (سدّ مأرب) الذي يمثّل إرثاً تاريخيّاً لليمنيين وللبشرية جمعاء.([60])
وقد استطاعت تلك الحرب العدوانية أنْ تخلق الحرب الأهلية بين اللجان الشّعبية التابعة للحركة الحوثية والجيش اليمني وخاصّة الحرس الجمهوري الموالي للرئيس السّابق(علي عبد الله صالح) من جهة، والمقاومة الشّعبية التي تساند شرعية الرئيس(عبد ربه منصور هادي) المنتهية ولايته من جهة أخرى في المحافظات اليمنيّة (عدن وتعز والحديدة والجوف والضالع والبيضاء، إب).([61])
وكذلك تطوّرت الأحداث إلى المواجهات في الحدود بين البلدين بعد أنْ قصفت مدفعية القوات السعوديّة العديد من المواقع على الحدود مع اليمن بينها قرى وبلدات، ممّا دفع القبائل اليمنيّة، وخاصّة قبيلة (بكيل المير، وهمدان) إلى الرد على ذلك، العدوان بالسيطرة على (جبل تويلق) المطل على مدينة (الخوبة) السعوديّة.([62]) بعد الاستيلاء على بعض المواقع العسكريّة السعوديّة الحدوديّة في منطقتي( نجران وجيزان)، وتمّ قتل عدد من الجنود السعوديين، وفرار من تبقى منهم من تلك المواجهات.([63]) وفي ظل استمرار القصف الجوي السّعودي، استمرت تطوّرات الأحداث في الحدود، حيث قصفت قوات الإسناد الصاروخي التابعة للجيش اليمني واللجان الشّعبية قاعدة الأمير (خالد) الجوية التابعة لنظام آل سعود في منطقة (خميس مشيط) جنوب السعوديّة بصاروخ سكود، واستطاعت كذلك قوات الجيش واللجان الشّعبية اقتحام موقع (الرديف) السّعودي للمرة الثانية، وتمكنت من إحراق (6) أطقم وآليات عسكرية ومخزن أسلحة وقتل العديد من الجنود السعوديين وأسر العديد من الضباط والجنود في موقعي( جبل الدخان) و(التويلق).([64])
وفي 4 أيلول/ سبتمبر 2015م، قامت قوات الإسناد الصاروخي التابعة للجيش اليمني في أطلاق صاروخ اسكود إلى منطقة (صافر) في محافظة (مأرب)، بعد التدخل البري لقوات التحالف العدوانية فيها، وأستطاعت بذلك قتل (45) من الجنود الإمارتيين، و(5) من الجنود البحرينيين أمّا السعوديّة تحفظت على الإعلان عن عدد القتلى في صفوف جنودها. وقد استطاع الجيش اليمني كذلك قتل (16) جندياً من القوات السعوديّة، والاستيلاء على مواقعهم العسكريّة في منطقة (جيزان) في الحدود بين اليمن والسعوديّة.([65])، وفي 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015م، استطاع الجيش اليمني تدمير مقر قيادة العمليات العسكريّة لقوى العدوان في(شعب الجن) الواقعة على الشريط الساحلى لباب المندب، وقتل (159) من القوات السعوديّة والإماراتية والسودانية والمغربية وبلاك ووتر الأمريكيّة، وتدمير (4) طائرات أباتشي و (3) منظومات "باتريوت" و(40) آلية عسكرية حديثة، وذلك من خلال إطلاق صاروخ توشكا عليها.([66])
وقد أصدر المركز القانوني للحقوق والتنمية في(صنعاء) إحصائية توثيقية للجرائم المرتكبة من قبل العدوان السعودي وتحالفه على اليمن، والذي انتهك به مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وميثاق جامعة الدول العربية، واتفاقيات العلاقات بين البلدين، وكل الأعراف الدوليّة، وتضمنت الإحصائية من تاريخ بدء العدوان في 26 آذار/ مارس 2015م، وحتى 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015م. كما هو موضح في الصورة الآتية:
(صورة إحصائية لنتائج العدوان السعودي، وتحالفه على اليمن).
المصدر: المركز القانوني للحقوق والتنمية، إحصائيات 250 يوم من عدوان السعوديّة وتحالفها على المدنيين والمنشآت المدنية في اليمن (صنعاء: المركز القانوني للحقوق والتنمية، 4 كانون الأول 2015م)، ص1.
وخلاصة القول، على ما تقدّم: إنّ هذه المرحلة سادها في البداية جو من التوتّر والمشاحنات أدت في بعض الأحيان إلى الصراع بين البلدين، حتّى تمّ تسوية الحدود في معاهدة (جدة) لعام 2000م، إلى أنّ تغيّر مسار العلاقات وابتعدت عن الصراعات الحدوديّة، لمرحلة زمنية، ولكن مالبثت تلك المناوشات أن عادت، بين القبائل اليمنيّة وحرس الحدود السعوديين بعد محاولتهم بناء الجدار العازل عام 2004م، ومحاولة الشروع باستكمال بنائه عام 2013م، واستمرت السعوديّة أيضاً في محاولة التوسع في الأراضي اليمنيّة، ولا سيما في محافظة (الجوف) بعد اكتشاف النّفط بها، وهي بذلك كانت قد عملت على انتهاك معاهدة (جدة).
وعلى أثر الحرب السعوديّة على اليمن التي بدأت في 26 آذار/ مارس 2015م. أعادت المواجهات الحدوديّة من جديد بين الجيش السّعودي وبمساندة جيوش بعض دول التحالف العربي، والجيش اليمني بمساندة اللجان الشّعبية التابعة للحركة الحوثية.
الخاتمة:
لقد تمثلت مراحل العلاقات اليمنية- السعودية، التاريخية على أساس الصراع العدائية، الذي انتهجته السعودية تجاه اليمن، إما طمعاً في ثرواته" النفطية" وأرضه أو خوفا من قوة ًجيشه وارادة شعبها.
وقد امتد ذلك الصراع منذ ثلاثينات القرن العشرين، عندما شنت السعودية عام 1934م أولى حروبها على اليمن.
واليوم ماتزال حتى إعداد هذه الدراسة تقوم في حرب عدوانية على اليمن، والتي شنتها منذ عام 2015م، في ظل مبررات سقطت معها.
ولكنها استطعت بهذه الحرب أن تأكل اليمن من الداخل وأن تولد شعلة الفتنة بين ابناء الوطن الموحد، وادخال اليمنيين في حروب داخلية لا تنتهي، في ظل انتهاجها سياسة ((فرق تسد)).
بعد أن كنت قد استطاعت في ضوء مبادرتها الخليجية التي تقدمت بها بعد الأحداث التي شهدها اليمن في 2011م، أنْ تسيطر على واقع الحياة السياسيّة في اليمن، وأنْ تعمل كذلك على مصادرة قرار السيّاسة الخارجيّة اليمنيّة، وأنْ تجعل من تلك السيّاسة ومن صانعها سيّاسة تابعة، وهذه الحرب شاهداً على ذلك.
[1]) سمير محمد العبدلي، الوحدة اليمنيّة والنظام الإقليمي العربي (صنعاء: مركز الدراسات والبحوث اليمني، الطبعة الثانية، 2010م)، ص 312.
[2]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، "دراسة تحليلية"، اليمن ودول الخليج العربية ( صنعاء: مركز البحوث والمعلومات، وكالة الأنباء اليمنيّة سبأ، الطبعة الأولى، أيلول 2005م)، ص26.
[3]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص26-27.
