أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن مندوبي بعض الدول التي أدمنت سفك دماء السوريين على مدى السنوات الثلاث الماضية تأبى من جديد إلا وأن تستفيض في بياناتها حول بند "الحالة في الشرق الأوسط" بالحديث عن الوضع في سورية بطريقة تضليلية واستفزازية لا تصب إلا في خدمة المشروع الداعم للإرهاب والتطرف فيها وفي المنطقة وفي خدمة إبعاد الانتباه عن جوهر هذا البند المخصص أساسا لمناقشة سبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة بأبعاده المختلفة بما في ذلك الجولان السوري.
وقال الجعفري في بيان ألقاه أمس في مجلس الأمن في إطار مناقشة البند الخاص بـ "الحالة فى الشرق الأوسط": إنه من المحزن فعلا أن أحدا من المتحدثين لم يأت على ذكر الأعمال الإرهابية التي ضربت بلادي اليوم ومن بينها تفجير سيارتين مفخختين في حمص القديمة ما أودى بحياة 36 مواطنا وإصابة 85 آخرين بجروح معظمهم من الأطفال إضافة إلى استهداف إرهابيين بأربع قذائف هاون مدرسة أطفال في حي الشاغور بدمشق راح ضحيتها 14 طفلا وأصيب 86 آخرون.
وأضاف الجعفري.. وبشأن دعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي يسميها البعض "المعارضة المعتدلة" ويزودها بالسلاح أود أن أشير إلى أن السعودية وقطر وتركيا ودولا أعضاء في مجلس الأمن ومساهمة منها في هذا النهج المشبوه قد طلبت الشهر الماضي عقد اجتماعين عن سورية في الجمعية العامة تزامن الأول مع اجتماع مجلس الأمن المخصص للاستماع إلى الإحاطة الدورية للأمانة العامة حول "الحالة في الشرق الأوسط" في حين تزامن الاجتماع الثاني مع اجتماع "اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف".
وتابع الجعفري.. إن تلك الدول سعت للتشويش على القضية الفلسطينية في ظل مناقشة بند "الحالة في الشرق الأوسط" والاصطياد في الماء العكر بخصوص الوضع في سورية وهذا دليل على نفاقهم وإذا كان زميل من الزملاء قد تحدث أو وصف بلادي بأنها شقيقة وهو كاذب فإننا نحن في سورية بغنى عن هذه الأخوة التي يدعيها هو ونظامه.. نحن لا نريد أخوة قاتلة مجرمة إرهابية تسفك الدم في بلادي.
وقال مندوب سورية الدائم.. وكي لا نكون جزءا من هذه المحاولات المستهجنة الساعية لقتل نقاشنا المخصص أساسا لمسألة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بأبعاده المختلفة فإنني لن أرد في إطار هذا البند على وفود تلك الدول التي تنتهك أحكام الميثاق وقواعد القانون الدولي من خلال دعمها وإيوائها وتسليحها وتدريبها وتحريضها العلني للإرهابيين والمرتزقة وتسهيلها تسللهم إلى الداخل السوري عبر الحدود مع الدول المجاورة ونشرها التطرف والتخريب والإرهاب في بلادي وعملها المستميت لإفشال أي حل سلمي بقيادة سورية للأزمة.
وبين الجعفري أن المشهد يصبح هزليا فعلا عندما يتحدث مندوب دولة ما ليس لها دستور ولا برلمان وتحرم المرأة فيها من أبسط حقوقها وعندما يتنطع البعض للحديث عن الديمقراطية في سورية التي تتبوأ فيها امرأة منصب نائب رئيس الجمهورية.
وأوضح الجعفري أن وفود بعض الدول التي أدمنت سفك دماء السوريين على مدى السنوات الثلاث الماضية تسابقت إلى طلب عقد مؤتمرات وجلسات واجتماعات جانبية للترويج لتقارير مضللة حول الوضع في سورية كما أسرف ممثلو هذه الدول اليوم في التباكي بشكل مسرحي مبتذل وغير متقن على حقوق الشعب السوري ولكنهم لم يتطرقوا ولو بكلمة واحدة لمسألة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري الذي اعتمد مجلس الأمن بشأنه القرار رقم 497 لعام 1981 وكأن استعادة الجولان السوري ليست من حقوق الشعب السوري وكأن الجولان ليس أرضا سورية محتلة يصدر حولها سنويا العديد من القرارات التي تطالب إسرائيل بالانسحاب منها حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 /.
وتساءل الجعفري.. أين حديث تلك الوفود عن قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني عندما يأتي الأمر إلى حملات الاستيطان الاسرائيلية ومعاناة المواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال في الجولان منذ ما يناهز النصف قرن حيث يتعرضون لأبشع سياسات القمع والتمييز العنصري والاعتقال والتعذيب ويحرمون من مواردهم الطبيعية بما في ذلك النفط والغاز والمياه.
وأوضح الجعفري أن المواطن السوري الرازح تحت الاحتلال في الجولان لا تعالجه المشافي الإسرائيلية إذا رفض حمل الهوية الإسرائيلية ولا يستطيع أن يدرس في المدارس باللغة العربية وفق المنهاج التعليمي السوري لافتا إلى أن التعليم باللغة العربية ممنوع في الجولان سواء وفق المنهاج السوري أو أي منهاج آخر.
وأشار الجعفري إلى أن سلطات الاحتلال تمنع الهلال الأحمر السوري من العمل في الجولان المحتل ومن بناء مستوصفات ومشاف تابعة له هناك استناداً إلى قرارات الحركة الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر التي تعود للعام 1911 هذا علاوة على بناء سلطات الاحتلال لجدار فصل عنصري شرق مدينة مجدل شمس السورية ورفض تسليم خرائط حقول الألغام التي زرعتها في أراضي الجولان إلى المنظمات الدولية المختصة حيث أودت هذه الألغام بحياة أكثر من 726 مواطناً سورياً بينهم أكثر من 227 طفلاً.
وأضاف الجعفري إن المساعدة والدعم اللذين تقدمهما /إسرائيل/ للمجموعات الإرهابية بما في ذلك أولئك المرتبطين ب/القاعدة/ في منطقة فصل القوات في الجولان السوري المحتل يشكلان انتهاكاً فاضحاً لاتفاق فصل القوات لعام 1974 ولولاية قوات /الأندوف/ وللقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن.
ولفت الجعفري إلى أن الأمر وصل بسلطات الاحتلال إلى حد إقامة مشفى ميداني بالقرب من خط الفصل في الجولان وقيام رئيس وزرائها بزيارة الإرهابيين المصابين ممن تتم معالجتهم في المشافي الإسرائيلية ليصار إلى إعادتهم لاحقاً إلى منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل كي يتابعوا /نشاطاتهم الإرهابية/ هناك.
وقال الجعفري إن هذه المساعدة والدعم الإسرائيلي للإرهابيين إنما يعرض حياة قوات الأمم المتحدة العاملة هناك للخطر ويساهم في تقويض عمل هذه القوات حيث شهدنا قيام تلك المجموعات الإرهابية التي يحلو للبعض تسميتها /المعارضة المعتدلة/ في عدة مرات بخطف حفظة سلام تابعين للأندوف أو إطلاق النار عليهم واستهداف مواقعهم.
وأشار الجعفري إلى أن الحكومة السورية أبلغت إدارة عمليات حفظ السلام بكل التفاصيل المتعلقة بذلك وطلبت منها رسمياً التحقيق في مسألة تواطوء الاستخبارات القطرية في خطف حفظة سلام تابعين للأندوف من الكتيبة الفلبينية لافتا إلى أن المستهجن في الموضوع هو تقاعس إدارة عمليات حفظ السلام حتى هذه اللحظة عن توضيح نتيجة تحقيقاتها ذات الصلة بهذه الشكوى هذا إن قامت الإدارة بالفعل بإجراء مثل تلك التحقيقات.
وأكد الجعفري أن إسرائيل لم تكتف بتقديم الدعم اللوجستي للإرهابيين بل قامت بالتدخل العسكري المباشر في أكثر من مرة وكان آخرها قصفها الشهر الماضي مدرسة ومسجداً في قرية الحميدية في الجولان السوري بالقرب من خط الفصل في انتهاك سافر وخطير للقانون الدولي ما يفضح من جديد التنسيق القائم بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات الإرهابية في منطقة الفصل تماماً كما تفعل السعودية وقطر وتركيا.
وأوضح مندوب سورية الدائم أن هناك حلفا واضحا بين هذه الدول الثلاث و/إسرائيل/ محوره دعم المجموعات الإرهابية في سورية أياً كانت تلك المجموعات مرتبطة بالقاعدة أو تنظيم ما يسمى /دولة الإسلام في العراق والشام/داعش/ أو /جبهة النصرة/ أو أي جبهة إرهابية أخرى ودفعها قدماًً لتدمير سورية وسفك دماء شعبها وقتل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأضاف الجعفري.. يجب على البعض ألا يخدع نفسه والعالم وألا يستمر في تقديم الذرائع والمبررات ل/إسرائيل/ فالجميع يعلم علم اليقين أن إسرائيل ككيان استيطاني قام على الاحتلال والتوسع ولم تكن يوماً معنية بالسلام فقد ضمت الجولان السوري والقدس واعتدت على دول المنطقة وانتهكت القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة دون هوادة.
ولفت الجعفري إلى أن إسرائيل رفضت أي رقابة دولية على ترسانتها النووية واعتدت على المقدسات الإسلامية والمسيحية وهي تحاول اليوم سرقة المسجد الأقصى وتطالب كشرط مسبق بما يسمى تحقيق /يهودية دولة إسرائيل/ بهدف تفريغ فلسطين من سكانها وإنهاء حق العودة وترد على كل مبادرات السلام والمفاوضات بالمراوغة والتذرع بما تسميه زيفاً /المشاغل الأمنية/ لتكريس الاحتلال وفرض أمر واقع لا يمكن تغييره وخاصة عبر بناء وتوسيع المستوطنات وتهويد الأراضي العربية وتغيير طابعها الديموغرافي والحضاري.
وتساءل الجعفري.. كيف تستطيع إسرائيل بعد كل ذلك الحديث عن السلام وكيف تستقيم المطالبة بالسلام مع كل تلك الممارسات التي تقوض أبسط مبادئء السلام... أليس من بالغ الوقاحة أن تدعي /إسرائيل/ أن إزالة أي مستوطنة إنما هي مسألة مؤلمة لا تحتمل في حين أن اضطهاد شعب فلسطين بأكمله مسألة فيها نظر.