وبحسب مختصين بالقانون الدولي الخاص بالمنظمات الإقليمية فإن اعتراف بعض أعضاء الجامعة بائتلاف حمد القطري ممثلا لما يسمى المعارضة السورية وإشراكه في جلسات مجلسها الوزاري ولو لبضعة دقائق يعد خرقا فاضحا للأصول القانونية والدبلوماسية وانتهاكا خطيرا لقانون الجامعة.. كونه يكرس الانقسام ويتجاهل أغلبية الشعب السوري الذي لا تمثله معارضة الخارج التي ركبت هياكلها في عواصم الغرب الاستعماري حتى تشكل مطية له لاستهداف سورية وشن العدوان عليها.
ويقدم تسلسل الأحداث المرتبطة بتشكيل "ائتلاف حمد" في الدوحة أمس دليلا ماديا ملموسا على هوية الائتلاف إذ انه وحتى مطلع الشهر الجاري لم يكن أحد يفكر بإنشائه إلا أن تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون التي أطلقت عبرها رصاصة الرحمة على "مجلس اسطنبول" وأعلنت نهاية دوره بالقول "إنه لم يعد يمثل المعارضة السورية" شكلت إشارة البدء لعملاء واشنطن ومرتزقتها لفبركة كيان جديد.. لا فرق إن سمي ائتلافا او تجمعا أو أي شيء آخر وتسارعت الأحداث خلال أيام لتلتقي وفود التآمر وتغادر اسطنبول وباريس ولندن وواشنطن وتلتقي في الدوحة لتعلن تشكيل الائتلاف الجديد نزولا عند رغبة السيد الأمريكي الذي بيده أن ينفخ فيه الحياة وبيده ان يميته كما سابقه.
وحسب متابعين للشأن الدبلوماسي فإن الدور المشبوه لبعض أعضاء الجامعة العربية في كل ما تشهده سورية من أحداث يجعل الجامعة كمؤسسة عربية في خانة الاتهام بهويتها فهل هي جامعة الدول أم جامعة المعارضات والمشيخات وكيف يمكنها أن تعترف بمن يدعون تمثيل المعارضة وتنسى في الوقت نفسه أن مهمتها الاعتراف بمن يمثل الشعب كل الشعب معتبرين أن المشكلة في النفط فإذا كان دخانه قادرا على حجب البصر فإن أمواله تحجب البصيرة فتجعل من "جامعة الدول العربية" جامعة المعارضات الخارجية والمشيخات النفطية.
ولأن قدر العرب أن يجدوا دائما من يحفظ تاريخهم فإن محاولات "حمد القطري" استغلال غياب سورية لتمرير صيغ خطيرة واجهها العراق وإلى جانبه الجزائر اللذان لجما الشيوخ ووضعا لهم حدا إذ أن متزعم التآمر على سورية /حمد/ ظن ان بامكانه افساح مقعد سورية لدعاة التدخل الخارجي واجلاسهم تحت العلم السوري ليطلبوا تدخل الناتو في سورية كما فعل قبلهم نظراؤهم الليبيون إلا أن وجود دول تعرف معنى السيادة وقدمت الشهداء للحفاظ عليها كالعراق والجزائر أحبط هذه المحاولة.
وبالعودة إلى نص بيان الجامعة الذي تلاه الشيخ القطري فالقول إن "ائتلاف حمد" يمثل المعارضة السورية هو بحد ذاته دعوة للانقسام ومواصلة العنف ورخصة لقتل جميع المعارضين الذين لا ينضوون تحته إذ أن معارضة الداخل الوطنية الرافضة للتدخل الخارجي أصدرت بيانات قبل /مؤتمر الدوحة/ أكدت فيها أن المؤتمر لا يمثل المعارضة السورية ولم يجر الترتيب له بشكل مستقل ولا يعبر عن إرادة السوريين المستقلة ولذلك رفضت المشاركة فيه فكيف يدعي الدعاة أن ما صدر عنه يمثل المعارضة السورية.
وبدت دعوات الشيخ القطري المجتمع الدولي للاعتراف بالائتلاف فارغة من المضمون فهو ذاته تراجع عن اعترافه بشكل جزئي عندما وافقت مشيخته على ما سمي اعتراف /مجلس التعاون الخليجي/ بالائتلاف ممثلا للشعب السوري ليأتي بعد ساعات قليلة هو ووزراء خارجية النفط جميعا ويقولوا أنه يمثل المعارضة فقط وغدا سنسمعهم يقولون إنه يمثل نفسه ليأتوا بعد غد ويعترفوا بأنه لا يمثل سوى مطامع أمريكا والغرب.
وكالعادة فإن القشور لا تغني عن المطلوب فعلا فكل هذه الضجة حول الائتلاف لم تكف وكان المطلوب فعلا العودة إلى المربع الأول وتحديد المطلوب أمريكيا وغربيا إذ انه لا يعني واشنطن أن تتحد المعارضة أو تنقسم وكونها شرعية أم لا وكل ما يعنيها أن توجه هذه المعارضة الدعوة إلى التدخل الخارجي وهذا بيت القصيد في بيان "حمد القطري" إذ انه وجه الدعوة إلى مجلس الأمن لإصدار قرار بالوقف الفورى لإطلاق النار بموجب "الفصل السابع" وهنا مربط الفرس اذ ان هذا الفصل الذي جعلته روسيا والصين حبرا على ورق لا يغني ولا يثمن عن جوع هو المطلوب تنفيذه في سورية بعيدا عما يريده السوريون من إصلاح وديمقراطية واستقرار وأمن فالهدف تدمير سورية بشرعية دولية.
وتبقى للهياكل التآمرية حاجتها لدى عواصم الغرب الاستعماري اذ ان باريس الممتعضة من تمسك السوريين بسيادتهم وهي الدولة التي رسمت حدود سايكس بيكو لإلغاء السيادات الوطنية أعلنت على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس انه سيلتقي في القاهرة مسؤولي "ائتلاف حمد" ملمحا إلى إمكانية اعتراف فرنسا بهذا الائتلاف خلال اجتماع بهم.
وذكر فابيوس السوريين دون قصد منه بتاريخ فرنسا عندما رد على سؤال حوال ما إذا كان بالإمكان أن تعلن فرنسا الاعتراف بـ"الائتلاف" بالقول "في كل تاريخها كانت فرنسا تعمد دائما إلى المبادرة "رغم عدم معرفتها بمصير "ائتلاف حمد" وخاصة أن واشنطن قد تغير أمر العمليات في أي لحظة ولذلك ما ألمح اليه فابيوس من اعتراف نفاه وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان بالقول "من السابق لآوانه الاعتراف بالائتلاف الذي تشكل حديثا".
وعبر لو دريان عن كنه السياسة الفرنسية تجاه المعارضة فهي لا يعنيها من يسمي نفسه معارضا بل تتجه نحو من يحمل السلاح من الإرهابيين الذين تعول عليهم لتدمير الدولة السورية بقوله "ندعو إلى بذل مزيد من الجهد لتوحيد الفصائل المسلحة في سورية".
وبين حمد المشيخة وفابيوس ولو دريان وعلى وقع التهديدات الفارغة والتهويلات النفسية التي صدرت من لندن بخصوص تدخل عسكري في سورية يبقى الفيصل في تحديد مستقبل سورية هو الشعب السوري وجيشه العربي الباسل وعلى كل من يخطط لاستهداف سورية أن يضع بحسابه أن عليه تجاوز حاجز الشعب السوري وجيشه اللذين يقفان صفا واحدا لحماية سورية وصون حرمة أراضيها وحفظ تاريخها وحضارتها للاجيال القادمة.
تقرير-سانا"
هيثم حسن