بقلم / طه العامري
ما يجري في محافظة عمران من حراك شعبي يرتقي لمصاف " الثورة " الشعبية بكل ابعادها الوطنية وبكل مكوناتها وعواملها " الذاتية " و" الموضوعية" وبالتالي صرت أرى أو بالأصح أقراء تداعيات اللحظة في محافظة _ عمران _ بانها تمثل لحظة
مفصلية لقوى التغير الاجتماعي , بل وأجزم أن ما حاول البعض القيام به في أوائل العام 2011م لم يكون فعل وطني ناضج بقدر ما هو الأن في " عمران" التي يصنع أبنائها ثورة اجتماعية فعلية ضد قوى الهيمنة التقليدية التي سيطرت وتسيطر على المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي في اليمن منذ عقود بل منذ قرون غابرة .. ما يدري في عمران ليس صراعا عابرا بين " الحوثي" وجماعة " الإصلاح وأولاد الأحمر " فهذا الاختزال والتبسيط فعل يهضم حقوق وإرادة أبناء محافظة عمران الذي أرى أنهم يقودون ثورة اجتماعية وطنية شاملة تعني كل أبناء اليمن من صعده للمهرة ومن كمران في البحر الأحمر إلى سقطرى في البحر العربي , وأجدني بدون الكثير من التأمل والتدقيق في المعادلة الجديدة التي يصنعها شباب ومواطني " عمران " إننا أمام مفارقات وطنية يجب التفاعل معها والوقوف إلى جانب مواطني عمران الذين لم يعد مشروعهم إسقاط " س" أو " ص" من الناس بل إسقاط الفساد كثقافة وإسقاط رموز الاستبداد ومرجعياتهم بل والأجمل من كل هذا أن أبناء محافظة عمران حملوا فعلا مشروع التغير الوطني الشامل انطلاقا من محافظتهم التي تحمل الكثير من الرمزيات الاجتماعية وعلى مختلف الجوانب الحضارية وبالتالي ووفق هذا الفهم صار التضامن مع الأخوة في محافظة عمران " فرض عين " من قبل كل أبناء اليمن الذين ينشدون التغير والتحولات الحضارية بجد ومصداقية وبمعزل عن الحسابات السياسية والحزبية والاعتبارات الوجاهية أو البحث عن حلول تحت واجهة الحلول التقليدية التي تبقى العامة تحت وصاية قوى الهيمنة التي تتناوب على هذا المواطن وعلى إبقائه في مربع الوصاية التقليدية التي تجرده من أي إمكانية للانطلاق نحو آفاق الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والحياة في كنف دولة مدنية تقدم وترعى وتضمن كل هذه القيم التي تجسد قواعد المشروع الثقافي الوطني بكل ابعاده المجتمعية بما فيه الرؤية السياسية الخالية والمجردة من النزوع الذاتي للفرد " والقبيلة" ..
ما يجري في عمران ثورة اجتماعية ضد هيمنة قوى التخلف والظلام , ثورة يقودها مواطنين لم يعد لديهم متسعا لتحمل ويلات وموبقات هذه القوى المتسلطة وبالتالي يرى القائمين على شؤن الحراك في عمران رؤيتهم للبعد الاجتماعي للتغير الذي لم يحصروا في نطاقهم الجغرافي بل هم على وعي عميق بأن ما يقوموا به يعني كل اليمن وكل الشعب ويضع اللبنة الأساسية لمشروع ثقافي واجتماعي للتغير وهذا ما يفترض أن يستلهمه ويلتقطه كل المتطلعين والحالمين بالتغير الوطني الشامل وزحزحة قوى الهيمنة والتخلف والاستبداد ..
قد يقول قائل أن ما يجري في عمران صراع اجتماعي بأدوات حزبية " الحوثي" يشكل الدافع والمحرك له , وأقول هذا فهم غير صحيح وغير واقعي ويرفض هذا الطرح شباب ومواطني عمران المرابطين في الساحة الذين لا يخفون تعاطفهم مع مشروع الحوثي لكن لهولا الشباب والمواطنين دورا في رفض منطق " الحرب" كما يرفضوا الاحتكام " لبندقية الحوثي" لكنهم يرحبوا بأنصار الله كشركاء في الوطن والتنمية والتقدم والتغير وهم بهذا يجسدون روى فكرية وطنية متقدمة غابت عن الكثيرين في تفاعلات عام 2011م وبالتالي فأن ما يحدث في عمران هو _ افتراضا _ تصحيح للأخطاء التي وقعت عام 2011م فالثورة الاجتماعية الشاملة شخصيا أراها تنطلق من محافظة عمران وعلينا فعلا أن كنا ننتمي لهذا الوطن ونحرص على بناء دولة يمنية قوية ونضع أسس لمشروع تغير اجتماعي أن نصطف ونقف مع مواطني عمران والانتصار لخيارهم الوطني الجمعي حتى نعيد المسار الثقافي الوطني بكل ابعاده الاجتماعية والسياسية إلى مساره الصحيح والطبيعي الذي يتكفل ببناء قواعد الدولة المدنية الحديثة دولة المساوة والعدل والحرية والتعددية الفكرية والحزبية والدينية ..
أن قوى الحداثة والتغير في كل الوطن اليمني معنية بما يحدث في محافظة عمران وعليها أن تلتقط المبادرة وتصطف لتوازر الأخوان في محافظة عمران ومشاركتهم في النضال السلمي ليفرضوا خياراتهم الوطنية في التغير لأن سقوط القوى التقليدية في هذه المحافظة يعني انتصارا لكل قوى الحداثة في كل ارجاء الوطن اليمني وانتصارها يعني الإبقاء على محاور صناع الاستبداد فاعلين وحاضرين على تفاصيل المشهد وكل ما يمكن تحقيقه هو تبادل المواقع لرموز الاستبداد وصناع التخلف وحسب ..لهذا أرى أن ما يجري في محافظة عمران يشكل نقطة انطلاق لصناعة التحول الوطني الكبير الذي حلمنا به ولا تزل تحلم به كل اليمن الأرض والإنسان..