***
ها أنت تأتي دون أن تلتف لأحد من كل أولئك الذين كنت حديث لياليهم ، و دون ان تجيب على صمتي الذي كان في استقبالك طوال الساعات الماضية داخل صالة التشريفات بمطار الفيس بوك الدولي الذي تهبط فيه مئات الأخلاق في الدقيقة الواحدة ، كما تقلع منه مئات الإشاعات و المكايدات .
***
ها أنت تأتي دون أن تتوقف أمامي و لو لدقيقة لتشرب حتى سيجارة معي ، وتفتح صرتك المليئة بالمجهول و المثقلة بالمزيد من الخيبات التي أعطاني الكثير منها ثلة من رفاقك السابقين .
***
ها أنت تأتي فقط لتسرق مني ما تبقى من أشياء ثمينة لا أستطيع أن أخبئها من قسوة الأعوام المارة عبر رئتي ، و لا تضع في يدي شيئا مما وعدتني به غير تلك الحقيقة التي يضعها كل رفاقك أمام عتبة القلب كل يوم .
***
ها أنت تأتي و تعبر كقطار متعجرف لا توقفه شفقة و لا تصده قسوة ، تعبر متجاهلا هتافات المرحبين و عبارات المهنئين و تلويحات المستقبلين ، و ثرثرات المفسبكين .
***.
ها أنت تأتي لتعبر كل هذا الذهول مستعجلا لا تتوقف لتأخذ معك الأباطرة و المستبدين ، لكنك تختطف البسمة من شفاه الحالمين ، و تسرق العمر من جرة البائسين لتلقي به ثم ، حيث لا يمكن استعادته .
***
ها أنت تأتي و تعبرني كشجرة تعبرها عاصفة و تتركها كسيرة في القيظ . لماذا لا تخبرني ما الذي سوف يحدث خلال عبورك المستعجل لكي أستطيع أن أقرر إما أن أرفع رأسي أم أنحني حتى تمر ؟
***
ها أنت تأتي مرتديا نفس الوجه الذي كان يرتديه الكثير من رفاقك ، لا أشاهد جديدا في ملامحك المريبة و لا في نظراتك الماكرة و لا في صوتك المرتبك .
***
ها أنت تأتي كما لو أن شيئا لم يأت ، دعني أتكلم بصراحة معك ، لا فرق بين ما تأتي به اليوم و بين ما أتى به رفاقك السابقين ، هاهو عبد ربه منصور هو نفسه عبد ربه منصور ، و الوزراء هم الوزراء ، و العسكر هم العسكر ، و الدمى هي الدمى ، و المقصيون هم المقصيون و المهمشون هم المهمشون ، و الأمن السياسي هو الامن السياسي و الأمن القومي هو الأمن القومي و السجون هي السجون و المخفيون هم المخفيون و المعتقلون هم المعتقلون ، و المرتزقة هم المرتزقة ، و المبررون هم المبررون و المطبلون هم المطبلون و قضية صعدة هي نفسها قضية صعدة و قضية الجنوب هي نفسها قضية الجنوب و التدخل السعودي هو نفسه التدخل السعودي و الاحتلال الأمريكي هو نفسه و إن اصبح مشروعا
***
ها أنت تأتي .. و حدهما الرئيسان أو الزعيمان أو قل الحاكمان علي صالح و علي محسن أصبحا يجلسان بمنأى عن الهاوية التي كانا ذاهبين اليها ، ها هما يقتسمان أحلامنا بالعلن ، الأول يقرفص محصنا بغباء ثورة اتقاها ، و الآخر يقرفص محسَّنا بثياب ثورة اشتراها . و البقية لا يزالون كما كانوا إما حاشية للزعيم المحصَّن ، أو حاشية للزعيم المحسَّن .
***
ها أنت تأت و تعبر .. فهل ستعبرنا تلك اللحظة التي تتعلق بذيل السنين ، و تلوح ساخرة " الزمان لا يأتي بأحسن "؟!