*) الوهابيين: هم اتباع الحركة المذهبية السياسيّة الوهابية التي ظهرت في شبه الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر، وسميت بهذا الأسم نسبة إلى مؤسسها (محمد بن عبد الوهاب) وكان لبريطانيا الأسهام في إيجاد الوهابيين ككيان داخل الدولة الإسلامية عن طريق عميلها (عبد العزيز بن محمد سعود) لضرب الدّولة الإسلامية من الداخل، فأمدتهم بالسلاح والمال حتى استطاعوا تأسس الدّولة السعوديّة الأولى بعد أنّ اندفعوا للاستيلاء على البلدان الإسلامية الخاضعة تحت الخلافة العثمانية، وهذه الحركة تدعى بأنها دعوة للتوحيد وتجديد ما ندثر من معالم الدين، إلا أنّ التاريخ الحديث والمعاصر أثبت عكس سلوكيات هذه الحركة، وماتتعرض له سورية واليمن من حالة إرهابية من قبل هذه الحركة حتى إعداد هذه الدراسة شاهد على ذلك.
[4]) علي عبد القوي الغفاري، الدبلوماسيّة اليمنيّة 1990- 2000م (صنعاء: الآفاق للطباعة والنشر، 2001م)، ص 94-95.
[5]) جورج جوفي، النّزاعات الحدوديّة العربية " التداعيات على الأمن العربي "، سلسلة ترجمات استراتيجيّة، العدد 10 ( دمشق : المركز العربي للدراسات الاستراتيجيّة، تموز 1997م)، ص 9.
[6]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 27.
[7]) عصام محمد غانم، الجغرافيا السياسية اليمنيّة، ترجمة: عبد الكريم الحنكي، سلسلة ترجمات عن اليمن والجزيرة العربية، العدد 23 (دمشق: المركز العربي للدراسات الاستراتيجيّة، حزيران 2005م)، ص 14.
The YemenArabRepublic And Politics Balance., J . E . Peterson ([8]
(Washington, library of congress, 1981), p262.
[9]) سمير محمد العبدلي، مرجع سابق، ص 314.
[10]) معاهدة الطّائف بين اليمن والسعوديّة، ملحق مجلة الثوابت ،15 نيسان 1995م، ص 11.
[11]) Treaty Of Taif Between Yemen And Saudi Arabia 1934, The Memorandum Of Understanding Between Yemen And Saudi Arabia 1995 (Sana'a: Athawabit Book Series Issued By Athwabit Quartterly Journal, 1995), p 1-22.
[12]) خديجة أحمد الهيصمي، العلاقات اليمنيّة - السعوديّة 1962 – 1980م ( القاهرة : المطبعة السلفية، 1987م)، ص81.
[13]) علي محمد زيد، وخديجة أحمد الهيصمي، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة 1990- 2000م، ندوة: اليمن والعالم (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2002م)، ص35.
[14]) سمير محمد العبدلي، مرجع سابق، ص315-316.
[15]) علي عبد القوي الغفاري، الدبلوماسيّة اليمنيّة 1990- 2000م، مرجع سابق، ص 109
[16]) اليمن شماله وجنوبه، " دراسة موجزة " (دمشق: مكتب الدعاية والنشر والإعلام في القيادة القوميّة، حزيران 1975م)، ص 94.
[17]) يوسف الهاجري، السعوديّة تبتلع اليمن " قضية التدخُلات السعوديّة في شؤون الشطر الشمالي لليمن " ( لندن: الصفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1988)، ص 32- 33.
[18]) يوسف الهاجري، مرجع سابق، ص 34-35.
[19]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 32.
[20]) يوسف الهاجري، مرجع سابق، ص 46-49.
[21]) سمير محمد العبدلي، مرجع سابق، ص417-31.
[22]) المرجع السّابق نفسه، ص 319- 320.
[23]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 33-34.
[24]) ، عبد الجليل محمد حسين، الجزيرة العربية والنظام العالمي الجديد (القاهرة : مطابع الدار الهندسية، الطبعة الأولى، 2003م)، ص 286.، وكذلك سمير محمد العبدلي، مرجع سابق، ص 322.
[25]) سمير محمد العبدلي، مرجع سابق، ص 322.
Schofield, Richard. ,The Last Missing Fence in the Desert: The Saudi-Yemeni Border, Geopolitics ([26]
and International Boundaries (London: Vo.1, No.3, Winter 1996), p 247-298.
