728x90 AdSpace

12 يوليو 2014

غزة...... وتبيض الأرصدة السياسية

د. يحيى محمد ركاج
يتكرر العدوان الصهيوني على قطاع غزة العزة مع كل تحول أو تبدل يصيب السيطرة الصهيوأمريكية على المنطقة، أو توجه جديد تسعى إليه القوى الصهيوأمريكية في سياسة الاحتواء التي تتبعها ضد أعدائها في المنطقة ومحيطها، لتمرير قرار أو تسوية أو تبييض مواقف سياسية لبعض الزعماء والدول المتحالفة معهم بالخفاء، لترسخ أيضاً يوماً بعد يوم فكرة مفادها أن قوتها في التحكم والسيطرة على المنطقة مرهونة بأمن الكيان الصهيوني الذي زرعته ولا تزال تحاول ترسيخ بنيانه فيها.

ولعل التاريخ العربي حافل بالمخازي العربية تجاه الدم العربي الفلسطيني الشريف الذي يقدمه أخوتنا في فلسطين المحتلة، وحافل أيضاً بتجاهل العرب للأحداث التي ترافق نزيف هذا الدم الطاهر، وحتى لا نقف على كثير من الأأحداث التي يزخر بها تاريخنا المخزي، سوف أكتفي بالإشارة إلى ما تم في عام 1956 في مجازر خان يونس ومخيم جنين إبان فشل العدوان الثلاثي على العربية مصر، ومحاولة الكيان الصهيوني الإلتفاف على هذا النصر العربي الذي تحقق بإشعاره بالعجز أمام قدراتها وضعف إمكانياته، وزيادة سيطرته على مساحات جغرافية أكبر من فلسطين نتيجة التهجير والقتل والتدمير.

وفي حوادث قريبة وليست ببعيدة عدوان الكيان على قطاع غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009، والذي يشير صراحة إلى محاولة الكيان الصهيوني على النصر الذي حققته المقاومة في تموز 2006، والذي أفقدها هيبتها خارجياً بين الدول والشعوب، وداخلياً على مستوى مهجريها ولقطائها المستوطنون، وقد هدف العدوان أيضاً إلى إحداث شرخ بالعلاقات العربية بين الشعب الفلسطيني وجمهورية مصر العربية التي حققت قيادتها  للكيان الصهيوني جزءاً من مبتغاه بتضييق الخناق على الفلسطينيين وتشديد القيود على طرق تسليحهم.

كما أن الأحداث التي تشهدها المنطقة في هذه الأيام تشير صراحة إلى أسباب العدوان البربري الصهيوني على قطاع غزة، انطلاقاً من الانتصارات المتلاحقة التي حققتها سورية في مراحل وجبهات المعارك التي شنتها القوى الصهيوأمريكية عليها، سواء أكانت انتصارات عسكرية حققها الجيش العربي السوري، أم سياسية حققتها القيادة السورية بصمود أبنائها ومشهدهم التاريخي الذين قدموه للعالم في يوم الانتخابات الرئاسية، أم تفاوضية فيما يتعلق بملف الأسلحة الكيماوية وجنيف بترقيماته الملونة، وانطلاقا أيضاً من حكمة القيادة السورية بالتعامل مع الشعب الفلسطيني بغض النظر عن خيانات بعض قادته الذين احتضنتهم الجمهورية العربية السورية في أوقات الأزمات والحصار، ومن عدم مقدرة الكيان الصهيوني على حرف بوصلة الشعب العربي السوري عن فلسطين والقدس العربية، ومن احتواء التغييرات التي حدثت في دول الجوار للكيان خاصة مع انتفاضة الشعور القومي مجدداً لدى الشعب العربي في كل من الأردن ومصر، والأهم من ذلك كله محاولة احتواء تبدلات الوضع الراهن بالمنطقة في حال فشل التنظيمات الإرهابية التي دعمها الكيان بغية تدمير سورية في إقامة دولة دينية أو دولة كردية تبرران يهودية الكيان الصهيوني، ليكون البديل القادم هو تصفية بعض القادة الفلسطينيين حتى تخلو الساحة لقادة معينين تكون نظرتهم نحو مقاومة الكيان الصهيوني مختلفة، ومحاولة تبييض مواقف سياسية لبعض القادة في المنطقة من الفلسطينيين الذي أفلتت زمام قيادة الشارع من أيديهم، أو لبعض القادة الجدد الذين يحتاجون إلى مفتاح زعامة في المنطقة حتى يتمكنوا من ضبط الأمور بجوار الكيان كما حدث في اتفاقية الاستسلام المصرية بعد اعتبار السادات رجل معركة التحرير في تشرين (أكتوبر) 73، أو كما حدث قبل اتفاق أوسلو.

إن الدماء العربية الذكية التي روت أرض فلسطين منذ فتحها سيدنا عمر ابن الخطاب رضوان الله عليه إلى يومنا هذا، تأبى التسوية المبنية على الذل، وتأبى أن تركن إلى الخيانة، ولعل القوة التي تكتسبها هذه الدماء نابعة عن إرادة شعب صامد لا ينسى الإساءة والعدوان ولا يفرط بحقوقه مهما طال الزمن، ونابعة أيضاً من جوار الشعب السوري الصامد الذي يأبى أن تضل بوصلته عن فلسطين والقدس، ولا يزال شعباً وقيادة يحتفظ بحق العودة.
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: غزة...... وتبيض الأرصدة السياسية Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً