728x90 AdSpace

29 يوليو 2012

الرئيس الأسد 2012 و ناصر 56..

بقلم : غالب قنديل
السبئي نت :لم يسبق أن احتشدت الوقائع التي تشير إلى شن حرب عالمية على بلد بمفرده كما هي الحال في الشأن السوري الذي تحول إلى محور استقطاب عالمي على مدار الساعة تصدر بشأنه البيانات والتصريحات والتهديدات والمواقف.

أولا: باتت الأزمة السورية في وجهها الرئيسي ، تتخذ شكل الصراع بين سورية كبلد ، كدولة وكوطن وكشعب وجيش من جهة والحلف الاستعماري الغربي الصهيوني الذي تقوده الولايات المتحدة من جهة أخرى ، ولذلك فالقضية اليوم ، هي قضية استقلال سورية وسيادتها وكرامتها في مجابهة مشاريع الهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية وعندما تصبح الأمور هكذا فان الشعب السوري بغالبيته الساحقة يتمسك باستقلاله ويقاوم لحماية دولته.
المعارضات في الخارج وفي الداخل رفضت الحوار وعطلته وطمست الإصلاح وتخلت عنه كشعار بينما الدولة السورية هي التي تطرح الإصلاح وتعمل عليه وما تزال متمسكة بالحوار حتى النهاية.
إذا القضية اليوم هي قضية استقلال ومقاومة للعدوان الأجنبي التي تقوده أميركا من الأراضي التركية واللبنانية بتمويل قطري سعودي وبحشد لجماعات إرهابية من كل أنحاء العالم فقد بلغ المقاتلون الأجانب على الأرض السورية الآلاف وظهرت جثث قتلاهم على شاشة التلفزيون الوطني بعد العمليات التي قادها الجيش لتطهير أحياء العاصمة منهم والمفارقة مثلا أن المعارك في حي الميدان جرت بين الجيش ومجموعات إرهابية ليس فيها شخص واحد من أبناء الحي وحسب المعلومات كانت غالبية المسلحين من غير السوريين والباقي جمعوا واستقدموا من أرياف حمص و إدلب حيث تقدمت عمليات الجيش ضد معاقل العصابات المسلحة.
ثانيا: الحقائق بات معروفة عند المواطن السوري العادي وحسب المعلومات والتقارير الصحافية فإن أسوء التقديرات تشير إلى أن الرأي العام السوري موزع على ثلاثة كتل  رئيسية : الكتلة التي تعادل ما يزيد على الخمسين بالمئة من السوريين تدعم الدولة الوطنية والجيش وتثق بالرئيس بشار الأسد وبالمسار الإصلاحي وترفض الإرهاب والتدخل الأجنبي بأي شكل كان.
أما الكتلة الثانية والمقدرة بحوالي 35 % من السوريين فهي راغبة بالإصلاحات وتحتفظ بانتقادات كثيرة لأداء الدولة و مؤسساتها في الشأن الداخلي وخصوصا لجهة مظاهر الفساد التي كان الرئيس الأسد خلال السنوات الماضية أكثر من تصدى لها وهذه الكتلة تدعم وبقوة السياسة التحررية للرئيس لأسد في الشأنين الوطني والقومي وتتبنى خيار المقاومة بل وتعتبر أن نهج سورية هو مصدر اعتزاز وفخر لجميع السوريين.
الكتلتان الأولى والثانية في نظر الخبراء تستعجلان الحسم العسكري واختصار المعاناة لاستعادة الاستقرار في البلاد التي روعتها المجازر والاعتداءات الإرهابية والاضطرابات الأمنية المتنقلة.
أما الكتلة الثالثة والتي تقدر بحوالي 15 % من الرأي العام فهي موزعة على كسور المعارضات والأقوى من بينها هما الأخوان المسلمون والتكفيريون وبعض الواجهات اليسارية الصغيرة التي بالكاد يمكن إحصاء مناصريها.
ثالثا: إن الدولة الوطنية السورية تحظى بمساندة غالبية ساحقة من السوريين واضحة و كبيرة  وكلما بدا الصراع الجاري تعبيرا عن مقاومة وطنية ضد العدوان الأجنبي كلما اشتدت تلك الغالبية تماسكا وارتفع منسوب دعمها وحماسها لاستعجال إنهاء الأمور لصالح الدولة الوطنية.