[27]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 33-34.
[28]) عبد الجليل محمد حسين، مرجع سابق، ص 286.
[29]) علي محمد زيد، وخديجة أحمد الهيصمي، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة 1990-2000م، ندوة: اليمن والعالم (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2002م)، ص 181.
[30]) حوار محمد عبد الله اليدومي الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح لصحيفة القدس العربي، نقلاً عن صحيفة الصحوة، الناطق باسم حزب التجمع اليمني للإصلاح، صنعاء، العدد 611، 8 /1/ 1998م، ص 9.
[31]) جورج جوفي، النّزاعات الحدوديّة العربية " التداعيات على الأمن العربي "، سلسلة ترجمات استراتيجيّة، العدد 10 ( دمشق : المركز العربي للدراسات الاستراتيجيّة، تموز 1997م)، ص 9.
[32]) علي محمد زيد، وخديجة أحمد الهيصمي، مرجع سابق، ص 181-182.
[33]) عبد الجليل محمد حسين، مرجع سابق، ص 286.
[34]) زايد جابر (وآخرون)، علي عبدالله صالح 25 عاماً من القيادة والسياسة (صنعاء: مركز البحوث والمعلومات، وكالة الأنباء اليمنيّة سبأ، الطبعة الأولى، تموز2003م)، ص 295. ، وكذلك جورج جوفي، مرجع سابق، ص 10.
[35]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 38.
[36]) عبد الرزاق بن سليمان، الحدود السعوديّة – اليمنيّة " التطوّرات .. والحل النّهائي، مجلة العلوم الاجتماعيّة، المجلد 31، العدد 3 (الكويت: جامعة الكويت، 2003م)، ص447-448. ، وكذلك زايد جابر (وآخرون)، مرجع سابق، ص 295.
[37])مقابلة للباحث مع الشيخ قائد أحمد سيف الشرجبي، عضو اللجنة الدائمة الأساسية في حزب المؤتمر الشعبي العام، ووكيل محافظة (إب)، وأمين فرع حزب المؤتمر الشعبي العام بمدينة التربة، وتمت المقابلة في منزله بمدينة التربة، تعز، 12/12/2014م.
[38]) عبد الرقيب سعيد، السياسة الحكيمة للرئيس القائد علي عبد الله صالح تجاه قضية ترسيم الحدود، ندوة: قراءة في فكر الرئيس علي عبد الله صالح (عدن: قطاع الثقافة والإعلام لصحيفة 22مايو،5-6 آب 2002م)، ص143.
[39]) مقابلة مع الرئيس اليمني (علي عبد الله صالح)، صحيفة عكاظ، جده ، العدد2034، 26/ 6/2000م، ص11-13.
[40]).مقابلة للباحث مع الدكتور عبد الكريم داعر، المستشار الثقافي في سفارة الجمهوريّة اليمنية بدمشق، وعضو اللجنة الدائمة الأساسية لحزب المؤتمر الشعبي العام، وتمت المقابلة في مقر السفارة اليمنية، دمشق، 22/2/2015م، الساعة الواحدة ظهراً.
[41]) وكالة الإنباء اليمنيّة سبأ، الأرشيف، 8 يونيو 2003م.
[42]) تبادل وثائق التصديق لاتفاق تنظيم سلطات الحدود بين اليمن والسعوديّة، صحيفة الثّورة، صنعاء، العدد 14733، 14/3/2005م، ص1-3.
[43]) وكالة الإنباء اليمنيّة سبأ، الأرشيف، 2 شباط 2007م.
[44]) عايش علي عواس، العلاقات اليمنيّة – السعوديّة، مرجع سابق، ص 66-67.
[45]) جون آربرادلي، ما بعد الربيع العربي" كيف اختطف الإسلاميون ثورات الشرق الأوسط، ترجمة: شيماء عبد الحكيم طه (القاهر: كلمات عربية للترجمة والنشر، الطبعة الأولى، 2013م)، ص88.
[46]) قادري أحمد حيدر، الحضور التاريخي وخصوصيته في اليمن، مرجع سابق، ص187. ، وكذلك jeremy M. Sharp, Yemen: Background and U.S. Relations (Washington: Congressional Research Service, February 11, 2015), p3.
[47]) الحوثيون.. حزب الله .. اليمن، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، العدد 13021، 23/7/2014م، ص7.
[48]) مقابلة للباحث مع الأستاذ عبد الله المفلحي، القنصل في سفارة الجمهوريّة اليمنيّة بدمشق، وتمت المقابلة في مقر السفارة اليمنيّة، دمشق، 11/3/2015م، الساعة العاشرة صباحاً.
[49]) الّنفط سر التوتّر بين اليمن والسعوديّة، صحيفة المصري اليوم، القاهرة، العدد 3232، 20/4/2013م، ص8.
[50]) مقابلة للباحث مع الشيخ قائد أحمد سيف الشرجبي، جزء آخر من المقابلة.
[51]) الجمهورية اليمنيّة، وثيقة الحوار الوطني الشامل (صنعاء: مؤتمر الحوار الوطني، 2014)، ص 280-281.
[52]) وسط رفض سعودي.. إيقاد شعلة اول بئر نفطي في الجوف، صحيفة الوحدوي، صنعاء، العدد 1012، 18/2/ 2014م، ص5.
[53]) مقابلة للباحث مع الدكتور عبد الكريم داعر، جزء آخر من المقابلة.
[54]) عاصفة الحزم قراءة حالة (صنعاء: مركز ابعاد للدراسات والبحوث، 28 آذار 2015م)، ص1.
[55]) فهيم عبد الواحد السبئي، عاصفة الحزم تعيد توازن القوى في المنطقة (دبي: مركز دراسات مستقبل الشرق، 3 أيار 2015م)، ص6.
[56]) غسان شبانة، تقرير: عملية عاصفة الحزم " الأهداف والمخاطر " ( الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 22 نيسان 2015م)، ص5.
[57]) فهيم الحامد، وزير الخارجية اليمني عاصفة الحزم أخفقت مخططات قم والباسيج في صنعاء، صحيفة عكاظ، جدة، العدد 5032، 28/3/2015م، ص12.
[58]) غسان شبانة، تقرير: عملية عاصفة الحزم " الأهداف والمخاطر " (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 22 نيسان 2015م)، ص5.
[59]) النظام السعودي يعلن وقف عدوانه على اليمن، صحيفة البعث، دمشق، العدد 15296، 22/4/2015م، ص 1.
[60]) أحقاد آل سعود على حضارة اليمن تدفعهم لتدمير آثاره، صحيفة تشرين، دمشق، العدد12343، 6 /6/2015م، ص 1-2.
[61]) فارع عبد العزيز المقطري، الحرب الأهلية في اليمن والعدوان السعودي، صحيفة الوسط، صنعاء، العدد 516، 14/4/2015، ص 6.
[62]) طيران آل سعود يجدد قصفه لصعدة ومطار صنعاء.. قبائل يمنيّة تسيطر على مواقع حدودي، صحيفة الثورة، دمشق، العدد 15765، 11/5/2015م، ص1-7.
[63]) عبد الحليم سعود، السعوديّة على خطى العثمانية والنازية والصهيونية، صحيفة الثورة، دمشق، العدد 15765، 11/5/2015م، ص 11.
[64]) صواريخ الجيش اليمني تطول قاعدة جوية سعوديّة، صحيفة الثورة، دمشق، العدد 15788، 7/6/2015م، ص1-7.
[65]) مئات من قوات العدوان بين قتيل وجريح..وتدمير شامل لمخازن أسلحتهم في صافر، صحيفة اليمن اليوم، صنعاء، العدد 1140، 5/9/2015م، ص1-2.
[66]) توشكا يدمر قيادة عمليات الغزاة في المندب، صحيفة اليمن اليوم، صنعاء، العدد 1228، 15/12/2015م، ص 1.
أستاذ مساعد في قسم الإعلام-جامعة تعز.