جنيف-السبئي :اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة الذي انعقد في جنيف مساء أمس قرارا جديدا حول الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل وذلك بأغلبية 43 صوتا مقابل صوتين.
ويذكر القرار في فقراته التمهيدية بانطباق اتفاقيات جنيف على الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وكذلك بالعهدين الدوليين وباتفاقية حقوق الطفل ويؤكد على ضرورة احترام صكوك حقوق الإنسان كافة في الأراضي العربية المحتلة.
ويعرب القرار عن القلق إزاء قيام "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال باستغلال الموارد الطبيعية في فلسطين والجولان السوري المحتلين ويؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يعيق بشكل خطر الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة وتهيئة بيئة اقتصادية سليمة ويعرب المجلس بالنظر لما سبق عن قلقه البالغ إزاء ما نتج عن كل ذلك من تدهور في الأحوال الاقتصادية والمعيشية لسكان الأرض العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري المحتل.
ويؤكد المجلس في قراره قلقه البالغ إزاء الإسراع في بناء المستوطنات الإسرائيلية ما يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كما يؤكد القرار أن المجلس يساوره قلق بالغ من اعتقال واحتجاز السجناء العرب والظروف القاسية التي يتم فيها ذلك ما يضر بسلامتهم ووضعهم الصحي كما أن سلطات الاحتلال تمنع عنهم الزيارات الأسرية وتمارس بحق السجناء التعذيب.
ويشدد القرار على الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني ولسكان الجولان السوري المحتل في جميع مواردهم الطبيعية والاقتصادية ويطلب إلى السلطة القائمة بالاحتلال عدم استغلال تلك الموارد أو تعريضها للخطر أو التسبب في فقدانها أو استنفادها كما يطالبها بالتوقف عن تدمير المنازل والممتلكات والأراضي والبساتين ووقف استغلالها للموارد الطبيعية والتوقف عن إلقاء النفايات كافة كما يؤكد القرار أن إقامة المستوطنات وما يتصل بها من هياكل أخرى عمل غير شرعي ويشكل عقبة رئيسية دون إحلال السلام وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويدعو القرار "إسرائيل" إلى الوقف التام لجميع التدابير التي تتخذها لتغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي العربية المحتلة ويطالبها بالامتثال لأحكام اتفاقيات جنيف وتيسير زيارات المواطنين السوريين في الجولان السوري المحتل إلى ذويهم في وطنهم الأم الجمهورية العربية السورية عبر معبر القنيطرة.
الحموي: بعض الدول قامت بحرف عدد من هيئات ومنظمات الأمم المتحدة عن مقاصدها السامية ودفعتها إلى تجاهل دورها بإنصاف ضحايا وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الرازحة تحت الاحتلال
وكان الدكتور فيصل الحموي مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف أكد أن "إسرائيل" هجرت منذ احتلالها للجولان السوري عام 1967 حوالي نصف مليون مواطن من سكانه الأصليين وانتهكت بشكل ممنهج حقوق من تبقى منهم وصادرت أراضي من هجرتهم ومنحتها للمستوطنين اليهود وفرضت الهوية الإسرائيلية على سكان الجولان السوريين وتعاقب من يرفضها بالسجن المؤبد والتعذيب النفسي والجسدي.
وأشار الحموي في بيان سورية أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في جنيف لدى مناقشة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل إلى أنه لا يزال هناك عدد من الأسرى السوريين مضى على اعتقالهم 28 عاما في ظروف غير إنسانية في سجون الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى وفاة عدد منهم بالأمراض الخطرة وهي ترفض إطلاق سراحهم أو السماح لذويهم بزيارتهم ما يشكل انتهاكا سافرا لاتفاقية جنيف الرابعة.
ولفت الحموي إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل انتهاكها لحقوق السوريين في الجولان المحتل وتمنعهم من تصدير محاصيلهم الزراعية وتستولي على مياه الجولان وتحولها إلى المستوطنات اليهودية وتقتلع الأشجارالمثمرة لإشادة مراكز عسكرية أو مستوطنات جديدة وتواصل منع سكان الجولان السوري المحتل من زيارة أهلهم في الوطن الأم سورية وتحرمهم من الحصول على أذونات عمل دائمة أو مؤقتة الأمر الذي يجعل ظروف حياتهم المعيشية صعبة للغاية ويفاقم أزمة البطالة والهدف هو دفعهم إلى الهجرة.
سلطة الاحتلال تنتهك حقوق الإنسان في الغذاء والصحة والتداوي
وأكد الحموي أن سلطة الاحتلال تنتهك حقوق الإنسان في الغذاء والصحة والتداوي وإقامة المراكز الطبية وتعمد إلى سرقة الآثار التاريخية واستغلالها لتزوير التاريخ والحقائق في المنطقة وتفرض اللغة العبرية على طلاب الجولان وتمنعهم من تعلم لغتهم العربية موضحا أن هذه الانتهاكات السافرة لحقوق الشعوب في التصرف بثرواتها ومواردها الطبيعية وحقها الأساسي في التنمية تشكل مخالفة صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد المدني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولمبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي على مواردها الطبيعية وحقوقها غير القابلة للتصرف.
وبين الحموي أن بعض الدول قامت ومنذ عامين بحرف عدد من هيئات ومنظمات الأمم المتحدة عن ولايتها ومقاصدها السامية ودفعتها إلى تجاهل دورها في إنصاف ضحايا وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الرازحة تحت الاحتلال وبخاصة في فلسطين والجولان السوري المحتلين حين تسابقت وبشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمم المتحدة إلى تخصيص الجزء الأعظم من اجتماعتها لمناقشات وجلسات وقرارات منحازة ضد سورية تنفيذا لأوامر من بعض الدول المشاركة في سفك دم الشعب السوري معطية بذلك الضوء الأخضر لإسرائيل لتكثف قمعها وقتلها واستيطانها في الأراضي العربية المحتلة.
استمرار الصمت المخزي إزاء ما تفعله إسرائيل وعدم الاكتراث بالقضايا الجوهرية الأخرى للمنظمات والهيئات الدولية سيفقدها دورها وولايتها الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين
وحذر الحموي من أن استمرار هذا الصمت المخزي إزاء ما تفعله إسرائيل وعدم الاكتراث بالقضايا الجوهرية الأخرى للمنظمات والهيئات الدولية سيفقدها دورها وولايتها الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين والانتصاف لضحايا الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان.
وأشار الحموي إلى أن أمام المجلس مشروع قرار يدين ممارسة سلطة الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان فلسطين والجولان السوري المحتلين ويطالبها باحترام التزاماتها الدولية وحقوق الإنسان مناشدا الدول الأعضاء في المجلس اعتماده بالإجماع لتؤكد احترامها لأحكام الميثاق والقانون الدولي الذي يمنع السلطة القائمة بالاحتلال من القيام بأي تصرف من شانه انتهاك سلامة الأراضي المحتلة بكافة مكوناتها الطبيعية والديمغرافية والبيئية.
ودعا الحموي في ختام البيان المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى حمل إسرائيل على احترام التزاماتها الدولية وعدم السكوت على انتهاكاتها واستهتارها المتواصل لها وعدم توفير الحصانة السياسية لهذه الانتهاكات لأن ذلك سيشجعها على مواصلتها وعلى خرقها للقانون الدولي الإنساني ولميثاق الأمم المتحدة وقال "سيكون لتحرك المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجدية وبشكل أبعد من الإدانة الشكلية لانهاء انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلي تأكيد على مصداقيته في تنفيذ ولايته ودوره المركزي لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان العرب الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام "1967"