السبئي نت - صنعاء :
قبل سبعة وتسعين عاما وفي الثاني من تشرين الثاني عام 1917 صدر ما يسمى بوعد بلفور المشؤوم الذي منحت بموجبه الامبراطورية الاستعمارية بريطانيا لليهود الصهاينة وعدا بإقامة كيان لهم في فلسطين على حساب أهلها الأصليين بناء على المقولة المزيفة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
وجاء هذا الوعد على شكل تصريح موجه من وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية بأمر من رئيس الحكومة البريطانية لويد جورج بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات تمحورت حول مدى قدرة الصهاينة على تحقيق أهداف بريطانيا والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
ووفقا للمعطيات السياسية فإن وعد بلفور كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان للصهاينة على أرض فلسطين استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وتظهر الوثائق التاريخية أن الحكومة البريطانية عرضت نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكي انذاك وونر ولسون الذي وافق على محتواه على الفور ونشره كما وافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا عام 1918 ليتبع ذلك في 25 نيسان عام 1920 موافقة المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في موءتمر سان ريمو على أن يعهد لبريطانيا بالانتداب على فلسطين وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب ليكتمل ذلك في 24 تموز عام 1922 بموافقة مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في التاسع والعشرين من أيلول عام 1923 وبذلك يمكن القول إن وعد بلفور كان وعدا غربيا وليس بريطانيا فحسب.
وفور وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني شجعت سلطات الانتداب الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم وسهلت للمهاجرين الجدد عمليات الاستيطان عبر الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين والتضييق عليهم ووفرت الحماية والمساعدة اللازمتين لهؤلاء المهاجرين في مقابل عمليات القمع والقتل والتهجير بحق الفلسطينيين.
وبعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على أرض فلسطين تواصل الدعم البريطاني والغربي لهذا الكيان باعتباره أداة وثكنة متقدمة لتنفيذ المشاريع الغربية الرامية إلى الهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها.
ولم يقتصر هذا الدعم على الدعم السياسي في مختلف المحافل الدولية وتقديم التغطية لكل الجرائم والاعتداءات التي ارتكبتها عصابات ومسؤولو هذا الكيان الغاصب ضد العرب والفلسطينيين بل تعداه إلى التمويل والتسليح والمشاركة إلى جانبه في عدوانه على هذه الدول كما حصل عام 1956 خلال العدوان الثلاثي /البريطاني الفرنسي الاسرائيلي/على مصر والذي أفشله صمود الشعب المصري ومساندة الشعوب العربية الشقيقة ووقوفها إلى جانبه في التصدي للعدوان.
وعلى الرغم من تغير الظروف وتبدل الأدوار فيما يخص قيادة الولايات المتحدة للمحور الغربي وتراجع الدور البريطاني بشكل واضح إلا أن بريطانيا ظلت على الدوام جزءا أساسيا من المخططين والمساهمين في كل المشاريع التي تستهدف المنطقة ودولها وكان لها الدور الكبير في الحرب على العراق عام 2003 حيث شاركت قواتها إلى جانب القوات الأمريكية في احتلاله وارتكاب الجرائم بحق شعبه والاستيلاء على مقدراته ولعب دور تخريبي ما زال العراق والمنطقة يدفع ثمنه حتى وقتنا الحالي.
وحتى يومنا الراهن تواصل بريطانيا دورها التآمري ضد المنطقة العربية كجزء من التحالف الغربي فهي كانت احد المشاركين في الحرب التي شنها حلف شمال الاطلسي /الناتو/ على ليبيا عام 2011 والتي أدت إلى الفوضى والفلتان الامنيين اللذين يشهدهما حاليا هذا البلد والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الليبيين وأدى إلى تدمير كافة مقومات البنية الاقتصادية والاجتماعية الليبية.
كما أسهمت بشكل فاضح إلى جانب حلفائها الغربيين في الولايات المتحدة وفرنسا إضافة إلى عملائهم الاقليميين والعرب بدءا بحكومة /حزب العدالة والتنمية/ في تركيا إلى مشيخات وممالك الخليج في التآمر على سورية عبر دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية المسلحة التي عاثت قتلا وتخريبا فيها على مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية وأيضا في تسهيل تسلل الآلاف من الإرهابيين القادمين من مختلف بقاع الأرض إلى الأراضي السورية والانضمام إلى التنظيمات الارهابية فيها للمشاركة في سفك دماء السوريين وتدمير بلدهم وحضارتهم.
وأضاف الاستعمار الامبريالي في محطة التآمر واستهداف سورية لابقاء هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة اداة جديدة لتكون خنجرا مسموما تمثل بالتنظيمات الارهابية المتطرفة بأسماء وتصنيفات مختلفة أرادت تحقيق غاية تفتيت المنطقة وتقسيم دولها لتكون سائرة في فلك الكيان الصهيوني الغاصب المهيمن على مقدرات المنطقة.
وفي الآونة الأخيرة وبعد تزايد المخاوف في الدول الغربية من تصاعد خطر التنظيمات الإرهابية التي أسهم الغرب نفسه في توغلها وتمددها تواصل الحكومة البريطانية سياساتها التآمرية والعدوانية ضد سورية عبر الاستمرار في تقديم الدعم لهذه التنظيمات والمجموعات تحت مسمى /المعارضة المعتدلة/ في محاولة منها لاستكمال تنفيذ مشاريعها الرامية إلى إسقاط سورية تمهيدا لاستكمال الهيمنة على المنطقة وكسر إرادة شعوبها.
وسورية التي استطاعت عبر صمود شعبها وجيشها كشف المؤامرة وتعريتها أمام العالم بأسره والمضي قدما في إحباطها وإفشال أهدافها وبالتوعية حول مرامي الالاعيب الاستعمارية التامرية مستمرة بعزيمة لاتلين في مقاومة كل محاولات الطغيان لسلب سيادتها وحريتها واستقلالها وهي توءكد للعالم بانها ستواصل العمل على تحرير أرضها ودعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الحقة حتى تحقيق نصره واستعادة حقوقه التاريخية السليبة بأرضه ومقدساته.