اعادة نشر مقالة خاصة: الى اين يتجه الوضع في اليمن؟..2011:06:10.16:51
لم يمض شهر كامل على مصرع مؤسس تنظيم القاعدة سيئة السمعة اسامة بن لادن، حتى اعلن ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" يوم 28 مايو الماضي عن انشاء "امارة اسلامية " بعد استيلائه على مدينة زنجبار حاضرة ابين بجنوبي اليمن. وحتى الان مازالت المواجهات دائرة بين مسلحي تنظيم القاعدة والقوات الحكومية مخلفة عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وبعد ذلك بأقل من اسبوع ، تعرض قصر الرئاسة في العاصمة صنعاء يوم الجمعة الماضي لهجوم بالقذائف، ما ادى الى مصرع 11 شخصا على الاقل واصابة 48 آخرين بجراح، بينهم الرئيس اليمني على عبدالله صالح وعدد من كبار المسئولين، حيث اتهمت وزارة الدفاع اليمنية لاحقا تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هذا الحادث الدموي. وفي اليوم التالي، سافر صالح الى السعودية المجاورة لتلقي العلاج الطبي وكان على متن طائرته الخاصة، عدد من افراد عائلته حسب التقارير الصحفية، التى اعتبرت ان ذلك يشير الى أن الرئيس اليمنى لن يعود الى الوطن، رغم ان السلطة اليمنية نفت ذلك.
ومع تدافع الاحداث على هذا النحو النشط والمفاجئ، تبرز علامات استفهام كبيرة حول السبب الذى دعا تنظيم القاعدة الى اختيار اليمن لانشاء "إمارة"؟ والى اين يتطور الوضع في اليمن؟ وما تداعيات ذلك الوضع المتدهور على الشرق الاوسط المضطربة اصلا ؟
-- هل بات اليمن ساحة جديدة لتنظيم القاعدة؟
لم يهدأ تنظيم القاعدة بعد وفاة بن لادن بل "يقاتل بمعنويات اكبر في اليمن"، حسبما ذكر رئيس مركز دراسات مكافحة الارهاب بمعهد العلاقات الدولية المعاصرة في الصين، السيد فو شياو تشيانغ.
وذكر السيد فو لوسائل الاعلام الصينية ان تنظيم القاعدة يريد انتهاز فرصة الفوضى لتوسيع نفوذه، اذ ان الاضطرابات السياسية ستجعل اليمن "فردوسا جديدا للارهابيين ، لذا لا بد توخى الحيطة ازاء تطورات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
واشار الخبير الصيني الى انه في عهد ما بعد بن لادن، من المحتمل ان يتطور تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية ليصبح منظمة ارهابية مستقلة يتجاوز نفوذها قيادة تنظيم القاعدة.
وفي الواقع فإن المخاوف من ان يتحول اليمن الى جبهة امامية للقاعدة، برزت في وسائل الاعلام العالمية منذ اواخر عام 2009، حين اعلن تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية مسؤوليته عن محاولة تفجير الطائرة الامريكية، ما حمل الرئيس الامريكى باراك اوباما الى التأكيد مجددا فى خطابه عقب الحادث، على التعاون مع اليمن في مجال مكافحة الارهاب.
ووفق التقارير الاعلامية ، حصل اليمن على مساعدات امريكية لمكافحة الارهاب بقيمة 67 مليون دولار امريكى في عام 2009، وتجاوز المبلغ 70 مليون دولار في العام التالي. واستخدمت هذه الاموال في تدريب اجهزة الامن وقوات خفر السواحل وتجهيزها بالمعدات اللازمة.
وعلاوة على ذلك، اجرت الولايات المتحدة تعاونا مع اليمن في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية، وهو ما يثير التساؤل حول الاسباب التى مكنت تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية من الاستيلاء على مدينة زنجبار وانشاء امارة بها؟
ويعزو السيد فو ذلك الى فقدان النظام سيطرته على الوضع الداخلي، ما اعاق استراتيجية الحكومة اليمنية الخاصة بمكافحة الارهاب وتعاونها مع الولايات المتحدة والدول الاخري في هذا المجال، حيث جرى سحب القوات التى كانت تشارك في مهام مكافحة الارهاب الى المدن الرئيسية للحفاظ على استقرار البلاد.
ومن حيث التضاريس الجغرافية، كانت وسط اليمن منطقة صحراوية وجنوبها منطقة جبلية، وهو ما يسهل افلات الارهابيين من ملاحقة القوات الحكومية. ثانيا، يطل جنوب اليمن على البحر، ولذا لم يجد مسلحو القاعدة الفارون من افغانستان وباكستان صعوبة كبيرة في عبور المنافذ البحرية لدخول الاراضى اليمنية بسبب الامكانات المحدودة لسلاح البحرية وخفر السواحل اليمني. ثالثا، يوفر انتشار الاسلحة بين المواطنين اليمنيين ظروفا لتسليح عناصر القاعدة.
-- اضطرابات اليمن تلقى بظلالها على المنطقة
ذكرت صحيفة ((الشباب)) الصينية مؤخرا في مقالة لها ان الوضع المتدهور لمكافحة الارهاب في اليمن يشكل تهديدا كبيرا لاستقرار الخليج ومنطقة الشرق الاوسط برمتها.
فأولا، عزز انشاء ما يسمي" بالامارة الاسلامية " في جنوب اليمن، من حدة الاضطرابات في هذا البلد الواقع في طرف شبه جزيرة العرب.
ثانيا، قد يصبح اليمن مأوى خصبا للارهابيين مع استمرار تدهور الوضع في اليمن، ما يغير وضع الحرب العالمية لمناهضة الارهاب. خاصة ما اذا قام اعضاء تنظيم القاعدة بالتعاون مع القراصنة الصوماليين، ستواجه الممرات الملاحية في خليج عدن والبحر الاحمر مزيدا من التهديدات الامنية ، حسب المقالة المعنونة "تطورات الفوضى باليمن وتفاقم الوضع المضطرب بالشرق الاوسط".
واشارت المقالة الى ان ما يقلق دول المنطقة والولايات المتحدة والدول الاوروبية هو ان توسع نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن يهدد امن واستقرار دول الخليج، ومنها المملكة العربية السعودية، والمصالح الغربية بشكل مباشر، اذ ان اليمن والسعودية اكبر دولتين في شبه جزيرة العرب من حيث المساحة الجغرافية.
ومنذ تشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في يناير عام 2009، تزايدت الهجمات الارهابية في اليمن والسعودية، وتنوعت سبل الهجمات، وامتدت مواقعها من وسط اليمن الى جنوبه حتى وصلت الى الحدود مع السعودية.
بالاضافة الى ذلك، حول تنظيم القاعدة اليمن من مخبأ الى ساحة ثالثة للجهاد ضد الغرب بعد العراق وافغانستان، وبات اليمن موقعا استراتيجيا له، يهدد امن جنوب السعودية..
وفي الواقع فإن تنظيم القاعدة ناقم على السعودية بسبب بن لادن. وفي حال تعاون تنظيم القاعدة مع الحوثيين الشيعة والمتطرفين الاجانب،فسوف تواجه السعودية تهديدا شاملا. ونظرا لذلك، مولت الحكومة السعودية الرئيس صالح لمقاتلة الحوثيين.
واذا تخلى صالح عن السلطة، فمن المؤكد ان الحوثيين سيحاولون الثأر من السعودية، فيما سيخطط تنظيم القاعدة لشن هجمات ارهابية داخل السعودية انتقاما لمقتل بن لادن.
ومع استمرار الوضع المتفاقم في اليمن، يحاول عدد كبير من اللاجئين اليمنيين دخول السعودية التى تتقاسم حدودا طويلة مع اليمن، ما يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا بالنسبة للسعودية. -- اليمن ... الى اين؟
يتوقع بعض المحللين عدم عودة عبد الله صالح الى الوطن بعد تلقيه العلاج الطبي في السعودية، وهو ما قد يؤدى الى تفكك معسكر المعارضة واحتدام حدة التنافس على السلطة، ملهمين الى ان تنحي صالح عن السلطة مجرد مسألة وقت.
ويرى المراقبون أن هناك أربعة سيناريوهات ممكنة لليمن ما بعد صالح، تتمثل فى إما تسليم السلطة إلى مجلس عسكري، أو إلى مجلس رئاسي، أو إلى نائب الرئيس، أو إلى حكومة وحدة وطنية انتقالية تعمل على إدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية وتشرف على تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
اجمع المراقبون على أن السيناريو الأخير أقرب إلى الواقع ، وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تضم جميع القوى السياسية لإعداد دستور جديد للبلاد وتنظيم انتخابات برلمانية حرة، ثم انتخاب رئيس للجمهورية.
ويقودنا الحديث عن هذه السيناريوهات إلى الحديث عن أهم الشخصيات التي يمكن أن يكون لها شأن في الساحة السياسية اليمنية لفترة ما بعد عبد الله صالح، وإحدى تلك الشخصيات البارزة ياسين سعيد نعمان، الذي يتولى الرئاسة الدورية لتحالف المعارضة اليمنية.
وقد أشارت وثيقة دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ان الولايات المتحدة كانت تتساءل منذ 2005 حول الخليفة المحتمل للرئيس عبد لله صالح، ومن بين الأسماء التي تحدثت عنها الوثيقة اسم سعيد نعمان، لكن الوثيقة ركزت على شخصية اللواء علي محسن الأحمر الذي وصفته بأنه " ينظر إليه عموما على انه الرجل الثاني الأكثر نفوذا في البلاد" ووصفه السفير الأمريكي في الوثيقة بأنه "القبضة الحديدية" للرئيس.
لكن رحيل نظام صالح لا يعني أن مشاكل اليمن قد انتهت، فثلاثة عقود من الحكم تركت دون شك تركة ثقيلة للغاية، وتتناول هذه التحديات جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بينها تحسين مستويات المعيشة وتنمية الاقتصاد القومي، كما يطالب المحتجون في شوارع اليمن، يشكلان تحديات هائلة امام اي شخص او كتلة سياسية ستخلف صالح.(شينخوا)