728x90 AdSpace

29 يوليو 2014

معادلات معاصرة-البعث


بغض النظر عن مآل العدوان الإرهابي الجديد على غزة ومصيره، إلا أن المسار السياسي الموازي له يؤكد خضوع المنطقة، منذ وقت طويل وحتى الآن، لمعادلتين بسيطتين وواضحتين، الأولى: نزع سلاح المقاومة ضد “إسرائيل” حيثما وجد، مقابل تزويد الإرهابيين بالسلاح حيثما وجدوا، والثانية: بقاء الاستعمار الاستيطاني الاحتلالي في فلسطين، يعتمد، حكماً، على استمرارية الرعاية الأمريكية المطلقة له ولعروش عربية وجدت لأجل خدمته ودوام بقائه.

والحال فإن المعادلة الأولى، والتي كانت سرية في مرحلة سابقة، أضحت اليوم علنية، تُسَخّرُ لأجلها كل الموارد والإمكانات، مادية-نفطية كانت أم معنوية-دينية، والأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد، فلم يعد الإعلام، مثلاً، يخفي توجه سادته، ففيما أصبح المقاومون مجرد مغامرين متهورين، غدا قتلة من نمط “داعش” ثواراً لأجل الحرية، وهو مسار يؤدي منطقياً، وقد أدى، إلى إدانة وتجريم دفاع الضحية عن نفسها، وإلى أن تصبح جرائم “الإسرائيلي”، في غزة مثلاً، مجرد “تطوّرات” تجري هناك بحسب بيان رسمي لخص اجتماع زعيمين نفطيين عربيين مؤخراً.
أما دينياً، فالمفتون-المفتنون الذين أفتوا سابقاً بحرمة الدعاء، مجرد الدعاء، بالنصر للمقاومة اللبنانية لأنها من طائفة معينة، يفتون اليوم بتحريم نصرة غزة لأن حربها، بحسب هؤلاء، ليست وفق الضوابط الشرعية فـ “لا راية شرعية ولا أمير شرعي”، وهنا لنا أن نتساءل باستغراب وإنكار: “كيف يصح الجهاد في كل موقع تلتقي فيه المصلحة الأميركية مع الوهابيّة في حين يجري تحريم الجهاد في فلسطين بحجة غياب الراية والأمير؟!”.
والأمر لم يتوقّف على نزع الغطاء الشرعي الديني، فقد شهدنا، ونشهد يومياً، على تفاصيل حملة مضنية موازية تقوم بها أحزاب، ومراكز أبحاث، وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية، وتخصص لها موازنات هائلة لشيطنة الفعل المقاوم وتسفيهه، والتقليل من فعاليته وجدواه، ووصمه بالإرهاب، بل واختراع أعداء آخرين ليوجه إليهم من جهة، ولحرف البوصلة عن الوجهة الأساس، فلسطين، الأرض والمعنى أيضاً، من جهة أخرى، وهي جهود أثمرت حقيقة، واعترف بنتائجها صهيوني بمرتبة “عاموس جلعاد”، الذي قال: رغم العدوان على غزة “هذه هي أفضل فترة من الأمن والعلاقات الدبلوماسية مع العالم العربي”، كما أن تكاليف تدمير غزة، بحسب الوقائع، تدفعها الدول العربية ذاتها التي تدفع تكاليف تدمير سورية والعراق وليبيا واليمن وتقسيم السودان…
وفي هذا الإطار لا بد من ملاحظة التناغم والتنسيق الواضحين في قيام أطراف وزارة الخارجية الأمريكية بمهامهم، ففيما يسوّق الوزير “كيري” لمخرج يسمح بنزع سلاح المقاومة، يسارع الموظف الكبير في الوزارة، ولو بتسمية أممية، “بان كي مون” لتأييده عبر التعبير عن تقديره لحق إسرائيل “الشرعي” في الدفاع عن نفسها، مع طلب خجول “بأن تكبح رد فعلها”، فيما يصيب “الخرس” موظفاً آخر في الوزارة ذاتها، بتسمية عربية هذه المرة، ويدعى “نبيل العربي”، فلم يسمع له صوت حول الفصل السابع الذي “يخبئه” لسورية فقط على ما يبدو، في الوقت الذي يقوم فيه بقية الموظفين من آل.. وآل.. وآل.. بما عليهم، وما اعتادوه، من وظائف في سياق هذا العدوان وأمثاله.
إذاً، هما معادلتان متكاملتان ومتلازمتان، فمن يطالب بنزع سلاح المقاومة ومن يوافقه على ذلك، يساعد، ليس فقط في استمرار الاحتلال الإسرائيلي، بل في إطالة عمر أنظمة الاستبداد والتخلف، والعكس صحيح أيضاً.
بيد أن المقاومين، دولاً ومنظمات، يكتبون اليوم، على اختلاف ساحات معاركهم، معادلة أكثر جدّة ومعاصرة مما سبق، وهي، بحكم حقائق التاريخ وتطوّراته، ترسم معالم جديدة للمنطقة على أنقاض المعادلات السابقة، الصمود السوري صورة أولى، غزة صورة ثانية.
والنتيجة: انفجار صراع المحاور ضمن المحور الآخر، واقتراب خروج نزاع العروش السري في الخليج للعلن، والأيام حبلى بصور أخرى قادمة.
بقلم:أحمد حسن
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: معادلات معاصرة-البعث Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً