بقلم الكاتب جمال ايوب
يعد الحق في حريه الراي والتعبير من حقوق الانسان الاساسية وهذا الحق يميز الشعوب والدول عن بعضها البعض لا نه سمه هامه من سمات المجتمع الحضاري ونظام هام من انظمة السياسة الديمقراطية لأي بلد ولهذا السبب فقد كفلت المواثيق الدولية والوطنية هذا
الحق لما يشكله من اهمية بالغة جدا للإنسان الحر . وقد تأكد ذلك في النص الاعلامي العالمي لحقوق الانسان ان لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته المطلقة في الآراء دون مضايقة وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها حتى ونقلها الى الاخرين بأي وسيلة حضارية ودونما اعتبار للحدود وعلى الرغم من ان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تناول حرية الرأي والتعبير والتغيير الا انه اورد ضوابط وقيدها عندما يتعلق باحترام حقوق الاخرين او سمعتهم او لحماية الامن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الآداب العامة . أما فيما يتعلق بالقانون الاساسي فقد كفل هذا القانون حرية الراي والتعبير والتغير بشكل مفصل في نصوص مواده الوضعية حيث نص القانون على ان : حريه العقيدة والعبادة وممارسة الشعائر الدينية مكفوله شريطة عدم الاخلال بالنظام العام والآداب العامة في المادة 163وايضا لا مساس بحرية الرأي الفردي او الشخصي ولكل انسان الحق في التعبير عن رأيه ونشرة بالقول او الكتابة او غير ذلك من وسائل التعبير مع مراعاة احكام القانون كما ورد في المادة 164. كما اوجب القانون الاساسي احترام الحريات والحقوق الفردية في حالات الطوارئ حيث جاء ذلك في : لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات العامة الا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم اعلان حاله الطوارئ في المادة 165 الا ان القانون الاساسي اجاز فرض بعض القيود على ممارسة حقوق الانسان في هذه الحالة وذلك بموجب مرسوم يصدر عن رئيس الدولة حيث نص على انه عند وجود تهديد للأمن القومي للدولة بسبب حرب او غزو اجنبي او عصيان او حدوث كارثة طبيعية يجوز اعلان حالة الطوارئ بمرسوم واضح وصريح من رئيس الدولة لمدة . طبقا للمادة 166 . أضحت ثقافة التعبير الحر للإنسان والفرد حقا من حقوق الإنسان في نظر الجميع معيارا حقيقيا لكل تقدم واستراتيجية تنموية إن تعزيز هذه الحقوق حيث يعتبر الهدف العام لكل المجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكن ترك أي وسيلة سلمية لمواجهة انتهاكاتها. إن تعليم ونشر الحق في التعبير والتغيير ، في واقع الأمر، يشكل حقا أصيلا من حقوق الناس، وتعتبر مسؤولية الدول في هذا الصدد مسؤولية كبرى في الترويج والتعريف بمبادئ حقوق التعبير والحرية الشخصية وآليات حمايتها ونشر ثقافتها. إن قيم الإنسان هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثقافات عبر التاريخ وحصاد كفاح كافة الشعوب ضد كافة أشكال الظلم والقهر وبهذا المعنى فهي ملك للبشرية جمعاء وفي هذا الإطار لا عالمية مبادئ حقوق الإنسان وعلى الترابط الوثيق بين الحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق التضامنية، وعلى اعتمادها المتبادل على بعضها البعض وعدم قابليتها للتجزئة، وحتى حقوق المرأة هي جزء أصيل من منظومة الحرية الشخصية كما أن الخصوصية الثقافية والحضارية التي ينبغي الاحتفاء بها باعتبارها حقا من حقوق حرية الإنسان ـ هي تلك التي ترسخ شعور الإنسان بالكرامة والمساواة، وتعزز مشاركته في إدارة شؤون بلاده، وتنمي لديه الإحساس والوعي بوحدة المصير مع الإنسان في كل مكان ولا تتخذ ذريعة لتهميش الفرد وتكريس الوضع المتدني ، وإقصاء الآخر بسبب أي اعتبارات دينية أو ثقافية أو سياسية أو التملص من الالتزام بالمواثيق الدولية. والتعليم والتربية على حقوق التعبير بحرية مازال في بدايته ببلادنا العربية !! إذ ما زلنا في بداية الدرب وطور بلورة استراتيجية في هذا الصدد وإعداد البنية التشريعية والقانونية والتنظيمية والهيكلية لهذا النوع من التعليم لذا يكتسي موضوع التعليم على حرية الإنسان أهمية بالغة بالنسبة لكافة المواطنين ولمستقبل الأجيال في الظروف الراهنة التي أصبحت فيها حرية الإنسان ركنا أساسيا في بناء المجتمع وديمومته.
إن تعبير تعليم حرية الإنسان يعني كل سبل التعلم التي تؤدي إلى تطوير معرفة ومهارات وقيم الإنسان عن رأيه فيما هو مقتنع فيه ويتناول تعليم حرية الإنسان تقديم المتعلم وفهمه لهذه الحقوق ومبادئها التي يشكل عدم مراعاتها مشكلة للمجتمع . ويعني هذا التعليم بالجمع بين النظر إلى المحيط، ويركز بالضرورة على الفرد من منظور اكتسابه المعرفة والقيم والمهارات التي تتعلق بتطبيق وتكريس قيم الحرية الإنسانية في علاقة الشخص مع أفراد عائلته ومجتمعه مع اعتبار المضامين الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية. إن احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب والإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة فلا يكفي ترديد مبادئ حرية الإنسان وانتظار من الناس أن تتبناها، بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية والثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل والتفاهم والتسامح والمساواة والاستقامة فلا يمكن تعليم حقوق حرية الإنسان في فراغ، بل لا مناص من تعليمها من خلال تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع .