بقلم/ ماجدى البسيونى
رئيس تحرير جريدة العربى
(1)
" برغم ماجلي للمحكمة من نقاء المطالب المشروعه للمتظاهرين فجرالثورة الشعبية الأولى في 25 يناير 2011، والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لما اعترى النظام الحاكم من وهن في سنواته الأخيرة كبطء القرار،
وتهيئ فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع، ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد سارت حكرًا لقيادات تناست دورات قانون عجلة الحياة دومًا للأمام، وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمني الخلاق وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين، وأصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإراده الشعبية واندثار التعليم واهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد." هذا ما أعلنه المستشار محمود كامل الرشيدى رئيس ماعرف اعلاميا بمحاكمة القرن لمبارك ونجليه ـ علاء وجمال ـ ووزير داخليته حبيب العادلى وستة من مساعديه سبق وتم تبرئتهم كما سبق وتم الحكم على مبارك والعادلى بالمؤبد فى نفس القضية الجنائية الخاصة بإتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة ٢٥ يناير، وهم ٢٢٥ متظاهرًا، وإحداث إصابة ١٣٦٨ آخرين وإشاعة الفوضى في البلاد، فى مدة محددة لاتزيد عن احدى عشرة يوما وكذا تربح مبارك نتاج السماح لرجل الأعمال حسين سالم بخمسة فلل بتصدير الغاز المصر "لاسرائيل "اعترض كل من مبارك والعادلى على الحكم المؤبد ضدهما لتعاد ثانية في 11 مايو ٢٠١٣ وهو نفس ما طالب به الرئيس الأسبق محمد مرسى العياط "الإخوانى" الذى كان وقتها رئيسا لمصر ،ليضدر الحكم ببرائة الجميع من قتل المتظاهرين وسقوط تهمة التربح لمرور المدة القانونية التى حددها القانون الجنائى .
فلا يوجد نص بالقانون المصرى يشير الى أن تصدير الغاز للكيان الصهيونى جريمة يعاقب عليها رئيس الجمهورية ولا حتى وزير البترول فجريمة الجرائم كما أحسب يكمن فى اتفاقية العار المسماه بكامب ديفيد .
لم يكن حكم البراءة صادما لى ليس لتأكيد رئيس المحكمة مرارا وتكرارا أنه " يحكم بمقتضي النص" و" أن القضاء لا شأن له بالسياسية" وعلى الرغم أن المحكمة " تهيب بالمشرع الجنائي تعديل الفقرة 15 لتبسط العدالة سلطانها علي كافة صور الرشوة" ،ولكنى منذ البداية كان عندى يقين لم يتزحزح من أنه طالما لاتوجد محكمة تلتزم بما هب الشعب وثار من أجل "عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية ـ كرامة انسانية " فنحن أمام قوانين وضعت على مدى الـ 30 سنة يحاكم بها من كان على سدة الحكم خلالهم عرف فيه كيف يتم تفصيل القوانين على المقاس سواء أكانت جنائية أو غير جنائية بل ومواد ادخلت على الدستور نفسه ،ليأتى قاضى غير مشكوك فى عدله للحكم "بمقتضى النص" الموضوع سلفا.
بعد أيام قليلة من قيام ثورة يوليو المجيدة كان رد الزعيم جمال عبد الناصر على من رددوا أمامه بوجوب محاكمة الملك فاروق ثم قتله قائلا لهم : كيف تحكمون بقتله قبل محاكمته ، ولهذا كان القرار مغادرة الملك وافراد اسرته البلاد على يخت المحروسة .
لتقتصر محاكمة الثورة على المصريين الذين خانوا البلاد بصفقة الاسلحة الفاسدة وتجسسوا لصالح بريطانيا ومن استولوا على المال العام فيما عرفت وقتها بمحاكمة الغدر ،ترى لو حدث هذا بمصر منذ أن هب الشعب فى 30 يونية يعيد البصلة لثورته بعد أن اعتلاها الاخوان وهيمن عليها الامريكان بما لايقل عن هيمنتهم منذ زيارة السادات للكيان الصهيونى هل كنا نشاهد اليوم مانشاهده من البؤر السرطانية ،أم كنا نشاهد ونعيش الهدف الذى عبرت عنه الملايين..؟
(2)
بالامس وأثناء توجهى للقاء صديق على احدى مقاهى وسط القاهرة كان لابد من مرورى على ميدان "الشهيد عبد المنعم رياض" حالة من الارتباك المرورى وأصوات هتافات لشباب "يسقط يسقط خكم العسكر"ابتسمت خلسة وكان لابد من تغير خط السير فبدلا من التوجه لميدان التحرير توجهت مع سرب السيارات الى شارع رمسيس ومنه يمينا الى شارع ثروت لاستقر حيث تواعدت مع الصديق على احدى مقاهى وسط البلد القريبة من البنك المركزى ،وبعد فترة وجيزة وصل اثنين من الاصدقاء قادمين لتوهم من ميدان التحرير سألنا فقال أحدهما :لايزيد العدد عن 300 وتابع :هذا مطلوب بالطبعلاظهار تعدد الآراء .
أما الثانى فهب منتفضا وهو يقول لرفيقه القادم معه:أنت اذا تفسد مداخلتى لقناة "الجزيرة" من داخل الحدث.
فإعتذر له بطريقة ولاد البلد لدرجة انه قال له :هات راسك ابوسها ،فإذا بالمتداخل يقول :أيوه كده وراح يعيد بصوته الثائر ـ على طريقته ـ نص ما قاله فى المداخلة: أتحدث لكم من قلب الحدث حيث الألآف فى ازدياد بعد أن سيطرنا على ميدان التحرير تماما،وراح يقسم ـ مازال يعيد ماقاله فى المداخلة ـ بأن ملايين المصريين لن يمر عليها الليلة الا بالنصر على من سرقوا ثورته......والثورة مستمرة....فجأة وتوقف عن السرد بعد أن نظر لهاتفه وتأكد من أنه اتصال خارجى،متمنيا علينا الكف من اظهار صوت الضحكات التى عمت حتى من جلسوا بالقرب منا،وضعا كف يده الأيسر مابين الهاتف وفمه حرصا منه ألا يسمع الطرف الأخر أصوات الضحكات التى اصطحبت بتعليقات البعض منا كـ :أكيد سيتفقون معه على لقاء على الهواء أو الاستعداد للسفر ضيفا لقطر كما حدث معه من قبل.
"اسبيك عربى اونلى" ...هكذا كان يرد بما يعنى أن من على الطرف الأخر يحدثه بالانجليزية... انتهت المحادثة.."نفش ريشه" مزهوا ثم قال :مش ملاحق من الجزيرة مباشر للجزيرة بكل اللغات والحساب مضمون..!
(3)
"لو مبارك أخد براءة هننزل التحرير ملط"دعوة أطلقت منذ اليوم الاول للقبض على مبارك والتحفظ على امواله ومنع افراد اسرته من مغادرة البلاد في ٢٨ فبراير ٢٠١١ وطوال مايقرب من أربعة سنوات والاعداد تتزايد ولكن المؤكد أن أحدا لم يفعلها سوى مواطن يدعى محمود حسين، في شارع فيصل بالجيزة بالملابس الداخلية تنفيذا لتعهداته السابقة، لكن المؤكد أن اصوات من عرفوا بـ "أبناء مبارك" بدأ يتعالا وهذا ما أراه مالا يقل خطوره عن خطورة "الخوان" على مصر ولا يقل عن خطورة الطابور الخامس ،رغم أن الستار لم يغلق بعد عن مبارك وجرائم عصر مبارك.
(4)
من قتل المتظاهرين اذا ،ليس فى المدة التى حوكم فيها على مبارك ووزير داخليته ومساعديه ،بل من قتل كل من سقط سواء بكافة الميادين أو بداخل سيناء وعلى كل التراب المصرى من مدنيين وجنود وقيادات ..؟
المؤكد أنها مسؤولية تقع الآن تحديدا على من أقسم على حماية البلاد ووحدة اراضيها وسلامة شعبها الا وهو الرئيس عبد الفتاح السيسى .
Magdybasyony52@hotmail.com
