728x90 AdSpace

15 أكتوبر 2020

احرقوها مع الحريق


بقلم الدكتور حسام الدين خلاصي

التهمت نيران الغدر أرواح أشجار وشجيرات شهدت تعب وعرق وكفاح جبالنا الشماء في مواجهة الإستعمار والإرهاب.

التهمت نيران الإرهاب أرزاق الناس ولقمتهم اليومية و فحمت لقمتنا وحولتها لرماد.

وبعد هذا المصاب المؤلم والموجع استفقنا على مساحات تحولت خلال ساعات إلى أرض سوداء بعد أن مضت مئات السنين لتتشكل هذه المحميات الطبيعية وعشرات السنين لتتشكل هذه البساتين لتقدم اللقمة للناس في كل سورية.

نعم أدركنا أن الإرهاب فعل فعلته القذرة واستكمل تحركه ضد جزء آخر من تراب وشريحة جديدة من الشعب السوري ولقد فاقم هذا الفعل الإرهابي عناصر عدة :

1.المناخ الذي اتسم باشتداد الرياح الساخنة كالعادة في هذا الوقت من السنة.

2. تراكم الإهمال والهدر في إدارة هذه الموارد الطبيعية عبر سنين وسنين طويلة من نقص في أجهزة الإطفاء و انعدام وجود قدرة تدريبية مسبقة لدى الأفراد والآليات لمثل هذا النوع من الكوارث.

3. حالة الفقر والغلاء الفاحش في ريف ساحلنا والتي تحول دون استخدام المزارع لطرائق مكافحة الأعشاب الكيميائية والميكانيكية والتي شكلت المادة الأولية لإنتشار النار بسهولة.

4. دور الإرهاب في القضاء والتخريب للمعدات مثل سيارات الدفاع المدني والإسعاف والإطفاء في كل المحافظات.

وبعد

لقد وصلنا لما وصلنا إليه وخلصنا لبعض النتائج:

● أجهزة الحكومة كلها بدون استثناء بدون الطاقة الشعبية المتمثلة بالمجتمع المدني الوطني لن تقوى على إصلاح شيء ولن تستطيع فرض شيء أو التصدي لشيء وعليها أن تستسلم لهذه الفكرة بأسرع مايمكن لأن سنين الحرب السابقة لم توصلها لهذه القناعة بدلالة كل الأزمات والكوارث الفرعية الناجمة عن الإرهاب أو الحصار لم تكن الحلول ناجعة ولا مفيدة بل معقدة وشائكة ومتعبة لذلك آن الأوان بعد كارثة الحريق الإرهابي أن تصحو الحكومة وتتخلص من تمركزها في القرار وتمترسها وراء فكرة أنها الوحيدة على حق ولتبحث عن الشراكة الحقيقية مع كل أشكال المجتمع المدني ولتقدم له الدعم ليدعمها لاحقا في استراتيجيتها العامة.

● على الحكومة أن تراعي خصوصيات المناطق زراعيا وصناعيا وتجاريا ففي العلاقات العامة وتنفيذ القوانين مايصح لمجتمع محلي لايصح مع آخر و على الحكومة أن تتحلى بالصبر وتمد يد السخاء للشعب المنتج والصامد لكي تستمد منه أساليب التأقلم والاستمرار.

● هذا الحريق أفهمنا أن شجرة في جبال اللاذقية تؤمن الظل لمواطن في حلب أو دمشق و أن آلة تنتج في حلب تؤمن مستلزما لمواطن في قرية في أعالي جبال الساحل وأن اسطول الإطفاء في حلب إن تم الإعتناء فهو سيطفىء نار حريق شجرة في الرقة أو سنبلة قمح  في الحسكة ولذلك هنا على الحكومة أن تعي أن الدعم المتوازن هو المهم ويجب أن يكون شعارها الآن وأن يتوزع الاهتمام انطلاقا من المركز في دمشق العاصمة على كل أرجاء المدن والقرى أمر مطلوب فتخلف التعليم والخدمات مثلا في قرية في ريف إدلب أو دمشق سيجعلنا ندفع فاتورة باهظة في كل الوطن.

لذلك احرقوا مع هذا الحريق مفاهيم كثيرة لم تعد تجدي واستزرعوا بديلا عنها لمجتمعنا الفاضل :

■ احرقوا الهدر والفساد واستزرعوا الشفافية والأكانة الوطنية

■ احرقوا المحسوبيات وحب الذات واستزرعوا حب الوطن.

■ احرقوا المركزية والشمولية والغرور واستزرعوا التشاركية مع المجتمع المدني الوطني على أسس صحيحة وبسرعة.

■ احرقوا أي انتماء فرعي لايجدي نفعا واستزرعوا الإنتماء للوطن فقط فهو يتسع للجميع وملك للجميع.*

حمى الله سورية

  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: احرقوها مع الحريق Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً