728x90 AdSpace

26 أكتوبر 2013

القاعدة في اليمن.. نشاط مرعب للولايات المتحدة


السبئي نت- وليد عبدالواسع:اكتسب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وما سبقه من تنظيمات، القوة أثناء رئاسة علي عبد لله صالح التي دامت 33 عاماً، والذي كانت حكومته تكرس اهتماما أكبر لمحاربة المتمردين المعروفين بالحوثيين في الشمال، وسحق حركة انفصالية في الجنوب، واسترضاء المصالح القبلية، من اھتمامھا بمحاربة المتشددين الإسلاميين المسلحين.
 هكذا تحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير حديث عن القاعدة في اليمن البلد الذي يسكنه 25 مليون نسمة ويقع على الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية, وقد مثل اليمن أرضاً خصبة للمقاتلين الإسلاميين قبل تكوين القاعدة في شبه الجزيرة العربية عام 2009 بوقت طويل.
فالكثير من أراضي اليمن الوعرة يخرج عن سيطرة الحكومة المركزية. وباعتباره أحد أفقر بلدان الشرق الأوسط, فإن به أعداداً كبيرة ومتزايدة من الشباب العاطلين وكما أن موارده من النفط  مصدر الدخل الرئيسي للحكومة والماء آخذة في النضوب.
وقالت المنظمة أنه أثناء الفراغ الأمني الناجم عن انتفاضة 2011 في اليمن، أنشأ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية فرعاً محلياً له هو "أنصار الشريعة" احتل عدة بلدات في الجنوب, تنازل صالح عن الرئاسة في فبراير/شباط 2012 لنائبه منذ وقت طويل عبد ربه منصور هادي، الذي تعهد بقيادة البلاد إلى انتخابات عامة في 2014

أصول الحركات المسلحة في اليمن

في ثمانينيات القرن العشرين كان الكثير من الشباب اليمني يعتبر أن القتال في أفغانستان في صفوف المجاهدين المدعومين من الولايات المتحدة ضد قوات الاحتلال السوفييتي هو طقس من طقوس لعرض شامل لتاريخ القاعدة في اليمن، العبور. وفق هيومن رايتس ووتش
واستمر اليمنيون يتدربون في أفغانستان تحت حكم الطالبان خلال التسعينيات، برضا الحكومة اليمنية والقبائل والشيوخ النافذين على السواء, وكان أسامة بن لادن، الذي كان والده يمنياً، يرى في البلد قاعدة مثالية لعملياته.
 فقام المقاتلون الذين تدربوا مع بن لادن في أفغانستان بتكوين جماعة متشددة مسلحة تدعى "الجهاد الإسلامي في اليمن" سنة 1990 ، ثم أخلفها "الجيش الإسلامي في عدن وأبين" سنة 1994 ، و"القاعدة في اليمن" في 1998م
قام الرئيس صالح بدمج العديد من محاربي الحرب الأفغانية القدامى في قواته الأمنية، مستخدماً إياهم لمحاربة المتمردين الحوثيين في الشمال علاوة على الانفصاليين في الجنوب, وبدأت زيجة المصلحة هذه تنهار في أكتوبر/تشرين الأول 2000
حين قامت "القاعدة في اليمن" بمهاجمة مدمرة البحرية الأمريكية "كول" قبالة ساحل عدن، الميناء اليمني الجنوبي، فقتلت 17 بحاراً أمريكياً, وتحت ضغط الولايات المتحدة وحلفائها، تعهد صالح بكبح جماح الجماعة.
ورداً على هذا بدأ جيل جديد من المتشددين المسلحين اليمنيين ينظرون إلى السلطات اليمنية كهدف إضافي. وكان كثير من هؤلاء المتشددين قد شحذ قدراته القتالية في العراق، حيث انضموا للمعركة ضد قوات الغزو بقيادة الولايات المتحدة في 2003، دون تدخل يذكر من الحكومة اليمنية.
وتلاحم الجيل التالي بعد هروب 23 مشتبها في ارتباطهم بالقاعدة عام 2006 من سجن تابع لجهاز الأمن السياسي في العاصمة اليمنية صنعاء، بمعونة من الداخل على ما يبدو. في 2007 قامت القاعدة تم اعتقال كثير من اليمنيين المحبوسين في خليج غوانتانامو  أكبر كتلة من المحتجزين في السجن العسكري الأمريكي هناك.
 وتشير إلى أنه في أفغانستان أو باكستان, يصل عدد اليمنيين إلى نحو 90 من جملة محتجزي غوانتانامو البالغين 164 حتى توقيت كتابة هذا التقرير, تم التصريح بنقل 56 يمنياً من غوانتانامو منذ ما يقرب من 4 أعوام، ولا يواجه اتهامات رسمية سوى اثنين من المحتجزين اليمنيين, كما أبطلت محكمة فدرالية إدانة يمني ثالث والحكومة الأمريكية تستأنف هذا الحكم,  "بين الطائرة بدون طيار والقاعدة"
في اليمن بقتل ثمانية أسبان ويمنيين في مزار سياحي بمحافظة شبوة الشرقية, وفي 2008 أطلقت الجماعة النار على سائحين بلجيكيين وسائقهما في حضرموت في الجنوب الغربي فأردتهم.
 وفي نفس العام هاجم انتحاريون على السفارة الأمريكية في صنعاء فقتلوا 17 يمنياً ويمني أمريكي واحد.
كما أصدرت القاعدة في اليمن في 2008 أيضاً مجلتها "صدى الملاحم", وفي العالم التالي تسبب انتحاري تابع للقاعدة في اليمن في قتل أربعة سائحين من كوريا الجنوبية وسائقهم اليمني في حضرموت.

نمو التنظيم

وتسرد المنظمة الدولية في تقريرها كيفية نمو تنظيم القاعدة في اليمن: ففي يناير/كانون الثاني 2009، اندمج تنظيما القاعدة السعودي واليمني في تنظيم واحد هو القاعدة في شبه الجزيرة العربية ومقره اليمن, وسرعان ما سلطت هذه الجماعة التي اتخذت من اليمن مقراً لها، أنظارها على أهداف دولية وإقليمية ومحلية أيضاً.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام أشارت الولايات المتحدة إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أنها أنشط فروع القاعدة, وتتراوح التقديرات لحجم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بين عدة مئات وبضعة آلاف من الأعضاء، يشارك الكثيرون منهم في العمليات العسكرية, وأغلب الظن أن الدائرة الداخلية للجماعة تضم 50 إلى 100 عضو، ويعد 10 إلى 24 منهم شخصيات محورية, وتضم الطبقة العليا.
 قائد في 2011 قال جون برينان ـ الذي كان وقتها كبير مستشاري الرئيس أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب ومدير المخابرات المركزية حالياً ـ إن عدد أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين تستهدفهم الولايات المتحدة إيجابيا يبلغ مجمله "ربما 24.. وفي أبريل/ نيسان 2012 قدر برينان العضوية الإجمالية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بأكثر من ألف،  بعد عام قدرت وزارة الخارجية الأمريكية عدد أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية بـ"ما يقرب من ألف"
في أغسطس/آب 2013 ، ترددت تقارير بأن أيمن الظواهري ـ رئيس القاعدة المركزية ـ قد عين الوحيشي "مسؤولا عاماً",  وقد انتشر الكثير من مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية بشكل حصري للتمرد على الحكومة اليمنية، بمن فيهم المقاتلون مع أنصار الشريعة، الفرع المحلي الذي أنشأته الجماعة في2011 ووصفت القاعدة في شبه الجزيرة العربية جماعة أنصار الشريعة بأنها أداة لنشر تفسير الجماعة الصارم للشريعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
في أغسطس/آب 2009 في المملكة العربية السعودية، حاول انتحاري قتل محمد بن نايف ـ الذي كان يترأس جهود المملكة في مكافحة الإرهاب ـ كما تبنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤولية، محاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية في طريقها إلى ديترويت يوم عيد الميلاد المجيد سنة 2009 على يد نيجيري حاول تفجير متفجرات في ثيابه الداخلية دون نجاح.
وفي ذلك العام تبنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤولية مخطط آخر باء بالفشل لوضع عبوات حبر محملة بالمتفجرات على متن طائرتي بضائع متجهتين إلى الولايات المتحدة.
وفي يوليو/ تموز 2010 أصدرت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مجلة باللغة الإنجليزية، هي "إنسباير"، يقصد منها تجنيد أعضاء من المتحدثين بالإنجليزية، وتبرير أفعال الجماعة وسط الشعوب المسلمة غير العربية على السواء.

 ويضم كتّاب "إنسباير" رجل الدين الأمريكي/ أنور العولقي، الذي قتل في غارة أمريكية بطائرة دون طيار في اليمن في 2011 . اجتذب العدد الأول انتباه العالم بفضل وصفة قدر الضغط، "اصنع قنبلة في مطبخ العائلة".
ويصف مجلس العلاقات الخارجية  ـالذي يقع في الولايات المتحدة ـ أهداف القاعدة في شبه الجزيرة العربية بأنها "تتفق مع مبادئ الجهاد المتشدد، الذي يهدف إلى تطهير البلدان الإسلامية من النفوذ الغربي واستبدال أنظمة إسلامية أصولية تراعي قانون الشريعة بالحكومات العلمانية "المرتدة".
ومن الأهداف المعلنة الأخرى للقاعدة في شبه الجزيرة العربية "خلع نظام صنعاء واغتيال رعايا غربيين وحلفائهم، بمن فيهم أعضاء الأسرة الحاكمة السعودية، وضرب المصالح ذات الصلة في المنطقة، من قبيل السفارات وشركات الطاقة، ومهاجمة الأراضي الأمريكية".
في 2012 أحبطت وكالة المخابرات المركزية مخططاً للقاعدة في شبه الجزيرة العربية لتفجير طائرة ركاب أمريكية عن طريق "ترقية" لفكرة "قنبلة الملابس الداخلية" التي أخفقت في أن تنفجر كما يجب.
وفي جلسة تأكيد تعيين جون برينان كمدير لوكالة المخابرات المركزية في فبراير/شباط 2013 ، أكد برينان الذي كان وقتها كبير مستشاري الرئيس أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب أنه أبلغ محللي الأخبار بأن المخطط لم يكن يمثل تهديداً جدياً قط لأن الولايات المتحدة تمتلك "سيطرة من الداخل" عليه.
أما داخل اليمن فإن الأهداف الرئيسية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية تتمثل في مسؤولي الحكومة اليمنية الأمنيين والأجانب, وقد أدت هجمات الجماعة إلى قتل المئات من الأفراد العسكريين وأفراد المخابرات بالحكومة.
وبصفة عامة لم تستهدف القاعدة في شبه الجزيرة العربية المدنيين اليمنيين، إلا أنها قتلت عدة يمنيين كانت قد وصفتهم بأنهم "مرتدون" أو "مثليون" أو "جواسيس" لحكومتي اليمن والولايات المتحدة.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 قتلت القاعدة في شبه الجزيرة العربية حارساً ألمانياً يتولى حماية السفير الألماني في اليمن, وحتى توقيت كتابة هذا التقرير كانت القاعدة في شبه الجزيرة العربية تحتجز عدة أجانب لطلب الفدية، بينھم دبلوماسي سعودي.
وفي 2011 استولت أنصار الشريعة المنبثقة عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على بلدتين رئيسيتين وما يحيط بهما من قرى في محافظة أبين الجنوبية، أثناء الفراغ السياسي الناجم عن انتفاضة اليمن في 2011 . فرت القوات الحكومية اليمنية من مواقعها بينما كان مقاتلو الأنصار يزحفون على أبين.
أعلنت أنصار الشريعة دولة الخلافة في المناطق التي تسيطر عليها وفرضت تفسيرها للشريعة الإسلامية على السكان المحليين.. وفي نفس الوقت استمالت الجماعة بعض السكان بتوفير المياه والخدمات الأساسية, جندت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مئات المقاتلين، إن لم يكن الآلاف منهم، من صفوف الشباب اليمني العاطل، الذين كان كثيرون منهم قد تسربوا إلى القوات الموالية للحكومة بعد انسحاب أنصار الشريعة من أبين.
تكفلت تشكيلة من القوات اليمنية، والمليشيات الموالية للحكومة، والغارات الجوية الأمريكية وكذلك السعودية حسب بعض المزاعم، بدحر أنصار الشريعة عن أبين في يونيو/حزيران 2012 بعد شهور من القتال الذي بدا فيه أن القوات اليمنية وقوات الأنصار على السواء تنتهك قوانين الحرب.
تفرق مقاتلو الأنصار إلى الجهات النائية من أبين ومحافظات أخرى، تخرج عن سيطرة الحكومة في الأغلب الأعم. وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 ، رصدت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مكافأة لقتل السفير الأمريكي في اليمن أو أي جندي أمريكي في البلاد.
وحتى توقيت كتابة هذا التقرير تواصل القاعدة في شبه الجزيرة العربية الاشتباك المنتظم مع القوات الحكومية اليمنية وقتل كبار المسؤولين الأمنيين والاستخباراتيين في تفجيرات وعمليات إطلاق نار من سيارات، تشمل صنعاء ومدينة عدن الجنوبية. في أغسطس/آب 2013 ظهرت تقارير تفيد باعتراض الوحيشي، قائد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بينما كان يخطط إلكترونياً لهجمات على أهداف أمريكية مع الظواهري..
ويطرح العديد من المراقبين السياسيين أن الرئيس صالح سمح لأنصار الشريعة بالاستيلاء على البلدتين في أبين عام 2011 لتوليد فزع واسع النطاق ودفع الحكومات الغربية ومواطني اليمن إلى البقاء على تأييده أثناء الانتفاضة.
ويرى آخرون أن الرئيس كان ببساطة أشد انشغالاً ببقائه السياسي في ذروة الانتفاضة اليمنية من أن يمنع عملية الاستيلاء، الأمر الذي كان ليتطلب نقل قوات إلى أبين كانت تحمي القصر الرئاسي في صنعاء.

القاعدة وأميركا بين صالح وهادي

"كانت الولايات المتحدة تنظر إلى صالح كشريك غير مضمون في مكافحة الإرهاب, إلا أن الرئيس أوباما أشاد بخليفته، الرئيس هادي، كحليف راسخ في الجهد الأمريكي لمحاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية, 37.. وفي ظل هادي تضاعفت عمليات القتل المستهدف أربع مرات في 2012 عن العام السابق". قال التقرير
وأنه رغم تباطؤ المعدل في 2013 ، إلا أن القوات الأمريكية حتى توقيت كتابة هذا التقرير قد نفذت 22 غارة بطائرات دون طيار في اليمن خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، متجاوزة للمرة الأولى عدد غاراتها في باكستان.
وقال مسؤول حكومي يمني مطلع على الغارات لـ" هيومن رايتس ووتش" إن الغارات الجوية الأمريكية تسببت في قتل ما لا يقل عن تسعة أهداف "عالية القيمة" مزعومة.
ويشمل هؤلاء أربعة من قادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأجدرهم بالذكر رجل الدين أنور العولقي الذي وصفته إدارة أوباما بأنه مدير العمليات الخارجية في الجماعة، وسعيد الشهري، نائب قائدها الذي نجا من ضربتين أمريكيتين سابقتين على الأقل.
ويسود اعتقاد ببقاء العديد من قادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية الآخرين مطلقي السراح، بمن فيهم ثلاثة على الأقل من مؤسسي الجماعة الأربعة: قائد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الوحيشي، وقائدها العسكري قاسم الريمي، وصانع القنابل إبراهيم العسيري.
وقال الرئيس هادي إن عمليات مكافحة الإرهاب تخضع لرقابة من مركز عمليات مشترك في اليمن تديره أطقم عسكرية واستخباراتية من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وعمان.
وقد أشاد الرئيس هادي ـ وهو ضابط عسكري محترف ـ أشاد علناً بغارات الطائرات بدون طيار، ووصف الطائرات التي تطيّر عن بعد بأنها "أكثر تقدماً من الدماغ البشري", كما اعترف بالغارات التي تخطئ أهدافها في توقيت مبكر من حملة القتل المستهدف، لكنه قال إن اليمن والولايات المتحدة على السواء قد اتخذا "إجراءات متعددة لتجنب أخطاء الماضي". 65
قال دبلوماسي أجنبي لـ" ھيومن رايتس ووتش" "هادي شديد الانبهار، كرجل عسكري، بالتقنية", لكنه أضاف أن الرئيس اليمني، حتى إذا كان يراجع كل غارة، إلا أنه "يمنح الولايات المتحدة صكاً على بياض" في القرار النهائي.

تنامي القاعدة وردود أفعالها الغاضبة

بحسب ووتش فقد أدى السخط الشعبي على الغارات الجوية الأمريكية  كما تدل عليه مظاهرات وحواجز منصوبة على الطرق وتؤكده مقابلات مع العشرات من المواطنين اليمنيين, إضافة إلى المحللين الأمنيين، والدبلوماسيين، والصحفيين إلى توليد العداء تجاه الولايات المتحدة وزعزعة الثقة الشعبية في الحكومة اليمنية. ويرى محللون أمنيون أن هذا يدعم صفوف القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى حد بعيد.
ويقدر غريغوري جونسن ـ وهو دارس لليمن وخبير في شؤون القاعدة في شبه الجزيرة العربية ـ أن أعداد مقاتلي التنظيم ربما تكون قد تضاعفت 3 مرات منذ استئناف الولايات المتحدة لعمليات القتل المستهدف في 2009 ، من 300 إلى ما يفوق الألف.
ويقول المحللون المعنيون بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية إن هذا النمو قد ينبع من عدة عوامل، تشمل الفراغ الأمني في اليمن منذ انتفاضة 2011..  ويحاجج مسؤولون أمريكيون بأن الأعداد كان يمكن أن تكون أعلى إذا لم تكن الولايات المتحدة تقوم بهجمات نشطة.
 إلا أن ردود الأفعال الغاضبة من عمليات القتل الأمريكية، فيما وراء القاعدة في شبه الجزيرة العربية ودائرتها الداخلية، هي أكثر ما يتم الاستشهاد به كسبب لمعارضة الهجمات.
وقد أفادت "النيويورك تايمز" في 2012 بأن الولايات المتحدة تركز على قتل أو أسر "نحو 24 " من قادة عمليات القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وليس على تمرد محلي كامل. وقال جونسن إن عدد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة ربما يكون الآن قد انخفض إلى 10 أو 15 . في 5 أغسطس/آب 2013، نشرت السلطات اليمنية قائمة بـ"الإرهابيين المطلوبين" تحتوي على 25 اسماً.
قال مسؤول يمني إن ثلاثة من هؤلاء قد تم احتجازهم منذ ذلك الحين، كما تم قتل اثنين في غارات بطائرات دون طيار، مما خفض العدد إلى 20, وبحسب جونسن: يلقى الكثيرون حتفهم في تلك الغارات.
ومع ذلك فما زال زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حياً، وما زال قائده العسكري حياً، وما زال كبير صانعي قنابلها حياً, أما عواقب كل تلك الوفيات فيبدو أنها شيء لا تأخذه الولايات المتحدة في حسبانها.
وقد يكون بعض الذين قتلتهم الولايات المتحدة من خارج دائرة أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إن لم يكن الكثيرين منهم، مقاتلين في التمرد المحلي على الحكومة اليمنية. لكن عمليات القتل هذه، من حيث تعلقها بالسياسة، تخاطر بالتسبب للولايات المتحدة في ضرر أكبر من نفعها، من خلال تنفير قطاعات كبيرة من الشعب اليمني.
 ثم أن أي رد فعل غاضب في اليمن يتضاعف لأن الغارات، حتى حين تصيب مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذين يمكن استهدافهم على نحو مشروع في موقف نزاع مسلح، إلا أنها تقتل أفراداً في عائلات وقبائل متلاحمة، لا مجرد مقاتلين من خارج مجتمعاتهم. قال جونسن، "يمكن للولايات المتحدة أن تستهدف وتقتل شخصاً باعتباره إرهابياً، لتفاجأ باليمنيين يحملون السلاح دفاعاً عنه باعتباره ابن قبيلتهم.
وعلى الرغم من ترحيب الرئيس هادي بالغارات إلا أن الكثير من اليمنيين يعتبرونها انتهاكاً للسيادة الوطنية، ويلاحظون أن البرلمان اليمني لم يصرح قط بتدخل أمريكي مسلح في اليمن.
في يوليو/تموز 2013 دعا مؤتمر الحوار الوطني، المكلف بصياغة خارطة الطريق السياسية والدستورية الجديدة للبلاد، إلى "تجريم" أية غارة بطائرة دون طيار تخالف القانون الدولي أثناء عمليات مكافحة الإرهاب، وهذا بموجب القانون الوطني.
وتبعد هذه الصياغة عدة خطوات عن ترجمتها إلى أفعال، كما أنها على أي حال تستنسخ المعايير القانونية المعمول بها فعلياً على الصعيد الدولي. ومع ذلك فإن موافقة المؤتمر عليها، وهو يمثل مختلف أطياف المجتمع اليمني، توحي بمدى المعارضة المحلية لعمليات القتل المستهدف.
وقد سارعت القاعدة في شبه الجزيرة العربية بدورها لاستثمار هذا الغضب، ففي أحد أعداد مجلة "إنسباير" لعام 2013 ، كتبت الجماعة أن الهدف "الحقيقي" لطائرات الولايات المتحدة ليس الإرهاب وإنما الإسلام:
إنها تحوم في اليمن فوق بيوت المسلمين، فتروع الأطفال والنساء والضعاف. بل إنها تقصف الأهداف "المشتبه بها" في القرى والبلدات والمدن... دون حاجة إلى تحديد الهوية الحقيقية للھدف، سواء كان من القاعدة أو لا... إن أوباما يعلن حرباً صليبية! وتلك الصواريخ بلا أعين، ومطلقوها أعمى منها, فهي تقتل من المدنيين أكثر مما من المجاهدين.
ومن العوامل الأخرى المساهمة في ردة الفعل الغاضبة أن كثيراً من اليمنيين يخافون على ما يبدو من الغارات الجوية الأمريكية، ومن قوات الجيش والشرطة اليمنية، أكثر مما يخافون القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
أثناء انتفاضة اليمن في 2011 ، قتلت قوات الجيش والشرطة اليمنية العديد من المتظاهرين أو استخدمت القوة المفرطة المميتة بطرق أخرى ضد متظاهرين سلميين إلى حد بعيد. ولا يستبعد هذا الانتهاكات العديدة التي ارتكبتها القاعدة في شبه الجزيرة العربية وأنصار الشريعة بحق المدنيين، لكن الأدلة المتاحة توحي بأن الأغلبية الساحقة من المئات الذين قتلتهم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ نشأتها كانوا من أعضاء القوات الأمنية اليمنية.

                        مكافحة الإرهاب

تعد الحكومة الأمريكية أكبر مانح غربي لليمن، إذ تمنح البلاد ـ منذ 2007 ـ أكثر من مليار دولار أمريكي، معظمتا مخصص لبرامج مكافحة الإرهاب, ومنذ 2009 ، اضطلعت عمليات القتل المستهدف، وهي قيام إحدى الحكومات بقتل فرد معروف عمداً تحت غطاء قانوني ظاهري، اضطلعت بدور متزايد الأهمية في الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب في اليمن, كما يتلقى اليمن دعماً أمنياً وتنموياً من "أصدقاء اليمن"، وهي مجموعة من 39 بلداً ومنظمة دولية. 
يقول التقرير: تم تخصيص أكثر من نصف المليار دولار المقدمة كمعونة أمريكية لتدريب وتجهيز وحدتين لمكافحة الإرهاب كان يرأسهما حتى 2013 أقارب الرئيس السابق صالح، وهذا بحسب تقرير للمكتب الأمريكي العام للمحاسبة, وجد التقرير أن "صانعي القرار يفتقرون إلى المعلومات اللازمة لإجراء تقييم واف" لنتائج هذه المعونة.
يضم أصدقاء اليمن السعودية وغيرها من الجيران الخليجيين، والولايات المتحدة، ودولاً أوروبية تشمل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويضيف" نادراً ما شاركت الوحدتان اليمنيتان  وهما "قوات العمليات الخاصة" العسكرية و"وحدة مكافحة الإرهاب" شبه العسكرية  في عمليات لمكافحة الإرهاب خارج العاصمة، وقد تم نشرهما أثناء انتفاضة 2011 لحراسة الرئيس في ذلك الوقت صالح, كان ابن صالح، أحمد علي صالح، يترأس "قوات العمليات الخاصة" علاوة على رئاسته للحرس الجمهوري, أما "وحدة مكافحة الإرهاب" فكان يديرها ابن شقيق صالح، يحيى صالح، كجزء من قوات الأمن المركزي, ارتكب كل من الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء انتفاضة اليمن في 2011. . خضعت كل تلك القوات لإعادة تنظيم في 2013 كجزء من إعادة هيكلة أوسع نطاقاً لقطاع الأمن اليمني تحت إشراف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب في اليمن

إذا كانت الولايات المتحدة تعتبر التأييد الشعبي اليمني مهماً في عملياتها ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية فإن تقليل الخسائر المدنية ينبغي أن يكون على قمة أولوياتها، بغض النظر عما إذا كانت الوفيات المدنية تنتج عن مخالفة القانون الدولي من عدمها.
 وقد تعلمت الولايات المتحدة هذا الدرس بعد غارات الولايات المتحدة والناتو الجوية على قوات طالبان التي قتلت عشرات المدنيين في أفغانستان. وكما اعترف أرفع القادة العسكريين الأمريكيين في ذلك البلد في 2010 : "إذا قتلنا مدنيين أو دمرنا ممتلكاتهم في سياق عملياتنا فسوف نخلق أعداءً أكثر ممن تقضي عليهم عملياتنا".
وفي خطاب الرئيس أوباما في مايو/أيار 2013 حول سياسة مكافحة الإرهاب، قال أوباما إن المرحلة التالية من مواجهة التشدد العنيف "تشمل التعامل مع المظالم الكامنة تحت السطح والنزاعات التي تغذي التطرف".  ويتفق معه العديد من المحللين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني اليمنيين والغربيين ممن تحدثوا مع (ھيومن رايتس ووتش) محاججين بأن أية استراتيجية لمكافحة الإرهاب في اليمن تتطلب أيضاً التزاماً مستديماً بمعالجة العوامل التي تجعل من البلد أرضاً خصبة للتشدد العنيف, وهذا يعني تشجيع الديمقراطية وتشجيع حكومة أكثر قابلية للمحاسبة، وزيادة معدلات الوصول إلى المتطلبات الأساسية مثل الماء والصحة والتعليم والوظائف.
قال نشوان العثماني، الصحفي والمحلل السياسي الذي يعمل في عدن لهيومن رايتس ووتش: "لا تحتاج الولايات المتحدة إلى طائرات بدون طيار لمحاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بل إلى الخبز والجبن فقط". غير أن القضايا الاجتماعية والاقتصادية ليست إلا جزءاً من المعادلة إذا تجاهلت المظالم السياسية والقمع الحكومي التي تغذي تأييد التطرف. وعلى الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات المعنية أن تضغط على الحكومة اليمنية لتبني إجراءات تضع حداً لانتهاكات حقوق الإنسان من جانب جميع القوات الحكومية والمتحالفة معها، وتحاسب المنتهكين.
في 2012 قدمت حكومة الولايات المتحدة للمرة الأولى مساعدات تنموية أكبر من المساعدات الأمنية الصريحة لليمن  198 مليون دولار للمعونة الاقتصادية والإنسانية، مقارنة ب 158 مليون دولار لمكافحة الإرهاب وغير ذلك من المساعدات الأمنية.
 وفي الوقت نفسه ظلت الولايات المتحدة تؤيد عفواً شاملاً للرئيس السابق صالح وجميع مساعديه عن أية جرائم سياسية يمكن أن يكونوا قد ارتكبوها خلال رئاسته التي امتدت 33 عاماً  كجزء من صفقة إخراج صالح من السلطة، مع مواصلة برنامج القتل المستهدف في اليمن. في منتصف 2013 أيضاً تنبأت الولايات المتحدة بأن الحرب على الإرهاب ستستمر لأعوام.
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً
Item Reviewed: القاعدة في اليمن.. نشاط مرعب للولايات المتحدة Rating: 5 Reviewed By: وكالة السبئي للانباء-سـام
عذراً خاصية التعليقات مغلقة حالياً