تتجه الأنظار وبقوة إلى معركة حلب وتتلاحق التهديدات بالتدخل الخارجي لكن الأكيد أن المعادلات الداخلية والخارجية ترجح انتصار الدولة السورية على التمرد والإرهاب وتصفية المعاقل التي تتواجد فيها العصابات في مختلف أنحاء سورية.
لا يمكن لتجمعات مكونة بصورة رئيسية من مرتزقة و تكفيريين و لصوص و تدعمها حكومات استعمارية و رجعية أن تهزم الدولة الوطنية السورية التي تعبر عن تمسك السوريين بالاستقلال الوطني وبخيار المقاومة وهي تلبي مطالبة شعبية ملحة بالحزم في إنهاء التمرد والإرهاب فهناك نسبة لا يستهان بها من المواطنين السوريين كانت تعتبر أن القيادة تأخرت في أخذ القرار على الرغم من إظهار الوقائع لحرص قيادي كبير على إعطاء الفرص للمتورطين في حمل السلاح للتراجع والاستفادة من فرص العفو المتلاحقة قبل الذهاب إلى عمليات عسكرية شاملة وقاسية كالتي شهدتها مدينة دمشق وتشهدها مدينة حلب.
القيادة السورية استنفذت إعطاء جميع المهل والفرص للحلول الأقل كلفة وهي لجأت إلى الخيار المر والمكلف مضطرة وليس من بين السوريين الراغبين في استعادة الاستقرار من يوجه اللوم إلى الدولة على ما تقوم به لإنقاذ البلد رغم الكلفة الكبيرة التي لا بد منها.
رابعا: أظهرت الوقائع صلابة الجيش السوري ومتانته وولاءه للرئيس بشار الأسد وللدولة الوطنية عموما كما أظهرت التعيينات القيادية الأخيرة بما لا يقبل الجدل إسقاط الأسد لكل الأوهام التي أشيعت في الغرب حول تماسك المؤسسات القيادية وقدرتها على الحركة والفعل الهجومي ومن الواضح تماما أن كل ما يحكى عن انشقاقات هنا أو هناك لا يغير شيئا في معادلات القوة بل إن ذلك ينظر إليه على انه تساقط لحلقات ضعيفة كانت عبئا على الدولة الوطنية وخيارها المقاوم.
فقد نجحت سورية في احتواء الضغوط الاقتصادية والعقوبات بفضل شراكتها مع حلفائها الكبار إيران وروسيا والصين والهند وبقية دول البريكس ولأنها أصلا دولة غير مديونة تعتمد على قدراتها الذاتية وعلى إنتاجها الوطني وهي تميزت باكتفاء ذاتي طيلة العقود الأخيرة.
الواضح والمؤكد أن الفترة الراهنة من المقاومة السورية للعدوان الأجنبي قاسية وصعبة ولكن الأكيد أيضا هو أن سورية تصنع مخاض انتصارها و هي متفوقة أخلاقيا في معركتها ضد الإرهاب و العدوان الأجنبي و دولتها الوطنية تلبي الإرادة الشعبية مما سيكتب لها النصر في الحصيلة ، بينما الإدارة الأميركية تسعى لتأجيل اعترافها بالهزيمة وكسب الوقت لأن لحظة الإقرار الدولي بانتصار سورية ستكون لحظة انهيار شامل لمنظومة الهيمنة وأدواتها في تركيا والخليج وهو أمر يثير الذعر الإسرائيلي من الآن فمعمودية المقاومة في سورية ستنتج حالة عربية جديدة وستجعل من الرئيس بشار الأسد رمزا لحركة التحرر بخروجه فائزا من ملحمة محفوفة بالمخاطر ومشحونة بالمؤامرات وقد رمت فيها بكل ثقل جميع الدوائر الاستعمارية في العالم فبشار الأسد 2012 يشبه إلى حد بعيد في التاريخ العربي عبد الناصر 56 ومعلوم أن الموج الوطني التحرري قد اجتاح البلاد العربية بعد الانتصار الناصري ضد العدوان الثلاثي والقياس على ذلك أكثر من صحيح في الحالة السورية اليوم. 
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: الرئيس الأسد 2012 و ناصر 56.. Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً