728x90 AdSpace

18 يوليو 2013

نافذة على الأحداث:ياعرب.. العدل أساس الحكم

نافذة على الأحداث:ثورة 30 يونيو وتداعياتها على المنطقةأحمد ناصر الشريف >الرئيس الفرنسي السابق «جاك شيراك» يعد من أفضل السياسيين الفرنسيين الذين خدموا فرنسا بشهادة الفرنسيين أنفسهم..
وقد لعبت بلاده في عهده دوراً محورياً على المستويين الأوروبي والدولي، وكان لدور فرنسا تأثير مباشر فيما شهده العالم من احداث.. لكن لأن فرنسا دولة نظام وقانون يخضع له الكبير قبل الصغير، فلم يشفع له كل ذلك التجاوز عن هفوات بسيطة يقال إنه ارتكبها عندما كان يشغل منصب عمدة باريس، وهي هفوات لو قارناها بما يحدث في العالم العربي من قبل الحكام والمسؤولين تكاد تكون قانونية، ولا يجب أن يؤاخذ عليها سيما تلك التي تتهمه بأنه حابا بعض أقاربه ومعارفه ووافق على توظيفهم، ولم يقال انه نهب الخزينة او ارتكب قضايا فساد مالي وإداري مثل مايفعل أصغر موظف في الحكومات العربية فكيف بكبارهم.
ومع أن هذه القضية قديمة ولم تثر الا بعد أن أحيل الرئيس «جاك شيراك» على التقاعد، ربما لتأخر اكتشافها -وقد سبق ان تعرضنا لها في مقال سابق قبل عدة سنوات ونعيد التذكير بها عل العرب يستفيدون من تجارب الدول والشعوب المتحضرة- الا أن القانون في فرنسا لا يفرق بين كبير وصغير، لذلك فقد طلب النائب العام الفرنسي قبل عدةسنوات إحالة الرئيس «شيراك» الى التحقيق.. كما سبق وتم التحقيق مع رئيس وزرائه واتهم في قضايا فسادقد يعتبرها المسؤولون العرب عبارة عن مكآفات تقدم لهم لقاء عمل يقومون به سواء كان اضافياً أورسمياً.. لكن لأن المواطنين في الدول الغربية قد اعتادوا على العيش في ظل أجنحة العدالة التي ترفرف عليهم وتظللهم ، فلا يجوز لأيٍ كان من المسؤولين في بلدانهم أن يخالف القانون سواءً كان من طبقة النبلاء التي اشتهرت بها أوروبا في عصور سابقة، أو من طبقة ما يعرف في النظام الاشتراكي بالمسحوقين.. فالقانون هنا لا يفرق بين كبير وصغير وكل مخالف لابد أن يخضع للتحقيق والمحاكمة ويأخذ جزاءه إن كان مذنباً.
ألم نكن أحوج في العالم العربي والاسلامي خاصة هذه الأيام التي تمر فيها الأمة بوضع لا تحسدعليه لسلوك مثل هذا النهج وان نطبق العدالة عليه في حكمنا وعلى شعوبنا،ونكون قدوة للآخرين انطلاقاً من تعاليم الدين الاسلامي الحنيف «العدل أساس الحكم».. وكما جاء في قوله تعالى في كتابه الكريم: «وإذاحكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» وكماهو معروف ومجرب عبر التاريخ فإن الحكم المحصن بالعدل لا يمكن زواله أياً كانت العقيدة الدينية التي يعتنقها .. وقد مرت بالأمة الاسلامية فترات طبق فيها العدل والمساواة فكان المسلمون حينها سادة العالم.. ويكفي أن نورد مثالين لن يتحقق مثلهما أبداً في تاريخ البشرية.. المثال الاول حكم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم اجمعين بعد وفاة الرسول الاعظم محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- حيث كان الخليفة يخضع نفسه للمحاسبة ويحرص على المال العام ولا ينفقه الا في مصادره الصحيحة، التي تخدم الأمة وكان يحاسب أي عامل او قاض يخالف هذاالنهج العادل، وقصة والي مصر عمرو بن العاص معروفة حينما استدعاه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ليقتص القبطي من اعتداء ابنه عليه وقال قولته المشهورة «ما اعتدى عليك هذا الا بسلطان هذا».
وهناك مثال آخر سيظل يفخر به العرب والمسلمون الى يوم القيامة ويتمثل في فترة حكم الخليفة عمر بن عبدالعزيز التي لم تتجاوز سنتان وعدة أشهر ولكنه حقق خلالها عدلاً ومساواة بين الناس، جعلت الفقر يختفي تماماً، وحقق الأمن والاستقرار في امبراطورية مترامية الاطراف، واختفت في عهده الخلافات السياسية والمذهبية التي نشهدها اليوم حتى الخوارج خضعوا لحكمه وتوقفوا عن قتاله..وكان هو الذي وضع حداً لشتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرّم الله وجهه - من قبل حكام بني أمية في خطبة الجمعة على المنابر، ووضع بدلاً عن ذلك في آخرالخطبة الآية الكريمة «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» إلى آخر الآية.. وكانت الزكاة في عهده تكدس في المخازن لعدم وجود فقير يأخذها بل ان الذئب كان يرعى مع الغنم دون أن يعتدي عليها.. وكل ذلك تحقق للأمة في فترة قصيرة لأن هذا الحاكم العادل بدأ بمحاسبة نفسه ومحاسبة أهله وأودع كلما يملكونه بيت المال.. ويروى أنه خّير زوجته بين الذهب والمجوهرات التي تمتلكها وبينه، كونها ابنة خليفة وأخت خليفة وزوجة خليفة فأختارت عمر بن عبدالعزيز على متاع الدنيا.
فأين العرب والمسلمون اليوم الذين تفرقوا شيعاً وأحزاباً وأصبحوا يتصارعون على كرسي الحكم، من كل هذا التاريخ المشرق للأمة العربية والإسلامية فقد لفظوه وراء ظهورهم واستفاد من هذا التاريخ الاسلامي المشع الدول الغربية التي أصبحت تطبقه على شعوبها وخير مثال ما بدأنا به هذا المقال من أن فرنسا ارادت أن تحيل رئيسها السابق، الذي قدم لفرنسا الكثير والكثير الى التحقيق حول هفوة صغيرة ارتكبها عندما كان يشغل منصب عمدة باريس لأنهم يعتقدون أن القانون فوق الجميع بخلاف ما هو الحال عليه في البلدان العربية، حيث الحكام والمسؤولون فوق النظام والقانون بل وفوق الشعوب، يتحكمون في مصائرها كيفما يشاءون وإن كانت تستحق ذلك لأن الشعوب العربية ليست محسوبة على تلك الشعوب الحية القادرة على صنع التغيير وإخضاع حكامها للمحاسبة!!
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: نافذة على الأحداث:ياعرب.. العدل أساس الحكم Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً