وبعد محاولات عديدة فاشلة للتكتم والتغطية على الدور الذي يلعبه هؤلاء الارهابيون في الأحداث التي تشهدها سورية عادت وسائل الاعلام الغربية لتكشف عن مشاركة هؤلاء الأجانب ولكن مع محاولة التقليل من اهميتها وانتشارها.
وفي هذا السياق أكدت صحيفة صنداي تايمز البريطانية من خلال تقرير نشرته أمس واعده ريتشارد كرباج أن نحو 50 بريطانيا تعود أصول غالبيتهم إلى جنوب آسيا أو شمال افريقيا انضموا إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية.
وأوضح كرباج أن من بين هؤلاء "الجهاديين"موظفا سابقا في بنك إتش إس بي سي وهو رجل من برمنغهام في اوائل الثلاثينيات ومن أصل باكستاني وقد سافر إلى سورية في وقت مبكر من العام الحالي إضافة إلى طبيب كان يعمل في الخدمة الصحية وكان من بين المجموعة التي اختطفت المصور البريطاني جون كانتلي في تموز الماضي.
وأشار كرباج إلى أن اخبار تجنيد هؤلاء البريطانيين جاءت بعد أن أعلنت الشبكات الارهابية مثل تنظيم القاعدة أنها تخوض في سورية حربا ضد الحكومة هناك لافتا إلى أن توجه هؤلاء البريطانيين إلى سورية أثار تحذيرات جون ايفانز المدير العام للاستخبارات الداخلية البريطانية إم آي 6 من أن بعض هؤلاء "الجهاديين" الذين يسافرون إلى الدول العربية للقتال هناك سيعودون إلى بريطانيا ويشكلون تهديدا لها.
وكشف كرباج أن سورية باتت الوجهة الأولى لأولئك الجهاديين القادمين من بريطانيا وغيرها لأهميتها بالنسبة إليهم من جهة ولسهولة الدخول إليها من تركيا ولبنان.
ونقل كرباج عن مالك العبدة الذي وصفه بانه ناشط اعلامي سوري معارض قوله إنه على علم بسفر 10 أشخاص تتراوح اعمارهم بين 20 و40 عاما إلى سورية ومعظمهم من أصل باكستاني والبعض من أصل جزائري وشيشاني مشيرا إلى أن "الجهاديين المدربين" الذين يدخلون سورية هم أولئك التابعون لشبكات إرهابية في العراق.
نيويورك تايمز: قرار تهريب السلاح إلى سورية تملكه واشنطن وتنفذه السعودية وقطر
في سياق متصل ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن "قرار تسليح الإرهاب تملكه واشنطن وتنفذه السعودية وقطر".. هذا ما كشفته الصحيفة حول خطط تسليح الإرهابيين في سورية فالولايات المتحدة هي من تتحكم بهذا السلاح بكمياته ونوعياته في حين تعطي الدور التنفيذي للنظامين السعودي والقطري اللذين ينفذان رغبة واشنطن دون زيادة أو نقصان.
الصحيفة ذكرت في مقال لها إن "السعودية وقطر تقدمان المال والأسلحة الخفيفة منذ أشهر للمسلحين في سورية لكنهما ترفضان تزويدهم بالأسلحة الثقيلة نزولا عند رغبة واشنطن" التي ترى أن الوقت لم يحن للزج بهذا النوع من السلاح خشية أن يقع في أيدي من تعترف بكونهم إرهابيين.
وهنا يتضح أن قرار إرسال السلاح للإرهابيين في سورية إن كان خفيفا أم ثقيلا جاء برغبة واشنطن لتحقيق مصلحتها فهي التي تحدد ما يجب أن يصل وما يجب أن يمنع حسب أجنداتها السرية ومخططاتها لتدمير المنطقة وزرع الفوضى وعدم الاستقرار فيها.
الصحيفة وثقت اعترافات مسؤولين سعوديين وقطريين بأن قرار تسليح المعارضين مرتبط بمشيئة واشنطن ومخاوفها لتؤكد أن السياسة الأمريكية تقوم على التعامل مع الضعفاء فقط ودعمهم فلا مصلحة لها أبدا بوجود قوى حقيقية في المنطقة تعطل مصالحها ولذلك فإنها تدعم من يتحالف معها ويطيع أوامرها كما هي الحال لدى أنظمة الخليج والتيارات الأصولية المتطرفة الطامحة للوصول إلى السلطة.
وقالت الصحيفة "في النتيجة فإن لدى المسلحين ما يكفي من الأسلحة فقط للحفاظ على الجمود في سورية ويضمن أن تبقى الحرب متواصلة مع تدفق المزيد من المسلحين الجهاديين الذين ينضمون إلى المعركة شهريا".
وهنا يرى مختصون بالشأن السياسي أن واشنطن تريد بقاء النار مشتعلة فقط لتعرقل أي جهد لإطفائها مذكرين بموقف الخارجية الأمريكية من خطة جنيف وكيف عملت على نسفها والتنصل من التزامها بها وذلك لأنها تقدم إطارا مقبولا للحل ينقذ سورية ويحافظ على القاعدة التنموية الواسعة لديها وفي نفس الوقت يحفظ للجيش العربي السوري دوره في معادلات المنطقة الجيواستراتيجية.
ونقلت الصحيفة عن وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية قوله" إن تزويد المسلحين بالأسلحة الثقيلة ينبغي أن يحصل لكن أولاً نحن بحاجة لدعم من الولايات المتحدة" في حين قال مسؤولون سعوديون "إن الولايات المتحدة تحذرهم من مخاطر تزويد المعارضة بالأسلحة الثقيلة" موضحة أن الطرفين يأملان في إقناع واشنطن بإمكانية التغلب على هذه المخاطر الأمر الذي يتضمن إشارة صريحة بإمكانية أن تقبل واشنطن بتسليح الإرهابيين عبر وساطة سعودية قطرية.
وتحدثت الصحيفة عن دلائل تشير إلى ازدياد عدد الإرهابيين الذين يعبرون بشكل غير قانوني إلى سورية من السعودية ومن البلدان الأخرى إلى جانب الجهود لجمع الأموال خاصة في منطقة الخليج للمساعدة في حصول المسلحين على الأسلحة الثقيلة.
ولم تشأ الصحيفة إنهاء مقالها دون التعريج على دور الإعلام النفطي في الأزمة السورية واصفة هذا الإعلام وخاصة السعودي والقطري بأنه "يلعب بوتر الطائفية ويحرض على العنف" كما حملت النظامين السعودي والقطري المسؤولية عن تصاعد وتيرة العنف في سورية لما تقومان به من تزويد المسلحين بالأسلحة إضافة إلى التحريض الإعلامي عبر قناتي الجزيرة والعربية اللتين تشكلان بوقين للمسلحين ونشر الأحقاد حسب وصف الصحيفة .
إن هذه الوثيقة الأمريكية حسب معنيين بالشأن الدبلوماسي تقدم دليلا على اعتراف واشنطن بوجود الإرهابيين في سورية من جهة وموافقتها على تسليحهم من جهة أخرى كما تفند ادعاءات السعودية وقطر وغيرهما من الأنظمة العربية والإقليمية بالحرص على الشعب السوري لأن التجربة التاريخية لدى شعوب المنطقة تؤكد أن من يستجب لشروط واشنطن لا يمكن أن تهمه مصلحة الشعوب فكيف إذا كانت مصلحة الشعب السوري الذي يعارض السياسات الأمريكية في المنطقة ويقف ضدها ويقاوم ضغوطها وإغراءاتها على السواء.
كاتب مصري: الأخوان المسلمون يحملون السلاح في سورية تحت المظلة الامريكية
من جهته قال الدكتور ابراهيم نصرالدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن تنظيم الأخوان المسلمين هو من يحمل السلاح في سورية تحت المظلة الأمريكية عن طريق وكلاء واشنطن في دول الخليج وتركيا وهذا يوضح الموقف المصري الداعم للمسلحين في سورية.
وأكد نصرالدين في حديث لصحيفة الدستور المصرية أن الحالة السورية لا تشبه غيرها من الحالات في البلدان العربية الأخرى لأن المعارضة حملت السلاح في وجه حكومتها المركزية ما يجعل الأحداث التي تمر في سورية الآن تدخل ضمن أعمال العنف والإرهاب وليست ضمن الثورات المدنية السلمية.
واستبعد نصرالدين دخول تركيا في حرب مع سورية واعتبرها شبه مستحيلة لأنها ستدخل المنطقة في أتون حرب إقليمية تؤدي إلى تفكك دولها بما في ذلك تركيا وخاصة في ظل وجود معارضة وطنية كارهة لوجود حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ورأى أن دعم الناتو لتركيا في مواجهتها مع سورية لا يعني أن ذلك يمنحها الجرأة على التهور والانجرار إلى حرب مباشرة مع سورية لافتا إلى أن حكومة اردوغان بدأت تتراجع عن تصريحاتها النارية نظرا لأنها أخذت تشعر أن البساط ينسحب من تحت أقدامها بسبب الأزمات الاقتصادية المتكررة التي تواجهها في الفترة الأخيرة.