ذاك التّخبّط الذي وصل ذروتهُ فلم يجد بُدّاً من الاستنجاد بأموال الحجّاج وزكواتهم التي سرعان ما حُوّلت إلى صناديق دعمٍ لمرتزقةِ الثورة السورية وعصابات الوهّابية التي تسقط تباعاً تحت أحذيةِ الجيش العربي السوري في دمشق وحلب وحمص الدّير وغيرها من المحافظات السورية ، مع تعتيمٍ وحجبٍ لما تشهدهُ المنطقة الشرقية في المملكة " الإحساء والقطيف" من مجازر وهّابية تقوم بها الأجهزة الأمنية السعودية بحق الشعب السعودي هناك ، تزامناً مع انعقاد حظيرتهم التي سنشاهد قريباً نحنُ وغيرنا أبطالها في أحدِ أضخم الأفلام الهوليودية البائسة في تاريخ سينما الغباء الصهيو غربي من جهة ، وسذاجة فرسان الكوبوي العربي الخليجي وبربريتهم وبدائيتهم في امتطاءٍ هو الأول من نوعهِ أمتطاء الثيران الوهّابيّة العثمانية من جهةٍ أخرى، من خلال بناءِ وصناعة مجسّمات للعديد من المدن السورية وبدقةٍ وتقنياتٍ عالية يظهر من خلالها السقوط الافتراضي للنظام السوري ، والنصر الوهمي لما يُسمّى الجيش السوري الحر الذي أثبت وبعد سنةٍ ونصفٍ من ثورتهِ الفارغة أنّهُ لا يجيدُ حتى امتطاء السلاحف فضلاً عن الثيران الجائعة .
إذاً بعد عامٍ ونصف من ربيعِ الرّمال العربية، وبالرّغم من الخيبات المتلاحقة التي أصابت فرسانهُ ، وبالرّغم من الخسائر المالية الفاحشة التي ذهبت أدراج الرّياح، وبالرّغم من الفشل الذريع الذي مُنّيت بهِ عصابات آل خرافة ومرتزقة آل النحس في تحقيقِ أي مكسبٍ على الأرض السورية ، وبالرّغم من الحشد الإعلامي البربغاندي لهذا الربيع المقفر، بالرّغمِ من ذلك كلّه لم تُثمر أيّة شجرة من أشجارهِ ، ولم يُفلح أيّ ثورٍ من ثيرانهِ في الاستمتاع برحلتهِ وسط حقول القمح السورية التي عاهدت الشمس أن تظل شامخةً بسنابلها المليئة، والتي تحوّلت بصلابةِ مزارعيها السوريين إلى حنظلٍ وعوسجٍ في حلوقِ سائسي الدوحة والرّياض وأسيادهم في حقول الذرة الأمريكية، وعليهِ يقولُ فرسان الحظيرة إلى أين نسير؟ وما هو البديل ؟ وبسرعةِ الثور الهائج ينفجرُ الجواب على لسان سائسهم ، ويظهر الحل الذي سيقيم الدنيا ويقعدها إذا ما تحقق أو كُتِبَ له النجاح، ومفاد هذا الابتكار العجيب أن الحظيرة بكلّ مكوناتها مستعدة لضمان خروج الرئيس السوري بشّار الأسد وعائلتهُ من سوريا خروجاً آمناً، ومن ثم تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع الأطياف السورية بما فيها المعارضة المسلحة، حلاً صفّقَ لهُ الكبير والصغير في بلدان الربيع العربي، وخاصةً السلاطين الجدد في الأستانة، نعم حلٌ عرضهُ السموات والأرض لا زال يرزحُ تحتَ كلماته حمد بن جاسم وزبانيتهُ لدرجة أنه لا يريد الاستيقاظ منه ولا يريد لأحدٍ أن يشاركهُ لذّته تلك حتى الشعب السوري ممنوعٌ عليه ذلك ، لماذا ؟ لأنهُ وحسب أوهام سائس الحظيرة لم يسبقهُ إليه أحدٌ، بل أين منهُ " أنشتاين ونسبيتهُ ، وأين منهُ نيوتن وجاذبيتهُ " والأهم من ذلك كلّهُ هو أين منه " أيزنهاور ومشروعه"؟
بناءً على هذا الحلم الخرافي بامتياز، وبناءً على ما تشهدهُ الساحة السورية من انهزام يكاد يكون شبه مطلق لثيران الجيش الحر، ومرتزقة الدوحة والرياض أمام ضربات الجيش العربي السوري الباسل، الذي أرعبَ وأدهش رعاة الإبل وصقور البيت الأبيض بوحدتهِ وعقيدتهِ ، وبضرباتهِ الموجعة التي زلزلت عروش النفط ، ومزّقت أحلام الإمارات الوهّابية التي حاولوا صناعتها على الأرض السورية ، وبعد سقوط رهانهم الكبير في زعزعة أعمدة النظام السوري وخاصةً بعد التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة بعض القادة الكبار في الجيش العربي السوري ، بناءً على ذلك كلّه ألا يحقّ لنا التساؤل ما السّرّ في ظهور بعضِ اليافطات الجديدة ومن الحظيرة الخليجية ذاتها ؟ وما هو القصد من التركيز على الأسلحة الكيماوية السورية فجأةً ؟ وما هو الهدف من الإمساك بورقة التصنيع النووي ومركز بحوث دير الزور بعد مضي سنوات على استهدافهِ من قبل سلاح الجو الإسرائيلي؟ وماذا يريدون من إخراج ملف اغتيال الحريري من أرشيف المحكمة الدولية ووضعهِ على طاولة الأزمة السورية واستنجادهم بالشاهد الهدية " هسام هسام "؟ الذي حولوه إلى تيسٍ حلوبٍ لا يُضاهى مع الأخذ بعين الاعتبار تيسهم الحلوب الآخر أو ما أسموهُ سابقاً "بالشّاهد الملك" محمد زهير الصّديق ناهياكَ عن العشرات من فرسان هيكل المعارضة السوريّة البائسة والمتشردة بين اسطنبول وباريس وخيام الجزيرة العربية، ألا يجدرُ بنا أن نتساءل مالسبب الكامن وراء طرحهم تغيير مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان واستبدالها بطرح المخرج الآمن للرئيس السوري وتشكيل حكومة انتقالية تكون مرتزقتهم وعصاباتهم أحد مكوناتها ؟ أسئلة ستكون الأيام القليلة القادمة كفيلةً بالإجابة عنها ولو بشكلٍ نسبي .
بالمقابل هناكَ العديد من المحللين والمراقبين لتطورات الأزمة السورية يرون أنّ النصرَ بات قاب قوسين أو أدنى للنظام السوري وأن الجيش العربي السوري ومن خلفهِ الشعب السوري لن يتوانى عن إكمالِ مهمتهِ وهدفه في ملاحقةِ فلول هذه العصابات، واستئصال خلاياها النّائمة التي لم يعد أمامها سوى خيارين لا ثالث لهما إمّا الإستسلام والتسليم وإمّا الموت برصاص الجيش العربي السوري، وبالتالي وكما يرى هؤلاء المراقبون والمحللون فإنّ هذهِ اليافطات والطروحات التي يطرحها حكّام الرّياض والدوحة بأمرٍ صهيو أمريكي ليست سوى مجموعةٍ من أوراق تفاوضٍ عفا عليها الزمن، ورمت بها الرياحُ في مكانٍ سحيقٍ، وليست سوى نوعٍ من المناوراتٍ اليائسة، والتمثيليات الهولويودية لإكسابهم المزيد من الوقت من جهة، وللضغط بقوةٍ أكثر على القيادة في سوريا التي قلبت السحر على الساحر ووجهت الكرة مرةً أخرى إلى الملعب الآخر " الصهيو أمريكي وزبانيتهُ من أعراب الخليج وكلاب اسطنبول " من جهةٍ أخرى، وهذا ما تناولتهُ الفضائيات والصحف الصهيونية منذ أيّامٍ قليلة حيث أوردت العديد من التصريحات لسياسيين صهاينة وأهمها ما أوردتهُ القناة العاشرة الإسرائيلية على لسان أحد ضيوفها حيث قال " إذا لم يسقط الرئيس الأسد بالرغم من كلّ ما حدث فلا شكّ أنهُ سيسقطنا واحداً تلو الآخر" . إذاً هناك اعترافٌ أسرئيلي ضمني بانتصار الرئيس الأسد وتمكّنه من هزيمةِ أعدائه سواء عربياً أو دولياً رغم الدمار والمجازر التي ارتكبتها عصابات الإرهاب ومرتزقة الاستخبارات العربية والأجنبية بحق الشعب السوري، وبحقّ عناصر الجيش العربي السوري، هذا لأحد السياسيين الصهاينة في حين أن أعراب النفط والقير، وسلاطين بني عثمان لا زالوا يصرّون على عدم الرؤية إلا بعينٍ واحدة، عين أعورهم الدّجال ، معتقدين في الوقتِ نفسهِ أن تمويلهم ودعمهم لشذّاذ آفاقهم وقطّاع طرقهم، ومرتزقةِ قبائلهم الوهابية سيحقق لهم الحلم الشيطاني المتمثّل بإسقاط سوريا الدولة، وسحق ما يُسمى بالمقاومة التي تشكّل سوريا عمودها الفقري، وتفكيك الجيش العربي السوري وتحويلهِ إلى جيشٍ انكشاري لا يقوى على المواجهة والمقاومة، وبالتالي يقع العقل الخليجي وللمرة الألف في فخّ أوهام الخلافة والسلفية الوهّابية، أوهام الدولارات والشيكات التي تمدّهُ بأحلامٍ منقطعة النظير لا سبيل لتحقيقها وترجمتها على أرض الواقع إلاّ من خلال إقامة إمارات وهّابية افتراضية على الأرض السورية ، وانقلاب عسكري افتراضي على القيادة السورية وهذهِ المرة من خلال الغرفة السوداء للاستخبارات الأمريكية " هوليود" حيثُ الأكشن والإثارة التي يسكر عربان الرمل بمشاهدتها، ويصنعون أنظمة هجينة من خلالها، وربّما سنشاهد قريباً فيلماً هوليودياً لا أروع ولا أجمل يكون بطلهُ " حمد بن جاسم وسعود الفيصل ونبيل العبري" على شاكلة " سيّد الخواتم " حيث الجحافل الجائعة يتقدمها فرسان طواحين الهواء أمثال " الغليون، والمالح، والسيدا والقضماني وآخرون " وحصرياً على قنوات سورية بديلة بعد اختطاف تردداتها وإيهام الشعب السوري بصدقِ ما تبثّهُ عبر شاشاتها الصفراء .
أمّا في سوريا فلا زالت " ميسلون، والقدموس، والمسيفرة، وتشرين " في الذّاكرة الشعبية، ولا زال " يوسف العظمة، وصالح العلي، وسلطان باشا، وابراهيم هنانو، وحافظ الأسد " في ضمير كلّ مواطن سوري شريف ، وستبقى دمشق الأسد قلعة العروبة الصامدة ، وقلبها النّابض، الذي يضخّ عبر شرايين شعبه وجيشهِ دم الحرية والكرامة والسيادة لكلّ أحرار العالم، ولن ترهب سوريا حفنةٌ من العربان الحاقدة والجائعة ، ومحالٌ أن تتحول الرّمال إلى قلاعٍ، ومحالٌ أن يتحول الرّعاة والطلقاء إلى أسياد ... هذا هو منطق الحياة ، وهذه هي سنّة التكوين، والتاريخُ يكتبهُ أسيادهُ وأبطالهُ هكذا يقول التاريخ وهكذا تقول سوريا ... لا ما يحلم بهِ عربان النّفط، ويهرطق بهِ حمير اسطنبول .
البعث- ميديا