السبئي نت - بيروت
أكد الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين أن إعلان الدولة السورية فتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية جاء ترجمةً لقرارها السيادي بأن تجري هذه الانتخابات في موعدها المستحق وفقاً لأحكام الدستور السوري بتحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية بسبع سنوات تنتهي عملياً في شهر تموز المقبل.
وقال المقداد في مقال له نشرته اليوم صحيفة البناء اللبنانية "إنه وكما كان متوقعاً فقد انبرى عدد من المسؤولين الدوليين لتناول سلوك الحكومة السورية الدستوري بالنقد وتوجيه سهام الاتهام نحوها بتعطيل الحوار السياسي وعملية جنيف حيث تحدث بعض المسؤولين الغربيين عن عدم جواز الذهاب إلى الانتخابات والإعلان عن الاستعداد لمواصلة السعي إلى بلوغ الحل السياسي في وقت واحد وفقاً لمعادلة جنيف موحين بالتضارب بين المسارين وفي مقدمة الذين وقفوا في هذه الضفة كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ودبلوماسيوه وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه إلى سورية".
وأضاف "من الزاوية المبدئية يفترض أن غاية أي عملية سياسية هي الوصول إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع وبالتالي قياس خيارات الشعب وتوجهاته من خلال الانتخابات ففي الدول التي تنتهي أزماتها من بوابات الحوار السياسي نجد أن وثائق الوفاق الوطني التي ينتجها الحوار تدور كلها حول محور رئيسي بارز هو إجراء الانتخابات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يحظى بالإجماع الدولي والقانوني لمنح الشرعية الدستورية والدولية لعملية انبثاق السلطة وإعادة تشكيل مؤسساتها".
ولفت المقداد إلى أن العمليات السياسية التي تشكل أجساماً حكومية انتقالية تنتهي بتولي هذه الأجسام مهمة حصرية محورية هي التحضير لإجراء الانتخابات وفي البلدان التي تشهد انقلابات عسكرية أو حتى تقوم فيها ثورات أول ما تفعله الأجسام الحكومية الانتقالية يكون الوعد بالتحضير للانتخابات بينما في الدول التي يتم التوصل فيها إلى حلول سياسية تفاوضية وتكون استحقاقاتها الانتخابية متأخرة يجري التداول بتقريب مواعيدها تسريعاً لنجاح العملية السياسية في الانتقال لتصبح عملية دستورية تحظى بالشرعية.
وقال المقداد "كيفما أدرت وجهك سترى أن المتربصين بسورية هم أنفسهم الذين يرفعون شعار الديمقراطية في وجهها وهم الذين يسعون إلى تعطيل أهم استحقاق ديمقراطي في حياتها السياسية ويحاسبونها على التمسك بإجرائه وكيفما أدرت وجهك سترى أن الحديث عن عملية سياسية يعادل الحديث عن انتخابات فما هي الخلفية الحقيقية لاعتراض المعترضين واحتجاج المحتجين وما هي أهداف هذه الهجمة الشعواء على الانتخابات".
وأوضح نائب وزير الخارجية والمغتربين انه عندما بدأت الحرب على سورية وكانت الدولة السورية تدعو إلى الحوار ووقف اللجوء إلى العنف كانت الجهات الأجنبية التي تدعي اليوم التمسك بالعملية السياسية تحت عنوان "الحوار وجنيف" تدعو المسلحين إلى عدم إلقاء السلاح ورفض المشاركة في الحوار وهي تدرك أنه سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل فإن أي عملية سياسية ستفقد قيمتها وتكون بلا جدوى ما لم تكن خاتمتها عملية انتخابية.
وأشار المقداد إلى أنه في تلك الفترة كان يقال إن الوقت الذي يفصلنا عن الانتخابات طويل فكانت الدولة السورية تجيب أن كل قضايا العملية الديمقراطية مفتوحة للنقاش في الحوار الوطني فيكون الرد مرة أخرى الرهان على تغيير الموازين العسكرية بينما الذين كانوا يرون الوقت الفاصل بين العملية السياسية والانتخابات طويلاً هم أنفسهم يرونه اليوم قصيراً والغريب العجيب أن الموعد معلوم وهو نفسه لم يتغير وليس فيه ما يمكن أن يتذرع البعض باعتباره مفاجئاً.
وأوضح المقداد أننا هنا لا نتحدث عن موعد قررته الحكومة السورية بل عن موعد محدد بقوة سريان أحكام الدستور السوري ومعلوم أجله منذ سبع سنوات مع بدء ولاية الرئيس بشار الأسد الرئاسية كما أننا لا نتحدث عن عملية سياسية قائمة ومتقدمة وتكاد تبلغ نهايتها ويجري الحديث عن ترتيب تقني لبضعة أيام يضمن المشاركة الأوسع في الانتخابات بمنح العملية السياسية مزيداً من الوقت بل إن المتحدثين عن تناقض العملية السياسية والانتخابات يضعون المفردتين وجهاً لوجه مقابل بعضهما من حيث المبدأ.. كما أننا لا نتحدث أيضاً عن صلاحية الجهة الداعية إلى الانتخابات أو عدم صلاحيتها فالمعلوم أنها في قلب أي عملية سياسية وختامها.
ولفت المقداد الانتباه إلى أن الزج بجنيف في الاحتجاج على الانتخابات مفتعل من أساسه مؤكدا أن سورية لم تقبل ولم تبحث أي شأن في جنيف يسمح بالاستنتاج أنها وضعت أو مستعدة أن تضع مسؤولياتها السيادية الدستورية ومن ضمنها وفي طليعتها الاستحقاقات الدستورية الانتخابية موضع بحث أو شراكة مع الغير فالأمر لم يطرح ولن تسمح سورية بأن يطرح على أي مستوى من المستويات.
وقال "إن التذرع بجنيف للطعن بالعملية الانتخابية ساقط أصلاً لتعارضه مع نصوص بيان جنيف 1 القائمة من زاوية على التمسك بالحفاظ على سلامة المؤسسات السورية ومعلوم وفقاً للدستور السوري المكانة التي تحتلها مؤسسة الرئاسة كرأس للهرم المؤسسي في بنية الدولة السورية ومن زاوية أخرى، فإن العملية السياسية التي يقترحها جنيف 1 تقوم على حكومة وحدة وطنية تنطلق من التفاهم على مكافحة الإرهاب وتدير حواراً وطنياً شاملاً لدراسة التعديلات الدستورية وعرضها على الاستفتاء وإجراء الانتخابات على هذا الأساس".
وأكد المقداد أن الانتخابات واحدة من مخرجات العملية السياسية التي يدعو إليها جنيف وهي انتخابات تحكمها مواعيد دستورية لا تحتمل التأجيل والعبث والمنطقي هنا أن تخضع روزنامة الحوار لموعد الانتخابات، لا العكس حيث قاموا بتعطيل الحوار وهم يريدون تعطيل الانتخابات وهذا يعني شيئاً واحداً، هو أن همهم كان ولا يزال تعطيل سورية والسياسة والدستور فيها، وتركها نهباً للعنف والحريق المشتعل وصولاً إلى تدمير مقومات بقائها كدولة ووطن، وتفتيتها بالتالي إلى كيانات متناحرة ودويلات لا حول لها ولا قوة.
وبين المقداد أن الذين كانوا يرون تنحي الرئيس بشار الأسد مدخلاً لعملية سياسية ناجحة وفقاً لزعمهم هم الذين يرفضون إجراء الانتخابات عندما جاء الوقت الذي يمكن فيه الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ليقول السوريون رأيهم في من يريدونه رئيساً لهم فصار مطلبهم تعطيل الانتخابات فكان القاسم المشترك راهناً السعي إلى إحلال الفراغ الدستوري كهدف دائم لتعطيل المؤسسة الأم في الدولة السورية التي تمثلها الرئاسة وبالتالي تعطيل الدولة تمهيداً لإسقاط الوطن ما يكشف النفاق والمكر في مواقف المعترضين على تمسك الدولة السورية بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وما يسوقونه من أعذار من نوع الظروف التي تسمح والتي لا تسمح بإجراء الانتخابات وهم انفسهم يصفقون لعمليات انتخابية قريبة وبعيدة من سورية بعضها جرى أول هذا الشهر في ظروف أين منها ظروف سورية وبعضها سيجري آخر هذا الشهر في ظروف لا تقل على المستوى الأمني عما تشهده سورية.
وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين إن "الحكم في فرنسا يتصدر على لسان رئيسه لائحة المنافقين بحديثه عن التحضير لانتخابات في مالي تحت احتلال قواته العسكرية وفي ظل التدخلات الاستعمارية التي تضج بها افريقيا وها هو رئيس رواندا بول كيغامي يرفض مشاركة فرنسا في إحياء الذكرى العشرين لمجازر رواندا باعتبار فرنسا شريكا في المسؤولية عن ارتكاب هذه المجازر لكن يبدو أن شعار السياسة الفرنسية هو "/إن لم تستح فقل وافعل ماشئت/".
وختم المقداد مقاله بالقول "إن القضية التي تعمل لها الدولة في سورية تتمثل في منع الفراغ والقضية التي يعمل لها أعداء سورية تكمن في الفراغ وهذا هو جوهر الصراع مؤكدا أن أعداء سورية هم الذين يشجعونها ويضغطون عليها وصولاً إلى التخلي عن مسؤولياتها الدستورية وإيقاعها بالفراغ لأنهم يعلمون أن الفراغ وحده يبرر لهم الحديث عن سورية كدولة فاشلة بذريعة عجزها عن إنجاز أهم استحقاق دستوري تمثله الانتخابات الرئاسية، ليجري وضع سورية تحت الوصاية والانتداب ويسلب السوريون استقلالهم وسيادتهم، وهذا ما لن يبخل السوريون لمنع حدوثه بدمائهم، التي ما بخلوا بها يوماً دفاعاً عن استقلالهم وسيادتهم".